دور السُلطة فى طبق «السَلطة»
حينما تتحدث الحكومة عن البيض والطماطم والغذاء والدواء، ولو من قبيل المساعدة للمواطنين الغلابة أمثالى، فإننى وعلى الفور أتحسس جيبى «المخروم».
على طريقة اضرب المربوط جرت، قبل أيام، خناقة ديناصورية حامية الوطيس بين الحكومة وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من جهة، وبين منتجى البيض من جهة أخرى، وللأسف الشديد «اتحشرنا»- نحن المستهلكين الغلابة- وسط هذا الصراع الداجنى، وتلقينا تلطيشًا وجروحًا وخرابيش، كما طفل صغير يُضرب أمام أبويه؛ إذا جاز أن نقول بأبويه الحكومة.
جهاز حماية الاحتكار قفشهم فى وضع مخل بالمنافسة، يمارسون الاحتكار، ويتفقون على تسعير منتج البيض بشكل موحد، فى غرف وربما حظائر مغلقة؛ دون إحداث ثمة صوت، ولو على سبيل «الصوصوة» أو «المكاكاة»، وقد تعلم المستبيضون من دواجنهم التى «يستبيضونها» سياسات النكش والهبش، وتعظيم الاستفادة من العلف دون توقف، فراخ جشعة كما مربيها من المحتكرين.
حينما أحال الجهاز ٢١ من كبار المنتجين، ظن الناس أنها فُرجت، وسوف يعاقب من يفاقمون أزمة الناس إلى النيابة لتردعهم، وللأسف كان قرار الفررجية التصعيد على طريقة ذبح القطة فى ليلة الفرح، أو بالأحرى ذبح الفرخة ونتف ريش الحكومة بجهازها منزوع المخالب والأنياب.
ومن نافلة القول، فإن القانون الحالى يساعدهم فى احتكار السوق والتربح السريع، فالإحالة إلى النيابة تتبعها إحالة لمحكمة أول درجة ثم الاستئناف ثم النقض، ما قد يستغرق سنوات فى دهاليز المحاكم، وهو ما يمكنهم من تحقيق أرباح خيالية، وربما يستطيع محامى «شطور» الحصول على حكم بالبراءة، ما قد ينتهى بالمستهلكين بحالة من الغيظ المكظوم، وربما يبيضون كمدًا، ولا عزاء للغلابة الذين وقع عليهم العقاب «الفررجاوى»، حيث ارتفع السعر من ١٥٠ جنيهًا إلى١٨٠ جنيهًا وقد صل لسقف ٢٠٠ جنيه فى أماكن بعينها.
وفى الوقت الذى يشتد فيه صراع الديوك على جيب المستهلك الدجاجة، تجلس الحكومة مع أبضايات البيض، وتتفاوض معهم، وهو أمر محمود، وربما محمود المليجى، وتجرى اتفاق «نانوا» على توريد ستة آلاف كرتونة بمجمل ١٨٠ ألف بيضة تُطرح فى المجمعات الاستهلاكية دون غيرها؛ بواقع بيضة لكل ٦٦٦ مواطنًا، إذ يقدر تعداد مصر الآن ١٢٠ مليون مواطن ومقيم من الأشقاء العرب، ولأن هناك صعوبة، بل استحالة توزيع البيضة على ٦٦٦ مواطنًا، فإن العبد لله يقترح أن يرقد كل ٦٦٦ مواطنًا على البيضة حتى تفقس «كتكوت صغنن» سرعان ما يكبر ليصبح فرخة بياضة.
ومن بيض الحكومة إلى المجنونة، فإن معالى وزير الزراعة تحدث قبل أيام عن انتهاء أزمة الطماطم المجنونة بأسعارها الخزعبلية، التى على إثرها لحقت بنا موجة تعقل وتوقف اضطرارى عن تناولها مطبوخة أو صلطة.
وقد أحسب بأن تدخل وزير الزراعة كممثل للسُلطة التنفيذية يأتى تأكيدًا لدور السلطة فى تكوين طبق السّلطة.