هل تتأثر قرارات البنك المركزي المصري بخفض الفائدة الأمريكية؟
يترقب كثير من الاقتصاديين اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري المقرر لها ١٧ اكتوبر المقبل، وهل سيقوم اللجنة بتثبيت سعر الفائدة ام خفضها ام رفعها.
وأكد اثنين من خبراء الاقتصاد لـ “الدستور” أن البنك المركزي المصري بتثبيت أو رفع سعر الفائدة حيث أن التوترات الجيوسياسية بالمنطقة أثرت علي معدلات التضخم مما يؤكد اتخاذ البنك قرارات متأنية وعدم استعجال التخفيض لأسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل.
توقعات بتثبيت سعر الفائدة
قال الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن السياسة النقدية للبنك المركزي المصري لن تتأثر كثيرًا بخفض الفيدرالي الأمريكي لمعدل الفائدة خلال الفترة الحالية.
وأضاف “عادل” في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، أن السوق المصري يشمل محددات معينة وإجراءات تختلف عن امريكا منها ضرورة عدم تخفيض الفائدة كإجراء تحوطي بهدف متابعة معدلات التضخم وترقب مستويات الأسعار خلال المرحلة الحالية والقادمة للوقوف على حقيقة معدل التضخم وانعكاس أثر ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات على مؤشر أسعار المستهلك من خلال تتبع التغيرات في الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل سلة من السلع والخدمات بمرور الوقت.
واضاف “عادل” أن البنك المركزي المصري يتبع سياسة التشديد النقدي بمعنى المزيد من رفع معدلات الفائدة أو حتى الإبقاء على ما هي عليه التثبيت، وفقًا لتوصيات صندوق النقد الدولي في ذلك الشأن باعتبارها أحد أدوات كبح جماح التضخم وسحب السيولة النقدية من السوق، وهو الأمر الذي يجعل قرار التثبيت أو الرفع هو الخيار الأمثل والوحيد خلال المرحلة المقبلة.
من ناحية أخرى، أشار إلي أن حجم الأموال الساخنة الموجودة حاليًا في الدولة المصرية والتي تتجاوز 35 مليار دولار تبحث عن معدلات الفائدة المرتفعة مما يدفع المركزي الي تثبيت أسعار الفائدة خيار متوقع خلال الاجتماع المقبل لا سيما وأن اتجاه بعض الأسواق الناشئة المجاورة لرفع معدل الفائدة لجذب استثمارات غير مباشرة إليها قد يدفع البنك المركزي المصري لرفع معدلات الفائدة على أدوات الدين قصيرة الأجل.
في السياق ذاته، قال الدكتور فتحي السيد استاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، إن أثر قرار خفض سعر الفائدة الأمريكي في سبتمبر 2024، بمقدار 50 نقطة على الاقتصاد المصري سيكون مرتبط بتراجع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة.
تطور أسعار الفائدة الامريكية
وأشار “السيد” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الفيدرالي الأمريكي اتبع سياسة نقدية "مشددة" أو "مُضيقة" منذ مارس 2023، فقد بدأ الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة فعليا بداية من مارس 2022 وقدرت بنحو 25 نقطة ليصل الي 0.5% وعلى مدار 9 اجتماعات متتالية استمر في رفع سعر الفائدة حتى وصل الى 5.25 في مايو 2023 ثم رفع مرة أخري في يوليو 2023 بمقدار 25 نقطة ليسجل 5.5% وبذلك ارتفع سعر الفائدة بمقدار 5% خلال العامين الماضيين.
وتابع، قام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت سعر الفائدة على مدار 8 اجتماعات متتالية كان أخرها يوليو 2024 وسط حالة من الترقب ليبدأ في وتيرة الخفض بدأ من اجتماع الأمس في سبتمبر 2024.
اسباب رفع سعر الفائدة الأمريكية
وحول قرار رفع سعر الفائدة الأمريكية خلال 4 سنوات الماضية، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن هناك عدة أسباب لرفع سعر الفائدة منها اضطرابات سلاسل الإمداد أكبر وأطول أمدًا مما كان متوقعًا بسبب موجات تفشي الفيروس في الداخل والخارج، وعزز هذا التضخم والارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام والسلع الأخرى الناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما ترتب عليه امتدت الضغوط التضخمية لتشمل مجموعة أوسع من السلع والخدمات. وهو ما ترتب عليه ارتفاع التضخم الكلي".
وأشار “السيد” إلي أن الفيدرالي الأمريكي غير توجه السياسة النقدية في الاجتماع الأخير، لتكون سياسة "توسعية " بعد نجاح السياسة النقدية في خفض معدلات التضخم على أساس سنوي لتصل الى 2.5% في 11 سبتمبر 2024 مقارنة بنحو 2.9% في 14 أغسطس الماضي.
واضاف الخبير الاقتصادي أن استقر معدل التضخم الأساسي عند مستوي 3.2 على أساس سنوي نتيجة انخفاض تضخم الطاقة والغذاء لتسجل - 4% و2.10% على التوالي، وثبات تضخم الخدمات عند 4.9%، وارتفاع طفيف لتضخم الإيجارات بمقدار 0.1%.
تداعيات قرار خفض الفيدرالي الأمريكي
وقال الخبير الاقتصادي، إن هناك العديد من التقديرات حول صافي أثر هذا القرار على الاقتصاد المصري وفرص التمويل الخارجية؛ حيث قد يكون له أثر إيجابي يتمثل في تحرير الأموال من البنوك الأمريكية، الأمر الذي قد يحسن من فرص مصر في الوصول للتمويل الميسر الرخيص اللازم لاستكمال مشروعات التنمية في مصر بفوائد أقل مما هي عليه الآن.
وأكد أن قرار التخفيض سيفيد الاقتصاد الوطني في تقليل الضغط على الجنيه المصري مقابل الدولار، حيث أثبت الدراسات التطبيقية وجود علاقة طردية بين سعر الفائدة الأمريكي وقوة الدولار مقابل العملات الرئيسية والتي انخفضت جميعها مقابل الدولار بسبب رفع سعر الفائدة الامريكية.
واشار الي أنه عكس توقعات العديد من الاقتصادين، فإنه من المتوقع الا يكون لهذا القرار تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري.