رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المعادلة المعقدة.. محللون لبنانيون بعد تنفيذ الهدنة: «فى انتظار دولة كاملة السيادة»

لبنان
لبنان

بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان حيز التنفيذ، بدأ النازحون فى العودة إلى منازلهم بشكل تدريجى، وسط مخاوف كبرى من انتهاك إسرائيل الهدنة، خاصة مع فرضها حظر تجوال، مساء الأربعاء وحتى صباح الخميس، فى منطقة جنوب نهر «الليطانى».

ورأى الباحث السياسى والكاتب الصحفى اللبنانى، سامر كركى، أن المعادلة السياسية فى لبنان لن تتغير بسهولة، خاصة فيما يتعلق بتعديل النظام السياسى، أو إلغاء أى طرف سياسى بعينه، خاصة أن «حزب الله» يملك تمثيلًا برلمانيًا كبيرًا يصل إلى ٢٧ نائبًا فى البرلمان، فضلًا عن حصوله على أكبر عدد من الأصوات التفضيلية فى انتخابات ٢٠٢٢، ما يعكس قاعدة شعبية راسخة، معتبرًا أن عدم وجود «حزب الله» كجماعة مسلحة لا يعنى عدم وجوده سياسيًا.

وأضاف «كركى»، لـ«الدستور»: «الاحتلال الإسرائيلى، بعد خسائره الكبرى فى المواجهات الميدانية الأخيرة، يسعى إلى الحفاظ على صورة وهمية حول امتلاكه اليد العليا فى الجنوب اللبنانى»، مشيرًا إلى أن «الحديث عن حظر تجوال إسرائيلى فى بعض المناطق الجنوبية مرتبط بشكل أساسى بمحاولة استكمال انتشار الجيش اللبنانى هناك».

وواصل: «الاحتلال الإسرائيلى لا يأخذ هذه المسألة بجدية ولا يكترث لها، بل يسعى من خلال تحركاته إلى تعويض خسائره على الأرض خلال المواجهات العسكرية البرية التى تخللتها انسحابات متعددة ومناشدات للتفاوض، مع استغلال مدة وقف إطلاق النار، التى قد تمتد حتى ٦٠ يومًا، لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية».

ووصف هذه المحاولات بأنها لا تتجاوز كونها مساعى من الاحتلال لحفظ ماء الوجه، ولكى يظهر أمام الرأى العام الإسرائيلى أنه يتحكم فى منطقة جنوب «الليطانى»، خاصة بعد عودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم، بما فى ذلك القرى الحدودية.

وأوضح أن «العديد من هؤلاء النازحين عادوا إلى الخيام، أو إلى بعض القرى التى تعرضت للتدمير، بعد ساعات قليلة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. فى الوقت نفسه، لم يعد الإسرائيليون بعد إلى مستوطنات الشمال، لخوفهم من انتهاك الهدنة».

واختتم الباحث السياسى والكاتب الصحفى اللبنانى بقوله: «المعادلة اللبنانية معقدة، وتستعصى على أى محاولات للإقصاء أو التغيير المفاجئ. المطلوب الآن هو إدارة الأزمة بما يحقق الاستقرار السياسى والأمنى، مع الحفاظ على التوازن الداخلى».

ورأى المحلل السياسى اللبنانى، طونى حبيب، أن عودة النازحين إلى جنوب لبنان، بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، تبرز حجم المأساة الإنسانية التى شهدها السكان خلال الشهرين الماضيين، نتيجة القصف المكثف.

وقال «حبيب»، لـ«الدستور»: «الدمار الذى خلفه النزاع لا يقتصر على الخسائر المادية فحسب، بل يمتد ليشمل التفكك الاجتماعى والنفسى الذى يعانى منه العائدون، الذين يواجهون مشاهد مدمرة فى منازلهم ومدارسهم ومزارعهم».

وأضاف المحلل السياسى اللبنانى: «النازحون بحاجة إلى أكثر من مجرد مساعدات إنسانية طارئة. هم فى حاجة إلى ضمانات بعدم تكرار ما حدث، بالإضافة إلى خطط استراتيجية لإعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بشكل مستدام».

وتطرق إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذى ترعاه الولايات المتحدة وفرنسا، قائلًا إنه ينص على تطبيق كامل للقرار ١٧٠١ والقرارات السابقة، مع تحديد وجود الجيش اللبنانى فى جنوب «الليطانى»، إضافة إلى نشر قوات حفظ السلام الدولية «يونيفيل».

وواصل: «لا يخفى على أحد أن الوضع فى لبنان ومنطقة الشرق الأوسط بالكامل يشهد تحولًا كبيرًا. التغيرات التى طرأت على الساحة اللبنانية والإقليمية بعد هذا الاتفاق تؤكد أن الوضع قد اختلف، ما يستدعى إعادة تقييم العديد من الأدوار والمواقف السياسية».

وأكمل: «الاتفاق يتضمن تفكيك ترسانة الأسلحة العسكرية فى جنوب لبنان، ما سيغير من المعادلة الأمنية والعسكرية فى المنطقة، والتغيرات التى شهدها الوضع اللبنانى والإقليمى، بعد توقيع الاتفاق، تدعو إلى إعادة تقييم العديد من الأدوار والمواقف السياسية».

وشدد على أهمية أن يتحول لبنان إلى دولة ذات سيادة كاملة، وهو ما يتطلب من القوى السياسية اللبنانية العمل الجاد والتضامن من أجل تطبيق الدستور اللبنانى بكل بنوده، وتعزيز مؤسسات الدولة الأمنية والسياسية لضمان استقرار البلاد.

وفيما يتعلق بحظر التجول الذى أعلنه جيش الاحتلال الإسرائيلى، قال «حبيب»: «الجيش اللبنانى طلب من سكان القرى الحدودية التريث وعدم العودة فى الوقت الحالى، قبل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى بالكامل وتأمين المنطقة، من أجل ضمان سلامة المدنيين. أما جيش الاحتلال الإسرائيلى فهو يخشى عودة أى من مقاتلى (حزب الله) إلى جنوب نهر الليطانى مرة أخرى».

ونبه إلى إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلى عن مقتل ٦ أشخاص اقتربوا من مواقع قواته العسكرية، إضافة إلى اعتقال ٤ آخرين، فضلًا عن تهديده باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، فى انتهاك لحقوق الإنسان يثير العديد من التساؤلات حول تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلى فى المنطقة.