رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وداعًا "قاعود".. رحلة من الإبداع للوداع الأخير.. الحزن يعم بنى سلامة وأصدقاؤه ينعونه

جريدة الدستور

منذ اللحظة الأولى لدخول قرية بني سلامة بمحافظة الجيزة لتقديم واجب العزاء في رسام الكاريكاتير الراحل أحمد قاعود، يستقبلك الصغير والكبير ويسألونك قبل أن تتلفظ بأي كلمة: "تبحث عن عزاء الفنان أحمد قاعود" في تلك اللحظة، أدركنا أن رحيله لم يكن مجرد خسارة لفنان مبدع، بل فقدان لرمز عاش بينهم، وكان جزءًا من حياتهم اليومية.

في هذه القرية البسيطة التي تبعد عن القاهرة بأكثر من 60 كيلومترًا، شهدنا مشهدًا مؤثرًا، الحزن لم يكن خفيًا على الوجوه؛ بل تجلى واضحًا، حيث ارتدت النساء ملابس الحداد السوداء، وتجمع الرجال في العزاء يواسون بعضهم، ويسترجعون ذكرياتهم عن صديقهم وابن قريتهم، الذي ترك بصمة لا تُمحى في قلوبهم وأذهانهم.

مسقط رأس أحمد قاعود

علاء محمد: كان وطنيًا ومحاربًا بورقته وريشته 

قال علاء محمد، أحد أصدقاء الراحل: "منذ بداية الألفينيات، بدأت معرفتي به كان لديه شغف كبير بالرسم منذ صغره، كنت أرى في عينيه هذا الحلم الكبير، كان يريد أن يصبح مثل مصطفى حسين، أحد أكبر فناني الكاريكاتير ومثله الأعلى في هذا الفن، ولم يكن حلمه مجرد حلم طفل، بل كان يعيشه يوميًا، وكل يوم كان يقربه خطوة نحو تحقيقه. 

وأضاف “أحمد” لم يكن فقط فنانًا موهوبًا، بل كان نسمه خفيفة تمر في حياتنا، كان عزيز النفس، لم يكن يتكبر أبدًا رغم موهبته وشهرته التي اكتسبها بالعمل في أكبر المؤسسات، فكانت حياته بسيطة كحال أهل قريتنا، ولكن قلبه كان كبيرًا، يحمل هموم الوطن وحبه.

وتابع: كان وطنيًا من الطراز الأول، كلما تحدثنا عن أمور الوطن، كنت أراه يشعل حماسًا غير عادي، فلم يكن مجرد محب للوطن، بل كان يدافع عنه بريشته وأفكاره، كما أنه لم يكن يومًا ينتقد الآخرين، بل كان دائمًا يفضل الحوار الهادئ، لديه قدرة مذهلة على التأثير على من حوله بحكمته وهدوئه.

قد تكون رسمة لـ ‏نص‏

أحمد سالم: مرضه لم يمنعه من مواصلة إبداعه

قال أحمد سالم أحد أصدقائه الذين حرصوا على المجيء من قرية مجاورة لتقديم واجب العزا،: قاعود لم يكن مجرد صديق، كان أخًا لي، ورغم مرضه، لم يتوقف يومًا عن متابعة ما يجري حوله، فكان فنانًا رائعًا وصديقًا مخلصًا.

وأضاف أننا كنا دائما نحرص على أن نكون بجانبه في المعارض التي كان يشارك فيها، فكان يرسل الدعوات بنفسه، وكنا نحرص على حضور كل مناسبة فنية له، وكان صاحب خلق رفيع.

واستكمل: عندما كان المرض ينهكه، لم يتوقف عن الرسم، كان يقول لي دائمًا إن الفن هو طريقته للتغلب على الألم، وكنت أراه يرسم رغم تعبه، وكنت أندهش من قدرته على العطاء فقد كان نموذجا للفنان الذي يحب فنه. 

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 محمد عبدالحفيظ: قاعود حول معاناته إلى إبداع

وقال محمد عبد الحفيظ صديق قاعود:"  في أحلك لحظات مرضه، ظل يقاتل من أجل فنه، كان دائمًا يصر على أن يرسم، مرض التهاب العضلات المناعي، الوحش الذي حاربه لسنوات، لم يتمكن من إيقافه عن ممارسة شغفه، لقد كان مقاتلًا حقيقيًا، يقاوم بريشته، ويحول المعاناة إلى إبداع فني، جسد صراعه مع مرضه في لوحة كاريكاتيرية رسم فيها نفسه في حلبة المصارعة مع مرضه.

 

قد يكون فن بوب

وداع مؤثر

في مشهد مؤثر، شيع المئات من أهالي قرية بني سلامة جثمان أحمد قاعود إلى مثواه الأخير، توافد الأهالي من القرى المجاورة لتقديم واجب العزاء وحضور الجنازة، التي خرجت من المسجد الكبير بالقرية، وكان الحزن يخيم على الجميع.

استطاع أحمد قاعود، الذي وُلد في عام 1986، أن يترك بصمة خلال سنواته قليلة، وعلى الرغم من تأثير المرض على حركته وقدرته على الحضور والمشاركة في المعارض، إلا أنه لم يتوقف يومًا عن الرسم.