القصة الكاملة للمادة السادسة وأرصدة الكربون في COP29
تتواصل فعاليات الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29)، المنعقدة في باكو، أذربيجان، تحت شعار "الاستثمار في كوكب صالح للعيش للجميع"، إذ يشكل هذا المؤتمر محطة بارزة لتقديم خطط العمل الوطنية المحدثة بموجب اتفاق باريس، بهدف منع تجاوز درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
ولكن قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال وهو ما هي تلك المادة السادسة من اتفاق باريس وما تُقر به؟
تُعَّد المادة السادسة جزءًا رئيسيًا من اتفاق باريس، وهو ذلك الاتفاق الذي أقر في ديسمبر 2015 خلال مؤتمر المناخ COP21 في باريس، ويُعد أول اتفاق عالمي ملزم قانونيًا بشأن تغير المناخ، ويهدف إلى احتواء الاحترار العالمي بأقل من درجتين مئويتين، مع السعي للحد عند 1.5 درجة، كما يشمل مراجعة الأهداف كل خمس سنوات، ويُلزم الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويًا كتمويل مناخي للبلدان النامية، مع إعادة تقييم هذا المبلغ بحلول 2025.
والمادة السادسة من اتفاق باريس تهدف إلى تمكين التعاون الدولي عبر آليات مرنة مثل أسواق الكربون، وتوفر هذه المادة إطارًا لتمكين الدول من العمل المشترك لخفض الانبعاثات بفعالية وتكلفة أقل، مما يعزز الجهود لتحقيق المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs).
وتُقسّم المادة إلى ثلاث فقرات أساسية:
1. المادة 6.2: وهي تلك التي توفر إرشادات لتبادل وحدات الكربون الثنائية بين الدول.
2. المادة 6.4: والمعنية بإنشاء آلية مركزية لإصدار أرصدة الكربون.
3. المادة 6.8: وتلك التي تعزز التعاون غير السوقي لمواجهة التغير المناخي.
إنجازات COP29 بشأن المادة 6.4
شهد مؤتمر COP29 خطوة فارقة بتبني معايير موحدة لإنشاء أرصدة الكربون بموجب المادة 6.4، وهذه المعايير ستضمن نزاهة سوق الكربون الدولية، من خلال ضمان أن تكون خفض الانبعاثات، حقيقية وإضافية (أي تتجاوز الأنشطة المعتادة)، وموثوقة وقابلة للقياس.
كما رحبت الأطراف باتفاقية الإشراف المعتمدة التي تهدف إلى تعزيز شفافية السوق، مما يتيح للدول النامية فرصة جذب الاستثمارات اللازمة لتنفيذ مشاريعها المناخية.
الخطوات التي أدت إلى هذا الاتفاق
في أكتوبر 2024، استضافت أذربيجان اجتماعًا تحضيريًا برعاية هيئة الإشراف على المادة 6.4، حيث تم اقتراح مجموعة من المعايير الجديدة التي حظيت بدعم واسع، وخلال الأسابيع السابقة للمؤتمر، عملت رئاسة COP29 على بناء توافق الآراء بين الدول، مما أدى إلى هذا الاتفاق التاريخي.
الخطوات القادمة
بالرغم من التقدم الملحوظ، لا تزال بعض العناصر بحاجة إلى استكمال ومنها الاتفاق على التفاصيل النهائية للمادة 6.2، وتعزيز المعايير الخاصة بالمادة 6.4.
ويتوقع أن تسهم هذه الجهود في بناء الثقة بين الدول وتعزيز التعاون المناخي، وقد أكدت رئاسة المؤتمر أن التنفيذ الكامل للمادة 6 يمكن أن يخفض تكاليف تنفيذ الخطط المناخية الوطنية بمقدار 250 مليار دولار سنويًا، من خلال تمكين التعاون عبر الحدود.
أهمية الاتفاق وأثره المستقبلي
تُعد أرصدة الكربون أداة "لتغيير قواعد اللعبة" في توجيه الموارد إلى البلدان النامية، حيث ستسهم في:
1. تعزيز الاستثمارات في مشروعات خفض الانبعاثات.
2. خفض التكاليف المناخية للدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
3. تحقيق تقدم ملموس في الجهود الرامية للحد من تغير المناخ.
ختامًا، يشكل الاتفاق على المعايير الجديدة لأرصدة الكربون بداية لعصر جديد في العمل المناخي الدولي، حيث يمكن للدول من خلال التعاون الفعّال والآليات المرنة تحقيق أهداف اتفاق باريس بطريقة أكثر كفاءة وعدالة.