مصر والسعودية.. علاقة ممتدة يذكرها التاريخ بالإنجازات
يتواجد د. مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، منذ أمس، في المملكة السعودية، في إطار حرص الجانبين المصري والسعودي على تعزيز التعاون المشترك وبحث القضايا الإقليمية، وفي ضوء متانة العلاقات القوية والاستراتيجية التي تربط القاهرة بالرياض.
وتستهدف الزيارة بحث سُبل التعاون المشترك مع كِبار المسئولين السعوديين، وكذا العمل على بحث فرص الاستثمار المشترك.
وغادر رئيس الوزراء القاهرة، مساء أمس، في زيارة إلى السعودية، يرافقه خلالها أحمد كجوك، وزير المالية، وحسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
في ضوء هذه الزيارة؛ تستعرض "الدستور" العلاقات المصرية السعودية.
وتؤكد صفحات التاريخ أن مصر والسعودية هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وعلى الصعيد الإسلامي والدولي، حيث يؤدي التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية إلى التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية، ومن ثم كان طبيعيًا أن تتسم العلاقات السعودية- المصرية بالقوة والاستمرارية.
ازدادت العلاقات التاريخية بين مصر والسعودية رسوخًا في عهد الرئيس السيسي، وترجمت في زيارات واتصالات لا تنقطع بين مسئولي البلدين، بغرض تعزيز علاقاتهما ودعمها في مختلف المجالات، فالتنسيق الكامل والتشاور الدائم هما سمة العلاقات بين البلدين؛ بهدف مواجهة كل ملفات المنطقة وأزماتها، وما يتعلق بها من تهديدات وتحديات، انطلاقًا من فرضية أساسية، تقوم على الرفض التام لكل التدخلات الإقليمية في شئون الدول العربية أيًا كان مصدرها، كونها تشكل تهديدًا لاستقلال الأراضي العربية وسيادتها، وتفكيكًا لوحدتها الوطنية.
وتدعم مصر والسعودية المبادرات السياسية والحلول السلمية لكل أزمات المنطقة، في سوريا واليمن ولبنان وليبيا والسودان والأراضي المحتلة، وفقًا لقرارات مجلس الأمن والمبادرات الإقليمية والمرجعيات ذات الصلة؛ بما يحافظ على استقرار هذه الدول ووحدة ترابها الوطني، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار لشعوب هذه الدول، بمعزل عن التدخلات الخارجية.
العلاقات السياسية
بالنسبة للعلاقات السياسية بين البلدين، فإن استثمار اللغة الدبلوماسية الرصينة في التعامل والتي اعتمدها الرئيس السيسي والملك سلمان وولي عهده، في الكثير من القضايا والمواقف جمعت بينهم، باعتبارها أسلوبًا مهمًا وناجحًا في معالجة الكثير من قضايا المنطقة سواء في اللقاءات الثنائية أو أمام المحافل والأروقة الدولية أو خلال الاجتماعات المشتركة، حيث تتكامل رؤى البلدان باعتبارهما أكبر قوتين عربيتين وإقليميتين فاعلتين، يربط بينهما تاريخ مشترك وطويل لخدمة القضايا العربية والإقليمية، حيث مثّل الدور المشترك للبلدين عامل دعم وتوازن واستقرار لدول المنطقة بأسرها بعيدًا عن سياسات الاستقطاب أو الاحتواء التي تنتهجها بعض القوى الكبرى أو تلك التي لديها مصالح وأهداف أو تحاول النفاذ أو السيطرة على مقدرات المنطقة.
الحفاظ على الأمن القومي العربي بمواصلة التشاور والتنسيق
اتسمت الرؤية المشتركة لقيادتي البلدين في كثير من المواقف والأحداث بالحرص المشترك على مصالح المنطقة والحفاظ على الأمن القومي العربي بمواصلة التشاور والتنسيق إزاء أزمات المنطقة دفاعًا عن قضايا ومصالح الأمة.
المؤكد أن تطور العلاقات المصرية– السعودية ينعكس بشكل إيجابي على الكثير من القضايا العربية والإقليمية في ظل تشابك وتعقد الكثير من الموضوعات والمشاكل في دول المنطقة، بدءًا من الأوضاع في سوريا مرورًا بما يحدث في ليبيا وانتهاءً بالوضع المتدهور في اليمن والعراق، فالتغول العدواني بالمنطقة يضع البلدين الكبيرين أمام مسئولية كبيرة للحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة.
مثال يحتذى به في الكثير من المجالات
تعد العلاقات المصرية- السعودية مثالًا يحتذى به في الكثير من المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو التجارية والصناعية والعسكرية والتقنية والطبية، فضلًا عن العلاقات الثقافية والدينية، كما تتطابق رؤى البلدين وقيادتيهما تجاه قضايا مكافحة التطرف والإرهاب باعتبارها من أهم الأسباب التي تدفع المنطقة إلى هاوية الخطر بعيدًا عن الأمن والسلم والاستقرار المنشود، حيث تكاتفت جهودهما، وقاما بتنسيق المواقف لمواجهة ذلك والوقوف بحسم وحزم ضد القوى والدول المحركة والداعمة له، وطالبت مصر والسعودية مرارًا وتكرارًا باجتثاث منابع هذه الآفة الخطيرة التي هددت دولًا ومجتمعات وأصبحت تشكل خطرًا على العالم بأسره وليس فقط دول المنطقة.
معاهدة صداقة
امتدت جذور العلاقات التاريخية بين البلدين منذ فترة بعيدة، فخلال 1926 وقعت مصر والسعودية على معاهدة الصداقة بينهما، ودعمت السعودية مطالب مصر في الاستقلال وجلاء القوات البريطانية، ووقفت إلى جانبها في جميع المحافل الدولية، وتوجت هذه العلاقات في 27 أكتوبر 1955، بتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين، كما دعمت السعودية مصر أثناء العدوان الثلاثي 1956، كما شاركت قوات سعودية في حرب 6 أكتوبر، وقادت السعودية معركة موازية في مواجهة الدول الكبرى، باستخدام البترول لدعم الجيش المصري على جبهات القتال في سيناء، وساندت مصر الحق العربي المشروع في أعقاب اعتداء قوات صدام حسين على الكويت، حيث شاركت القوات المصرية في حرب تحرير الكويت انطلاقًا من الأراضي السعودية.
الدعم السعودي في أعقاب ثورة 30 يونيو ضد تنظيم الإخوان الإرهابي
وتجلت صور الدعم السعودي في أعقاب ثورة الشعب المصري ضد تنظيم الإخوان الإرهابي، في 30 يونيو 2013، حيث قدمت المملكة دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرها أنشطة الجماعات الإرهابية، ومساندة الاقتصاد المصري.