رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فاينانشيال تايمز: الحرب دمرت تاريخ السودان والدعم السريع هرّبت الآثار للخارج

السودان
السودان

أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، تعرض الآثار والمناطق التاريخية في السودان لتدمير واسع وغير مسبوق على يد ميليشيا الدعم السريع منذ تمردها ضد الجيش السوداني في أبريل 2023.

وسلطت الصحيفة، في تقرير اليوم، الضوء على ما تتعرض له آثار السودان من نهب وتدمير، مشيرة إلى أن هناك شخصا وحيدا فقط قائما الآن على رعاية وحماية مجموعة الأهرامات الصغيرة في مروي، وهى العاصمة السابقة لمملكة كوش القديمة.

تدمير آثار السودان من قبل الدعم السريع

وأشارت الصحيفة إلى أن الأطراف المتصارعة متهمة بنهب الآثار التي لا تقدر بثمن من المتاحف في جميع أنحاء البلاد.

وتقع مروي بعد 200 كيلومتر شمال الخرطوم على طول نهر النيل، وكانت تجتذب السياح لرؤية المنحوتات الهيروغليفية الموجودة في بعض الأهرامات البالغ عددها 200 هرم، والتي تم بناؤها منذ ما يقرب من 2500 عام، ولكن منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023، أصبح الموقع الأثري مهجورًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن فوزية خالد تعد القائمة الوحيدة الآن على رعاية ما بقي من هذه المنطقة.

وقالت فوزية خالد (60 عاما)، إن قوات الدعم السريع ليست بعيدة عن المنطقة الأثرية، وبسبب الأوضاع الأمنية لم يأت أحد لزيارة هذه المنطقة التي كانت عامل جذب للسياح، مضيفة: "أخشى أن يأتوا ويدمروا قرونًا من التاريخ".

فيما قالت إخلاص عبداللطيف أحمد، رئيسة المتاحف في هيئة الآثار الوطنية السودانية، إن جنود قوات الدعم السريع سرقوا قطعًا أثرية من المتحف الوطني السوداني الذي تم تجديده مؤخرًا في العاصمة الخرطوم وقاموا بـ"عملية نهب كبرى".

وأكدت إخلاص أحمد أن العديد من الأشياء التي تم نهبها من المتحف تم تحميلها على شاحنات وتهريبها عبر الحدود إلى جنوب السودان.

وافتتح المتحف الوطني منذ أكثر من 50 عامًا لإيواء القطع الأثرية، ومن بين القطع التي يضمها المتحف، والتي يبلغ عددها 100 ألف قطعة، قطع من العصر الحجري القديم، وعصور مروي، والمسيحية والإسلامية، بالإضافة إلى القطع الأثرية، مثل تماثيل الأوشابتي للدفن لملوك كوش من كرمة، عاصمة في شمال السودان سبقت مروي، فقد كانت مملكة كوش معروفة بأعمالها الحديدية.

تحذيرات دولية من نهب آثار السودان بسبب الحرب

وأصبحت التقارير عن النهب مستمرة لدرجة أن اليونسكو أصدرت بيانًا، في سبتمبر الماضي، حذرت فيه من أن التهديد الذي تواجهه ثقافة السودان وصل إلى مستوى غير مسبوق.

ودعت الهيئة الثقافية التابعة للأمم المتحدة محترفي جمع التحف وغيرهم إلى الامتناع عن اقتناء أو المشاركة في استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية من السودان، فيما جاءت مناشدتها في أعقاب مخاوف من أن بعض الآثار ربما انتهى بها الأمر للبيع عبر الإنترنت متنكرة في هيئة قطع أثرية مصرية.

وقالت اليونسكو إن أي بيع أو تهريب غير قانوني لهذه العناصر الثقافية من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية الثقافية السودانية وتعريض تعافي البلاد للخطر.

من جهتها، قالت زينب بدوي، مؤلفة كتاب "تاريخ إفريقيا" ورئيسة مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، إن الحرب في السودان، التي أودت بحياة ما يقدر بنحو 150 ألف شخص ودفعت 10 ملايين إلى المنفى، تهدد الآن التراث الثقافي للبلاد بالكامل.

وأضافت: إن الكثير من ثقافة السودان يمكن أن يضيع إلى الأبد.

نهب آثار السودان على غرار تجربة العراق وسوريا ومالى

وأكدت التقارير حدوث عمليات نهب واسعة النطاق للقطع الأثرية، بما في ذلك في متحف في نيالا، عاصمة جنوب دارفور، والأضرار التي لحقت بمتحف منزل الخليفة عبدالله التعايشي في أم درمان، ما يعيد إلى الأذهان سرقة القطع الأثرية بالجملة خلال الحروب الأخيرة في العراق وسوريا ومالي.

فقد تعرض متحف العراق في بغداد للنهب بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وعلى الرغم من إعادة تمثال الملك السومري إنتيمينا، الذي يعود تاريخه إلى 4000 عام، إلى المتحف في وقت لاحق، إلا أن العديد من القطع المسروقة لا تزال مفقودة فيما أعيد افتتاح المتحف في عام 2015 فقط.

ولمدينة مروي نفسها تاريخ من النهب والسلب، ففي عام 1834 قام صائد الكنوز الإيطالي جوزيبي فيرليني بتفجير قمم العشرات من الأهرامات في الموقع.

كما يضم المتحف البريطاني في لندن، الذي استمد الكثير من مجموعته من النهب، رأس مروي، وهو رأس برونزي كبير يصور أول إمبراطور روماني أوغسطس، والذي تم أخذه في عام 1910 من مروي حيث انتهى به المطاف بعد نهبه من مصر الرومانية في عام 24 قبل الميلاد.