اغتيال حسن نصر الله.. كيف حولت الثورة التكنولوجية الحروب التقليدية إلى "السيبرانية"؟
أفادت مصادر مطلعة في تصريحات نقلتها إحدى القنوات العربية، بأن أحد الأشخاص صافح حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان بعد أن غمس يده في مادة غير معلومة، مما مكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تعقب نصر الله وتحديد موقعه بدقة.
تشهد الحروب الحديثة تحولًا غير مسبوق بفعل ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي غيرت بشكل جذري أنماط الصراع والأساليب العسكرية.
فقد أصبحت الأنظمة الذكية والأسلحة السيبرانية أدوات رئيسية في هذه الحروب، التي باتت تعرف بـ"الحروب الذكية"، وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا تقدم فوائد هائلة في مجالات التنمية والاتصال، إلا أنها تُستخدم بشكل متزايد كأداة قوية في الصراعات المسلحة والجيوش العالمية.
وأوضحت المصادر أن جاسوسًا متعاونًا مع إسرائيل قد أبلغ المسئولين في حكومة الاحتلال بوصول نصر الله إلى موقعه، مما دفع جيش الاحتلال إلى الانتظار دقيقتين للتأكد من تواجده في الموقع المحدد في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد دقائق معدودة من وصول نصر الله، قصفت المقاتلات الإسرائيلية المنطقة.
اللواء محمود الرشيدي: الحروب الحديثة وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
أكد اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمن المعلومات، أن العالم اليوم يشهد تحولات جوهرية في مفهوم الحروب، معتمدًا بشكل كبير على ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ورغم الإنجازات التي حققتها هذه الثورة في مجالات التواصل الاجتماعي والاتصالات الحديثة، إلا أن آثارها السلبية باتت تظهر بوضوح، خاصة عندما استُخدمت بشكل غير أخلاقي فيما يُعرف اليوم بـ"الحروب السيبرانية" أو "الحروب الذكية".
التكنولوجيا في قلب الحروب الذكية
أوضح اللواء الرشيدي في تصريحات لـ"الدستور" أن تكنولوجيا المعلومات أصبحت الأساس الذي تعتمد عليه أجهزة الاستخبارات العالمية، حيث تُستخدم في جمع المعلومات، تحديد المواقع، وتنسيق العمليات، هذا التحول أدى إلى انتقال الحروب من الأساليب التقليدية، التي تعتمد على الأسلحة والمدافع، إلى الحروب الحديثة التي تبتعد تمامًا عن المواجهات المباشرة والخسائر البشرية الكبيرة.
وأشار إلى أن الحروب الذكية تعتمد على أنظمة آلية متطورة مثل الطائرات والمدفعيات بدون طيار، إضافة إلى المتفجرات الصغيرة التي تُحمل على أجهزة بحجم الحشرات، هذه التكنولوجيا تمكن الدول من تنفيذ العمليات بتكاليف مادية أقل، دون الحاجة للمواجهة المباشرة، كما تسمح بتنفيذ مناورات تمويهية أكثر فعالية.
أمثلة على الحروب الذكية: تفجير أجهزة "البيجر" في لبنان
أشار اللواء الرشيدي إلى مثال واضح على استخدام التكنولوجيا الحديثة في الحروب الذكية، وهو تفجير أجهزة "البيجر" في لبنان.
هذه العملية التكنولوجية كانت مسبوقة بجمع معلومات استخباراتية من عملاء أو نتيجة خيانة مقصودة أو غير مقصودة، حيث تم تسريب معلومات حول تلك الأجهزة التي يستخدمها أفراد حزب الله، هذه العمليات تعكس قدرة التكنولوجيا على استهداف الأفراد بدقة عالية من خلال أنظمة متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن مهندس الاتصالات حسين الباشا القيادي في حزب الله، مديرعام وسائل الإعلام، وأيضا المدير المالي والذي عبر الحدود إلى إسرائيل وأخذ معه وثائق سرية وخرائط تخص الحزب وكذلك مبلغ خمس ملايين دولار، ضمن أمثلة الخيانة التي تعتمد عليها الحروب التقليدية والحديثة قبل شنها.
التكنولوجيا وعمليات الاختراق الأمني
أكد اللواء الرشيدي أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت قادرة على تحديد مواقع الأفراد بسهولة، مشيرًا إلى أحدث الابتكارات مثل الحشرات المتفجرة التي تتعرف على الأهداف من خلال تقنية التعرف على الوجه، مما يجعل الهجمات دقيقة جدًا، ومع ذلك، يبقى العنصر البشري هو الأخطر في إتمام عمليات الاختراق الأمني، إذ يلعب دورًا رئيسيًا في توجيه تلك الآلات.
وأشار إلى حادثة اغتيال حسن نصر الله من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمت بعد تحديد موقعه بدقة من خلال اختراق أمني، حيث ترددت شائعات حول أن شخصًا صافحه بمادة غير معلومة أدت إلى تحديد موقعه، وهو ما يؤكد أن الخيانة هي العامل الأساسي الذي ساهم في نجاح العملية.
أهمية التوعية التكنولوجية
تطرق اللواء الرشيدي إلى أهمية التوعية التكنولوجية لمواجهة الجرائم الإلكترونية. وأكد أن المستخدمين يجب أن يكونوا على دراية بالمخاطر المرتبطة باستخدام الإنترنت، مشددًا على ضرورة عدم نشر المعلومات الشخصية والمهنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن الرسائل المتبادلة عبر التطبيقات مثل فيسبوك وواتساب تبقى محفوظة على خوادم الشركات المنتجة لهذه التطبيقات، مما يسمح لها بالاطلاع عليها عند الحاجة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي قادر على استخراج معلومات محددة من بين مليارات الرسائل، لذا يجب عدم الاستهانة بهذه الأمور.
وأوصى بضرورة الحذر عند استخدام التكنولوجيا الحديثة والتأكد من حماية الاتصالات والبيانات الخاصة، مشيرًا إلى أن الأجهزة الذكية ليست آمنة تمامًا، ويمكن اختراقها في أي لحظة لسرقة المعلومات.
الدكتور محمد محسن رمضان: دور التكنولوجيا والأمن السيبراني في تطور الحروب الحديثة
أكد الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أن الحروب في العصر الحديث شهدت تحولًا جذريًا من الاعتماد على الأسلحة التقليدية الثقيلة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة السيبرانية، في هذا السياق، يبرز دور الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، في تسليط الضوء على التحديات والمخاطر الجديدة التي تشكلها الحروب غير المتماثلة والتكنولوجيات الناشئة.
تطور الحروب: من التقليدية إلى غير المتماثلة
وأوضح محسن في تصريحات لـ"الدستور"، أنه في الماضي كانت الحروب تعتمد بشكل كبير على الجنود والمعدات الثقيلة مثل الدبابات والطائرات. أما اليوم، فقد تغيرت المعادلة مع ظهور الأسلحة الذكية والطائرات دون طيار (الدرونز)، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات واستهداف الأعداء بدقة عالية، هذه التحولات قللت من الحاجة إلى القوات البشرية على أرض المعركة، مع استمرار دور الجنود في إدارة التكنولوجيا الميدانية وتنفيذ العمليات الأرضية عند الضرورة.
دور النانو تكنولوجي في الحروب الحديثة
وأضاف أن تقنية النانو تُعد من أبرز الابتكارات التكنولوجية التي غيرت شكل الحروب الحديثة. يمكن لهذه التقنية تطوير مواد أكثر خفة وأقوى في نفس الوقت، وهو ما يساعد في تصميم أسلحة متطورة.
أمثلة على ذلك تشمل:
الدروع النانوية: توفر حماية فعالة وخفيفة الوزن للجنود والمعدات.
الروبوتات النانوية: تُستخدم في مهام الاستطلاع وقد تصل إلى التدخل في الأنظمة البيولوجية للأعداء.
الأسلحة الكيماوية الدقيقة: تعتمد على تقنيات النانو لتوجيه هجمات كيميائية أكثر دقة وفعالية.
التكنولوجيا في الحروب الحديثة
وأوضح أن التكنولوجيا تلعب دورًا محوريًا في الحروب الحديثة من خلال الاعتماد على:
الذكاء الاصطناعي (AI): يستخدم لتحليل البيانات واستخراج الأنماط التي تساعد في اتخاذ القرارات بسرعة ودقة.
الطائرات بدون طيار (Drones): تُستخدم لتنفيذ هجمات دقيقة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
الأسلحة السيبرانية: مثل البرمجيات الخبيثة التي تستهدف الأنظمة الإلكترونية للعدو وتعطيل البنية التحتية.
الحرب الإلكترونية: تشمل اختراق وتشويش أنظمة الاتصالات والرادارات، مما يجعل العدو في موقف ضعف.
كيفية حماية الدول من الهجمات السيبرانية
واستطرد خبير الأمن السيبراني أن الهجمات السيبرانية تعتبر من أخطر التهديدات في العصر الحديث؛ لتجنب هذه الهجمات، يجب على الدول اتباع استراتيجيات متعددة منها:
تحديث الأنظمة السيبرانية بانتظام لضمان عدم وجود ثغرات يمكن استغلالها.
استخدام جدران الحماية وأنظمة الكشف عن التسلل لحماية البنية التحتية الرقمية.
التدريب المستمر للعاملين في المجالات الحساسة لضمان مستوى عالٍ من الجاهزية للتعامل مع التهديدات.
التعاون الدولي لتبادل المعلومات حول التهديدات الناشئة وتعزيز التعاون الأمني بين الدول.
توعية المواطنين حول مخاطر الهجمات السيبرانية
وأوضح أن رفع مستوى الوعي بمخاطر الهجمات السيبرانية يعد ضرورة ملحة في العالم الرقمي الحالي. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
إطلاق برامج توعوية عبر الإنترنت ووسائل الإعلام تستهدف جميع فئات المجتمع.
تنظيم ورش تدريبية متخصصة لتعريف الأفراد والمؤسسات بطرق حماية البيانات الشخصية.
تضمين مناهج تعليمية في المدارس والجامعات تتعلق بالأمن السيبراني والحماية الرقمية.
دور الدول في مجابهة الحروب غير المتماثلة
وأكد على الدول تبني استراتيجيات شاملة لمواجهة التهديدات غير التقليدية، من خلال:
تطوير قدرات الدفاع السيبراني لحماية البنية التحتية الحساسة.
إنشاء وحدات متخصصة في الحرب السيبرانية تكون قادرة على الرد على التهديدات الإلكترونية.
تعزيز التعاون مع الحلفاء الدوليين لتبادل المعلومات والتنسيق في مواجهة التهديدات المشتركة.
جهود مصر في مواجهة الحروب السيبرانية
تُعد جمهورية مصر العربية من الدول الرائدة في تعزيز الأمن السيبراني على المستوى الإقليمي. وقد اتخذت عدة خطوات مهمة، مثل:
إطلاق المركز الوطني للأمن السيبراني لرصد ومكافحة الهجمات الإلكترونية.
التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات وتعزيز قدرات الدفاع السيبراني المصرية.
تنفيذ برامج تدريبية مستمرة لرفع كفاءة العاملين في المؤسسات الحيوية.