"العاصمة الإدارية" بوصلة تطويره.. ماذا يحتاج الصعيد؟
رحلة طويلة من التطوير، شهدها صعيد مصر خلال السنوات الماضية، كان عنوانها المشروعات والاستثمار في مجالات عدة، ولكن ما تزال المحافظات والقرى تحديدًا في حاجة إلى مزيد من التنمية بعد وضع “العاصمة الإدارية” بوصلة تطوير، وفق خبراء، مع مطالب بالبناء على ما أسسته مبادرة حياة كريمة في الجنوب.
المنيا.. ورئيس الوزراء
كانت محافظة المنيا من مدن صعيد مصر التي حظيت بتطور كبير، إذ زارها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، متحدثًا عن أثر المشروعا بداية من طريق الوصول إلى المحافظة الذي استغرق حوالي ساعتين أو ساعتين ونصف فقط، بينما كان الوصول لها يستغرق قبل 5 أو 6 سنوات قرابة 4 - 5 ساعات.
كما تطرق مدبولي إلى محطة معالجة الصرف الصحي بقرية برطباط غرب مغاغة، مشيرًا إلى أن هذه المحطة تخدم حوالي 300 ألف نسمة بعدد 17 قرية، وكذلك مستشفى سمالوط المركزي، التي تعمل اليوم بكامل طاقتها، وتستقبل كل المواطنين.
أشار إلى أنه في العام 2014 كان حجم تغطية خدمات الصرف الصحي بالمناطق الريفية والقرى لا يتجاوز 10% فقط، وعملت الدولة على تغطية تلك المناطق قبل تنفيذ مبادرة حياة كريمة، حيث تم مضاعفة هذا الرقم إلى نسبة التغطية 20%.
ما الذي ينقص الصعيد في الوقت الحالي؟ طرحت "الدستور" السؤال على خبراء التنمية، إذ أنه الصعيد ما زال ينقصه استثمارات واسعة في البنية التحتية والصرف الصحي والنقل كما يحتاج إلى تطوير صناعي وتعليمي يربط سكانه بسوق العمل.
خبير تنمية محلية: البنية التحتية تعاني في الصعيد
الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية والتطوير الحضاري، يرى أن البنية التحتية في صعيد مصر والقرى ما تزال تحتاج إلى تطوير ضخم، على الرغم من أنه من أولويات مبادرة حياة كريمة: “يضم الصعيد حوالي 36 مليون مواطن في 11 محافظة أي نحو ثلث سكان مصر”.
أضاف حسان لـ"الدستور"، أن العديد من المشروعات، خاصة في مجال الصرف الصحي داخل صعيد مصر، لا تزال قيد التنفيذ، ضاربًا مثالًا بمحافظة الأقصر التي تتمتع ببنية تحتية، إلا أن بعض المراكز مثل أرمنت والقرى المحيطة بها لا تزال تواجه مشاكل في الصرف الصحي.
شدد على ضرورة إعادة تطوير صعيد مصر ليتماشى مع العاصمة الإدارية الجديدة، ما يتطلب آليات متعددة للتعاون، مع التركيز على تسويق منتجات الصعيد وليس التنمية فقط.
الأقصر.. تطوير منقوص
كان أبرز مراحل التطوير الذي شهدته محافظة الأقصر، هو مشروع تطوير كورنيش النيل وكذلك إحياء طريق الكباش وهو مشروع جذب عشرات الآلاف من السائحين، ومشروع تطوير الميادين حول مدينة الأقصر.
الحسين: الصعيد منفصل عن مصر بسبب المواصلات
يتحدث عن ذلك، خبير التطوير الحضاري الحسين حسان، إذ أكد أن محافظات الصعيد تعاني من سوء شبكات النقل رغم تطوير السكك الحديد: “لا بد من تحسين خدمات النقل، بما في ذلك تطوير السكة الحديد ووسائل النقل الأخرى مثل القطارات السريعة والأتوبيسات الترددية، لتسهيل الحركة بين الصعيد والقاهرة، مع ضرورة تطوير الخطوط القديمة لضمان سيولة مرورية أفضل وربط المحافظات بالقاهرة”.
أشار إلى أن مصر تواجه تحديات نتيجة سوء التوزيع الجغرافي للسكان، حيث تضم القاهرة 10 ملايين نسمة، بينما يبلغ سكان الأقصر مليون نسمة، وأسوان مليون و650 ألف نسمة، وتضم تلك المحافظات أراضٍ شاسعة غير مستغلة يمكن استثمارها في إنشاء مشروعات وقلاع صناعية متعددة.
أضاف حسان أن الصعيد بحاجة إلى موارد صناعية ومدن صناعية، حيث يتميز بإنتاجيته في مجالات مثل صناعة قصب السكر، مشددًا على ضرورة أن يكون لتلك المشروعات نتيجة على رأٍها ربط أبناء الصعيد بسوق العمل من خلال برامج مكثفة بين التعليم العالي والجهات المعنية بالقوى العاملة.
أسوان.. المدارس والبنى التحتية
وعززت الدولة من جهود التنمية في محافظة أسوان من خلال عدد من المشاريع الحيوية، منها تطوير شبكة الطرق والمواصلات، وإنشاء مشروعات للطاقة المتجددة، مثل محطة الطاقة الشمسية في بنبان، والتي تعتبر من أكبر المحطات في العالم.
الموروث الثقافي
لفت حسان، إلى أزمة غياب الموروث الثقافي بشكل ملحوظ في الصعيد، منها على سبيل المثال زيادة معدلات الإنجاب مقارنة بالمدن إذ أن ثقافة أن الأبناء عزوة تسيطر على الكثير من القرى هناك.
أوضح أن ذلك يؤثر على الاحتياجات المجتمعية، وتضع ضغوطًا إضافية على الموارد والخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، كما يؤثر على فرص العمل المناسبة للشباب.
دور مبادرة حياة كريمة
أكد أن مبادرة حياة كريمة دورٌ في هذا الشأن، إذ سعت إلى توعية أبناء الصعيد بأهمية تنظيم الأسرة وأضرار زيادة معدلات الإنجاب على التنمية المستدامة، تساهم هذه الجهود في تغيير المفاهيم الثقافية المرتبطة بالإنجاب، مما يؤدي إلى تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في الصعيد.