صراع القطبين.. بعد انتهاء السوبر الإفريقى ما الذى يحتاجه كولر وجوميز فى الموسم الحالى؟
- ألقاب الأهلى فى الموسمين الماضيين أخفت أخطاء التدعيمات ودخول لاعبيه «منطقة الراحة»
- إنجاز الزمالك ارتكز على تغيير طريقة اللعب واستغلال الأوراق المتاحة والمرونة التكتيكية
- قائمة «الأحمر» المكتملة «ظاهريًا» بحاجة للاعب وسط هجومى ومهاجم صريح ولاعبى جناح
- تميز هجوم «الأبيض» لا يخفى افتقار الفريق العمق التكتيكى فى وسط الملعب والدفاع
بين أفراح وأهازيج الانتصارات فى ميت عقبة، والغضب والعقوبات وإجراءات التصحيح فى الجزيرة، ما زالت مباراة السوبر الإفريقى تُلقى بظلالها على قلعتى الكرة المصرية بعد قرابة أسبوع على فوز الأبيض باللقب الخامس فى تاريخ مشاركاته بالسوبر القارى.
وطوال موسمين مضيًا، أخفت انتصارات الأهلى وتتويجه بلقب دورى أبطال إفريقيا للمرتين الحادية عشرة والثانية عشرة على التوالى عيوب قائمة الأحمر، فنسى الجميع حاجة الفريق لتدعيمات فى بعض المراكز، حتى إن إدارة النادى أغفلت تلك الحاجة اللهم إلا فى ميركاتو يناير الماضى، بضم المهاجم الفلسطينى وسام أبوعلى لصفوف الفريق، ثم التعاقد مع يحيى عطية الله وأشرف دارى ويوسف أيمن لخط الدفاع، وعمر الساعى لوسط الملعب، بالإضافة إلى فشل صفقة محمد على بن رمضان، التى انتظرتها جماهير الأهلى خلال السنوات الأربع الماضية.
على الجانب الآخر، وبعد إنهاء جزء من أزمات إيقاف القيد، التى ما زالت تؤرق القلعة البيضاء بتعطيل منتظر للقيد؛ ضم الزمالك محمد حمدى ومحمود بنتايج لتدعيم الجبهة الدفاعية اليسرى، وجيفرسون كوستا كقلب دفاع تحت السن، وسيدى نداى لوسط الملعب، والبولندى كونراد ميشالاك والفلسطينى عمر فرج لزيادة ثقل خط الهجوم، ليكمل مرحلة انتقالات مثيرة بدأها فى يناير الماضى.
انتصر الزمالك بالسوبر الإفريقى، واشتاطت القلعة الحمراء غضبًا بسبب مستوى اللاعبين، وبدأت إجراءات التصحيح بوضع محمد رمضان على مقعد المدير الرياضى باختصاصات مدير الكرة وبصلاحيات واسعة لإصدار عقوبات ضد المقصرين؛ لإصلاح ما أُفسد خلال الشهور الماضية داخل غرفة ملابس الفريق.
وفيما انهالت الإشادات على نجوم الزمالك ومدربه البرتغالى جوزيه جوميز، علت أصوات الانتقادات للاعبى الأهلى ومدربهم السويسرى مارسيل كولر، وتناقش «الدستور» فى السطور التالية عدة مسائل، من بينها هل يسير الزمالك على الطريق الصحيح؟، وهل تستحق خسارة السوبر الإفريقى كل هذا الصخب والغضب بين جدران الجزيرة؟، وماذا ينقص قطبى الكرة المصرية فى قائمتيهما؟
البداية مع بطل السوبر الإفريقى، ففى فبراير من العام الجارى أعلنت إدارة الزمالك عن التعاقد مع جوزيه جوميز مديرًا فنيًا للفريق الأبيض، خلفًا للكولومبى خوان كارلوس أوسوريو، ليتسلم فريقًا لم يختر عناصره الأساسية ولا حتى صفقاته.
فالزمالك كان قد حصل على حكم بإيقاف القيد ٣ فترات، بسبب مستحقات المغربى خالد بوطيب، مهاجم الفريق السابق، وبعد دفع مليون دولار للاعب وجدولة باقى مستحقاته، ضم الزمالك عبدالله السعيد قادمًا من بيراميدز، وناصر ماهر وياسر حمد وأحمد حمدى ومحمد شحاتة فى انتقالات مجانية، بالإضافة إلى استعارة ترافياس موتيابا، وعودة سيف فاروق جعفر من بيراميدز، ومحمد عاطف من طنطا ببيع نهائى.
وخلال مبارياته الأولى مع الفريق الأبيض، اختار «جوميز» أن يبدأ فى إقحام طريقته على الفريق مباراة تلو الأخرى، مرسيًا طريقة لعب تعتمد على الضغط الهجومى وحرمان الخصوم من تحضير الهجمات وفرض إيقاع لعبه على المباريات، كما حافظ على القوام الأساسى للتشكيل، وبدأ فى إدخال الصفقات عليه بالشكل الذى يحافظ على استقراره وثباته ويخدم أفكاره.
وعلى الرغم من ظهور قصور فى طريقة اللعب بأكثر من مباراة، استطاع جوميز فرض أسلوبه على خصومه فى أكثر من مباراة، من بينها مباراة نهائى الكأس ضد الأهلى، التى قدم فيها أداءً مميزًا على الرغم من الخسارة، واستطاع تحقيق أفضلية تكتيكية على الأحمر، خاصة فى عملية الضغط والمحاولات الهجومية على المرمى.
واحدة من أكبر الأزمات التى واجهت جوميز مع الزمالك هى مشاكل الخط الدفاعى، التى انتصر عليها بالبناء على ما قدمه أوسوريو من قبله، بالاعتماد على حمزة المثلوثى كقلب دفاع بجوار حسام عبدالمجيد، مع تغيير الطريقة، بتجربة الـ«٤-٢-٣-١» والـ«٤-٣-٣»، معتمدًا على قدرات وسط ملعبه فى وجود أحمد حمدى ومحمد شحاتة وعبدالله السعيد وناصر ماهر، إلى أن استقر على الأولى وشكل الفريق بها.
وبين «أوباما» كمهاجم وهمى، وسيف الجزيرى مهاجم رقم ٩ وأحمد حمدى صانع ألعاب أم السعيد، وصل جوميز لنهائى الكونفيدرالية الإفريقية أمام نهضة بركان المغربى، بعد أن بات ملمًا بكل تفاصيل الفريق الأبيض، وعلى الرغم من افتقاده خبرات «السعيد» وقدرات «ناصر» استطاع التتويج بالكأس؛ ليخرج الزمالك من موسم ملىء بالأزمات متوجًا بكأس قارية.
فى ليلة الكونفيدرالية، تعمد جوميز الاعتماد على المرونة التكتيكية واستخدام قدرات فتوح فى بناء اللعب من عمق الملعب وإحداث الزيادة العددية فى وسط الملعب، وتحرير محمد شحاتة للتواجد بالقرب من منطقة جزاء الخصم، وبالتالى دخول أحمد حمدى لمنطقة الجزاء، التى نجم عنها هدف التتويج باللقب، ثم التحول إلى الدفاع وحرمان الخصم من الوصول للمرمى بإقحام زياد كمال لعمق الوسط، وتنشيط الهجوم بقدرات مصطفى شلبى على الجناح الأيسر.
ولكن هنا يجدر السؤال هل يملك الزمالك قائمة مكتملة؟، فعلى الرغم من وجود تباين بين مستويات أساسيى واحتياطيى الزمالك، إلا أن الشق الهجومى للقلعة البيضاء يقترب من طموحات جماهير الأبيض من ناحية أدوار الضغط على الخصوم والمرونة التكتيكية فى التحركات، ولكن ما زال يحتاج لمزيد من العمل على مستوى التهديف لمركز المهاجم، الذى يعول عليه جوميز فى الوافد الجديد عمر فرج، بالإضافة إلى توهج نجم ناصر منسى فى السوبر الإفريقى.
وفى هذا الشق سيكون لدى الأبيض عمق تكتيكى وهو ما يفتقره وسط الملعب، إذ إن الفريق لا يملك سوى لاعب واحد فى مركز وسط الملعب الدفاعى، كما أن الأبيض ما زال بحاجة إلى مدافع أساسى بجوار المثلوثى وعبدالمجيد، تحسبًا لتأخر استعادة الونش لمستواه، ورفع مستوى المنافسة فى مركز قلب الدفاع.
أما نادى الأهلى، الذى كان صاحب الحظ الأوفر فى الفوز بالسوبر الإفريقى نظرًا للجاهزية الفنية والتكتيكية للفريق، وكذلك إلمام كولر بكل الجوانب التكتيكية والفنية الخاصة باللاعبين، وكذلك لتقارب المستويات بين العناصر الأساسية والبديلة للفريق، فإن خسارة الأهلى مثلت صفعة استفاقة للجميع، الإدارة والجهاز الفنى واللاعبين وكذلك الجماهير، ففى كرة القدم لا توجد أفضلية مستمرة لأى طرف، والجميع يمكنه تحقيق الفوز أيًا كانت الظروف.. فمن يبذل مجهودًا أكثر ويحالفه التوفيق ينتصر.
قد يظن البعض أن تعبير «الصفعة» قاسٍ بعض الشىء بالنسبة لفريق حقق لقبين لدورى أبطال إفريقيا فى آخر نسختين، ومثلهما للدورى المحلى، لكن الأحمر خسر السوبر القارى للمرة الثانية على التوالى، ومثّل دخول لاعبى الأهلى «منطقة الراحة» أحد أكبر أزمات الفريق، وواحدة من أصعب المهام التى تواجه مارسيل كولر فى الفترة المقبلة من الموسم، وهى الخروج بلاعبيه من المساحة الهادئة التى يشعر فيها الجميع بأنهم مطمئنون آمنون فى مراكزهم، أيًا كان الأداء الذى يقدمونه.
وأحد عوامل دخول لاعبى الأحمر «منطقة الراحة»، هو تقاعس إدارة الأحمر، ممثلة فى لجنة التخطيط بتشكيلها السابق برئاسة محسن صالح، فى جلب التدعيمات المطلوبة للفريق وزيادة العمق التكتيكى فى القائمة، فكان التونسى محمد على بن رمضان أهم الأسماء التى اختارها كولر لزيادة ثقل الشق الهجومى لوسط ملعب الأحمر، ورفع مستوى التنافسية مع إمام عاشور ومحمد مجدى أفشة، بالإضافة إلى طلبه التعاقد مع مهاجم أجنبى بجانب وسام أبوعلى أيضًا، لدفع اللاعب لبذل كل قدراته للحفاظ على مكانه الأساسى فى التشكيل؛ لكنه لم يحصل على أى من طلباته السابقة، بالإضافة إلى الخلافات المستمرة بين اللجنة وكولر، التى انتهت بإعادة هيكلة اللجنة.
ولكن على الرغم من تقاعس «تخطيط» الأهلى؛ إلا أن مارسيل كولر يتحمل جزءًا مهمًا من الحالة التى وصل إليها لاعبو الفريق من «الراحة» المذمومة، إذ إن السويسرى اختار ١٤ لاعبًا فقط يداور بينهم فى التشكيل، ومنهم لاعبون غير قابلين للمساس، مع تقليل عدد دقائق مشاركات بدلائهم، وهو ما زاد من مساحة الراحة لأولئك اللاعبين، الذين ظهروا بمستوى متدنٍ أمام الزمالك فى لقاء السوبر الإفريقى، إضافة إلى إصراره على تأخير التغييرات على التشكيل، وإرهاق اللاعبين فى أغلب المباريات، وكذلك تقليص فرص مشاركة البدلاء.
ورغم الانتصار بثلاثية فى لقاء الذهاب ضد جورماهيا الكينى، واقتراب الفريق من التأهل لمجموعات دورى الأبطال، إلا أن كولر دفع بكامل التشكيل الأساسى فى مباراة الإياب دون إراحة أى عنصر، خاصة ثلاثى وسط الملعب، «أهم خطوط الأهلى»، فى عملية الضغط على الخصوم واستعادة الكرة وفرض أسلوب اللعب، وهو ما افتقره الأهلى فى مواجهة الزمالك، التى فصلتها ٦ أيام فقط عن مباراة إياب جورماهيا.
كما انتقص رحيل محمد عبدالمنعم من جودة الخروج بالكرة من الخلف فى دفاع الأهلى، بالإضافة إلى قدراته فى المراقبة الفردية والربط بين خطى الدفاع والوسط، وكذلك تميزه فى الكرات الرأسية، وامتلاكه السرعة والمهارة وتحمل مسئولية مواجهة أفضل لاعبى الخصم فى كل مباراة، واختلاف أسلوب لعبه واعتماده أكثر على الهدوء والخروج بالكرة بدلًا من تشتيتها.
ومن هنا أصبح الأحمر بحاجة إلى مدافع من جودة عالية فى تشكيل الموسم الجديد، فثنائية رامى ربيعة وياسر إبراهيم حتى الآن ليست الأفضل بالنسبة لتشكيل كولر، لتشابه أسلوب لعبهما واعتمادهما على القوة البدنية أكثر من الجودة الفنية فى الخروج بالكرة، والدليل على ذلك هو وجود إمام عاشور بالقرب من ثنائى الدفاع فى حالة امتلاك الأهلى الكرة للحصول عليها والقيام بأدوار الخروج من الضغط.
والحل الأفضل للأهلى فى الوقت الحالى هو الدفع بأشرف دارى تدريجيًا فى خط الدفاع، واستغلال خبراته لتنشيط هذا الخط، وإضافة لاعب بسمات ومميزات مختلفة فى التشكيل.
الأهلى ومارسيل كولر بانتظار موسم مزدحم بالمباريات، بين البطولة المحلية وبطولة دورى أبطال إفريقيا وكأس إنتركونتيننتال، وكذلك انطلاق منافسات كأس العالم للأندية فى الصيف المقبل، ما يزيد من حاجة الفريق للعديد من التدعيمات فى أكثر من مركز.
قائمة الأهلى، رغم كونها تبدو مكتملة الصفوف «ظاهريًا»، إلا أنها ما زالت تفتقر العديد من التدعيمات فى بعض المراكز، على رأسها مركز وسط الملعب الهجومى، بإجراء عملية التدوير بين إمام عاشور ومحمد مجدى أفشة خلال الفترة المقبلة، لحين فتح باب الانتقالات الشتوية المقبلة، والنظر إلى حاجة الفريق للتحرك لضم لاعب وسط هجومى جديد من عدمه.
وحتى الآن، ما زال الفريق بحاجة لضم لاعب وسط بسمات هجومية، وقدرة على إيجاد الحلول بالقرب من المرمى، وكذلك ضم لاعب فى مركزى الجناح والمهاجم الصريح للحصول على العمق التكتيكى وزيادة القدرة على المداورة بين اللاعبين فى التشكيل خلال الموسم الجارى.
وبين سوبر إفريقى وآخر محلى، ما زال صراع الأهلى والزمالك مستمرًا، ولكن بغض النظر عن الفائز فى المواجهة المحتملة فى السوبر المحلى، إلا أن الموسم فى أولى خطواته، وما زال كلا الفريقين بحاجة لمزيد من التدعيمات فى العديد من المراكز.
والرسالة إلى مسئولى الأبيض هى «لا يغرنكم الانتصار، فما زال الطريق طويلًا»، ولنظرائهم فى الأهلى «لا تخدركم الانتصارات عن التدعيمات».