آلة القتل الإسرائيلية تنشط بالضفة الغربية.. العدوان يطول كل فلسطينى
7 أكتوبر 2023.. يومٌ حُفِر في وثائق الحروب بالعام الأكثر دموية في تاريخ غزة التي لم يبق منها سوى حطام بيوت تحتضن أشلاء أصحابها فوق أرضها الحمراء المُخضَّبة بدماء آلاف الشهداء، ولم يعد للأحياء منهم سوى رائحة الموت النابعة من أنقاضٍ اختلط فيها الحجر بالبشر، لتصبح مأساة غزة عنوانًا لجرائم الاحتلال النكراء وتعريفًا للكيان الصهيوني وتطرفه وتجسيدًا للانتهاكات الإسرائيلة الشائنة التي لم تكف آلياتها العسكرية عن إزهاق آلاف الأرواح من النساء والأطفال لنحو عامٍ كامل.
وبعد 10 أشهر من العدوان الإسرائيلي على غزة، شرعت قوات الاحتلال بفتح جبهة الحرب في الضفة الغربية منذ أغسطس الماضي، لتواجه إسرائيل واحدة من أكثر فترات الصراع تعقيدًا في تاريخها، لا سيما في ظل التصعيد المستمر مع إيران و"حزب الله" في لبنان.
عملية "المخيمات الصيفية"
في 28 أغسطس الماضي، شنَّ الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في الضفة الغربية تحت اسم "المخيمات الصيفية"، والتي استهدفت مخيمات 3 مدن في وقتٍ واحدٍ: جنين، طولكرم، وطوباس، ووصِفَت العملية بأنها الأوسع منذ عملية "السور الواقي" في 2002.
وقالت "حماس" إن العملية العسكرية الموسَّعة للجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية هي محاولة عملية لتنفيذ مخططات حكومة الاحتلال، وتوسيع الحرب القائمة في قطاع غزة.
وفي إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 5 سبتمبر الجاري، بلغ عدد الشهداء في محافظات الضفة الغربية 691 شهيدًا، ونحو 5700 جريح.
مصر تُحذِّر من سياسة الأرض المحروقة
في الأول من سبتمبر الجاري، أدانت مصر الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، واستنكرت بشدة السعي الإسرائيلي المستمر لتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة والقدس الشرقية.
وشددت وزارة الخارجية والهجرة، في بيانٍ سابق، على أن تلك الانتهاكات لا ينبغي أن تمر دون حساب، وأنه على إسرائيل التقيد بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وحماية أمن السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بدلًا من سعيها المستمر للتصعيد وتأجيج الصراع في الأراضي المحتلة، مُحذرة من مخاطر سياسة الأرض المحروقة.
جريمة إسرائيلية جديدة في قباطية
في 19 سبتمبر الجاري، شنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية جديدة في مدينة قباطية، جنوب محافظة جنين في شمال الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين وإصابة 12.
ولم تقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته المروعة عند حد سلب حق الفلسطينيين في وطنهم فقط، بل طالت جرائمه حتى جثث الشهداء وانتهاكه حرمة الموت أيضًا، حيث أقدم جنود الاحتلال الإسرائيلي على إلقاء 3 جثامين لشهداء فلسطينيين، من فوق أسطح المنازل أثناء مداهمة بلدة قباطية في الجزء الشمالي من الضفة الغربية المحتلة، في مخالفة جديدة للقانون الدولي والإنساني.
ورصدت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، لقطات لدفع جنود من الجيش الإسرائيلي جثثًا من فوق أسطح منازل في بلدة قباطية بالضفة الغربية خلال مداهمة؛ ما أثار العديد من الانتقادات الموجهة لجيش الاحتلال.
لماذا تشنّ إسرائيل غارات على الضفة الغربية؟
"إن الهجوم الإسرائيلي على الضفة الغربية يظهر مخاطر جبهة ثالثة للجيش المنهك".. هكذا عنونت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرها بشأن العملية العسكرية لقوات الاحتلال في الضفة، مشيرة إلى أن الهجوم الإسرائيلي المتعدد الجوانب في الضفة الغربية يُسلِّط الضوء على مدى تعقيد الظروف في الأراضي الفلسطينية التي تفرض مطالب جديدة معقدة على جيشٍ منهك بالفعل بسبب الحرب في غزة والصراع المتصاعد على الحدود اللبنانية.
وفي تقرير لها بتاريخ 30 أغسطس 2024، قالت شبكة "CNN" الأمريكية، إنه في حين يركز العالم على غزة، وصلت الضفة الغربية إلى نقطة الغليان، حيث كان هناك تصعيد كبير آخر للعنف في الضفة الغربية، بعد استهداف أكثر من 600 فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب.
وذكرت " CNN" أن الهجمات الأخيرة تأتي في ظل زيادة عنف المستوطنين الإسرائيليين في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، حيث يواصل بعض المستوطنين حملة تستهدف المدنيين والبنية التحتية الفلسطينية.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه منذ انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، احتفظت بوجودٍ لها في الضفة الغربية لحماية الإسرائيليين في المستوطنات، إلا أن الجيش الإسرائيلي يشن غاراته على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، للقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية.
وأوضحت أنه منذ بدء الحرب على غزة، زادت إسرائيل من هجماتها على الفصائل الفلسطينية؛ لأنها أصبحت أكثر نشاطًا.
وأضافت "نيويورك تايمز"، أنه بينما يقول الجيش الإسرائيلي إن عمليته العسكرية الأخيرة في الضفة الغربية استهدفت العديد من الفصائل الفلسطينية، إلا أنه من الواضح أن تلك الفصائل أصقلت أساليبها، لا سيما بعد انفجار تل أبيب الأخير وهو أول حادث من نوعه منذ سنوات، الأمر الذي زعم الجيش الإسرائيلي أنه سببًا رئيسيًا وراء العملية العسكرية في الضفة.
حادث معبر الكرامة
واستمرارًا لتداعيات التصعيد الإسرائلي في الضفة الغربية، شهد معبر الكرامة الحدودي بين الضفة والأردن مقتل 3 إسرائيليين في عملية إطلاق النار وصفها رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه "يومٌ صعب على إسرائيل".
وفي 8 سبتمبر الجاري، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل 3 مدنيين إسرائيليين إثر هجوم بالرصاص قرب الحدود مع الأردن، مشيرًا إلى أن مطلق الرصاص اقترب من الجسر من ناحية الأردن في شاحنة وخرج منها وفتح النار.
ويربط المعبر بين الضفة الغربية والأردن، ويستخدمه الفلسطينيون للوصول إلى الأردن ثم السفر إلى الخارج.