عالم أزهرى: الهدف من ترويج الشائعات هدم وتفتيت المجتمعات من الداخل
أكد الدكتور صفوت محمد عمارة، أحد علماء الأزهر الشريف، أنّ الشائعات عبارة عن معلومات غير موثقة مجهولة المصدر يتم تداولها والترويج لها بهدف تضليل الرأى العام وخلق حالة من الفوضى والبلبلة في المجتمع، ولقد أضحى الإعلام في المرحلة الراهنة إحدى أبرز أدوات ما يُعرف بحروب الجيل الرابع، بما يمتلك من تأثير هائل ومتنامٍ، لدرجة أنه أصبح يقود الإعلام التقليدي في كثير من الأحوال، ومن ثَم سيطر الإعلام الرقمي من خلال أبرز آلياته وهي شبكات التواصل الاجتماعي على حيز كبير من اهتمامات أفراد المجتمع المعاصر، وبصفة خاصة الفئة الشبابية؛ فأصبحت صفحات "فيسبوك" و"إنستجرام" و"تيك توك" وغيرها مصدر الأخبار الأساسي للفضائيات والصحف الإلكترونية.
وقال الدكتور صفوت عمارة، في تصريح لـ"الدستور"، إنّ الهدف من ترويج الشائعات هدم وتفتيت المجتمعات من الداخل، وتشويه صورة القيادة السياسية وكل مؤسسات الدولة، كبديل عن الحروب التقليدية المعتمدة على القوة العسكرية، والتي تستهدف تحقيق نتائجها بأقل قدر من الخسائر، عن طريق استغلال نقاط الضعف في المجتمع والتركيز على إفقاد المواطن الثقة بأجهزة الدولة والتشكيك في مصادر معلوماتها وإجراءاتها، والعمل على خلق حالة من الثورة المجتمعية على الأنظمة الحاكمة والثقافات والعادات والتقاليد المجتمعية، وتُعد هذه الخطوة هي الأولى والفاعلة لتفكيك الدولة.
وأضاف أنّ الشائعة بشكلها ومضمونها تمثل إحدى أهم الظواهر الاجتماعية والنفسية للقرن الحادي والعشرين؛ إلا أن جذورها تمتد إلى أعماق الماضى فإنها أثرت على الإنسان والمجتمعات منذ بدء الخليقة؛ فكانت أول شائعة في تاريخ البشرية "شائعة إبليس" والتي أخرجت آدم وحواء من الجنة، حيث أشاع أن الشجرة التي حرمها الله تعالى شجرة الخلد حتى أكلوا منها وحقق إبليس هدفه بإخراج آدم وحواء من الجنة، وفي عصرنا الحاضر أصبح القرن الحادي والعشرين، قرن الحروب الذكية وحرب القوة الناعمة التي تعتمد بشكل كبير على المقوم التكنولوجي، وقد جاء في كتاب "المتناطحون" لمؤلفه "لستر ثرو" «الفائز في القرن الحادي والعشرين هو من يمتلك مفاتيح القوة التكنولوجية والمعلوماتية»؛ فمن يملك الإعلام ووسائل الاتصال، يستطيع التلاعب والتحكم بالعقول، والتأثير في حياة الناس سلبًا أو إيجابًا، وتوجيههم الوجهة التي يريد.
وأشار الدكتور «صفوت عمارة» إلى أهمية المبادرة التي أطلقتها مؤسسة "الدستور" بعنوان "امسك إشاعة"، والتي تهدف إلى نشر الوعي وتثقيف المواطنين بمدى خطورة الشائعات وأثرها السلبي على الفرد والمجتمع، مؤكدًا أن الإنسان مأمور بالصدق في كلامه والتثبت من كل ما يقوله أو ينقله، ولقد أخبرنا النبي بخطورة هذا الأمر؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قال إن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» [صحيح مسلم]، وفي هذا الحديث دعوة نبوية في عدم نقل كل ما يقال دون تمحيص وتثبت والتحري عن صحته، وعلينا بالتوجه بالسؤال لأهل الاختصاص دون غيرهم، عملًا بما أرشدنا إليه القرآن في قوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، أي اسألوا أهل التخصص في المجال المسئول عنه لا غيرهم.