«فتح» و«حماس» فى القاهرة: لجنة إسناد مجتمعى.. ولا فصل بين الضفة وغزة
تتجه الأنظار إلى القاهرة، حيث تجرى اجتماعات مكثفة بين حركتى فتح وحماس الفلسطينيتين، فى محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع فى قطاع غزة بعد أكثر من عام من الحرب الإسرائيلية المستمرة.
وناقشت الاجتماعات تشكيل «لجنة الإسناد المجتمعى»، لإدارة شئون القطاع، وتوحيد الصف الفلسطينى فى مواجهة التحديات الإنسانية والسياسية.
وأشارت مصادر مصرية مطلعة إلى أن هذه الجهود تمثل خطوة مهمة نحو إنهاء الانقسام الفلسطينى، خاصة فى ظل الأوضاع المأساوية التى يعانى منها السكان فى غزة.
وستتولى لجنة الإسناد المجتمعى، التى سيُعلن عنها بمرسوم رئاسى من الرئيس محمود عباس، إدارة القطاع بشكل كامل، بما فى ذلك استئناف عمل المعابر وتوزيع المساعدات الإنسانية، وتضم شخصيات فلسطينية مستقلة وموحدة، ما يعكس رغبة الفصائل فى تجاوز الانقسام وتحقيق مصالحة حقيقية.
وحول اللجنة، قال مصدر أمنى إن «فتح وحماس» أبدتا مزيدًا من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء اللجنة لإدارة شئون القطاع، وأنها ستتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمن شخصيات مستقلة، موضحًا أنها ستصدر بمرسوم رئاسى من الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، وستتحمل مسئولية إدارة القطاع بشكل كامل.
ومن المقرر أن تكون لجنة الإسناد هى الطرف الفلسطينى المنوط بها إدارة غزة رسميًا، خاصة مع تسلمها إدارة المعابر واستئناف عملها، بالإضافة إلى توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية التى ستدخل بشكل أكبر إلى أهالى القطاع، بالتزامن مع التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار بين «حماس» و«إسرائيل».
وستعمل تلك اللجنة على إعادة ترتيب الأوضاع مجددًا داخل القطاع، وربط غزة بالضفة الغربية إداريًا، ما يمهد الأرض لمواجهة أى مخططات أخرى لفصلهما نهائيًا.
وستسهل تلك اللجنة الفلسطينية الخالصة مهام استئناف تشغيل المعابر، ومنها معبر رفح البرى، حيث تتمسك مصر بانسحاب القوات الإسرائيلية من الجانب الفلسطينى له.
وتصر مصر على أن معبر رفح «مصرى فلسطينى»، ولن يكون هناك طرف ثالث يتدخل فى إدارته تحت أى مسمى، ومن ثم يجب تسليم مهام إدارته داخل غزة إلى كيان فلسطينى.
وفى وقت تسعى فيه مصر لتهيئة الظروف المناسبة لوقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات، تبذل جهودًا حثيثة للتوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل وحركة حماس، حيث باتت القاهرة لاعبًا أساسيًا فى مسار الوساطة، معززة موقفها الثابت بعدم قبول أى محاولات لفصل الضفة الغربية عن غزة.
وتكتسب هذه الاجتماعات أهمية فى ظل التصعيد المستمر والتحديات الراهنة، حيث تبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول واقعية تسهم فى تخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين، كما أن نجاح القاهرة فى توحيد الصف الفلسطينى لإدارة شئون غزة، يرسم ملامح جديدة لليوم التالى داخل القطاع المدمر، وسيكون له أثر كبير وإيجابى على مستقبل القضية.
واستهدفت الاجتماعات بين حركتى فتح وحماس مناقشة ملف اليوم التالى بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة لأكثر من عام.
وكشفت مصادر أمنية مصرية عن أن الاجتماعات شأن فلسطينى خالص، وأن الجهود التى تبذلها القاهرة هدفها توحيد الصف الفلسطينى والتخفيف من معاناة الفلسطينيين خاصة داخل القطاع الذى يعانى أوضاعًا إنسانية مأساوية.
واستضافت القاهرة تلك الاجتماعات فى إطار دورها لتحقيق الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية بخطوات واقعية يتم تنفيذها على الأرض خلال الأيام المقبلة.
وتتصدى مصر إلى محاولات فصل الضفة الغربية المحتلة عن قطاع غزة الذى يعانى من الحرب الإسرائيلية الغاشمة ضده.
وتعمل مصر على تحقيق المصالحة الفلسطينية وتحقيق وجود كيان فلسطينى يدير قطاع غزة، ويكون ملحقًا بالرئاسة الفلسطينية، من أجل رأب الصدع، فى مواجهة أى محاولات لإضعاف الداخل الفلسطينى.
وترعى القاهرة، على مدار السنوات الماضية، جهود إنهاء الانقسام الفلسطينى وتحقيق المصالحة بين جميع الفصائل، وتحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، التى تعد الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى.
وترى مصر ضرورة إنهاء ذلك الانقسام فى ظل التحديات التى تواجهها القضية الفلسطينية، خاصة مع استمرار أمد الحرب فى قطاع غزة لأكثر من عام، والمعاناة التى يعيشها المدنيون الفلسطينيون هناك جراء الحصار الإسرائيلى وإجبارهم على موجات من النزوح داخليًا.
وفى مسار موازٍ، تبذل مصر جهودًا مضنية لتحقيق وقف إطلاق النار فى أقرب وقت ممكن، لإنهاء معاناة المدنيين الفلسطينيين هناك، وإتاحة الفرصة لإدخال أكبر قدر ممكن من شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وتقود مصر جهودًا للوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى صيغة صفقة تقضى بإنهاء الحرب، وتبادل الأسرى والفلسطينيين والمحتجزين داخل غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلى إلى خارج القطاع، وعودة الفلسطينيين النازحين داخليًا إلى أراضيهم فى شمال غزة.
فى السياق ذاته، أوضح مصدر أمنى أن حركة «حماس» تتمسك بعدم تجزئة المفاوضات خوفًا من تسليم المحتجزين ثم عودة الجانب الإسرائيلى لإطلاق النار.
وأوضح أن هناك اتصالات مصرية مكثفة لحث الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى على التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.
من جانبه، قال مصدر مصرى مطلع إن القاهرة تبذل جهودًا مكثفة لعودة المسار التفاوضى حول وقف إطلاق النار فى غزة والمتوقف منذ يوليو الماضى.
وأكد: «مصر تواصل جهودها مع الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى من أجل التوصل للتهدئة بقطاع غزة والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع».
وتضع مصر نصب أعينها ضرورة وقف حمام الدم فى غزة، مع سقوط ٤٤٠٨١ شهيدًا، وأكثر من ١٠٨٢٦٩ جريحًا، ونزوح أكثر من مليونى شخص داخل قطاع مساحته لا تتعدى ٣٦٥ كم مربع.
وقدمت مصر عدة مقترحات، ولا تزال تعمل على صياغات أخرى، من أجل التوصل إلى ما يتوافق عليه أطراف الصراع، ويحقق فى المقام الأول مطالب وحقوق أهالى غزة، بالعودة لأراضيهم فى الشمال، وضمان عدم استئناف الحرب مرة أخرى.
ولا تقتصر المقترحات المصرية على التوصل للحظة وقف إطلاق النار فقط، لكنها تضع فى حسبانها أيضًا ضرورة الاتفاق على إعادة إعمار القطاع المدمر كليًا، الذى أصبح غير صالح للحياة جراء التخريب الإسرائيلى المتعمد عبر العمليات العسكرية، سواءً الجوية أو البرية داخل أنحاء القطاع.
وأحبطت مصر محاولات تهجير المدنيين الفلسطينيين خارج أراضيهم، بهدف تصفية القضية الفلسطينية ككل، وأكدت أنه أمر «غير قابل للتنفيذ» تحت أى ظرف، وكثفت دعمها المستمر لضرورة الاستناد إلى مبدأ حل الدولتين، وتنفيذ حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة.
وأصرت مصر على موقفها، سواءً فى المحادثات المغلقة، أو بشكل علنى، وقالت بشكل متكرر، سواءً عبر لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع نظرائه حول العالم، أو عبر وزارة الخارجية، إنها لن تقبل بأى محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، أو تصفية القضية، مشددة على أن القضية الفلسطينية هى «القضية المركزية للعرب، وعدم حلها سيؤدى إلى زعزعة الاستقرار الأمنى الإقليمى والدولى.
ونجحت مصر عبر جهودها فى تحويل مواقف عدد كبير من القوى العالمية تجاه المخطط الإسرائيلى، إذ عدلوا مواقفهم فى أوقات لاحقة من الحرب، ليؤكدوا علنًا أن الحل الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق مبدأ «حل الدولتين».