لماذا خطاب نعيم قاسم.. الحرب العدوانية على غزة- لبنان مقاومة أم مصير مشترك؟
ما أن انتهت كلمة نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، انطلق من كوادر وقوات «الحزب» أكثر من 100 صاروخ تجاه مدينة حيفا والمستوطنات المحيطة بها.
عمليًا، القصف الذى شنّه «حزب الله» على حيفا، هو استمرار لحالة المقاومة المشتركة بين محور الإسناد ومحور المقاومة، بين حركة حماس وحزب الله والفصائل التابعة لحركة المقاومة الإسلامية التى يديرها حزب الله.
القصف تجاه مدن فلسطين المحتلة التى تحتلها المنظمات الاستيطانية اليهودية الغربية، هو صليات صاروخية تحمل رسالة لدولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، وفى الوقت نفسه رسالة لكبار المستوطنين من ملاك العشرات من المصانع وبؤر إنتاج الكيماويات العسكرية، التى تلوث بيئة حيفا العربية وشواطئ بحر حيفا.
صواريخ حيفا تركت أثرها أكثر من خطاب القيادى فى الصف الأول اليوم فى حزب الله، الشيخ نعيم قاسم.
فى المقابل، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى عن أنه هاجم الضاحية الجنوبية لبيروت، ردًا على استهداف حيفا، وأن قصف الاحتلال كل الجنوب اللبنانى، وكل لبنان، لم يتوقف نهائيًا، منها غارات استهدفت مقرات مدنية، إذ أعلن أن الشيخ نعيم قاسم كان مستهدفًا فى قصف جوى متواصل على برج البراجنة وحارة حريك، والبقاع الغربى، وصولًا إلى الجولان.
فى ذات الوقت كانت غزة ورفح جباليا وكل مخيمات غزة فى جبهة مفتوحة، ومجازر لم تتوقف منذ ليلة أمس.
فى التحليل المواكب لكل ذلك، تبادلت مراكز الأبحاث والدراسات الأمريكية والغربية والعربية، النظر فى ماهية الجديد فى خطاب الشيخ نعيم قاسم؛ ذلك أن الحرب العدوانية على غزة- لبنان، وحدت منذ أكثر من عام نظرة المقاومة والمصير المشترك، برغم اختلاف وجهات النظر السياسية والأمنية فى بنية الحكومة اللبنانية المنهارة نتاج لارتهان عربى غربى، أمريكى فرنسى، وفق تشتت الرؤى السياسية التى حاولت حماية لبنان من الانهيار الاقتصادى والاجتماعى، وجاءت الحرب فكان الانهيار الحالى سياسيًا وأمنيًا، باتت دولة بعيدة عن صنع القرار، مع التوغل العدوانى للاحتلال الإسرائيلى، الذى يتحرك نحو خطط الاجتياح البرى، لكن ضمن الخطط التى تطبخ فى مختبرات أوروبية أمريكية إسرائيلية، يراقبها محور الإسناد، حزب الله وحركة حماس من الجانب الآخر من المصير المشترك، القادم من حرب جيش الاحتلال، إنه سيحرك الكتائب والفرق العسكرية والقوات الجوية وألوية سلاح الجو والبحرية.
خطاب الشيخ نعيم قاسم.. إسناد أم مقاومة؟
قال الشيخ قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، كلمة، تعد من الخطب النادرة له، وقال، دون تحديد حراك خطابى سياسى واضح:
أولًا:
نحن نضرب العدو ونتوسع فى مديات الصواريخ والطائرات وسنطال المكان فى الزمان الذى نقرره وفق خطتنا.
ثانيًا:
اطمأن الجميع أن إمكاناتنا بخير وما قاله العدو عن أنه طال إمكاناتنا هو وهم وكذب.
ثالثًا:
لقد أثبت المجاهدون جدارتهم فى الميدان، ولأنهم أبناء السيد حسن نصرالله لا يمكن إلا أن يكونوا كذلك.
رابعًا:
يقول نتنياهو إنه يريد إعادة المستوطنين، ونقول له إنه سيتهجر أضعاف هؤلاء.
خامسًا:
حزب الله وحركة أمل على قلب واحد فى السراء والضراء، ولنا كل الثقة بقيادة الأخ الأكبر الأستاذ نبيه برى.
سادسًا:
قبل وقف إطلاق النار أى نقاش لا يعنينا ونحن أهل الميدان.
سابعًا:
نؤيد الحراك السياسى الذى يقوده الرئيس نبيه برى بعنوانه الأساس وهو وقف إطلاق النار.
ثامنًا:
إن تابع العدو حربه فالميدان يحسم، ونحن أهل الميدان ولن نستجدى حلًا.
تاسعًا:
هذه الحرب هى حرب من يصرخ أولًا ونحن لن نصرخ وسنستمر ونضحى وإن شاء الله تسمعون صراخ العدو.
عاشرًا:
أبشركم بأن القيادة والسيطرة وإدارة الحزب والمقاومة منتظمة بدقة، وقد تخطينا الضربات الموجعة.
حادى عشر:
سنثبت فى الميدان أن الجيش الإسرائيلى سيتكبد خسائر كبيرة، وربما تكون هذه الخسائر هى مقدمة إنهاء الحرب.
ومما فى الخطاب، ذلك المنحنى الشملانى فى مخاطبة القواعد والقوات، كنوع من تأكيد المؤكد، أن لا مصير غير استمرار المقاومة والإسناد لحركة حماس فى هذا الوقت من المعركة، هنا قال نائب الأمين العام لحـزب الله، نعـيم قاسم، وإضعاف محددات إشارات سياسية شكلية، سبق أن أعلنت فى كل خطابات الشهيد الأمين العام السيد حسن نصرالله، بدلالة أنها وضعت طرق المواجهة حيثيات المصير المشترك والإسناد الجاد، برغم مواقف الدولة اللبنانية التى كانت متباينة فى دعم تجاه حزب الله فى حراك المصير المشترك مع حركة حماس، هنا يمكن النظر فى كلام الشيخ قاسم من حيثيات خطاب المواجهة، فهو قال:
١- مقدمات الغزو البرى
المواجهة البرية فى الجنوب بدأت، وفى هذه المواجهة لم يتقدم العدو وأذهل الصهاينة كيف لم يستطع جيشهم التقدم إلى الأمام.
٢- جبهة الإسناد من لبنان
أعلنا جبهة الإسناد من لبنان دعمًا لغزة وتخفيفًا عنها، والهدف الثانى دفاعًا عن لبنان وشعبنا، وبدأت تتكشف الأمور أن لبنان كان مستهدفًا، ألم يعلن نتنياهو أنه يريد شرق أوسط جديدًا؟ ألم يقل جالانت إن ضرب حـزب الله يفتح الباب على صياغة شرق أوسط جديد؟
3- الاحـتلال وأمريكا وحلفاؤهم
لا نخشى ضغوط الاحـتلال وأمريكا وحلفائها الذين يريدون الضغط على المـقاومة.
4- أوروبا دعمت العدو
أمريكا شريكة أساسية فى كل الجرائم، وقسم من أوروبا دعم العدو سياسيًا وعسكريًا.
5- الدعم الأمريكى الأوروبى
إسرائيل لم تكن قادرة على الصمود أكثر من شهر لولا الدعم الأمريكى الأوروبى.
6- المواجهة والتخفيف على غـزة
أعلنا جبهة المساندة من لبنان للمساعدة فى المواجهة والتخفيف على غـزة ودعم انتصارها.
مَن يدير صورة «حزب الله» العسكرية؟
قيادات حزب الله تتساقط، خيانات وتصورات ومعيقات أمنية صعب البحث حولها الآن، أكثر من أسبوع مرّ على إعلان استشهاد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، وقبل ذلك قادة كبار: الشهيد فؤاد شكر، وكلهم فى محور الإسناد، والمقاومة المسلحة، تركوا بصمات مهمة، والأمين العام، الشهيد ترك فى كل المستويات، فراغًا كبيرًا فى الحزب والدولة اللبنانية.
الاجتياح البرى على الأبواب، لبنان والجنوب اللبنانى، والجولان وكل الحدود الشرقية فى خطر، المعركة العسكرية، بدعم أمريكى أوروبى، مستمرة فى جنوب لبنان، وفى مفاصل من وسط لبنان، بيروت العاصمة، وحركة النزوح اللبنانى الكبير نحو اللا معلوم، اللا يقين، متاهة نحو الحدود والضياع، سيناريو يتكرر كما كان يحدث فى غزة ورفح والشجاعة والنصيرات، حياة ومواجهة نتائجها وسط المعارك والضربات والغارات، بين الحياة والموت.
معارك مواجهات حزب الله والجيش الإسرائيلى الصهيونى، تقع فى سياق المزيد من تدمير لبنان وتهيئة الأجواء لاستمرار مقدمات الغزو البرى وضمن معركة بريّة ليس معروفًا «مداها» أو «أفقها» ولا حتى نتائجها، مع تراجع واضح لمهام الدولة واعتمادها على ما يرد من مساعدات ودعم فى مجالات مختلفة ما يدع البلد مفتوحة على الغارب، وهنا فارقة الحدث اللبنانى، بالتوازى مع الحدث فى غزة ورفح بعد عام من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.
الدفاع الهجوم أو التوغل البرى باتجاه فلسطين المحتلة
هناك من يدعو حزب الله إلى فتح قنوات تنظيمية مع حركة حماس، من أجل أن يُمارس «حزب الله» عمليات الدفاع، مع ملاحظة أنه- أى حزب الله- لم يبادر حتى الآن إلى الهجوم المُطلق أو بالتوغل البرى المُضاد ضد الأراضى الإسرائيلية، وذلك وفق ما كانت تُخطط له قيادة الحزب عبر قوة «الرضوان»، وإن كان الشك فى مدى ترابط القوة نتيجة الأحداث التى سبقت ضربات الضاحية الجنوبية وتفجير البيجر والأجهزة الأخرى.. ويبدو، وفق تحليل للباحث الاستراتيجى محمد الجنون، الذى يكتب فى لبنان 24، مبديًا أن حزب الله، فى حالة من الاكتفاء؛ حاليًا بالتصدى، بينما يستطيع حتى الآن تأمين خطوطه الخلفية لإطلاق الصواريخ، فيما تحركاته عند الحدود تتمّ وفق آليات معقدة وسرية أقله من الناحية الميدانية، مع سؤال خطير:
ما الذى يفتقده الحزبُ الآن رغم صموده العسكرىّ على الجبهة؟
.. وألحقه بسؤال:
ما العامل الذى ينقصه فى ظل معركة وجودية حقيقية أطاحت بقيادته العليا فى قلب الضاحية الجنوبية لبيروت؟
«الجنون» يرصد الحالة المشتركة، المعارك فى ساحات بيروت ومساحات غزة ورفح جباليا، هو يرى أن أبرز ما يفتقده «حزب الله» الآن هو «التوجيه»، فالمسألة هذه أساسية للمقاتلين. حتمًا، كان المُحرك الأول للجبهة وللمقاتلين هو «نصرالله» نفسه، لكنه غاب باغتياله، ما يجعل الزخم الذى يحصل عليه المقاتلون فى الجبهة غائبًا نوعًا ما.
المؤشر قد ينطبق مرحليًا على حركة حماس، وأن التوقع أخطر من حالة الاستنزاف أو السكون، فما يجرى هو أن إسرائيل وبتكثيف ضرباتها اليومية، تربط ساحات المعارك من غزة إلى الجنوب اللبنانى، إلى الجولان، كنوع من المشاغل والتمرين، الضربات على الضاحية الجنوبية، واغتيال القيادات عمل سياسى أمنى مستمر، الكبار فى حزب الله، تسعى، فى حركة حماس، فى مختلف الفصائل، الاغتيال مطلب للسفاح نتنياهو، لأنه يريد لتكريس سردية الانتقام والثأر، للتأثير على أى جبهة، سواء فى غزة أو فى جنوب لبنان أو خارج حدود محور الإسناد والمقاومة.
العالم يدرك فى هذا الوقت أن السفاح نتنياهو استطاع خداع المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، والولايات المتحدة وأوروبا ودول الجوار الفلسطينى، باعتبار أنه يريد تخليص العالم من قوات حركة حماس وحزب الله، منهيًا بذلك فصلًا من الصراع العسكرى الأمنى، متناسيًا أن الصراع فكرى أيديولوجى، لأن المقاومة المسلحة تعمل وفق قوى تنادى بتحرير الأرض الأوطان من قوى أى استعمار، ما يشير إلى أن الهدف الأساس من وراء ذلك هو قطع خطوط حركة حماس أو حزب الله، بما فى ذلك المقاومة فى لبنان والعراق واليمن وهى التى، كما هو واضح، على مصادر دعم محلية وغير محلية المؤثر فيها الدعم الإيرانى، والموقف الإيرانى من معركة طوفان الأقصى، والدخول الصهيونى إلى لبنان الهجمات المتواصلة بين بيروت والجنوب اللبنانى، وصولًا إلى ضرب داخل الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى.
صمود محير
عمليًا، الحرب فى غزة، يريدها جيش الكابنيت، يريد إلهام الشارع الصهيونى، وهو أيضًا يتمسك بما يجرى فى الحدود الشمالية، العلاقة المرتبة بين البر والجو والبحر، وهى عمليات عسكرية إسرائيلية تعنى، أن لبنان يدخل عنق الزجاجية.
صمود محير، هو ذلك منذ عام وربما تستمر الحرب لما بعد تنصيب الريس الأمريكى القادم، إسرائيل دولة الاحتلال باتت مارقة، خلطت الأوراق، ولم يعد هناك من أفق يعيد قدرة الإدارة الأمريكية على صياغة وقيادة مفاوضات صعبة بين ساحات لبنان مخيمات غزة، بين الحوثى فى اليمن والحرس الثورى الإيراني، وبين الحشد الشعبى فى العراق وطموحات صورة المنطقة دون إسرائيل، أو على الأقل دون وجود حكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية النازية، وهذا بات من حكايات المستحيلات فى تراث البشرية.
لم يقدم خطاب نعيم قاسم أى جديد، أمام كل ما يجرى، سياسيًا، قبل أمنيًا وعسكريًا، يجب الوقوف عند المأزق الذى يواجهه كل محاور الإسناد والمقاومة، منها «حزب الله»، حركة حماس، وغيرها، إنه على الصعيد القيادى، هناك أزمة الشخصية التى تمتلك كاريزما قيادية يتفق على خطابها الشارع والمقاومة.. وفى الحرب، ما تلبث مسألة التوجيه المعنوى والعسكرى، قيمة أساسية، يفترض تمامًا أن تكون لها آليات إعلامية وروافع اجتماعية وسياسية وثقافية، فعلية فى الميدان، معركة العام الواحد تستمر إلى العام التالى، بينما القيادات فى حوض الرحمن، لتنفيذ هذا الأمر حتى وإن كانت القيادة غائبة علنًا، المطلوب مواجهة حقائق بنفس تحديد المصير المطلوب الاتفاق عليه.
متى سيعود «هنية» أو «نصرالله»؟
فى المطلق لا شىء فى الشارع إلا حديث استمرار الحرب، استمرار مشاغله واستنزاف العدو الصهيونى، مقاومة مع إسناد شعبى، فى مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، الشارع ينتظر، بعد عام من معركة طوفان الأقصى وإسناد حزب الله لحركة حماس، الكل يرنو لظهور الشهيد إسماعيل هنية، وذات الفهم، ذلك الظهور المأمول من حسن نصرالله.
لماذا..؟!
هذه طبيعة حركات المقاومة، فهى فى ترابية تغلب عليها الحرب الشعبية، وفق الصعود نحو الشهادة، وأن خطط الحرب، هى الرد على خطط الآخر العدو. تلك معضلة مرت فى تاريخ المقاومة.
لك أن تتصور دلالة أن يقال فى غزة: إن الشهيد إسماعيل هنية حاضر معنا، يتنفس معنا، يتابع تزويد المقاومين بكل حاجاتهم (...)، وفى جنوب لبنان أو فى حارة حريك هناك، من ينتظر عودة الشهيد السيد حسن نصرالله، يراه حاضرًا فى الخطيط والخطاب التوجية.
كل ذلك يحدث، فالحدث، الذى يتوقع له أن يستمر لأكثر من عام آخر قادم، ندرك أننا لن يكون لنا فيه إلا الترقب، بينما المقاومة تدفع المزيد من التضحية ،المصير المشترك فى الدم.
نقاط التوتر القائمة
فى الحدود بين غزة ورفح، الحدود الفلسطينية مع جمهورية مصر العربية، هناك معبر فيلادلفيا صلاح الدين، نقطة النزاع التى كشفت عنها الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، مصر ضد أى تغيير فى طبيعة المعبر، أو شكل التعاملات والأمن والحماية، وهو اتفاق نتفاهم عليه استراتيجيًا مع حركة حماس ومع كل الدول العربية، ألا تغيير على وظيفة وموقع وحالة المعبر، أيضًا فى جانب حزب الله، ذكرت مجلة «Foreign Policy» الأمريكية أن «الخط الأزرق الذى يفصل بين جنوب لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى يُعد أحد أكثر الحدود اضطرابًا فى العالم. كلما تصاعدت حدة الخطاب بين إسرائيل وإيران، تتصاعد المخاوف من احتمال نشوب صراع آخر بين لبنان وإسرائيل. والمؤكد أن حتى مواجهات خفيفة عبر الحدود يمكن أن تؤدى إلى حرب شاملة. ولكن للمرة الأولى منذ فترة طويلة أصبح الخوف من اندلاع مثل هذه الحرب واضحًا».
طوفان الأقصى، وضع معالم لعالم مختلف، تراجع عربى إسلامى قسرى، وتلاعب إسرائيلى صهيونى، بدعم أمريكى أوروبى بكل مقومات وملفات قضايا المنطقة المتعلقة بجيوسياسية الأمن فى فلسطين المحتلة ولبنان، وربما انهارت ملفات أخرى، الحكم فيها لخطاب يغيب فهم الآتى بعد معارك طويلة فى عام أطول.
فى النهاية، حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية النازية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وربما تصل إلى العمق اللبنانى، هى نتاج عدم إدراك عربى إسلامى دولى، لما حصل وكيف تم تأويل يوم 7 أكتوبر 2023، وها نحن نعرج بسرعة على 7 أكتوبر 2024، نلقن ما حولنا سردية عام كامل مرّ على اندلاع حرب معارك وإبادة الشعب الفلسطينى بعد «طوفان الأقصى» التى حملت معها الكثير من المتغيرات والتطورات الضخمة، فى وقت باتت منطقة الشرق الأوسط، وكل الدول جوار فلسطين تقف على صفيح ساخن، لن تستطيع معه أى دولة فى السيرك الأمريكى أو الأوروبى، إلا الطرق بقوة على جدار الخزان.
فى رواية الشهيد غسان كنفانى «رجال فى الشمس» يموت الرجال الثلاثة فى الخزان- صهريج نفط فارغ كان يهرب البشر فى دول الخليج- تحت وهج الشمس الحارقة لأنهم لم يمتلكوا الشجاعة لكى يصرخوا ويقرعوا جدران الخزان. ترى ماذا يمكن أن يحدث أسوأ من ذلك؟
الحرب، وهى مواجهة، فالذى لا يجرؤ على قرع جدران الخزان يموت؛ ولعل طرق جدار الخزان، الصهريج يحتاج منا الى الصراخ، وفيه طلقات من عزيمة البشر، مقاومة ما تحمل الأمل فى الحياة، لكن الصمت والخوف تكون نتيجته الموت، وأى موت عندما تختنق وأنت تفكر فى الأرض.
غزة، مع جنوب لبنان، يكفينا أن نقول إن الإبادة مستمرة.