رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤلفة «برغم القانون»: الجمهور يتفاعل مع دراما الواقع

نجلاء الحدينى كاتبة
نجلاء الحدينى كاتبة وسيناريست

نجلاء الحدينى كاتبة وسيناريست لها بصمتها الخاصة فى عالم الدراما، ودائمًا ما تختار المواضيع والقضايا الشائكة التى تخص المرأة من أجل مناقشتها وتقديم حلول لها، كما فعلت سابقًا فى حكاية «لازم أعيش»، وغيرها من الأعمال الدرامية المميزة التى كان آخرها «برغم القانون»، وهو المسلسل الذى أصبح «ترند» وسائل التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية.

خلال حوارها مع «الدستور»، قالت نجلاء الحدينى إن مسلسلها «برغم القانون» يتناول حياة المجتمع فى بورسعيد بشكل خاص، وكيف تتفاعل الشخصيات النسائية هناك فى بيئة متشابكة ومعقدة، مضيفة أنها عملت على تحقيق عنصر التشويق البوليسى بجانب الطرح الاجتماعى داخل العمل.

وأضافت أنها أنهت مؤخرًا كتابة مسلسل جديد، لكنه هذه المرة كوميدى على غير عادتها، حيث أحبت أن تغير قليلًا بعد الدراما الثقيلة التى قدمتها خلال الفترة الماضية، وهو عبارة عن ١٥ حلقة، لكن ما زال فى مرحلة اختيار المخرج والأبطال.

وإلى نص الحوار:

■ «دائمًا ما تضعين يدك على القضايا الشائكة فى أعمالك الدرامية التى قدمتِها وكان آخرها «برغم القانون».. كيف بدأت الفكرة؟ 

- بدأ الأمر عندما عرض علىّ المنتج ريمون مقار الفكرة، وتحمست لها كثيرًا لأننى شعرت بأنها تناقش قضية مجتمعية مهمة ومختلفة وتهم الكثير من النساء فى المجتمع المصرى والعربى، من هنا بدأت أعمل على تطوير الفكرة وتحويلها إلى مسلسل يقدم أحداثًا قريبة من الناس، ويعبر عن التحديات التى تواجه النساء، خصوصًا بطلة القصة «ليلى» التى تلعب دورها الفنانة إيمان العاصى، التى تجد نفسها فجأة فى مواجهة صعبة بعدما استيقظت ذات مرة لتكتشف اختفاء زوجها بشكل غريب ومثير.

العمل يتناول حياة المجتمع فى بورسعيد بشكل خاص، وكيف تتفاعل الشخصيات النسائية هناك فى بيئة قد تكون متشابكة ومعقدة، وهنا ركزت بشكل كبير على التداخل بين الأحداث والشخصيات، حيث أرادت أن يكون هناك عنصر تشويق بوليسى بجانب الطرح الاجتماعى، ما يجعل المتابعين ينتظرون الحلقة التالية بشغف دون الشعور بالملل، والهدف كان تقديم مسلسل ليس فقط اجتماعيًا، بل يحمل أيضًا جاذبية التشويق ويعبر بصدق عن الواقع الذى تعانى منه النساء.

■ لمسنا فى «برغم القانون» مزيجًا مثيرًا بين الدراما الاجتماعية والتشويق البوليسى.. كيف تمكنتِ من دمج هذه العناصر وجذب المشاهدين حلقة بعد أخرى؟

- كان هذا الأمر تحديًا كبيرًا بالنسبة لى، خاصة مع رغبتى فى تقديم قصة اجتماعية بطريقة غير تقليدية، لم أرد أن تكون الأحداث مجرد موضوع اجتماعى عادى، بل كنت حريصة على خلق توتر مستمر بين الشخصيات، والتداخل بين الشخصيات والأحداث كان أساسيًا لزيادة التشويق، وهو ما ساعد فى إبقاء الجمهور متحمسًا ومترقبًا للتطورات، إضافة إلى أن القصة تميل إلى الطابع البوليسى بعض الشىء.

■ اهتممتِ كثيرًا بالمراجعات القانونية فى المسلسل خاصة أن البطلة تعمل محامية.. كيف أثرت هذه المراجعات على تفاصيل الأحداث؟

- بالفعل، كان هناك اهتمام كبير بالمراجعات القانونية لضمان أن كل تفاصيل القصة تعكس الواقع بشكل دقيق، بما أن البطلة محامية وتواجه تحديات قانونية متعددة، كان من الضرورى أن تكون خطواتها فى المسلسل صحيحة، سواء فى رفع القضايا أو التعامل مع الوثائق، أو حتى القضايا التى وقعت فيها، كل تلك الأمور تمت مراجعتها بدقة مع خبراء قانون واستشاريين، حتى نضمن أن الأحداث تسير بشكل منطقى وقانونى، بالإضافة إلى أننا فى عصر «السوشيال ميديا» والجمهور أصبح يفهم جيدًا الأعمال الفنية المقدمة له، لذا يجب التركيز على الأعمال التى تقدم له بشكل دقيق.

■ نرى أنكِ دائمًا ما تركزين فى أعمالك على قضايا المرأة.. هل هذا توجه مقصود فى جميع مشاريعك الفنية؟

- نعم، لدىّ اهتمام كبير بقضايا المرأة، لأننى أرى أن حياة النساء مليئة بالتحديات، المرأة تتحمل مسئوليات كبيرة سواء كانت زوجة أو أمًا أو حتى معيلة، فى بعض الأحيان تجد نفسها أمام مسئوليات لم تخطط لها، مثل بطلة المسلسل التى اضطرت لتحمل كل أعباء الحياة بعد اختفاء زوجها. القصة تعكس واقع العديد من النساء اللاتى يضحين بطموحاتهن من أجل عائلاتهن، وغالبًا ما ينسين أنهن لديهن حقوق وتطلعات شخصية يجب ألا تُهمل. لكنها تهمل كل هذا من أجل أبنائها وحياتهم والمسئوليات التى تقع على عاتقها. 

وهذا الشعور بالمسئولية يجعل الكثير من النساء غير قادرات على التخلى عن أدوارهن، حتى فى أصعب الظروف، وهناك نساء يضحين بالكثير من أجل أسرهن، وينسين أنفسهن وطموحاتهن الشخصية. هذه التضحية والقدرة على التكيف هما ما تلهمانى دائمًا لتسليط الضوء على قصص النساء فى أعمالى.

■ هل تجدين أن هذا النوع من الدراما الاجتماعية يمس شريحة معينة من النساء أكثر من غيرها؟ 

- نعم، وأنا مؤمنة بأن معظم مشاهدى هذا النوع من الدراما هم النساء، لأنهن يرين فيها انعكاسًا لواقعهن. عندما نقدم قصصًا حقيقية وقريبة من حياتهن، يتفاعلن معها بشكل أسرع، فعندما تعبر الدراما عن مشاعر وتجارب واقعية يصل العمل إلى قلوب الجمهور بسرعة، وهذا ما حدث مع مسلسلنا منذ الحلقات الأولى.

■ القصة التى تُروى فى المسلسل.. هل هى مستوحاة من أحداث حقيقية؟ 

- نعم، الكثير من الأحداث مبنية على تجارب حقيقية عاشها العديد من النساء. هذا ما يجعل القصة قريبة من القلب، وأحب أن أوضح أنها ليست مقتبسة حرفيًا من حياة امرأة واحدة، لكنها مستوحاة من تجارب الكثير من النساء اللاتى عشن ظروفًا مماثلة، ومن خلال الدراما أضفنا بعض التصرفات التى تتناسب مع متطلبات الحكاية.

■ كل شخصية نسائية لها قصتها الخاصة وخطها الدرامى.. هل تعمدتِ تقديم أكثر من قصة ومشكلة تواجه النساء فى عمل درامى واحد؟ وهل واجهتكِ صعوبات فى كتابة الحوار؟ 

- بالضبط، كنت أريد أن أعرض تجارب مختلفة لنساء من خلفيات متنوعة، من خلال الزيارات الميدانية، كما أن الواقع ملىء بقصص مثل هذه كثيرة. عندما تزور أماكن مختلفة أو تتحدث مع ناس وتشاهد الفيديوهات، تستطيع أن تجمع صورة متكاملة عن المشاكل التى تواجهها السيدات.

■ ألم تواجهى صعوبة فى الحفاظ على إيقاع المسلسل فى ٣٠ حلقة خاصة مع تصاعد التوقعات حول المسلسلات القصيرة؟

- المسلسلات الطويلة أصبحت تتطلب مستوى ثابتًا من التشويق والإثارة، والناس تعودوا على المسلسلات القصيرة التى تكون مركزة، لكن التحدى كان فى الحفاظ على حالة الشد فى الأحداث وعلى مدار ٣٠ حلقة، كنا مركزين جدًا على ألا تكون هناك حلقة يقل فيها الإيقاع أو تفتقد الأحداث المحورية.

■ المسلسل حقق نجاحًا كبيرًا منذ عرض أول ٥ حلقات.. هل كنتِ متوقعة هذا النجاح أثناء كتابة السيناريو؟

- بصراحة، وأنت تكتب يكون لديك أمل دائمًا «إن اللى بتكتبه يجذب الناس»، لكن هذا النجاح الكبير كان مفاجأة سعيدة. ركزنا على عناصر مثل التشويق، والشد البوليسى، وقفل الحلقات بطريقة تجعل المشاهد يظل متابعًا، وبعض الناس توقعوا أن «أحمد» لن يظهر إلا فى النهاية، لكن ظهوره المبكر كان مفاجأة، وهذا كان جزءًا من الرهان الذى كسبناه.

■ كان هناك العديد من العناصر التى جذبت الجمهور للمسلسل.. هل يمكن أن تخبرينا أكثر عن كيفية صنع التفاصيل الصغيرة التى أبقت الجمهور مشدودًا ومتحمسًا للحلقات الجديدة؟

- التركيز كان على خلق نقاط تشويق واضحة فى كل حلقة، بحيث يكون المشاهد متحمسًا لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، بالإضافة إلى عنصرى العمل البوليسى والتشويق اللذين ساعدا فى زيادة الجذب، ولكن العامل الأهم كان فى تطوير الشخصيات نفسها، بحيث تكون جذابة وقريبة من الناس، وحاولت أن تكون الشخصيات ليست فقط درامية وثقيلة، بل تحتوى على لمسات كوميدية خفيفة، مثل شخصية محمود شرشر، بالرغم من الجدية فى بعض المواقف فإن الجمهور يتفاعل مع لمسات الكوميديا فى تصرفاته اليومية.

■ كيف نجحتِ فى المزج بين الجد والهزل فى هذا النوع من المواقف؟

- بالفعل، بالرغم من المشاحنات وأن الشخصيات كانت جادة وتناقش موضوعات ثقيلة، لكننى حاولت إضافة بعض اللمحات الطريفة التى تخفف من ثقل الأحداث، فشخصية «ياسر» مثلًا كشخص بخيل كانت مناسبة تمامًا لهذا المزج، وكان الجمهور يستطيع أن يبتسم خلال مشاهد مثل هذه، بالرغم من جدية الموقف.

■ فى بداية العمل، كان هناك بعض الآراء التى قارنت بين المسلسل وأعمال أخرى، مثل «تحت الوصاية».. كيف كان رد فعلكِ على هذه المقارنات؟ وهل شعرتِ بالضيق؟

- بصراحة، لم يضايقنى الموضوع، وأصبحت عندى قناعة بأن هناك نوعًا من الأحكام المسبقة أو التحفظ تجاه الأعمال الفنية الجديدة، و«السوشيال ميديا» تلعب دورًا كبيرًا فى أن الناس دائمًا يحاولون البحث عن أخطاء أو أوجه شبه قبل مشاهدة العمل، و«كنت شايفة إن الموضوع طبيعى، والمهم إن الجمهور يدخل يتفرج بنفسه ويشوف العمل دون أحكام مسبقة».

■ اختيار إيمان العاصى لبطولة المسلسل كان خطوة جريئة.. خاصة أنها لم تجرب من قبل البطولة المطلقة.. كيف تقيمين أداءها وكيف تعاملت مع دورها؟

- الجمهور معتاد على رؤية إيمان العاصى فى أدوار البطلة الثانية، وليس البطولة المطلقة، لكننى كنت مؤمنة بقدراتها، ورأيت أنها تستطيع تقديم دور قوى وجذاب، وكانت من اللحظة الأولى مندمجة تمامًا فى الشخصية. عادةً بعض الممثلين يكونون متمسكين بمظهرهم، كالمكياج أو اللبس، ويكون هناك نوع من المقاومة لتقديم الشخصية بشكل طبيعى جدًا، لكن «إيمان كانت عكس ده تمامًا، سلمت نفسها للشخصية، واهتمت بالتفاصيل الدقيقة».

■ هل يسهم «برغم القانون» فى تغيير أنماط الدراما المصرية؟

- أتمنى أن يحقق «برغم القانون» بصمة فى عالم الدراما، وأمنيتى أن أقدم عملًا يظل فى ذاكرة الناس فترة طويلة، «مش بس يكون ترند لفترة معينة أثناء عرضه»، كون العمل يتصدر الترند وقت عرضه شىء جميل ومؤشر على نجاحه، لكن الأهم بالنسبة لى هو أن يظل له تأثير بعد العرض، وأن يكون من الأعمال التى يتذكرها الناس حين يتحدثون عن الدراما المصرية المهمة فى السنوات الأخيرة.

■ هل هناك نية لجزء ثانٍ خاصة أن الأعمال الناجحة غالبًا ما تتجه لإنتاج أجزاء جديدة؟

- لا يوجد جزء ثانٍ.

■ ماذا عن خططك المستقبلية فى عالم الفن؟

- أنهيت كتابة مسلسل جديد، لكنه هذه المرة كوميدى على غير العادة، حيث أحببت أن أغيّر قليلًا بعد الدراما الثقيلة التى قدمناها، والمسلسل عبارة عن ١٥ حلقة، لكن ما زال فى مرحلة اختيار المخرج والأبطال.