رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواجهة حاسمة لـ«مكالمات الإزعاج الترويجية».. وإحالة الشركات المخالفة للنيابة

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

 

أصبحت المكالمات الترويجية واحدة من استراتيجيات التسويق التى تعتمد عليها كبرى الشركات لتسويق منتجاتها وخدماتها وعروضها المغرية فى الآونة الأخيرة، ولكن تكرار المكالمات التجارية بشكل مبالغ فيه أصبح يمثل إزعاجًا كبيرًا لكثير من المواطنين، خاصة من غير المهتمين بما تروج له هذه الشركات.

ومع تزايد شكاوى المواطنين من المكالمات التجارية، التى عادة ما تأتى فى أوقات غير مناسبة، ازدادت الحاجة لوضع تشريعات وضوابط قانونية صارمة لتنظيم هذه المكالمات، بالإضافة إلى ضرورة حماية حقوق المستهلكين ومنع تسريب وسرقة بياناتهم من شركات الاتصالات.

 

«تنظيم الاتصالات» يتيح الإبلاغ عن المضايقات ويعاقب أصحابها

 

منذ فترة، أعلن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات عن اتخاذه إجراءات قانونية ضد إحدى شركات العقارات الشهيرة، التى تمت إحالتها للنيابة نتيجة إجراء المكالمات الترويجية التى أزعجت المواطنين.

وأشار جهاز تنظيم الاتصالات، فى بيان، إلى تلقيه شكاوى متزايدة من المواطنين حول المكالمات الترويجية من هذه الشركة، وتم التأكد من صحة هذه الشكاوى، معتبرًا أن مكالمات الشركة تخالف القوانين والأحكام التنظيمية المعمول بها بشأن استخدام خطوط المحمول للمكالمات الترويجية والتجارية.

وشدد الجهاز على استمراره فى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة تجاه أى شركة تخالف القوانين أو الأطر التنظيمية الصادرة عنه، واعدًا بالإعلان عن الشركات المخالفة بشكل دورى.

ويعتبر القانون المكالمات الترويجية انتهاكًا لحقوق الأفراد فى بعض الأحيان، وقد يتعرض أصحابها إلى غرامات مالية فى حالات معينة. وحول ذلك، قال شاكر الجمل، خبير أمن المعلومات، إن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أتاح للمواطنين إمكانية الإبلاغ عن أى مضايقات هاتفية، ومن ضمنها المكالمات الترويجية، عبر تقديم طلبات إلكترونية، دون مشقة أو تعب. وأوضح أن جهاز تنظيم الاتصالات أصبح يحقق سرعة الاستجابة لشكاوى المواطنين، ويعمل على تنظيم حقوق المستهلكين وحل مشكلات الاتصالات، خاصة بعد أن أطلق عدة حملات توعوية لتثقيف المجتمع، مع متابعة أداء شركات الاتصالات وإصدار تقارير حول جودة الخدمات، مثل خدمات الإنترنت والمكالمات الصوتية.

وأضاف «الجمل»: «هناك رقم موحد للإبلاغ عن الشكاوى، هو ١٥٥، ما يسهل على المواطنين الوصول إلى الدعم اللازم، مع عمل الجهاز أيضًا على تحسين البنية التحتية لشبكة الاتصالات، خاصة فى المناطق الريفية التى تعانى ضعف الخدمات».

وواصل: «مع ذلك، ورغم الجهود المبذولة، لا تزال المكالمات الترويجية تشكل خطرًا كبيرًا على خصوصية المواطنين، حيث تجمع البيانات الشخصية وتباع دون إذن»، لذا «على جهاز تنظيم الاتصالات أخذ خطوات للحد من هذه المكالمات، لضمان حماية بيانات المواطنين».

وأكمل: «المكالمات الترويجية تمثل انتهاكًا للخصوصية، وتعتمد غالبًا على بيانات تم جمعها أو تداولها دون علم الأفراد، ما يثير قضايا قانونية وأخلاقية، خاصة أنها تستخدم كغطاء لعمليات الاحتيال، ما يعرض المواطنين لمخاطر مالية وأمنية».

ودعا خبير أمن المعلومات إلى تعزيز الإجراءات الحالية من خلال سن قوانين أكثر صرامة، وتفعيل المراقبة والعقوبات لحماية البيانات الشخصية، محذرًا من مخاطر تجارة البيانات غير المشروعة. 

 

قانونيون: النصوص الحالية غير كافية لردع انتهاك الخصوصية.. ونحتاج إلى تعديلات تشريعية جديدة 

 

قال عصام حجاج، الخبير القانونى، إن الفترة الأخيرة تشهد تزايدًا فى إساءة استخدام أجهزة الاتصالات، ما يؤدى إلى قلق متزايد فى المجتمع، خاصة أن كثيرين يعانون تكرار المكالمات الترويجية والمزعجة التى تؤثر على حياتهم اليومية.

وأضاف «حجاج»: «المواطن قد يتلقى يوميًا أكثر من ٢٠ مكالمة من هذا النوع، ما يسبب توترًا شديدًا واعتداءً على الخصوصية، ويسبب الاستياء المجتمعى».

وواصل: «مثل هذه التصرفات تم التعرض لها فى قانون العقوبات، الذى يعتبر هذا النوع من المكالمات انتهاكًا للخصوصية وإزعاجًا غير مقبول، ومع ذلك، فإن النصوص القانونية الحالية قد لا تكون كافية لتوصيف هذه الجرائم بشكل دقيق، ما يجعل تطبيق العقوبات على الشركات المخالفة معقدًا». 

وأكمل: «لا يوجد نص قانونى صريح يحكم هذه القضية، لكن يمكن تصنيفها تحت جرائم تقنية المعلومات، ما يجعلها خاضعة للعقوبات المناسبة فى هذا الإطار».

وأوضح أن المادة ٢٥ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنص على أنه «يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن ٦ أشهر، وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه، ولا تجاوز ١٠٠ ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ، أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته».

وشدد على أنه يجب رفع سقف حماية المواطنين باستخدام القانون لمواجهة هذا التحدى المتزايد، وتأمين حقوقهم فى الخصوصية، مبينًا أنه مع استمرار هذه الظاهرة تبرز الحاجة الملحة لتطوير تشريعات واضحة تضمن حماية المستهلكين وتحد من الممارسات المزعجة.

وقال أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن تناول قانون تقنية الاتصالات لموضوع الإزعاج ركز على انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وهدم قيم المجتمع، وتشير هذه المواد إلى الأفعال التى تشمل التهديد، والابتزاز، والإهانة، ما يشكل اعتداءً على الأفراد.

وأوضح «مهران» أن الترويج للسلع لا يعتبر ضمن المواد الخاصة بالإزعاح، فهو من ضمن الأنشطة المقبولة فى ظل التطور التكنولوجى، مضيفًا: «اعتاد الناس فى السابق متابعة الأخبار من خلال الصحف، ولكن مع تطور العصر، انتقلت مصادر المعلومات إلى المواقع الإلكترونية، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى، هى المصدر الرئيسى للأخبار».

وتابع: «هذا التغيير يعكس تحول المجتمع نحو الأحدث، بعد أن أصبح الوصول إلى المعلومات أسهل وأسرع، ورغم الفوائد التى تقدمها هذه التطورات، تظل الحاجة ملحة لضمان حماية الخصوصية والامتثال للقيم المجتمعية فى هذا السياق الجديد». وأشار إلى أن المكالمات الترويجية لا تعتبر صورة من صور الإزعاج المحددة فى القانون، الذى يركز على الإزعاج المرتبط بالتشهير، منوهًا إلى أن هذا النوع من المكالمات لا ينطبق عليه هذا التعريف، رغم أنه يسبب إزعاجًا للمواطنين.