خبير فلسطينى لـ"الدستور": مبادرة مصر بشأن مفاوضات غزة تهدف لانتزاع تنازلات من إسرائيل
أكد الباحث الفلسطيني والخبير في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي، أن المفاوضات الجارية في الدوحة بشأن غزة لن تسفر عن نتائج ملموسة أو انطلاقة كبيرة، لكنها قد تُفضي إلى وضع بعض الأسس المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى، التي قد تشمل ليس فقط غزة ولكن أيضًا لبنان، مشيرًا إلى أن إسرائيل تحاول استغلال الوضع في لبنان للضغط على حركة حماس.
وانطلقت الأحد في الدوحة مفاوضات غزة بشان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، وذلك بمشاركة مسئولين من قطر والولايات المتحدة وإسرائيل.
وأضاف ياغي في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن المفاوضات إذا شملت القضايا المطروحة من كلا الجانبين، قد تؤدي إلى تنازلات، حيث تسعى إسرائيل لفرض شروطها على غزة مقابل بعض التنازلات المتعلقة بلبنان. وأشار إلى أن الوضع الراهن يعكس محاولات لجمع الأفكار من دول مختلفة في إطار واحد، تمهيدًا لمناقشتها في المستقبل.
واعتبر ياغي أن الحديث عن صفقة كبيرة في هذه المرحلة لا يتماشى مع أجندة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أنه يركز على استمرار المفاوضات حتى الانتخابات الأمريكية المقبلة. وقد يتجه نتنياهو لاستغلال الفترة التي تسبق الانتخابات لتعزيز أجندته التصعيدية، حيث يرفض الائتلاف الحاكم برئاسته الذهاب نحو أي صفقة، مفضلين الخضوع العسكري للمقاومات.
فراس ياغى: الرئيس السيسي يريد إنجاز سريع في مفاوضات غزة
فيما يتعلق بالموقف المصري، أكد ياغي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يحاول إحداث إنجاز سريع من خلال اقتراح هدنة ليومين والهدف من ذلك هو الإفراج عن بعض الأسرى ذوي الجنسية الأمريكية، مما يمنح دفعة جديدة، ويساعد في فتح المجال لمفاوضات تستمر عشرة أيام. ولكن هذه المفاوضات لن تؤدي إلى صفقة كبرى في الفترة الحالية، بل قد تسهم في استمرار وقف إطلاق النار لفترة قصيرة.
وأضاف أن الموقف المصري يسعى إلى انتزاع تنازلات من الجانب الإسرائيلي، رغم أن إسرائيل لن تتعامل بجدية مع هذه المساعي، مشيرا إلى أن مصر وقطر، تبذل جهودًا كبيرة، لكن الفاعل الحقيقي في الضغط على إسرائيل هو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن الموقف الإسرائيلي، وخاصة تحت قيادة نتنياهو، يبقى متعنتا.
وأشار ياغي إلى أن المقترحات المقدمة من مصر وقطر يمكن البناء عليها، ولكن نجاحها يعتمد بشكل كبير على الموقف الأمريكي من العملية السياسية، مشددًا على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، كشرط أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
فراس ياغى: نتنياهو يريد تحقيق نصر مطلق
وأكد الباحث الفلسطيني والخبير في الشأن الإسرائيلي أن بنيامين نتنياهو لا يعتبر متعنتًا، بل يسعى لتحقيق "نصر مطلق" كما وصفه في خطابه خلال افتتاح الدورة الشتوية للكنيست. حيث أشار نتنياهو إلى أن إسرائيل تمر حاليًا في "حرب النهضة أو الانبعاث" وأنها تواجه سبع كيانات إرهابية، وهو ما يعكس رؤيته للصراع القائم.
وأوضح فراس ياغي أن نتنياهو يرى أن النصر يتمثل في إعادة ترتيب الأوضاع بما يسمح لإسرائيل بالتحرك بحرية، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو حتى في الجنوب اللبناني. ولفت إلى أن إسرائيل قد تخفف من قصفها في لبنان حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية، لكنها ستعود لشن عمليات عسكرية بعد الانتخابات لتعزيز أمنها في المنطقة.
وأشار ياغي إلى أن الحكومة الحالية، المرتبطة بمفهوم اليمين المتطرف، تستند إلى قوة الجدار الحديدي، وتعتمد على استخدام القوة لإخضاع الآخرين بدلًا من التفاوض. ورأى أن هذه الرؤية تعزز من موقف إسرائيل كدولة قادرة على فرض إرادتها في المنطقة، حيث يعتقد نتنياهو أن السلام لا يأتي إلا بالقوة.
وذكر ياغي أن التحالف بين اليمين المتطرف والصهيوني في الحكومة الإسرائيلية يمنحها قوة أكبر للاستمرار في معاركها، مع تزايد استخدام المصطلحات الدينية في خطابات المسئولين الإسرائيليين. واعتبر أن نتنياهو يسعى إلى بناء "إسرائيل الجديدة" التي تحتاج إلى تغيير ديموغرافي لصالح الإسرائيليين، مما يتطلب ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالاستيطان، أشار ياغي إلى أن الحكومة الإسرائيلية تروج لمشاريع استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بينما تتجاهل الأزمات الحقيقية التي تواجه البلاد. وأكد أنه لا يمكن الوصول إلى أي صفقة سياسية مع وجود حكومة بهذه العقلية.
فراس ياغى: الولايات المتحدة لن تضغط لإقرار أى اتفاق بشأن غزة
أما على الصعيد الأمريكي، أكد ياغي أن الولايات المتحدة لن تضغط لإقرار أي اتفاق جديد. واعتبر أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تكن قادرة على تحقيق إنجازات سياسية تُرضي نتنياهو، الذي يظل بحاجة لدعم أمريكا في مواجهته لإيران. واعتبر ياغي أن نتنياهو يتعامل مع الوضع في إيران بحذر، مستخدمًا الوقت لكسب المزيد من الفرص.
وشدد ياغي على أن الوضع الحالي في إسرائيل تحت قيادة نتنياهو لا يشير إلى إمكانية الوصول لصفقة أو حل سياسي مستدام، ما لم يحدث تغيير جذري في تركيبة الحكومة أو يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي هزيمة في الصراعات المقبلة.