رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وماذا بعد السنوار؟

فى مسلسل اغتيالات قادة حماس وحزب الله، وربما عبدالملك الحوثى قريبًا، قامت القوات الإسرائيلية، أمس الأول، باغتيال آخر رئيس للمكتب السياسى لحماس «يحيى السنوار».

تبدأ قصة هذا المنصب بتولى خالد مشعل رئاسة المكتب السياسى للحركة عام ١٩٩٦، وهو سياسى فلسطينى وأحد مؤسسى حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، واستمر فى المنصب المذكور حتى شهر مايو ٢٠١٧، وجاء بعده إسماعيل هنية الذى تم اغتياله فى ٣١ يوليو ٢٠٢٤ فى طهران؛ ليتولى بعده يحيى السنوار رئاسة المكتب.

والسنوار هو المهندس والمخطط الفعلى لطوفان الأقصى، الذى تسبب فى استشهاد ٤٢ ألف فلسطينى برىء؛ معظمهم من الأطفال والنساء بلا ذنب، وجرح وإعاقة أكثر من مائة ألف فلسطينى آخرين، وتدمير قطاع غزة بالكامل، وتشريد 2٫٥ مليون فلسطينى.

التصق تاريخ يحيى السنوار بشهر أكتوبر، فقد وُلد فى 19 أكتوبر، وخرج من السجن فى 18 أكتوبر، وبدأ طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر، وتمت تصفيته فى 17 أكتوبر.

غارة إسرائيلية معتادة على قطاع غزة، وتحديدًا فى تل السلطان برفح، قام بعدها اللواء ٨٨٢ الإسرائيلى بيسلماخ «وهو ليس لواء قوات خاصة مثل لواءات جفعاتى أو جولانى أو إيجوز» بتمشيط المنطقة بعد الغارة، وهناك اشتبهوا فى جثة تُشبه يحيى السنوار.. قاموا بقطع أحد أصابعه وأرسلوه لتحليل الـDNA والبصمات، ومقارنتها بالمعلومات فى ملف سجنه، وكانت المفاجأة تطابق التحاليل مع جثته.

الهيكل التنظيمى لحركة حماس انتهى تمامًا، خاصة بعد اغتيال محمد الضيف ومروان عيسى ورافع سلامة، ولم يتبق سوى شخصين مؤثرين سيتم اختيار أحدهما لقيادة الحركة دوليًا.. الأول خالد مشعل والثانى خليل الحية، وأعتقد أن الأخير هو الأقرب لقيادة الحركة؛ نظرًا لأنه المفضل لدى إيران.

أما مَن يقود الحركة فى الداخل، فالمرشح الأول هو محمد السنوار شقيق يحيى، وهو الذى قام بأسر جلعاد شاليط، ومهندس الأنفاق والمسئول عن كتائب القسام.

الرجل الآن بين يدى الله، ووحده سبحانه من سيقرر إذا كان قد مات شهيدًا أو سفاحًا قاتلًا تسبب فى استشهاد أبناء وطنه وضياع قضيتهم.. اغتياله لن يؤثر فى موقف إسرائيل.. فهى تسير قدمًا لتحقيق هدفها الشيطانى، سواء بوجود السنوار أو عدمه.. دمرت واحتلت قطاع غزة بالكامل، وهجّرت سكانه من الشمال للجنوب، وأعلنت عن أنها لن تنسحب من القطاع وستنفذ خطة الجنرالات لاحتلال شمال غزة وإعلانه منطقة عسكرية، ودفع أهله للجنوب على الحدود المصريه، وهنا يأتى دور الضغط الدولى على مصر للسماح لهم باستيطان سيناء، لكن هيهات أن يتحقق لهم هذا.

بمقتل السنوار لن تنتهى القضية الفلسطينية أو تختفى حماس كما يأمل الإسرائيليون.. فمهما حدث سيظل هناك شباب فلسطينى يحمل السلاح دفاعًا عن أرضه، التى اغتصبت عنوة واستعادتها مهما طال زمن الكفاح.

المواجهة ستصبح حتمية بين إيران، التى فقدت معظم أذرعها فى المنطقة ومن ورائها روسيا والصين، وبين إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية، وفى مقدمتها ألمانيا.. فهل تشهد المنطقة حربًا عالمية ثالثة؟