رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى اليوم العالمى للترجمة.. حكاية حُلم تحقق لـ رفاعة الطهطاوى فى مدرسة "الألسن"

رفاعة رافع الطهطاوي
رفاعة رافع الطهطاوي

كل إنجازات صنعها البشر كانت بدايتها "حلم"، نبتة من فكرة ودافع تمّلك صاحبه لتحقيق ما يرنو إليه، هذا ما حدث مع الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي، الذي أسس مدرسة "الألسن" ودرّس بها وهو مديرها الأول واختار بنفسه تلاميذها.

بالتزامن مع اليوم العالمي للترجمة، اليوم، نرصد في التقرير الآتي حكاية "حلم" رفاعة الطهطاوي في إنشاء مدرسة الألسن، وهؤلاء أبرز معلميها وتلاميذها.

رفاعة رافع الطهطاوي واختياره للبعثة العلمية بفرنسا

أثبت رفاعة الطهطاوي جدارته في سن مبكرة، فعندما بلغ 16 من عمره أكمل رفاعة دراسته في الأزهر الشريف، وأثقله بالعلم والمعرفة معلمه الشيخ حسن العطار، الذي تتلمذ على يديه، فجعله يقرأ الكثير من الكتب في مختلف المجالات من الجغرافيا والتاريخ والطب والرياضيات والأدب والفلك، وغيرها.

تخرج رفاعة الطهطاوي في الأزهر في الحادية والعشرين من عمره، ثم ذاع صيته بكونه رجل واسع الأفق والمعرفة، فاختاره "محمد علي باشا" ليكون إمامًا للبعثة العلمية المتجهة إلى فرنسا، بناءً على توصية من أستاذه الشيخ "حسن العطار"، ومنها تعلم رفاعة الطهطاوي اللغة الفرنسية وأجادها، وتمكن من ترجمة الكثير من الكتب، ثم عاد إلى مصر بعد 5 سنوات من التعلم، بحلمه الكبير، بإنشاء مدرسة متخصصة للترجمة.

مدرسة الألسن.. حلم رفاعة الطهطاوي الذي تحقق

ووفقًا لكتاب "رفاعة الطهطاوي: زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي" للمفكر وأستاذ التاريخ الإسلامي جمال الدين الشيال، ففي أوائل سنة ١٢٥١ﻫ/١٨٣٥م أنشأت مدرسة باسم "مدرسة الترجمة"، ثم غُير اسمها لاحقًا لتصبح "مدرسة الألسن"، وجُعل مقرها السراي المعروفة ببيت الدفتردار بحي الأزبكية حيث فندق شبرد الآن.

أُنشئت هذه المدرسة تحقيقًا لحلم واقتراح تقدم به الشيخ رفاعة الطهطاوي لمحمد علي باشا، فقال المؤرخ علي مبارك عن تأسيس هذه المدرسة: "ثم عرض رفاعة للجناب العالي أن في إمكانه أن يُؤسس مدرسة ألسن يمكن أن ينتفع بها الوطن ويَستغنِي عن الدخيل، فأجابه إلى ذلك، ووجه به إلى مكاتب الأقاليم لينتخب منها من التلامذة ما يتم به المشروع، فأسس المدرسة".

تلاميذ مدرسة الألسن.. اختارهم الطهطاوي من مكاتب الأقاليم

يذكر "الشيال" أن تلاميذ المدرسة في أول عهدها كانوا ثمانين تلميذًا، اختارهم رفاعة، معظمهم من مكاتب الأقاليم، وضم إليهم تلاميذ مدرسة الإدارة الملكية بعد إلغائها، ولكن هذا العدد زاد بعد ذلك حتى أصبح مائة وخمسين، وكانت مدة الدراسة بالمدرسة خمس سنوات قد تزداد إلى ست.

ما المواد التي درستها مدرسة الألسن؟


درست مدرسة الألسن اللغات العربية والتركية والفرنسية، والحساب، والجغرافيا، ثم أضيفت بعد ذلك دراسة التاريخ، وأُرسِلت المدرسة إلى أوروبا لشراء كتب فرنسية في الأدب والقصص والتاريخ.

ولفت "الشيال" إلى أن الاهتمام الأكبر بتدريس اللغات اللغتين العربية والفرنسية في المدرسة، وذلك لأسباب واضحة، منها أن كل التلاميذ كانوا من المصريين الذين يعرفون العربية ولا يعرفون التركية، وأن ناظر المدرسة وأستاذها رِفاعة كان يُتقِن هاتين اللغتين.

شيوخ وأجانب.. أوائل مدرسي "الألسن" في عهد رفاعة الطهطاوي

كان مدير المدرسة ومدرسها هو رفاعة الطهطاوي، أما مدرسو اللغة العربية فكانوا نُخبة من مشايخ الأزهر الممتازين، ومنهم الشيخ الدمنهوري، الشيخ علي الفرغلي الأنصاري، الشيخ حسنين حريز الغمراوي، الشيخ محمد قطة العدوي، الشيخ أحمد عبدالرحيم الطهطاوي، الشيخ عبدالمنعم الجرجاوي، وحسن أفندي.

أما مدرسو اللغة الفرنسية فهم: مسيو «كوت»، وقد خلَفه بعد وفاته «إسكندر دوده»، مسيو «بيتيير»، مسيو «ديزون» وهو الذي اختير لمساعدة رِفاعة ولأمانة المكتبة.