رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يسأل الأطفال عن الله والخلق؟.. شيخ الأزهر يرد على أسئلة الأطفال

شيخ الأزهر الشريف
شيخ الأزهر الشريف

أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانا ظنا منهم أن تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة ويطلبون من أطفالهم التوقف عن ذلك.

و لهذا السبب أجاب فضيلة الإمام الأكبر عن أسئلة مهمة للأطفال، وكشفت مشيخة الأزهر الشريف أن فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رد على كل هذه التساؤلات في كتاب خصصه للأطفال، ليرشدهم ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربوية لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار والإجابة عنها بعقل متفتح بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور الحياتية.

وردا على الأسئلة التي يطرحها الأطفال أجاب الإمام الأكبر على الآتي: ماذا سنجد في الجنة وهل في الجنة ألعاب؟ يوضح الإمام الأكبر للطفل أن الجنة هي مطلب كل إنسان، وهي دار الخلود التي لا موت بعدها، وفيها من النعيم ما لا يتخيله عقل، ففيها "ما لا عين رأت ولا أذن سَمِعَتْ، وَلَا خَطرَ عَلَى قَلْبِ بشر"، وفي الجنة كل شيء طيب يتمناه الإنسان ويحبه، ولذلك ستجد في الجنة كل ما تحبه وتتمناه من الألعاب وغيرها، ولكنك ستشغل عن هذه الألعاب بمهام أخرى أجمل وأحسن برؤية الله تعالى وتسبيحه والتنعم بكل أنواع النعيم الذي لم تره في الدنيا، فاحرص أولا أن تكون من أهل الجنة وبعدها ستجد فيها ما تحب.

وحول سؤال للاطفال: "مات كلبي.. هل سأراه في الجنة؟" يجيب الإمام الأكبر أن الجنة ليس فيها إلا كل طيب، ولا يدخلها قبيح أو خبيث، فإن كنت من أهل الجنة وتمنيت رؤية كلبك فسيخلقه الله لك في أحسن صورة وأجملها لتراه، قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ﴾ [النحل: 31].

وردا على سؤال: "هل سأجد كل من أحبهم من أسرتي وأصدقائي في الجنة؟" يجيب الإمام الأكبر أن الجنة هي غاية كل إنسان، والوصول إليها يحتاج إلى اجتهاد ومثابرة، وذلك بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كنت من أهل الجنة وأحبابك من أسرتك وأصدقائك من أهل الجنة، فاعلم أنك ستراهم فيها وتتزاورون وتتنعمون فيها، قال تعالى: "عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ" (الواقعة: 15- 16)، فعلينا أن نحرص على طاعة الله وطاعة رسوله حتى نكون من أهل الجنة، ونلقى أحبتنا من أهلنا وأصدقائنا فيها.

وحول سؤال أين الله؟

الله سبحانه موجود لا يحده زمان ولا يحويه مكان لأنه خالق الزمان والمكان ولا يحتاج لشيء منهما، وإلا فأين كان قبل خلق المكان؟!

فوجوده تعالى لا يحتاج إلى مكان؛ لأن الذى يحتاج وجوده إلى مكان هو الجسم (المادة) والله تعالى ليس بجسم، سبحانه لا تدركه الأبصار وكل ما يخطر ببالك فالله خلاف ذلك، وهذا مصداقا لقول ابن عباس:( تفكروا فى كل شيء ولا تتفكروا فى الله).

وبسؤال من خلق الله؟

يرد هذا التساؤل فى خاطر البعض من الكبار والصغار من المؤمنين وغيرهم. أن قضية الإيمان بإله خالق لكل شيء يعنى أنه هو الأول ولا شيء قبله، فإن الله تعالى موجود بذاته وغير محتاج إلى من يوجده، فالله سبحانه وتعالى يا بنى ليس مخلوقا، وما دام أنه ليس بمخلوق فلا يصح عقلا أن نسأل عمن خلقه، وطرح هذا السؤال وتوارده على العقول قد أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إلى الانتهاء عن ذلك والاستعاذة بالله من الشيطان، قال: (يأتى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَن خَلَقَ كَذَا؟ مَن خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُول: مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ ولَيَنْتَهِ) "صحيح البخاري".

هل تراني أمي المتوفاة؟

نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك، وعند زيارة قبرها ألق عليها السلام وقل: أنا ولدك فلان، وسترد عليك السلام دون أن تسمعها، وستشعر بزيارتك لها، ففى حديث ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: ما من أحدٍ يمر على قبر أخيه المؤمن فيُسَلِّمُ عليه إلا عرفه، ورد عليه. وكما ورد عن رسول الله ﷺ أنه كان يخاطب الموتى، وقال: (ما أنتم بأسمع منهم) يعنى أنهم يسمعون كالأحياء.

وقد تواترت الآثار بأن الميت يعرف زيارة الحى له ويستبشر به قال ابن أبى الدنيا فى كتاب “القبور”: عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم).

هل يأكل الشيطان معي إذا أكلت بيدي اليسرى أو لم أسم الله قبل الأكل حقا؟

كان من هديه صلى الله عليه وسلم التأكيد على ذكر الله قبل الأكل، والأكل باليد اليمنى، ومن المقرر أن اتباع هدى رسول الله وإن لم نعلم الحكمة منه ففيه الخير والبركة، فقد روى أن رجلا كان يأكل عند النبي ﷺ فلما كان في آخر لقمة قال: بسم الله أوله وآخره، فقال النبي: (ما زال الشيطان يأكل معه حتى قال: أوله وآخره) وفي رواية: (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله عز وجل استقاء ما في بطنه).

هناك من فسر هذه النصوص بأن المراد بذلك ذهاب البركة بعدم التسمية قبل الأكل أو الأكل باليد اليسرى.

أما من يستخدم يده اليسرى في كل أعماله إذا عجز عن استخدام اليمنى فلا إشكال في ذلك ما دام أنه حرص كل الحرص على استخدام يده اليمنى ولم يستطع.

لماذا خلق الله بعض البشر بصفات بها نقص؟

الله تعالى خلق الخلق بتنوع واختلاف، فلم يخلق الخلق كلهم دون اختلاف، فخلق الطويل والقصير، والأبيض والأسود، والسمين والنحيف، والأيمن والأعسر، وكل هذا يدل على قدرته وعظمته فى خلقه.

والمخلوق الذي خلقه الله بهيئة أو صفة معينة ويشعر الإنسان بنقص أو عدم تقبل لها فهذا ابتلاء من الله تعالى له هل يصبر عليه ويقبل خلق الله ويتعايش به ويؤدى مهامه أم أنه ييأس ويسخط على خلق الله وعطائه؟ وحينها يكون قد فشل فى الاختبار.

هل يحبني الله؟

نعم، الله يحبك يا صغيرى ويرعاك ووصى المجتمع من حولك بأن يحافظ عليك وألا يؤذيك، ويوفر لك ما تحتاجه حتى تكبر وتستطيع أن تحافظ على نفسك.

ومن حب الله للأطفال أنه يرحم أهل الأرض، ويرفع عنهم العذاب لوجود الأطفال بينهم، فقد قال النبى: (لولا صبيان رضع وبهائم رتع وعباد الله ركع لصب عليهم العذاب صبا)، كما ورد أنه يجوز أن يستسقى بهم، فإذا كان الاستسقاء بهم جائزا كما فى الحديث فكذلك التوسل لأنه استشفاع بهم إلى الله عز وجل.

فالناس إذا استشفعوا بالأطفال عند الله تعالى كان أجدر بالقبول والاستجابة، وهذا يعنى أن الله يحبهم ويرحم عباده لوجودهم بينهم.

الله أيضًا يحب جميع خلقه بلا استثناء ويحافظ عليهم ويرعاهم، إلا من أخرج نفسه من رحمة الله بقبيح عمله وعدوانه على الخلق بالظلم والطغيان والتجبر فى الأرض، فهذا لا يحبه الله تعالى، ومع ذلك لا يحرمه الرزق ولا يطرده من رحمته ما دام أنه عاد وأناب.

كيف أصل إلى محبة الله لي؟

يقول تعالى في كتابه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) (سورة آل عمران)، فالآية تدل على أن حب الله إنما يتأتى بطاعة لله واتباع رسوله، وقال رسول الله ﷺ: (أَحَبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأَحَبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشى مع أخ فى حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكف فى هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له؛ ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام. فهذا الحديث بين أن أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس بأى نفع فيه خير لهم في دينهم ودنياهم.

وبإيجاز يا بنى إذا أحببت الله ورسوله والصالحين، وأديت ما عليك من فرائض وطاعات، وقمت ببر والديك، ونفعت الناس ونحيت عنهم أذاك، وصبرت عليهم، وابتعدت عن المعاصي والمنكرات أحبك الله تعالى. 

ماذا سنجد في الجنة؟ وهل في الجنة ألعاب؟

الجنة هي مطلب كل إنسان، وهي دار الخلود التى لا موت بعدها، وفيها من النعيم ما لا يتخيله عقل، فعن سهل بن سعد قال: شهدت من النبي مجلسا وصف فيه الجنة، حتى انتهى ثم قال في آخر حديثه: (فيها ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أَذْنَ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بشر) ثم قرأ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِى لَهُم مِّن قُرَّةٍ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)﴾ [السجدة: 17 و18]. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة يُنادِي مُنادٍ: أن لَكُمْ أن تَصِحُوا فَلا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أن تَحْيَوا فلا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أن تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وإِنَّ لَكُمْ أن تَنْعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أَبَدًا)، وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ أن يَقُول له: تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى، ويَتَمَنَّى، فيقول له: هلْ تَمَنَّيْتَ ؟ فيقول: نَعَمْ، فَيَقُولُ له: فإن لك ما تَمَنَّيْتَ ومِثْله معه).

ففي الجنة كل شيء طيب يتمناه الإنسان ويحبه، ولذلك ستجد في الجنة كل ما تحبه وتتمناه من الألعاب وغيرها، ولكنك ستشغل عن هذه الألعاب بمهام أخرى أجمل وأحسن برؤية الله تعالى وتسبيحه والتنعم بكل أنواع النعيم الذى لم تره فى الدنيا، فاحرص أولا أن تكون من أهل الجنة وبعدها ستجد فيها ما تحب.

قالت لي أمي: "لا تلعب مع صديقك المسيحي لأن المرء على دين خليله، هل هذا صحيح؟
اللعب مع صديقك المسيحي لا شيء فيه وهو مباح، فلو كان اختلاف الدين هو السبب الوحيد لاعتراض أمك على هذه الصداقة فناقشها، أما إذا كان لعبك مع صديق لك بغض النظر عن ديانته حتى لو كان مسلما سيغضب أمك فعليك أن تطيعها وتمتنع عن مصادقة هذا الشخص ومصاحبته برًا بأمك وطمأنينة لقلبها، فهي ترى ما لا تراه أنت والصداقة من الأمور المباحة، ولكن بر الوالدين فريضة عليك، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) (سورة الإسراء).

مات كلبي هل سأراه في الجنة؟

الجنة هي مطلب كل إنسان، وهي دار الخلود التي لا موت بعدها، وفيها من النعيم ما لا يتخيله عقل، وفي الجنة كل شيء طيب يتمناه الإنسان ويحبه، فكل ما تتمناه ستجده فيها، ولكنك ستنشغل في الجنة بما أعده الله لأهلها من النعيم، فاحرص أولا أن تكون من أهل الجنة وبعدها ستجد ما تحب فيها.

والجنة ليس فيها إلا كل طيب، ولا يدخلها قبيح أو خبيث فإن كنت من أهل الجنة وتمنيت رؤية كلبك فسيخلقه الله لك فى أحسن صورة وأجملها لتراه قال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِى اللهُ الْمُتَّقِينَ) (31) (سورة النحل).