رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هدنة لبنان!

الاشتباكات بين إسرائيل و«حزب الله» اللبنانى، التى بدأت منذ أكثر من سنة، واشتدت خلال الأسابيع الماضية، انتهت، أو نتمنى أن تكون قد انتهت، بموافقة الطرفين على اتفاق، جرى برعاية أمريكية، نص على وقف مبدئى للقتال، لمدة شهرين، على أن ينسحب الحزب من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبنانى، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية، تدريجيًا، من القرى التى دخلتها على الحدود اللبنانية.

مؤكدًا، تمسك حكومته بسيادة لبنان على كل أراضيه برًا وبحرًا وجوًا، شدد نجيب ميقاتى، رئيس حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، على أن «المرجعية الأمنية للجيش فى الجنوب»، تُسقط الحجج، التى يرتكز عليها العدو. وفى بيان، رحبت السلطة الفلسطينية بهذا الاتفاق، وقالت إنها تأمل فى أن تسهم الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» فى «وقف العنف وعدم الاستقرار الذى تعانى منه المنطقة»، وشددت على ضرورة تسريع عملية الاتفاق على وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، لافتة إلى أن معاناة المنطقة جاءت «نتيجة للسياسات الإسرائيلية التى تقود إلى انفجار شامل». كما أعلنت «حركة حماس» عن التزامها بالتعاون مع أى جهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة، وقالت إن الاتفاق «يمثل علامة فارقة مهمة فى تحطيم أوهام نتنياهو بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بالقوة، وكذلك أوهامه بهزيمة المقاومة أو نزع سلاحها».

على هامش مشاركتهما فى فعاليات النسخة العاشرة من «منتدى حوارات روما المتوسطية»، التقى وزيرا خارجية مصر ولبنان، الإثنين الماضى، فى العاصمة الإيطالية. وخلال هذا اللقاء، أكد وزير خارجيتنا، مجددًا، موقف مصر الداعم لتمكين المؤسسات الوطنية اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبنانى، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بكل عناصره من كل الأطراف. كما أكد حرص مصر على استمرار تقديم كل أشكال الدعم للبنان، وأعاد تأكيد الموقف المصرى الداعى إلى انتخاب رئيس للبنان بتوافق وطنى دون إملاءات خارجية، مشددًا على أن مصر لا تدخر جهدًا فى اتصالاتها، سواء على المستوى الثنائى أو عبر اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، من أجل حلحلة أزمة الفراغ الرئاسى.

من هذا المنطلق، أو تأسيسًا على تلك المحددات، رحبت مصر، صباح أمس، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وأكدت أن هذه الخطوة من شأنها أن تسهم فى بدء مرحلة خفض للتصعيد بالمنطقة، من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بكل عناصره، وتمكين الجيش اللبنانى من الانتشار فى جنوب لبنان وسط سيطرته على كامل الأراضى اللبنانية. وفى البيان الصادر عن وزارة الخارجية، جددت مصر تأكيدها على الأهمية البالغة لاحترام سيادة لبنان وعدم التدخل فى شأنه الداخلى وضرورة العمل على استكمال باقى مؤسسات الدولة ومن بينها الاستحقاق الرئاسى دون إملاءات خارجية.

أكدت مصر، أيضًا، أن هذا الاتفاق ينبغى أن يكون توطئة لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات، دون عراقيل، فى ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية فى القطاع، إضافة إلى وقف الانتهاكات غير المبررة فى الضفة الغربية. كما شدد بيان الخارجية المصرية على الأهمية البالغة لوقف التصعيد، مؤكدًا أنه لا توجد أى حلول عسكرية لأزمات للإقليم، بل من خلال التفاوض والحوار وإعادة الحقوق لأصحابها والالتزام بمبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى والشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها من خلال عملية سياسية جادة، وفى إطار زمنى محدد يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطنى الفلسطينى وإنهاء الاحتلال.

.. وأخيرًا، يرى «حزب الله» نفسه منتصرًا لأنه حافظ على وجوده، العسكرى والسياسى، وأفشل محاولة استئصاله، بينما يزعم الإسرائيليون أنهم حققوا أهدافهم بفصل الجبهات، أو الساحات، وتصفية قادة الحزب، وضرب كثير من مخازن أسلحته، وإبعاده عن جنوب الليطانى، ما سيوفر الأمن والاستقرار لسكان المستوطنات الشمالية. ولم يشر الجانبان إلى نحو ٤ آلاف لبنانى، راحوا ضحية العدوان الإسرائيلى، أو إلى عدد النازحين الذين تجاوزوا المليون ومائتى ألف، وكذا الدمار الهائل فى الجنوب والضاحية.