رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزب الله وإسرائيل بين مواجهتين.. ماذا تغير بعد 20 عامًا؟

صورة بالذكاء الاصطناعي
صورة بالذكاء الاصطناعي

في 13 أكتوبر الجاري، شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا جديدًا في النزاع المستمر بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، حيث نفذ "حزب الله" ضربة مباغتة باستخدام طائرات دون طيار على قاعدة عسكرية إسرائيلية في بنيامينا، جنوب حيفا، مسفرةً عن مقتل 4 جنود إسرائيليين وجرح العشرات، في أعنف هجوم شنّه حزب الله منذ بدء التوترات الأخيرة في المنطقة، ما أعاد تسليط الضوء على قدرات حزب الله العسكرية المتزايدة، خاصة فيما يتعلق باستخدام الطائرات المسيّرة، ومدى تأثيرها على موازين القوى التقليدية في الشرق الأوسط.

صورة بالذكاء الاصطناعي
صورة بالذكاء الاصطناعي

 تحول استراتيجي في استخدام الطائرات المسيّرة

يعتبر استخدام الطائرات المسيّرة من قبل "حزب الله" تحولًا استراتيجيًا لافتًا في أساليب الحرب غير التقليدية، ففي السابق، كانت الطائرات دون طيار تُستخدم بشكل محدود لأغراض الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية، لكن الآن باتت تُستخدم كأداة هجومية فعالة.

الطائرة المسيّرة التي استخدمها حزب الله في هجوم بنيامينا، أثبتت أنها قادرة على تجاوز أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتقدمة مثل "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود"، ما يثير تساؤلات حول فعالية هذه الأنظمة في مواجهة الطائرات المسيّرة الحديثة، فـ"إسرائيل"، التي تعتمد بشكل كبير على أنظمة الدفاع الجوية المتقدمة، لم تتوقع أن تستطيع طائرات حزب الله المسيّرة تجاوز راداراتها وتحقيق هذه الضربة المؤلمة، حيث اعتمد الحزب على استراتيجية التضليل من خلال إطلاق وابل من الصواريخ التقليدية بالتزامن مع تحليق الطائرات المسيّرة على ارتفاعات منخفضة ومعقدة، مما جعل رصدها وتتبعها صعبًا.

الطائرات التي تم استخدامها هي "أبابيل-تي" و"الصياد 107"، ويبلغ مدى "أبابيل-تي" 120 كم، وتصل سرعتها إلى 370 كم في الساعة، مما يجعلها سلاحًا قادرًا على الوصول إلى أهداف عميقة داخل الأراضي الإسرائيلية.

مسيرات انقضاضية تقتل 4 وتصيب العشرات.. ماذا يحدث في إسرائيل؟ | الشرق للأخبار
الطائرات المسيرة الإيرانية - أرشيفية

في ظل هذه التطورات، استثمرت إسرائيل مئات الملايين من الشواكل في البحث والتطوير لتعزيز قدرتها على التصدي للطائرات بدون طيار، ويهدف البرنامج إلى نشر أنظمة دفاع جديدة في غضون أشهر قليلة، لضمان حماية الأجواء الإسرائيلية من التهديدات الجوية الجديدة.

وفي ظل هذه التطورات، تواصلت "الدستور"، مع عدد من المحللين السياسيين اللبنانيين للمقارنة بين الحرب التي دارت بين الطرفين في 2006 والحالية التي تشهد تطورًا كبيرًا في الأسلحة المستخدمة.

 جورج العاقوري: إيران توصل رسائل إلى إسرائيل عبر "حزب الله"

بداية، قال جورج العاقوري، الباحث السياسي اللبناني، إن التطورات الأخيرة مرتبطة بالحراك الإيراني، حيث تحاول إيران إرسال رسائل إلى إسرائيل بأنها قادرة على تصعيد الجبهة اللبنانية، ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله، يبدو أنه يسعى لتسجيل نقاط وليس لإنهاء إسرائيل، فالعمليات التي ينفذها حزب الله تبدو حتى الآن مجرد مناوشات، وأن الرد الإسرائيلي يتسم بالوحشية. 

وفي تذكيره بحرب تموز 2006، أوضح "العاقوري"، في حديثه مع "الدستور"، أن حزب الله حينها كان قادرًا على إلحاق خسائر مباشرة بإسرائيل عبر استخدام الصواريخ لضرب الآليات العسكرية، لكن اليوم، يبدو أن الحزب قد تكشف عسكريًا أمام التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، خصوصًا مع اعتماد إسرائيل على الذكاء الاصطناعي، مما أتاح لها بناء بنك أهداف دقيق وتنفيذ اغتيالات استهدفت أكثر من 500 عنصر من كوادر الحزب. 

الضبابية تحكم المشهد اللبناني.. والأزمة السياسية تتواصل
جورج العاقوري

وأضاف: "التفوق الإسرائيلي لم يقتصر على التكنولوجيا فقط، بل أيضًا على سلاح الجو، حيث كانت الطائرات المسيّرة هي نجم هذه الحرب، إذ تمكنت إسرائيل من إرباك حزب الله بشكل كبير"، ما ساهم في تصاعد الخسائر البشرية واغتيال حسن نصر الله، وهو الحدث الذي وصفه العاقوري بأنه "زلزال على مستوى لبنان والمنطقة بأسرها"، لأن تأثيره سيمتد إلى دور ومستقبل حزب الله.

وتطرق إلى الأهداف المتغيرة لحزب الله، ملاحظًا أن الحزب في حرب 2006 كان يسعى لتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، وهو هدف لبناني بحت، أما اليوم، فإن الهدف الأساسي للحزب هو مساندة غزة، مما يعني أن من يسقط من صفوف الحزب يُعتبر شهيدًا على "طريق القدس"، وليس لتحقيق أهداف لبنانية.

وأضاف: "هذا الزج بلبنان في أتون الحرب يتم دون اعتبار لرغبات الدولة اللبنانية أو الشعب اللبناني، وكل ذلك خدمةً لأجندة إيران وسياستها في توحيد الساحات". 

سركيس أبوزيد: المعركة بين حزب الله وإسرائيل مفتوحة وطويلة الأمد

فيما يرى الكاتب والباحث السياسي سركيس أبوزيد، أن المعركة بين حزب الله وإسرائيل هي مفتوحة وطويلة الأمد، والضربات التي ينفذها حزب الله تؤدي إلى خسائر ملموسة في صفوف الجيش الإسرائيلي، مما ينعكس على الرأي العام الإسرائيلي، وقد أصبحت المؤسسة العسكرية في حالة ارتباك نتيجة الخسائر التي تتكبدها.

ولفت "أبوزيد"، في حديثه مع "الدستور"، إلى أنه بخصوص الخطط الإسرائيلية، هناك تحولات واضحة في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث يتبنى "نتنياهو" رؤية قائمة على مفهوم "إسرائيل الكبرى"، وهو مشروع يهدف إلى ضم أجزاء من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية. 

الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد لـ"مرآة الجزيرة": الحرب التي تريدها "إسرائيل" من التصعيد لن تحتمل نتائجها - مرآة الجزيرة
سركيس أبو زيد

ويعتقد أن إسرائيل تعتمد تكتيك "الأرض المحروقة" في جنوب لبنان لتهجير أكبر عدد ممكن من السكان، وذلك لتهيئة الأرضية لاحتلال هذه الأراضي وضمها، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى إلى خلق واقع جديد قائم على "أرض بلا شعب"، وأن هذا المشروع هو جزء من خطتها الكبرى.

وتوقع أن إسرائيل قد تنتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة والدول الغربية للمضي قدمًا في هذا المشروع، وأن هناك ارتباطًا وثيقًا بين هذه الخطط والانتخابات الأمريكية المقبلة ونتائجها.

بشير عصمت: الحرب الحالية تتم لصالح النظام الإيراني فقط

وأكد الأكاديمي والباحث السياسي بشير عصمت، أنه لا مجال للمقارنة بين الحرب الحالية بحرب عام 2006؛ ففي حرب 2006، قبلت إسرائيل حلًا يضمن أمنها بشرط تنفيذ عدد من المتطلبات التي لم تتحقق، أما اليوم، فالأهداف المعلنة تتجاوز حزب الله نفسه، حيث تسعى إسرائيل إلى تفكيك الحزب ونزع سلاحه، بالإضافة إلى إقامة شرق أوسط جديد، بما في ذلك تهجير السكان وتدمير البنى التحتية وصولًا إلى نهر الليطاني وربما أبعد منه، على الرغم من الحديث عن قرار مجلس الأمن 1701، الذي أوقف حرب 2006، فإن إسرائيل ترفض التعامل مع هذا القرار بشكل جدي حاليًا.

صدر قرار مجلس الأمن رقم 1701 في 11 أغسطس 2006، وذلك بعد انتهاء حرب تموز بين إسرائيل وحزب الله، والتي استمرت 34 يومًا. يأتي هذا القرار كجزء من جهود المجتمع الدولي لإنهاء النزاع وتحديد إطار للعمل من أجل استعادة السلام والاستقرار في لبنان والمنطقة.

في الجانب العسكري، أوضح "عصمت"، في حديثه مع "الدستور"، أن حزب الله قد استفاد بشكل كبير من مشاركته في الحرب السورية، مما ساهم في تطوير قدراته القتالية، لكنه لا يزال بعيدًا عن التفوق التكنولوجي والعسكري الذي تتمتع به إسرائيل، ورغم ذلك، فإن حزب الله قاتل بفعالية أكبر هذه المرة مقارنة بحرب 2006، حيث تمكن خلال الأسابيع الأولى من المعارك من منع الجيش الإسرائيلي من التقدم، وتحقيق مكاسب كبيرة على الأرض.

بشير عصمت
بشير عصمت

أما من حيث الأهداف الاستراتيجية لحزب الله، فقد أشار إلى أن فتح الجبهة لدعم غزة ربما لم يكن مقنعًا في البداية للبنانيين أو حتى للإيرانيين، ولكن الحزب استمر في هذه المعركة للدفاع عن صورته كمحرر للقدس، ولتعزيز نفوذه الإقليمي، موضحًا أن المرحلة الحالية من الحرب هي الأخطر على لبنان ككيان، حيث تبدو وكأنها تُخاض لمصلحة النظام الإيراني بشكل أساسي.

يحيى مولود: الأسلحة المستخدمة اليوم أكثر فتكًا

فيما أوضح المعارض السياسي يحيى مولود، أن الفرق بين حرب 2006 والحرب الحالية، تغيرت في الأساليب وشكل المواجهة، خاصة مع التطورات التكنولوجية في مجال الاتصالات والمخابرات، مشيرًا إلى أن الأسلحة المستخدمة اليوم أكثر فتكًا وقدرة على اختراق التحصينات تحت الأرض، مضيفًا: "بينما كان صوت القصف على الضاحية في حرب 2006 يُسمع بوضوح أكبر، يبدو أن التأثير الآن أقل، لكن الروائح الغريبة التي يشمها السكان تشير إلى تغييرات نوعية في أسلحة القصف".

وأشار "مولود"، في حديثه مع "الدستور"، إلى أن المشكلة الأساسية اليوم تكمن في الغطاء العالمي الذي حصلت عليه حكومة نتنياهو، سواء في غزة أو في لبنان، فالمجازر الأليمة التي ارتكبها جيش الاحتلال، دون أن يُحاسب عليها من قبل المجتمع الدولي، شجعت القيادة الإسرائيلية على التمادي في الإجرام، مضيفًا: أن التدخل الغربي والدعم العسكري المباشر بالعتاد والخبرات جعل المعارك أكثر قسوة، خاصة في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي الواضح. 

يحيى مولود يعلن عبر "المدن" انطلاق حملته الانتخابية
يحيي مولود