رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضربة محدودة أم صراع إقليمى؟.. العالم يسأل وينتظر!

أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، أنه مستعد لضرب منشآت عسكرية بدلًا من النفطية أو النووية فى إيران، ما يشير إلى ضربة مضادة محدودة، تهدف إلى منع حرب واسعة النطاق.. وفى الأسبوعين اللذين أعقبا الهجوم الصاروخى الإيرانى الأخير على إسرائيل، وهو ثانى هجوم مباشر لها فى ستة أشهر، استعد الشرق الأوسط للرد الإسرائيلى الموعود، خوفًا من أن تنفجر حرب الظل المستمرة منذ عقود فى البلدين إلى مواجهة عسكرية مباشرة، فى وقت مشحون سياسيًا بالنسبة لواشنطن، قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية.. وقال الرئيس جو بايدن علنًا، إنه لن يدعم ضربة إسرائيلية على مواقع ذات صلة بالأسلحة النووية.
عندما تحدث بايدن ونتنياهو نهاية الأسبوع الماضى  فى أول مكالمة لهما منذ أكثر من سبعة أسابيع، بعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين الرجلين ـ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنه يخطط لاستهداف البنية التحتية العسكرية فى إيران، وفقًا لمسئول أمريكى، تحدث لصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية.. وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، بأن إسرائيل سترد على الهجوم الإيرانى، ردًا (دقيقًا ومؤلمًا ومفاجئًا)، لكنه أضاف (لسنا مهتمين بفتح جبهات إضافية أو صراعات جديدة).. لكن عادة نتنياهو، كما قال مكتبه فى بيان، (نستمع إلى آراء الولايات المتحدة، لكننا سنتخذ قراراتنا النهائية بناء على مصلحتنا الوطنية).. لكن الإجراء الانتقامى من إيران، ستتم معايرته لتجنب (التدخل السياسى فى الانتخابات الأمريكية)، ما يشير إلى فهم نتنياهو، أن نطاق الضربة الإسرائيلية لديه القدرة على إعادة تشكيل السباق الرئاسى، بين دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الحالى، كامالا هاريس.
يقول محللون، إن ضربة إسرائيلية على منشآت النفط الإيرانية يمكن أن تؤدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، فى حين أن الهجوم على البرنامج النووى للبلاد، يمكن أن يمحو أى خطوط حمراء متبقية تحكم الصراع الإسرائيلى مع طهران، ما يؤدى إلى مزيد من التصعيد ويخاطر بدور عسكرى أمريكى أكثر مباشرة.. وقد قوبلت خطة نتنياهو المعلنة، لضرب المواقع العسكرية الإيرانية بدلًا من ذلك، كما فعلت إسرائيل بعد الهجوم الإيرانى فى أبريل، بارتياح فى واشنطن، وكانت عاملًا فى قرار بايدن بإرسال نظام الدفاع (ثاد) الصاروخى القوى إلى إسرائيل.. إذ أعلن البنتاجون عن أنه سينشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية للارتفاعات العالية (ثاد) فى إسرائيل، إلى جانب حوالى مائة من أفراد الجيش الأمريكى.. وصل بالفعل فريق متقدم من الأفراد والمكونات الأولية للنظام إلى إسرائيل، وسيستمر المزيد من الأفراد والمكونات فى الوصول خلال الأيام المقبلة.. وهو ما يؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل.
الضربة الإسرائيلية على إيران ستنفذ قبل الانتخابات الأمريكية فى الخامس نوفمبر القادم، لأن عدم اتخاذ إجراء يمكن أن تفسره إيران على أنه علامة ضعف، فيما يبدو أنه (سيكون واحدًا فى سلسلة من الردود).. وقال زوهار بالتى، مدير المخابرات السابق فى (الموساد) الإسرائيلى، إن نتنياهو سيحتاج إلى الموازنة بين دعوات واشنطن للاعتدال والطلب العام فى إسرائيل برد ساحق، (لقد فقد الإيرانيون كل قدر من ضبط النفس الذى كانوا يتمتعون به.. وبدون الأسلحة الأمريكية، لا يمكن لإسرائيل القتال).. هكذا اعترف «بالتى».. لكن إسرائيل هى التى تتحمل المخاطر.. وتعرف كيف تقوم بهذه المهمة.. وفى اجتماع نتنياهو الأخير مع مجلس وزرائه الأمنى لمدة ثلاث ساعات، الذى ناقش الخيارات المطروحة على الطاولة، لم يسع للحصول على تفويض رسمى للهجوم من حكومته، ما أبقى توقيت الرد مفتوحًا عمدًا.
داخل الجيش الإسرائيلى، هناك قلق من أن الضربة ربما لا تكون قوية بما فيه الكفاية، أو علنية بما فيه الكفاية، لردع إيران عن هجوم مباشر آخر على إسرائيل، أو عن تطوير أسلحة نووية، (الجيش الإسرائيلى يريد ضرب القيادة العسكرية الإيرانية، لأنه لا يؤذى الناس ولا يفجر المنطقة فى حرب أكبر)، قال جيل تالشير، أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة العبرية، الذى على اتصال مع كبار أعضاء المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.. (لكن هذه ليست الطريقة التى يفكر بها نتنياهو).. ففى أبريل، بعد أن ساعد تحالف عسكرى، بقيادة الولايات المتحدة، إسرائيل على اعتراض مئات الطائرات والصواريخ الإيرانية بدون طيار ـ وهو هجوم كبير ولكنه مصمم جيدًا ـ ردت إسرائيل بضربة دقيقة على قاعدة جوية فى أصفهان، فى وسط إيران.. التزم المسئولون الإسرائيليون الصمت فى الغالب بعد الهجوم، باستثناء وزير الأمن القومى اليمينى المتطرف، إيتمار بن غفير، الذى نشر على وسائل التواصل الاجتماعى أن الرد كان (أعرج).
وبينما سيواصل نتنياهو التشاور مع المسئولين الأمريكيين بشأن الضربة الإسرائيلية التى تلوح فى الأفق ضد إيران، فإنه لن ينتظر الضوء الأخضر من واشنطن، كما قال مسئول إسرائيلى مقرب من رئيس الوزراء، (الشخص الذى سيقرر الرد الإسرائيلى على إيران سيكون نتنياهو).. وتحوم حول القرار النهائى للضربة، الديناميات السياسية المعقدة والمترابطة فى واشنطن وطهران.. إذ يرى المحلل السياسى تالشير، إن فريق نتنياهو شعر بالقلق من انتخاب الرئيس الإيرانى الإصلاحى، مسعود بزشكيان، فى الآونة الأخيرة، والذى أشار إلى انفتاحه على إحياء المحادثات النووية مع الغرب.. وقال، إنه إذا تم انتخاب نائبة الرئيس، كامالا هاريس، رئيسًا للولايات المتحدة، فإن نتنياهو يعتقد أن الاتفاق النووى سيعود إلى الطاولة، (وبالتالى، فإن الآن لحظة استراتيجية لتقويض ذلك).. وتواصل شخصيات سياسية إسرائيلية بارزة، بمن فى ذلك رئيس الوزراء السابق، نفتالى بينيت، الضغط من أجل شن هجوم مباشر على المنشآت النووية الإيرانية.. وقال إن أى شىء أقل من ذلك يخاطر بالتضحية بالزخم الذى اكتسبته إسرائيل من حروبها فى لبنان وغزة، (وكلاء إيران، حزب الله وحماس على حد سواء تضاءلوا بشكل كبير فى قدراتهم.. وإسرائيل لديها كل المبررات التى يمكن أن تحصل عليها.. لدينا القدرة.. لدينا فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة فى العمر).
●●●
وبينما ترسل الولايات المتحدة نظام ثاد ـ وهو أحد أكثر أنظمتها المضادة للصواريخ تقدمًا ـ إلى إسرائيل، أصبحت الإشارات أكثر وضوحًا من أى وقت مضى، بأن إسرائيل تنوى الرد على إيران.. وأيًا كان رد الفعل الإسرائيلى، فإن مجموعة الأهداف التى اختارتها، قد تكشف ما إذا كانت نيتها هى الانتقام أم شىء أكثر من ذلك.. وربما نتمكن ـ يقول روبرت جيفنز، الكاتب الأمريكى فى صحيفة Responsible Statecraft، والأكثر إنحيازًا إلى إسرائيل، وهو ضابط متقاعد فى القوات الجوية الأمريكية، وعمل مساعدًا خاصًا لرئيس هيئة الأركان المشتركة ـ من تمييز النية الاستراتيجية الإسرائيلية، من خلال تصنيف خمس فئات عامة من الأهداف حسب تصاعد حجمها.. وستخبرنا الأهداف التى ستضربها بما تهدف إلى القيام به.
■ (العين بالعين)، أو استعادة الردع من خلال الانتقام.. إذ يرى روبرت أن إسرائيل قادرة على محاولة استعادة الردع ومعاقبة إيران رمزيًا، من خلال توجيه ضربة لمرة واحدة لتدمير هدف محدود الأهمية.. وقد تختار التركيز على مثل هذا الهدف لإظهار عزمها، سواء على المستوى المحلى أو الدولى.. ويسلط هذا النوع من الأهداف الضوء على قدرة إسرائيل على تعريض أى مكان للخطر، ويرسل رسالة واضحة إلى إيران مفادها: الآن أصبحنا متعادلين.. وقد تشمل الأهداف المحدودة منصة نفطية مهمة، أو سفينة حربية، أو موقع رادار، أو مركز قيادة وسيطرة رئيسيًا.. وسوف يكون تنفيذ مثل هذه الضربة مسعى بسيطًا نسبيًا بالنسبة للجيش الإسرائيلى، باستخدام عدد صغير من الأصول فى الوقت الذى يختاره.. وقد يتم الإعلان عن مثل هذا الهجوم مسبقًا، لتقليص الخسائر بين المدنيين بالطريقة التى تكهن بها كثيرون، بأن ردود سابقة، تم الإعلان عنها بشكل سرى بين هؤلاء الخصوم.. وهذا النوع من الهجوم هو الأقل تصعيدًا من بين الاستجابات الإسرائيلية المحتملة والأقل استهلاكًا للموارد.. وهذا لن يكون سوى جهد محدود من جانب إسرائيل، باستخدام أى شىء من بضعة أسلحة بعيدة المدى، يتم إطلاقها من خارج المجال الجوى الإيرانى، إلى ضربة لمرة واحدة، تتضمن بضع طائرات مقاتلة.. والواقع أن الجيش الإسرائيلى فى وضع جيد للغاية لمثل هذا النوع من الضربات.
■ (كسر نصل السكين)، أو منع القدرة على إظهار القوة العسكرية.. إذ قد تختار إسرائيل حرمان إيران من قدرات عسكرية محددة.. وهذا يتطلب جهدًا أكبر من جانب الجيش الإسرائيلى، مع تخصيص المزيد من الموارد، وربما عدة أيام من الضربات فى الأراضى الإيرانية.. وفى هذا النوع من الحملات، قد يستهدف الجيش الإسرائيلى الأصول العسكرية التى تُعرض إيران لأكبر قدر من الخطر: بطاريات الصواريخ، ومواقع الطائرات بدون طيار، والغواصات، والمطارات.. هذه الحملة قد تمتد إلى القواعد العسكرية، وطرق الإمداد اللوجستية، وعناصر مختارة من المجمع الصناعى العسكرى الإيرانى.. وتدمير هذه المواقع، من شأنه أن يؤدى إلى تدهور قدرة إيران على فرض قوتها العسكرية على إسرائيل وجيرانها.. ورغم أن هذا الهدف أكثر تصعيدًا من الهدف السابق، فإنه لا يزال يُظهر بعض ضبط النفس، لأنه يؤثر فقط على القدرة العسكرية.. ولإتمام تدمير مثل هذه المجموعة من الأهداف، فمن المرجح أن يستخدم الإسرائيليون جزءًا كبيرًا من قواتهم الجوية.. وسوف تخترق الطائرات المقاتلة مثل F1-5I وF-35 المجال الجوى الإيرانى، وتستخدم أسلحة دقيقة مثل JDAM لإسقاط الأهداف.. وسوف تبدو هذه الحملة الجوية أكثر تقليدية.
■ (اضربهم حيث يؤلمهم).. فالأهداف الرمزية والعسكرية لا تلحق إلا ضررًا طفيفًا بالنظام الحكومى الإيرانى، وغالبًا ما يكون التأثير عابرًا.. إذ يتم استبدال الصواريخ، وإعادة بناء المطارات، ونقل مواقع الرادار.. وإذا سعى الجيش الإسرائيلى إلى إحداث ضرر أكثر ديمومة لسلامة النسيج الإيرانى كدولة، فقد يختار هدفًا اقتصاديًا.. ومن خلال مهاجمة الأهداف الاقتصادية، تسعى القوات الإسرائيلية إلى جعل التمويل المستمر للعدوان الإقليمى الإيرانى أكثر تكلفة، وتقليص الثقة فى القيادة الإيرانية، وإحداث اضطراب فى المجتمع الإيرانى بأكمله.. ومن شأن تدمير الموانئ الرئيسية وحقول النفط ومرافق نقل النفط، أن يؤدى إلى تدهور المحركات المالية الرئيسية للاقتصاد الإيرانى؛ وسوف يؤثر إلحاق الضرر بهذه البنى الأساسية على تدفقات رأس المال، والوظائف، والواردات والصادرات، وتوافر السلع لمواطنيها وجنودها.. وعلى النقيض من أساليب التدمير الأخرى، فإن التدمير المادى للبنية الأساسية يخلُف آثارًا أطول أمدًا.. فضلًا عن ذلك، يستطيع الإسرائيليون خلق قدر أعظم من الاحتكاك فى النظام الاقتصادى الإيرانى، من خلال استهداف مكونات البنية الأساسية للنقل، مثل السكك الحديدية والجسور والطرق السريعة.. ومن الممكن تدمير هذه الأصول مع تقليل المخاطر التى قد تترتب على سقوط ضحايا من المدنيين، مع تعظيم الاضطراب فى الاقتصاد العام للبلاد فى الوقت نفسه.
إن مهاجمة هذه المجموعة المستهدفة سوف تكون خطوة مهمة وإشارة واضحة إلى نية إسرائيل تصعيد الصراع مع إيران وقد تعادل إعلان الحرب.. كما سوف تعتمد القوات الإسرائيلية على قواتها الجوية لضرب هذه المجموعة المستهدفة.. وسوف يتعين على الطائرات المقاتلة أن تحمل متفجرات من فئة أكبر، مثلGBU 31، وهى قنبلة دقيقة من فئة ألفى رطل، لضمان تدمير الأهداف الصلبة مثل الجسور.. وسوف تكون هناك حاجة إلى أسلحة ذات صمامات تفجير متأخرة، لمرافق الموانئ ولتدمير الطرق وخطوط السكك الحديدية.. وبالإضافة إلى ذلك، قد تختار القوات الإسرائيلية استخدام الأصول الموجودة على الأرض فى إيران للقيام بأعمال التخريب.
■ (قطع رأس الأفعى أو سحب أنيابها)، بإزالة أدوات سيطرة النظام.. إذ إنه ورغم أن ضرب الأهداف الاقتصادية يشكل خطوة مهمة على سلم التصعيد، فإن الخطوة التالية ستكون خطوة كبيرة نحو الحرب الشاملة.. وقد يختار الإسرائيليون ضرب أهداف من شأنها، إما زعزعة استقرار النظام الإيرانى أو ربما إزاحته.. وتفرض الحكومة الإيرانية سيطرتها الصارمة على مواطنيها من خلال وسيلتين أساسيتين: الاتصالات والسيطرة.. وهناك مجموعة متنوعة من الأهداف التى من شأنها أن تقوِّض قدرة الحكومة على الحفاظ على هذه السيطرة.. وتشمل هذه الأهداف، القيادة والبنية الأساسية للمنافذ الإعلامية التى تديرها الدولة، والمراكز الحكومية، وفيلق الحرس الثورى الإيرانى.
إن التركيز الأكثر ملاءمة لهذه الأهداف، هو الحرس الثورى الإيرانى، لأن إضعافه من شأنه أن يؤثر على قدرات إيران العسكرية وقدراتها على السيطرة على السكان.. ومن المهم أن نلاحظ، أن تدمير الأدوات التى تُمَكّن الحكومة الثورية الإسلامية من الحفاظ على السيطرة على سكانها، قد يكون بنفس فعالية استهداف القادة الأفراد أنفسهم فى إنهاء النظام.. ومع ذلك، فإن مثل هذه الضربات من شأنها أن تشكل تهديدًا وجوديًا للقيادة الإيرانية الحالية، وسوف تكون على مسار مباشر نحو حرب أكثر عمومية.. وسوف تستخدم إسرائيل مجموعة واسعة من الأصول لتقويض أهداف سيطرة النظام.. وسوف تكون هناك حاجة إلى أصول استطلاعية لتتبع تحركات القادة الرئيسيين فى الوقت الحقيقى.. وسوف تكون هناك حاجة إلى حِزم هجومية كبيرة من الطائرات المزودة بمجموعة متنوعة من الأسلحة، لتدمير مواقع فيلق الحرس الثورى الإيرانى.. وفى المجمل، سوف يكون هذا جهدًا مستدامًا، ينطوى على مجموعة متنوعة من القدرات.
■ وأخيرًا، قد تستهدف القوات الإسرائيلية البرنامج النووى الإيرانى الناشئ.. فعلى مدى أكثر من عقد من الزمان، تكهن كثيرون بأن هذا هو الهدف الأساسى للإسرائيليين.. ورغم أن القضاء على القدرات النووية الإيرانية قد يكون بمثابة الرسالة الأعظم، فإنه لا يفعل الكثير لتغيير الحرب اليوم.. وإذا دمر الجيش الإسرائيلى أو ألحق أضرارًا جسيمة بواحد أو أكثر من مواقع البرنامج النووى الإيرانى، فإن الرسالة تصبح واضحة: إن إسرائيل سوف تفعل كل ما يلزم لقمع ما تراه تهديدًا وجوديًا من جانب إيران لوجودها.
هذه الإجراءات، تحدد بوضوح النوايا الإسرائيلية طويلة الأمد، من خلال استخدام المعركة الحالية مع وكلاء إيران، لتجاوز تسوية الملعب وإزالة أى تهديد نووى محتمل.. كما أنها تمهد الطريق لكى تصبح إسرائيل الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمتلك قدرات نووية.. ومن الأمثلة على هذا النوع من الأهداف، مرافق الأبحاث النووية ومواقع بناء الصواريخ ومواقع معالجة الوقود النووي.. ومن الصعب تقييم مدى التصعيد الذى قد ينجم عن هذا الأمر، ولكن من المرجح أن يضمن ذلك استمرار الإيرانيين فى جهودهم للحصول على الأسلحة النووية بأى وسيلة متبقية لديهم أو بأى خيارات متاحة.. لكن، يظل تدمير المواقع النووية هو المشكلة الأصعب التى تواجهها إسرائيل فى مجال التسلح.. إذ يتعين على القوات الإسرائيلية أن تخترق المجال الجوى الإيرانى، باستخدام طائرات مأهولة فى حِزم هجومية كبيرة ومنسقة تحمل ذخائر خارقة من فئة كبيرة.. وسوف يكون توقيت الضربات حاسمًا لضمان اختراق الأسلحة للأهداف بطريقة منسقة، مع إحداث كل سلاح حفرة أعمق للسلاح التالى.. ورغم أن هذه ليست مهمة سهلة، إلا أن الجيش الإسرائيلى شن مثل هذا الهجوم المعقد، عندما ضرب مقر حزب الله فى بيروت بأكثر من ثمانين قنبلة زنة ألفى رطل، فى ضربة أدت إلى مقتل زعيم حزب الله، حسن نصرالله.
وفى نهاية المطاف.. يمكننا أن نتوقع أن يختار الإسرائيليون أهدافًا من بين الخيارات المذكورة أعلاه.. فهل يكون الرد بالعودة إلى الوضع الراهن، استمرار حملاتهم ضد حماس وحزب الله، أم أن ذلك سيكون إيذانًا ببداية صراع إقليمى أوسع نطاقًا؟.. العالم يتساءل، والكل ينتظر.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.