رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إحياء "النصر للسيارات".. انطلاقة جديدة لصناعة السيارات الكهربائية فى مصر

أوتوبيسات شركة النصر
أوتوبيسات شركة النصر للسيارات

في خطوة مهمة نحو تعزيز الصناعة الوطنية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع السيارات، شهد اليوم السبت 16 نوفمبر 2024، احتفالية عودة شركة النصر لصناعة السيارات إلى الإنتاج، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء. 

هذه العودة تمثل نقطة فارقة في مسيرة الشركة التي كانت من أوائل الشركات المصنعة للسيارات في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويأمل كثيرون أن يسهم ذلك في تطوير قطاع صناعة السيارات المحلي وتوطين التكنولوجيا الحديثة، بما يتماشى مع أهداف الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

 

السـبع: قطاع الأتوبيسات المصري يتمتع بفرص كبيرة في العائد المالي والتوسع التصديري

 

في هذا الصدد، قال علاء السبع، عضو شعبة السيارات في حديثه لـ"الدستور"، إن شركة النصر لصناعة السيارات تعد من الشركات العريقة التي تمتلك إمكانيات هائلة يجب استغلالها بشكل أفضل، وأضاف السبع أن الشركة تقع على أرض كبيرة ولديها مقومات قوية، ولكنها بحاجة إلى تجديد شامل في خطوط الإنتاج والتكنولوجيا المستخدمة، وذلك لأن المصنع قد مر عليه الزمن.

أشار السبع إلى أن مصر تمتلك مكونات عديدة لصناعة الأتوبيسات، وبقدر عال من الكفاءة والتكنولوجيا، لافتًا إلى أن إنجلترا واحدة من الدول التي تستورد الأتوبيسات المصرية، وأوضح أن دراسة جدوى اقتصادية دقيقة ستساعد في تحقيق أقصى استفادة من هذه المكونات، بدلًا من الاعتماد على إنتاج كميات صغيرة فقط.

أكد أن الطموح يجب أن يكون أكبر، حيث من الممكن أن تنتج الشركة كميات كبيرة من الأتوبيسات وتوجهها للأسواق العالمية، كما أضاف أن إنتاج الأتوبيسات في المصنع يجب أن يكون جزءًا من خطة أكبر تشمل تصدير كميات كبيرة، لتكون نواة لمشروعات تصديرية ناجحة.

وأوضح أن قطاع الأتوبيسات يحمل فرصًا كبيرة في العائد المالي، شريطة أن يتم الإنتاج بكفاءة عالية، مع استخدام تقنيات حديثة، مؤكدًا أن سوق الأتوبيسات ليست بها منافسون كثيرون ما يزيد من ربحيته، وفرص تسويقه عكس السيارات الملاكي، وتابع قائلًا: "إذا تم تطبيق أحدث التقنيات في الإنتاج، فإن المنتج المصري سيكون قادرًا على التنافس بقوة في الأسواق المحلية والدولية".

وأكد عضو شعبة السيارات أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة بإعادة إحياء شركة النصر لصناعة السيارات تُعد خطوة إيجابية للغاية، لافتًا إلى ضرورة استثمار إمكانيات الشركة بالكامل وتحقيق التكامل بين الإنتاج المحلي والتصدير لتعظيم العوائد.

 

شراكة استراتيجية مع القطاع الخاص لضمان استدامة الإنتاج

وكان قد أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال الاحتفالية، أهمية الشراكة مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين في ضمان استدامة نجاح مشروع عودة شركة النصر، موضحًا أن هذه الشراكة ليست فقط لضمان كفاءة الإنتاج، بل أيضًا لتأمين دخول تقنيات جديدة ومتطورة تواكب الاتجاهات العالمية في صناعة السيارات، خاصة السيارات الكهربائية، وأشار أيضًا إلى أن الحكومة تؤمن بأهمية توطين التكنولوجيا الحديثة، خصوصًا في ظل التحديات العالمية في مجال تغير المناخ والانتقال إلى الطاقة النظيفة.

 

شركة النصر: تاريخ طويل في صناعة السيارات

تأسست شركة النصر لصناعة السيارات في عام 1959، واعتُبرت أول مصنع للسيارات في الشرق الأوسط وإفريقيا، ولعبت الشركة دورًا محوريًا في توفير وسائل النقل للأفراد والمؤسسات الحكومية في مصر خلال الستينيات والسبعينيات، كما كانت السيارة "نصر شاهين"، التي تم تصنيعها بالتعاون مع شركة فيات الإيطالية، من أبرز إنتاجات الشركة في تلك الحقبة.

 ومع مرور الزمن وتراكم التحديات الاقتصادية، توقفت الشركة عن الإنتاج في سنوات لاحقة بسبب تراكم الديون وإغلاق المصنع في عام 2009، لكن الحكومة المصرية قررت إحياء هذا الكيان الصناعي المهم في إطار خطة شاملة لتحفيز الصناعة المحلية.

 

عودة الإنتاج: بداية جديدة مع السيارات الكهربائية

العودة الجديدة لشركة النصر لصناعة السيارات ليست مجرد استئناف للإنتاج التقليدي، بل هي بداية حقبة جديدة تتمحور حول تصنيع سيارات كهربائية وصديقة للبيئة، وذلك في خطوة مبتكرة، إذ إنه سيتم إنتاج أول أتوبيس كهربائي بالتعاون مع شركة "Yutong" الصينية، وهي إحدى الشركات الرائدة في صناعة الحافلات الكهربائية على مستوى العالم، ويهدف هذا التعاون إلى استحداث جيل جديد من وسائل النقل العام الصديقة للبيئة التي تستخدم تقنيات متقدمة في تصنيعيها، ما يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التنمية المستدامة.

ومن المتوقع أن يستهدف المصنع إنتاج أتوبيسات كهربائية موجهة للعمل في المدن الكبرى، وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، التي تسعى الحكومة لتطويرها باعتبارها نموذجًا للمدن المستدامة، بالإضافة إلى ذلك، تسعى شركة النصر لصناعة السيارات إلى تصنيع نحو 40 ألف سيارة سنويًا، بما في ذلك السيارات الملاكي التي تعتمد على مكونات محلية بنسبة عالية، وتعد هذه خطوة محورية في خطة الدولة لتوطين صناعة السيارات في مصر وزيادة نسبة المكون المحلي، بما يقلل من الاعتماد على الاستيراد.

 

تحديث البنية التحتية للمصنع وتأهيل القوى العاملة

في إطار خطة إحياء شركة النصر، تم تحديث البنية التحتية لمصنعها في حلوان، حيث تم إعادة تأهيل العنابر والمرافق الأساسية لزيادة القدرة الإنتاجية، كما تم تحديث خطوط الإنتاج لتشمل تقنيات جديدة تتماشى مع متطلبات صناعة السيارات الحديثة، لا سيما في مجال السيارات الكهربائية والهجينة، وتولي وزارة قطاع الأعمال العام اهتمامًا خاصًا بتطوير القدرات البشرية في المصنع، من خلال برامج تدريبية متطورة تضمن توفير كوادر مؤهلة للتعامل مع التقنيات الحديثة وضمان سير عملية الإنتاج بأعلى كفاءة وجودة.

 

الابتكار في صناعة السيارات: السيارة الكهربائية المحلية

يعد من أبرز مشاريع شركة النصر لصناعة السيارات هو التوجه نحو إنتاج السيارات الكهربائية بالكامل، التي ستكون أول سيارة كهربائية يتم تصنيعها محليًا في مصر، وتهدف الحكومة من خلال هذا المشروع إلى توفير سيارات صديقة للبيئة ومناسبة للمواطن المصري بأسعار معقولة، ما يسهم في تحقيق أهداف استراتيجية الدولة في التحول نحو الطاقة النظيفة. 

يذكر أن هذا المشروع يأتي في إطار رؤية الدولة لتقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاعتماد على السيارات الكهربائية، في خطوة من شأنها تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع السيارات الصديقة للبيئة.

 

القطاع الخاص وشركاء المستقبل: رؤية الحكومة لنجاح طويل الأمد

على الرغم من التحديات التي مر بها قطاع صناعة السيارات في مصر، فإن الحكومة المصرية تتطلع إلى تحقيق نجاح طويل الأمد من خلال تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين، ومن المتوقع أن تسهم هذه الشراكات في جلب التقنيات الحديثة، وتحقيق تطور في الصناعة المحلية، وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية، كما تعمل الحكومة على وضع برامج شاملة تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال في مصر وتطوير الصناعات الوطنية بشكل عام.