رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال المسكون بالحارة.. نظرة على قاهرة الغيطاني في ذكرى رحيله

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

ملأ الأديب جمال الغيطاني الكون بالكتابة عن "القاهرة" تلك المدينة التي ينتمي إليها ويدين بالفضل لها في تشكيل وعيه وثقافته ونظرته للحياة وترحاله بين فنونها وجمال آثارها وأماكنها عبر التاريخ.

يحل اليوم ذكرى رحيل الأديب جمال الغيطاني عام 2015، وفي ذكراه نجد دائمًا دعوته للكشف عن معالم القاهرة وأوصاتها وشخصياتها، فنستعرض في التقرير التالي، نظرة على "قاهرة جمال الغيطاني".

القاهر مكان اعتصم به جمال الغيطاني 

ففي كتابه "قاهريات مملوكية"، يقول الغيطاني يصف القاهرة المكان الأقرب إليه: "لكل إنسان مكان يعتصم به، يلجأ إليه إذا ضاقت به الحال، ويستعيده في الغربة، ويرحل إليه بالذاكرة، أو بالخطى إذا قصد البحث عن لحظة فرح ورغم إن مسقط رأسي في الجنوب، إلا إنني أعتبر نفسي قاهري النشأة والتكوين، أدين للقاهرة القديمة تحديدًا بتأسيس عالمي الخاص".

ولم ينس الغيطاني حارته التي سعى إلى كشف تاريخها وأصبحت جزءًا من حياته، قائلًا: "في حارة درب الطبلاوي، المتفرعة من شارع قصر الشوق، عشت 30 عامًا من عمري، تفتحت عيناي على الأفق المزروع بالمساجد والقباب وظلال الأزمنة المنقضية، السماء القاهرية حادة الضوء صيفًا، الهادية والمقطبة شتاءً، أتاحت لوعيي وخيالي الانطلاق، عبر تطلعي من السطح الذي كان يمتد أمام مسكننا الصغير أينما وليت وجهي، فثمة مئذنة، قبة، مدخل مسجد، لوحة خط، زخارف، نواصي مثقلة بالحنين وأنفاس الغابرين".

ويلفت الغيطاني، أنه حينما كبر سعى لاكتشاف المكان عبر الزمان، من خلال معرفة "ماضي المكان وظروفه"، عبر قراءته النهمة للتاريخ: "النفاذ إلى أسرار الفن الإسلامي العربي، والفن القبطي والفن الفرعوني، بمثابة الدماء التي تدفقت فجعلت كل ما أراه وأعايشه كائنات حية".

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

هؤلاء المؤرخين ومنفذ الغيطاني إلى "القاهرة"

غاص الغيطاني في تفاصيل القاهرة وحكاياتها وعوالمها من خلال كبار المؤرخين، حيث تحدث عن فضل هؤلاء العظام الذين فندوا التاريخ وقرأ لهم وهم: المسبحي، القضاعي، ابن واصل، ابن حجر، ابن تغري، والمقريزي، والسخاوي، ثم ابن إياس، والجبرتي".

الغيطاني: الفنون القاهرية في حاجة إلى رعاية واستيعاب

لم يفت الغيطاني الكتابة عن القاهرة وكشف جوانبها وأسرارها، في عدد كبير من أعماله، فقد قدمها للقارئ العربي على طبق من فضة، ضمن مشروعه الأدبي من خلال أعماله قصة "وقائع حارة الطبلاوي" رواية "الزيني بركات"، كتاب "وقائع حارة الزعفراني"، كتاب "قاهريات مملكوكية"، حيث تستند معظم قصصه وحكاياته المستوحاة من التاريخ من معالم القاهرة التاريخية.

وفي مناجاة للمسؤولين يلفت الغيطاني، في كتابه "قاهريات مملكوكية" إلى أهمية رعاية هذه الآثار الفريدة مؤكدًا: تصبح الفنون القاهرية مناجاة للكون وخالقه، هذا الثراء، هذا الجمال في حاجة إلى رعاية، إلى استيعاب، لكن تأخذني الحسرات، وأنا أرى باب مسجد لا مثيل له لجماله ونقوشه مغطى بالوحل.