غطرسة القوة
أيام قليلة ويمر عام على هجوم طوفان الأقصى الذى قامت به حركة حماس فى داخل غلاف غزة وقتلت وأسرت أعدادًا كبيرة من الإسرائيليين والأجانب.
رد فعل الجيش الإسرائيلى تعدى كل الخطوط الحمراء فقام بتدمير معظم أحياء غزة عن آخرها، وتعقب رجال حماس من جباليا جنوبًا إلى رفح وخان يونس شمالًا حتى ممر فيلادلفيا.
منذ البداية كان المخطط هو تهجير الفلسطينيين فى قطاع غزة لداخل سيناء.. وذلك بالتكدس أمام ممر رفح المصرى وتعالى الأصوات هناك للسماح لهم بدخول سيناء كحالة إنسانية ستضطر مصر للموافقة تلبية للنداء الإنسانى من المجتمع الدولى.
بالحس الوطنى المخابراتى فطن رئيس الدولة وكبار رجالاتها للمخطط، وفى اليوم التالى لدخول إسرائيل الحرب أعلن الرئيس السيسى أن تهجير سكان غزة لسيناء مرفوض تمامًا وخط أحمر.. وإذا لزم الأمر فأمامهم صحراء النقب فلينزحوا إليها.
القرار الصارم للرئيس أربك المخطط تمامًا وحمى مصر وأحيا القضية الفلسطينية من جديد.
ثار المجتمع الدولى وانتشرت المظاهرات الشعبية فى معظم أنحاء العالم لمناصرة غزة والمطالبة بالوقف الفورى لإطلاق النار، لكن ازدواجية المعايير فى الحكومات الغربية جعلتها تعلن بصفاقة انحيازها التام لإسرائيل بحجة الدفاع الشرعى عن النفس، وتغاضت عن المذابح اليومية للشعب الفلسطينى المسكين وسياسة الإبادة الجماعية التى تنتهجها إسرائيل.
قامت جنوب إفريقيا بتقديم دعوى لمحكمة العدل الدولية لإدانة إسرائيل بتهمة ممارسة الإبادة الجماعية ضد شعب محتل.. وقد وجدت محكمة العدل الدولية أنه من المعقول أن ترقى أفعال إسرائيل إلى مستوى الإبادة الجماعية، وأصدرت ستة تدابير مؤقتة وأمرت إسرائيل باتخاذ جميع التدابير التى فى وسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية، بما فى ذلك منع التحريض على الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه وضمان وصول المساعدات الإنسانية والخدمات إلى الفلسطينيين المحاصرين.
لكن إسرائيل أصابها داء غطرسة القوة فلم تبالِ بحكم المحكمة وما زالت تمارس جرائمها داخل غزة وخارجها.. فاغتالت إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى إيران واغتالت أخيرًا الأمين العام لحزب الله مع قادة الحزب فى الضاحية الجنوبية لبيروت وتواصل تحدياتها بصفاقة، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بالأمس أنها فقدت السيطرة على قرارات إسرائيل وسلوكياتها فى الحرب.
وهو إعلان للتهرب من مسئولياتها نحو السعى لوقف إطلاق النار، ففى وسعها على الأقل وقف تصدير السلاح والذخيرة لإسرائيل ووقف التعويضات الضخمة لها بمليارات الدولارات.
وما زال العالم الغربى لا يميز الفارق بين الحركات الإرهابية وبين حركات المقاومة ضد الاحتلال لتحرير الأرض.. ولك الله يا وطن.