طريق ترامب الصعب.. نحو سلام وتنمية الشرق الأوسط
قدم دونالد ترامب وعودًا كبيرة خلال حملته الانتخابية، فيما يتعلق بسياسته الخارجية إذا عاد إلى البيت الأبيض.. والآن أكدت النتائج فوزه بعددٍ كافٍ من أصوات مندوبى المجمع الانتخابى، ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة.. فما هى أهم أوجه سياسته الخارجية؟.. وماذا يتوقع منه العالم؟.. وهل من المرجح أن تتغير الطريقة التى تُمارس بها واشنطن نفوذها فى جميع أنحاء العالم؟، خصوصًا أن ترامب قال أكثر من مرة دون تقديم تفاصيل، إنه يستطيع إنهاء حرب أوكرانيا «فى غضون 24 ساعة».. وتُفسر أوكرانيا ذلك، على أنه قد يحاول استخدام قطع مُحتمل للمساعدات العسكرية الأمريكية، لإجبار كييف على اتخاذ قرار بشروط مواتية للرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، مع أن ترامب قد يدفع نحو «نوع من التسوية» بين موسكو وكييف، والتى ستعنى «تنازلات كبيرة من جانب أوكرانيا».. ومع انخراط إسرائيل فى حرب على جبهتين، فى مواجهة الجماعات المدعومة من إيران، دعا ترامب إسرائيل إلى «إنهاء المهمة»، ليظل ما سيفعله ترامب فيما يتعلق بإسرائيل أقل وضوحًا بكثير، لكنه قال إنه «سيكون داعمًا لإسرائيل بشدة»، وفى الوقت نفسه سيحاول إحياء اتفاقيات إبراهام للتطبيع العربى الإسرائيلى، بعد أن كانت حملة ترامب قد نشطت فى محاولات لجذب أصوات الناخبين من أصول عربية، حيث عقدت لقاءات مع جاليات عربية فى عدة ولايات أمريكية.
وفيما يخص إيران، تخلى ترامب عن الاتفاق النووى الإيرانى التاريخى، الذى وقعه الرئيس، باراك أوباما، وخمس قوى عالمية أخرى عام 2015، ومن غير الواضح خطته بعد عودته للبيت الأبيض، لكنه سيكون حازمًا مع طهران.. وقد تكون سياسة ترامب الخارجية مصدر لزيادة الإنفاق الدفاعى، وهى الأهداف التى حققتها أغلب الدول منذ ذلك الحين.. وكانت روسيا تُفضِّل فوز ترامب، على عكس إيران التى كانت ترى فرصةً ذهبية فى فوز كامالا هاريس، وتطلَّع الناتو للعمل مع هاريس لا مع ترامب.. والصين الصامتة كانت تنتظر رئيسًا متساهلًا فى منافستها لواشنطن.. وأشرف ترامب على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو»، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع روسيا، واتفاقية باريس بشأن التخفيف من آثار تغيُّر المناخ، وحجب التمويل عن منظمة الصحة العالمية، بسبب مستوى استجابتها لتفشى فيروس كورونا، بينما حرصت إدارة بايدن، المنتهية ولايتها، على استعادة النفوذ الأمريكى فى مثل هذه الاتفاقيات والمؤسسات.. والآن يتوقع الكثيرون حدوث تحرك آخر فى ولاية ترامب الجديدة، على غرار ما حصل فى ولايته الأولى.. لذلك فلن يكون من المستغرب أن نرى ترامب «يعود إلى المسار»، المتمثل فى الحد من دور واشنطن فى بعض المؤسسات العالمية.
عندما كان رئيسًا فى فترته الأولى، أعاد ترامب التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وفرض ضرائب على واردات الصلب والألومنيوم من المكسيك وكندا، وهدد لفترة وجيزة بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات المكسيكية، لمعاقبة البلاد على ما قال إنه تقاعسها عن منع الهجرة غير الشرعية إلى بلاده.. وتعهد من قبل، إنه إذا تم انتخابه لولاية ثانية، فسوف يفرض تعريفة شاملة تصل إلى 20% على الواردات العالمية.. بالنسبة إلى الصين، التى شن حربًا تجارية معها خلال ولايته الأولى، تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية أعلى على المنتجات المصنعة فى الصين إذا ما «دخلت بكين إلى تايوان»، مع أن طريقة تعامله مع هذا الملف غير واضحة.. وفى ولايته الأولى، زادت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة لها والتعاون الأمنى معها، ومع ذلك، قال ترامب إن تايوان يجب أن تدفع للولايات المتحدة مقابل ما توفره من الحماية العسكرية.. وقال فى وقت سابق، إنه لن يضطر إلى استخدام القوة العسكرية لمنع حصار صينى محتمل لتايوان، بسبب علاقته بالرئيس الصينى، شى جين بينج.
بكل ما سبق، يحاول ترامب أن يعطى صورة عن نفسه، أنه الحازم صاحب الإنجازات، ويرى مؤيدوه أنه قادر على أن يجمع مصالح أمريكا فى كفة واحدة، رغم تناقض الحلفاء والخصوم.. ولعل هذه الصورة هى التى آمن بها بعض شرائح الجالية العربية والإسلامية فى الولايات المتحدة، إلى الحد الذى دفع أحد مشايخ المساجد هناك، إلى الخروج علنًا ومدح ترامب ودعا إلى تأييده.. وفى حُمى الدعايات الانتخابية، أوصلت حملة ترامب صورة إلى الناخبين والمراقبين، أن مرشحهم قادر على إنهاء جميع حروب العالم، بما فيها صراع عمره عشرات السنين، كالنزاع الفلسطينى الإسرائيلى، حتى لكأنه يحمل عصا سحرية.. لكن الواقع ليس ببساطة الدعاية الانتخابية.. فما الحقيقة خلف الدعاية المُبسِطة هذه؟.. وما الذى سيفعله ترامب بمجرد أن يعود إلى البيت الأبيض مجددًا ويجلس فى المكتب البيضاوى؟.. وكيف سيسدد فواتير الانتخابات إلى حلفائه فى إسرائيل وأيباك؟.
●●●
ينبغى أولًا، فى سياق التفكير بالمستقبل القريب، أن نتذكر جملة حقائق ومواقف تعود إلى الماضى القريب، خلال الأشهر الماضية، ثم استجلاء التاريخ قبل سنوات.. فقد تعهد ترامب أمام الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين بإنهاء الحرب.. وكرر على مدى العام الماضى مقولة، إنه لو كان فى الحكم لما وقعت هجمات حماس فى السابع من أكتوبر.. ويدعو منذ عدة أشهر إلى إنهاء سريع للحرب الإسرائيلية على غزة، وقال مؤخرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، «عليك أن تُنهيها وتفعل ذلك بسرعة.. احصل على انتصارك وتجاوزه.. الحرب يجب أن تتوقف، يجب أن يتوقف القتل»، لأنه يعتبر نهاية الحرب قرارًا إسرائيليًا، على الرغم من مطالبته بوقف الحرب.. وسخر ترامب من دعوات منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، لوقف إطلاق النار باعتبارها قيدًا على إسرائيل، وأفاد بأنه «منذ البداية، عملت هاريس على تقييد يد إسرائيل بمطالبتها بوقف فورى لإطلاق النار، وهذا لن يمنح حماس سوى الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد، على غرار هجوم السابع من أكتوبر».
خلال فعالية فى فلوريدا، تعهد ترامب بأنه «سيدعم حق إسرائيل فى كسب حربها على ما أسماه الإرهاب»، مؤكدًا أن عليها أن تنتصر بسرعة، بغض النظر عما يحدث، وانتقد نهج الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس، باعتباره ضعيفًا ومترددًا.. ولم يتطرق ترامب إلى نقطة المساعدات للفلسطينيين، لكنه تطرق إلى أن وضع نهاية للحرب، ينبغى أن يكون فى إطار انتصار إسرائيل، على الرغم من أنه لم يُفصِّل ما قد يترتب على النصر.. لكن ترامب وقف منذ بداية حملته إلى جانب إسرائيل فى عمليتها العسكرية داخل قطاع غزة، إذ قال فى أول مناظرة إعلامية بينه وبين الرئيس بايدن، قبل انسحاب الأخير من السباق، إن «إسرائيل هى من تريد أن تستمر فى الحرب، ويجب السماح لهم بإنهاء عملهم».. وعارض سعى بايدن إلى وقف إطلاق النار.
إن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، هو أحد أقدم وأعقد الصراعات فى الشرق الأوسط، ويشمل جوانب سياسية، ودينية، واقتصادية، وجغرافية.. وقد بدأت جذور هذا الصراع فى أوائل القرن العشرين، مع ظهور الحركة الصهيونية التى دعت إلى إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، وتبلورت مع تأسيس إسرائيل عام 1948، وما تبعها من حروب وصراعات على الأرض والحقوق السياسية.. وكى نفهم ما سيفعله ترامب فى ولايته الرئاسية الجديدة بشأن هذا الصراع، ينبغى أن نتذكر ماذا فعل سابقًا فى فترته الرئاسية الأولى، لأن ذلك مدخل مهم لبناء صورة مستقبلية عن فكره وخطواته المتوقعة.
●●●
فى فترة ولايته الأولى، تبنى ترامب سياسة الدعم القوى لإسرائيل واتخذ عدة قرارات غير مسبوقة: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.. نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، مما أثار استياء الفلسطينيين ودول عربية وإسلامية، واعتُبر انحيازًا واضحًا منه لإسرائيل.. وطرح ترامب «صفقة القرن»، لتكون خطة للسلام، تضمنت إقامة دولة فلسطينية بشروط قاسية، واحتفاظ إسرائيل بمعظم المستوطنات فى الضفة الغربية، ورفض الفلسطينيون هذه الخطة، معتبرين أنها تنتقص من حقوقهم.. توسيع اتفاقيات التطبيع، حيث دعم ترامب اتفاقيات «أبراهام»، بين إسرائيل وعدة دول عربية لتطبيع العلاقات، مما عزل الفلسطينيين سياسيًا، وساهم فى تعزيز نفوذ إسرائيل فى المنطقة.. لكن ترامب صرح أكثر من مرة بأنه سيُنهى الحرب.
بالفعل، صرح ترامب بذلك.. لكن السياسات السابقة التى أظهر فيها ترامب انحيازًا إلى إسرائيل، قد تقود إلى التشاؤم من قادم الأيام، إذ إن سياسات كتلك، تقود إلى تعميق الأزمة وإضعاف فرص التوصل إلى حلول سلمية، كما أنها قد تؤدى إلى تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط.. فمن خلال تقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل، يمكن أن تتراجع فرص المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين، كما أن أى تصعيد فى لبنان، قد يؤدى إلى نزاعات إقليمية أوسع بمشاركة قوى إقليمية ودولية، ما يجعل استقرار المنطقة على المحك.. ومن المرجح أن العودة الثانية لترامب إلى البيت الأبيض، ستعنى إمكانية اتباع سياسات تتسم بالميل نحو تعزيز نفوذ إسرائيل، وتقليص الدعم للفلسطينيين، ما قد يسهم فى تأجيج الصراع ويزيد من تعقيد الحلول السلمية.. لكن الوقائع الجديدة تقول إن ترامب تعهد بإنهاء الحروب.. صرَّح أكثر من مرة بأنه سينهى الحرب، ليس فى غزة ولبنان فحسب، بل جميع الحروب أيضًا.. فكيف يتسق وعد السلام مع اتخاذ سياسة منحازة لبعض أطراف الحروب؟.
إن تصريحات ترامب بشأن إنهاء الحرب تتماشى مع أسلوبه المميز فى التعامل مع الصراعات الدولية، فغالبًا ما يعتمد على استراتيجية تفاوضية، توحى برغبة فى التوصل إلى صفقة أو تسوية كبرى.. إذا أخذنا تصريحاته حول إنهاء الحرب فى الاعتبار، فهناك عدة سيناريوهات، قد تُفسر كيف يمكن لترامب التوفيق بين دعمه القوى لإسرائيل ورغبته المُعلنة فى إنهاء النزاع.
يمكن أن يسعى ترامب إلى اتباع جملة من السياسات لإنهاء الحرب فى منطقة الشرق الأوسط، إذا أخذنا فى الاعتبار أن إيران طرف فى النزاع الدائر بين إسرائيل ومحور المقاومة عمومًا.. وتاليًا، جملة سيناريوهات متوقعة قد يتخذها الرئيس المُنتخب، منها: التدخل الدبلوماسى بشروط إسرائيلية، إذ قد يسعى ترامب إلى إنهاء الحرب عبر مفاوضات أو وساطة، ولكن بشروط تميل لصالح إسرائيل، مثل نزع سلاح حركة حماس أو الحصول على ضمانات بعدم تدخل حزب الله فى النزاع.. ومن شأن ذلك أن يمنح إسرائيل اليد العليا، بينما يمكن لترامب الادعاء بأنه «أوقف الحرب» عبر صفقة تمنع التصعيد.. أو صفقة «ضغط سريع» لإنهاء النزاع مؤقتًا: لأن ترامب يُعرف بميوله لإنجاز الصفقات بشكل سريع ودرامى.. قد يعمل على وقف إطلاق النار عبر فرض شروط قاسية على الأطراف الفلسطينية واللبنانية، مقابل وعود بتحسين الوضع الاقتصادى أو تخفيف الحصار، ولكن دون حل جذرى للصراع، أى أنها ستكون تسوية قصيرة الأجل وليست حلًا دائمًا.
أيضًا، بزيادة الضغط على إيران: فإذا كانت تصريحاته حول إنهاء الحرب تشمل التدخل مع إيران، فقد يسعى ترامب إلى التفاوض معها بشكل غير مباشر، لوقف دعمها لحزب الله والفصائل، وهو ما يمكن أن يُقلل من خطر التصعيد.. قد يستخدم هذا كوسيلة لتهدئة الأوضاع، ووقف التصعيد العسكرى بين إسرائيل والفصائل المدعومة من إيران، مع تأكيده على أنه «أوقف الحرب».. أو تجميد الوضع على الأرض، حيث يتم التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق النار، دون تغيير كبير فى الوضع القائم.. بهذا، قد يدَّعى أنه أوقف النزاع، لكن دون تقديم حل حقيقى للصراع، أو تحسين جوهرى فى حياة الفلسطينيين، أو تقليص سياسات إسرائيل تجاه غزة ولبنان.. وأخيرًا، مؤتمر سلام دولى تحت رعاية أمريكية، قد يدعو إليه ترامب، يحاول من خلاله التوسط بين الأطراف، مع إشراك حلفاء إقليميين جددًا لإسرائيل، من الدول العربية التى طبعت العلاقات مع تل أبيب.. وبهذه الطريقة، يمكنه الادعاء بأنه يسعى إلى إنهاء الحرب عبر مبادرة شاملة، وإن كانت من المُرجح أن تتوافق مع الأجندة الإسرائيلية.
●●●
إن تصريحات ترامب عن إنهاء الحرب قد تكون أشيه برسائل سياسية، خصوصًا أنه يستخدم هذا الأسلوب لتقديم نفسه بوصفه صانع سلام قادرًا على إنهاء الصراعات.. ومع ذلك، وفى ضوء تاريخه فى دعم إسرائيل وسياساته السابقة، فإن استراتيجيته ربما لا تعنى إنهاء النزاع بشكل جذرى أو تقديم تنازلات للفلسطينيين، بل ربما العمل على هدنة قصيرة الأمد أو تجميد للأوضاع يخدم إسرائيل، مع الادعاء بأنه «وضع حدًا للحرب».. وقد يعيد ترامب سياسة تقليص أو وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا، مما يزيد من عزلة الفلسطينيين اقتصاديًا، ويضعف قدرتهم على الصمود فى وجه التوترات المتزايدة.. كما قد يستغل ترامب الحرب لتعزيز علاقات إسرائيل مع دول عربية أخرى، تحت شعار «التعاون الأمنى» ضد تهديدات حماس وحزب الله وإيران.. وقد يؤدى ذلك إلى توسعة اتفاقيات التطبيع بما يعزل الفلسطينيين سياسيًا.. والمحتمل، أن يدعم ترامب أى مبادرات إسرائيلية لتعزيز سيطرتها على القدس الشرقية وأجزاء من الضفة الغربية، وقد يُشجع على تغيير الوضع القانونى والدولى لتلك المناطق، بشكل يخدم إسرائيل، ما سيعقد الأمور ويزيد الاحتقان الشعبى.. وقد يعمل ترامب على منع أو عرقلة أى ضغوط أو تحقيقات دولية، بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التى قد تُتهم إسرائيل بأنها ارتكبتها خلال حربها على غزة أو لبنان، كما حدث فى موقفه السابق من المحكمة الجنائية الدولية.
كل هذا لا ينسينا، أن ترامب شنَّ، فى أبريل الماضى، هجومًا شديدًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حيث اتهمه بالفشل، مؤكدًا وجود أشخاص أكثر كفاءة منه ويمكنهم تولى منصبه.. وقال ترامب، إن نتنياهو يتعرض لانتقادات مُستحقة، لأنه فشل فى التصدى لعملية طوفان الأقصى، التى شنتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى فى أكتوبر الماضي، مع أن ترامب يُعد حليفًا أساسيًا لإسرائيل، ووقف وراء إقناع دول عربية بالتطبيع معها، فيما يعرف باتفاقات إبراهام فى 2020.. ولكن ترامب يحاول حاليًا أن ينأى بنفسه عن حكومة نتنياهو، التى تواجه غضبًا خارجيًا، لتورطها فى جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة، ومعارضة داخلية لفشلها فى استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.. وفى مقابلة مع مجلة تايم الأمريكية، قال ترامب، إن رئيس الوزراء الإسرائيلى «تعرض لانتقادات مُحقة لفشله فى وقف ما أسماه قتل حماس للمدنيين الإسرائيليين فى أكتوبر الماضى»، وأن هناك بعض الأشخاص «الجيدين جدًا» يمكنهم تولى منصب نتنياهو، لأن ما وقع فى أكتوبر «كان ينبغى ألا يحدث أبدًا»، لأن «كثيرين كانوا على علم بالسابع من أكتوبر، لكن إسرائيل لم تكن على علم به، ونتنياهو يُلام على ذلك بشدة».
●●●
نأتى على الخليج العربي، إذ راقبت دول مجلس التعاون الخليجى، خلال الفترة الماضية، المشهد السياسى فى واشنطن عن كثب، إذ إن هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية، سترسم شكل العلاقة مع هذه الدول بناء على تجارب سابقة.. ولا شك أن لدول مجلس التعاون الخليجى تفضيلات مشتركة ـ وأحيانًا مختلفة وفقًا لخصوصية كل بلد خليجى وهى تفضيلات تتشكّل إلى حدٍّ كبير من خلال المصالح الاستراتيجية فى أبعادها الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية.. وقد حافظت دول المجلس الخليجى تقليديًا على علاقات قوية واستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ اعتبرتها حليفًا رئيسيًا فى مسائل الأمن والتنمية الاقتصادية.. وقد تباينت العلاقات بمرور الوقت، متأثّرة بمواقف السياسة الخارجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهناك اعتقاد سائد تاريخيًا أن دول المجلس تنظر إلى الجمهوريين على أنهم أكثر ملاءمة لمصالحها.. ويرجع ذلك فى المقام الأول، إلى تعاونهم فى مجال الأمن والتعاون العسكرى.. وأيضًا بسبب تعامل الديمقراطيين بشكل أقل «حزمًا» مع إيران، وإصرارهم فى مراحل سابقة، على إعطاء الأولوية لملف حقوق الإنسان وتعزيز مفاهيم الديمقراطية.. وهو ما اعتبرته دول خليجية عدة تدخلًا سافرًا فى شئونها الداخلية، ما عرَّض العلاقات بين واشنطن وبعض العواصم الخليجية فى مراحل معيّنة إلى توتّر، تمكّنوا من احتوائه، لإيمانهم أن المصالح المشتركة «الأمن والاقتصاد والطاقة» أكبر من أن تتأذّى بسبب ملفات حقوقية.
ورغم خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض عام 2021، عقب خسارته السباق الرئاسى أمام جو بايدن، إلا أن الاتصالات بينه وبين دول إقليمية فى الشرق الأوسط استمرت، مع إبرام اتفاقات تجارية بملايين الدولارات، والمشاركة فى دبلوماسية هادئة من خلف الكواليس.. وبعيدًا عن أهمية وأسباب مثل هذه الاتفاقات، فإنها كانت تحمل فى طياتها مؤشرات على استمرار حلقة الوصل بين بعض دول المنطقة من جهة، وبين ترامب الذى أعلن فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وقد لاقت عودة ترامب قبولًا فى دول الخليج ومصر، وهناك شعور بالارتياح لدى كثير من دول الخليج بعودته، لأن قادة هذه الدول يعرفونه ويعرفون أسلوبه.. وتوالت ردود فعل زعماء الدول العربية، على قرب بدء ترامب فصل جديد داخل البيت الأبيض، فيما كان القاسم المشترك بين برقيات التهنئة «التطلع إلى مرحلة جديدة، يسودها الأمل فى تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة».
وبعد العلاقات الاستراتيجية مع مصر التى لا تتأثر بتغير الرئيس الأمريكى، إلا أنها ستكون أكثر دفئًا بعدما كانت فاترة فى عهد بايدن، ولولا حرب غزة وجهود الوساطة المصرية، لكانت استمرت حالة الجمود.. ستكون دافئة على مستوى الخطاب السياسى، إذ أن الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية لا تتغير كثيرًا بتغير الرؤساء، بل ستعود إلى طبيعتها: علاقات بين دولتين قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة التى كانت فى عهود سابقة، لأن ترامب سيضع نهاية لحقبة أوباما فى السياسة الأمريكية التى بدأت منذ خطابه الشهير فى 2009 أمام جامعة القاهرة، التى ربطت قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان بعلاقات واشنطن مع دول بعينها.. سياسية أوباما أضرت بفرص ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم العربى، وكان الأفضل فتح فرص النمو الاقتصدى أمام هذه الدول، وهو كان سيجبر هذه المجتمعات على الانفتاح سياسيًا بطبيعة الحال.. يأتى الاعتقاد فى الإدارة الأمريكية بأن للرياض خصوصية، بسبب ما يعتبرونه «تحكّمها» فى أسعار النفط العالمية واستقرارها، وبسبب رغبة الإدارة الأمريكية فى أن يكون للرياض دور فى مرحلة غزة ما بعد الحرب.. وقد كان الجمهوريون الشريك الأفضل والأكثر جدية فى شراكتهم مع الدول الخليجية، ويُتوقع أن تعود الشراكات الخليجية ـ الأمريكية إلى مسارها السابق بعد أن تعرّضت لأذى فى عهد الرئيس جو بايدن، بسبب موقفه من الحرب فى اليمن، خصوصًا أن وضع دول الخليج اليوم ليس مماثلًا لما كان عليه خلال الانتخابات الأمريكية عامى 2016 و2020، فقد انتقلت دول الخليج إلى صيغة أكثر توازنًا فى سعيها إلى تحقيق مصالحها على المدى البعيد، من خلال تنويع شبكة علاقاتها مع دول، كالصين وروسيا والهند والاتحاد الأوروبى.
صحيح، أن علاقة واشنطن كانت سيئة مع السعودية، وتحديدًا فى بداية عهد الرئيس جو بايدن، بسبب ملفات حسّاسة كالحرب فى اليمن ومقتل الصحفى السعودى، جمال خاشقجى، وملفات حقوق الإنسان، إلا أن الأمر لم يكن أفضل فى عهد دونالد ترامب.. فترامب وعلى الرغم من أن علاقته وُصفت بالمتينة جدًا مع الرياض، وحتى بالشخصية- إذ أنه اختارها كأول بلد أجنبى يزوره كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية فى فترته الأولى- إلا أنه «تخلّف عن الدفاع عن السعودية عندما تعرّضت منشآت أرامكو للهجوم، معتبرًا حينها أنه ليس معنيًا، وهو ما جعل الرياض تدرك أنه لا بدّ لها من تنويع خياراتها، وهذا ما حصل فعلًا».. وبالحديث عن الأمن والتعاون العسكرى، لا بدّ من التطرّق إلى الاتفاقية الدفاعية المزمع توقيعها بين الرياض وواشنطن، والتى يرتبط توقيعها بشروط ومطالب عدة، لا يبدو أن الطرفين توصلا إلى نقطة التقاء حولها.. تشترط واشنطن لتوقيع الاتفاقية الدفاعية، أن تقوم السعودية بالتطبيع مع إسرائيل، والسعودية تشترط قيام دولة فلسطينية للتطبيع مع إسرائيل.. هذه الدوّامة لا يبدو أنها ستجد أفقًا لها فى ظلّ ما يُحكى عن إصرار داخل الكونجرس الأمريكي، بربط الاتفاقية الدفاعية بالتطبيع، يقابله تمسّك سعودى بحلّ الدولتين.. والطرف الأقوى فى هذه المعادلة هو الرياض وليس واشنطن، لأن تنويع خيارات الرياض فى تزايد، فى إشارة إلى اتجاهها نحو الصين وروسيا، وكل تأخير فى توقيع الاتفاقية، سيُضعف الحاجة السعودية إلى اتفاقية من هذا النوع، وفى الوقت عينه، فإن الولايات المتّحدة ما زالت شريكًا مهمًا جدًا للسعودية على المستويات كافة، لكن ذلك لا يعنى أن يكون اعتماد السعودية حصرًا على الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن الملفات الأمنية الحسّاسة أيضًا، الملف النووى الإيرانى.. ففى وقت كانت تشهد فيه العلاقات الخليجية- الإيرانية توتّرات سياسية وأمنية، أبدت العواصم الخليجية استياءها من الاتفاق النووى الإيراني، الذى أبرمه الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، مع إيران عام 2015، لكنهم أبدوا ارتياحًا ملفتًا لاحقًا، حينما انسحب ترامب من هذه الاتفاقية.. واليوم، تحسّنت علاقة معظم الدول الخليجية مع إيران، فيما لا يزال التوتر قائمًا بين طهران وواشنطن، إلا أن المشكلة ليست فى البرنامج النووى الإيرانى فحسب، بل فى الدعم الإيرانى للميليشيات فى اليمن ولبنان والعراق وسوريا، وفى برنامجها البالستى وطائراتها المسيّرة، التى باتت تشكّل خطرًا على المنطقة.
أما فيما يخص قطر، فقد تمكّنت الدوحة من نسج علاقات متينة مع إدارة بايدن الذى صنّفها «حليفًا استراتيجيًا» لواشنطن من خارج حلف شمالى الأطلسى الناتو، بعد أن وُصفت العلاقة بالسيئة فى عهد ترامب، وتزامن ذلك مع مقاطعة خليجية لقطر.. وفى هذا الإطار، يُستبعد إلغاء تصنيف قطر بفوز ترامب فى الانتخابات، لاعتباره أن الدوحة تمكّنت فى خلال السنوات الماضية من نسج علاقات متينة مع إيران وتركيا، وباتت وسيطًا قويًا فى ملفات شائكة، كالملف الروسى الأوكرانى، ولاعبًا بارزًا فى أسواق الطاقة، لاسيما الغاز المُسال.. وهذا يدعونا إلى القول، إن العلاقات الاقتصادية تُشكّل أهمية قصوى بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجى، إذ تلعب الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا فى أسواق النفط والطاقة حول العالم.. ويُنظر إلى المرشحين الجمهوريين عمومًا، والرئيس دونالد ترامب خصوصًا، على أنهم مؤيدون لصناعة الوقود الأحفورى، وأقل دعمًا للتحوّلات السريعة إلى الطاقة البديلة.. وهذا أمر يتماشى مع المصالح الاقتصادية للدول الخليجية، التى لا تزال تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط.. وغالبًا ما أكّدت سياسات ترامب على تحرير القيود وخفض الضرائب على الشركات، ما قد يسمح بازدهار استثمارات دول مجلس التعاون الخليجى فى قطاعات الطاقة الأمريكية، بعدما دفع الديمقراطيون، نحو التحوّل بشكل أسرع نحو الطاقة المتجدّدة.
●●●
نعود ثانية إلى السعودية.. إلى قبل حوالى أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث أجرى دونالد ترامب مقابلة مع قناة «العربية» المملوكة للسعودية، أكد خلالها الروابط القوية التى أقامها مع قادة الخليج على مر السنين، وأشاد بولى عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، واصفًا إياه بأنه «صاحب رؤية وصديق»، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودى، الأمير فيصل بن فرحان، خلال منتدى الاستثمار السنوى للمملكة، «دافوس فى الصحراء».. وأشار إلى أنه «من الواضح أننا عملنا مع الرئيس ترامب من قبل، لذلك نحن نعرفه ويمكننا إيجاد طريقة للعمل معه بشكل جيد للغاية».. لقد عزز ترامب العلاقات الشخصية مع قادة الخليج، وقدم دعمًا دفاعيًا قويًا لبلدانهم.. وهذه المرة، من المرجح أن تتطلع دول الخليج إلى إدارة ترامب الجديدة، للمساعدة فى إنهاء الحرب المدمرة فى الشرق الأوسط، والضمانات الأمنية الراسخة والاستثمارات الأمريكية، فى الوقت الذى تحاول فيه تنويع القاعدة الاقتصادية للمنطقة، بعيدًا عن الاعتماد شبه الكامل على الطاقة.
وقال ترامب فى المقابلة التى أجراها مع «العربية»، فى العشرين من أكتوبر الماضى، «لدىَّ الكثير من الاحترام لمحمد، الذى يقوم بعمل عظيم»، فى إشارة إلى ولى العهد محمد بن سلمان، أعنى إنه حقًا صاحب رؤية.. وكان ولى العهد السعودى من أوائل القادة الأجانب الذين تحدثوا مع ترامب بعد فوزه فى الانتخابات، قائلًا: إن مملكته تتطلع إلى تعميق العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة.. وحتى بعيدًا عن العلاقة الأمنية الوثيقة والعلاقات التجارية بين ترامب والخليج، يُفضل العديد من الناس العاديين فى المنطقة، خصوصًا الشباب، القيم الاجتماعية الأكثر تحفظًا التى يتبناها الحزب الجمهورى، فى وقت كان للرئيس بايدن، الذى ترتبط به كامالا هاريس ارتباطًا وثيقًا، تاريخًا مشحونًا مع قادة الخليج، وقد أثار غضب العديد من السعوديين عام 2019، عندما كان يقوم بحملته الانتخابية لرئاسته الأولى، واصفًا المملكة بأنها «منبوذة».. وبعد بضع سنوات، كان لقاء الرئيس بايدن بولى العهد السعودى باردًا، عندما صافحه بضرب قبضة اليد، خلال مواجهة محرجة فى السعودية، حيث كان بايدن يحاول تأمين اتفاق لضخ المزيد من النفط وتخفيف ارتفاع أسعار الغاز فى الداخل الأمريكى، وعاد حينها بخُفى حنين.. كما شعرت دول الخليج بالإحباط من الدعم العسكرى والسياسى القوى من إدارة بايدن لإسرائيل فى حرب الشرق الأوسط الحالية، وهو شعور غذَّى المخاوف فى المنطقة بشأن رئاسة هاريس للولايات المتحدة.
وكثيرًا ما دعا قادة الحزب الديمقراطى إلى اتباع نهج أكثر انتقادًا، لمشاكل حقوق الإنسان فى المملكة العربية السعودية والإمارات، وهى استراتيجية ينظر إليها الكثيرون فى الخليج على أنها مُتعالية، وربما مزعزعة لأمنهم القومى، لأنها قد تثير المعارضة، فى حين تجنب ترامب، خلال فترة رئاسته الأولى، الانتقادات العلنية لحقوق الإنسان.. وقد ساعد ذلك فى تمهيد الطريق لتعزيز العلاقات السعودية- الأمريكية، التى تميزت بدعم دفاعى قوى، وموقف أمريكى أكثر عدوانية ضد إيران، المنافس الإقليمى القديم للمملكة.. كما طور ترامب علاقة شخصية مع كل من ولى العهد محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فى حين كانت الارتباطات الدبلوماسية مع الرئيس بايدن والسيدة هاريس أكثر رسمية.
اختار ترامب العاصمة السعودية، الرياض، فى أول رحلة خارجية له كرئيس عام 2017، ما يشير إلى الأهمية التى يوليها للعلاقة بينهما.. وفى السنوات التى تلت ذلك، وقف إلى جانب ولى العهد السعودى فى مواجهة وكالة المخابرات المركزية بشأن مقتل خاشقجى عام 2018.. لكن الأمر لم يكن سلسًا دائمًا.. إذ أعرب بعض المسئولين الخليجيين عن أسفهم، لأن ترامب لم يرد بقوة أكبر على الهجوم المدعوم من إيران على حقول النفط السعودية عام 2019، والذى أدى إلى توقف نصف إنتاج النفط فى البلاد مؤقتًا.. ومع اقتراب ولايته الأولى من نهايتها عام 2020، توسَّطت إدارة ترامب فيما اعتبرته إنجازًا مُتوجًا فى الشرق الأوسط، وهو اتفاقيات إبراهام التاريخية.. وفتح الاتفاق العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودولتين خليجيتين، الإمارات والبحرين.. وبينما يتجه ترامب إلى ولاية ثانية، قد يكون مسار أجندته الأمنية والدبلوماسية فى الشرق الأوسط أكثر تعقيدًا.
قد تحاول إدارة ترامب الجديدة إحياء خطة لإقامة اتفاق سلام سعودى- إسرائيلى، مقابل اتفاقية دفاعية معززة مع الولايات المتحدة، والدعم الأمريكى لبرنامج نووى سعودى مدنى.. ويبدو أن الدول الثلاث المعنية، كانت تقترب من التوصل إلى اتفاق قبل اندلاع حرب إسرائيل مع حماس فى غزة، أكتوبر 2023، إذ أوقف الصراع زخم المحادثات، بينما يُصر السعوديون الآن على إنشاء دولة فلسطينية أولًا، وهو ترديد لموقفهم قبل الحرب.
عندما كان ترامب فى منصبه آخر مرة، أطلق خطة سلام مثيرة للجدل، كان يُنظر إليها على أنها مائلة بشدة نحو إسرائيل، ولم تكن لتمنح الفلسطينيين دولة كاملة.. كما تشعر دول الخليج بالقلق، من أن يؤدى المزيد من التصعيد فى الحرب الإقليمية، إلى تقويض جهودها لتنويع اقتصاداتها، بعيدًا عن الاعتماد شبه الكامل على الطاقة وتهديد خططها التنموية الطموحة.. وفى هذا السياق، لطالما نظر الخليج إلى ترامب كشريك تجارى، وهو أمر لم يتغير، حتى بعد خسارته انتخابات 2020.. ومنذ مغادرته منصبه، شارك أفراد عائلته فى صفقات مختلفة فى جميع أنحاء المنطقة، بما فى ذلك مشاريع فى دبى والمملكة العربية السعودية.. حصل صهره، جاريد كوشنر، على استثمار بقيمة مليارى دولار من صندوق السيادة السعودى، لشركته للأسهم الخاصة، بعد ستة أشهر من مغادرة ترامب البيت الأبيض.
ويبقى أن نقول، إنه بالنسبة لترامب، فإن الطريق إلى علاقات قوية مع الخليج، هو طريق شخصى.. وفى مقابلة مع بلومبرج خلال يوليو الماضى، بدا ترامب واثقًا، من أنه وجد صيغة لعلاقة متناغمة مع المملكة العربية السعودية.. علاقته الشخصية، بالإضافة إلى الضمانات الأمنية الأمريكية، «إنه يُحبنى.. أنا أحبه»، قالها عن ولى العهد السعودى.. لكنه أضاف، «سيحتاجون دائمًا إلى الحماية، وسأحميهم دائمًا.. لقد كانت لدى علاقة رائعة معه وستظل».. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.