حزب الله.. حرب بين إيران وإسرائيل يخسرها لبنان
مع اقتراب إتمام عامه الأول، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الغاشم على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، إلا أن إسرائيل ستدخل العام الثاني من الحرب في مواجهة ضغوطٍ سياسية وعسكرية على جبهاتٍ عدة أخطرها جبهة الشمال على الحدود اللبنانية والمواجهة المتصاعدة مع "حزب الله"، لا سيما بعد تصريحات وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بشن حرب على لبنان لمواجهة "حزب الله"، الأمر الذي يعيد للأذهان سيناريو حرب لبنان عام 2006 أو كما تُسمّى بـ"حرب تموز"، وسط تساؤلات عما إذا كان سيواجه لبنان المصير ذاته حال اندلاع حرب مفتوحة بين إسرائيل و"حزب الله".
مواجهاتٌ مستمرة
قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إن المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل ليست حديثة وليست وليدة السابع من أكتوبر الماضي أو ما بعدها، إنما المواجهة بينهما قائمة منذ نشأة "حزب الله" الذي لعب دورًا كبيرًا في انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 1982، فضلًا عن المواجهة الأشهر والأشرس بينهما عام 2006، ثم تأتي هذه المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل منذ 8 أكتوبر حتى هذا التاريخ.
وأضاف لـ"الدستور" أن "حزب الله" يلعب دورًا رئيسيًا في تخفيف حدة الصراع والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بحكم إشغال إسرائيل على الجبهة الشمالية، مشيرًا إلى تهجير أكثر من 150 ألف إسرائيلي من مستوطنات شمال إسرائيل وعلى الحدود اللبنانية إلى الداخل الإسرائيلي، وعلى رأسها مستوطنات كريات شمونة وغيرها.
وأوضح أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يواجه ضغطًا بحكم هذا الصراع المفتوح على الساحة اللبنانية؛ إذ إن هذا الصراع أوجد "حزب الله" فيه بحكم مساندته للمقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، مؤكدًا أن إسرائيل مُرغمة على الدخول في هذا الصراع المفروض عليها بتسخين هذه الجبهة التي يقوم فيها "حزب الله" بدورٍ أساسي.
حذر إسرائيلي من صراعٍ مفتوح
وأشار "غباشي" إلى أن "نتنياهو" يتحسب كثيرًا في فتح صراعٍ مفتوح بهذه الجبهة؛ لأنه يدرك تمامًا قوة "حزب الله" حيث تشير التقارير إلى أن "حزب الله" أكثر قوة 10 مرات من المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، كما أنه يمتلك أكثر من 250 ألف صاروخ ومعظم هذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى كل مكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وداخل إسرائيل.
وأكد "غباشي" أن مسألة المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل تبدأ وتنتهي بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومن ثمَّ، تنتهي المواجهة على الساحة اللبنانية ومع الحوثيين أيضًا في البحر الأحمر.
ونوَّه بأن هناك أطراف في الداخل اللبناني رافضة لمبدأ دخول "حزب الله" في حلبة هذا الصراع، ولكن هناك أطراف أخرى مؤيدة لـ"حزب الله" ومعظم حكومة نجيب ميقاتي اللبنانية مؤيدة لهذا الوضع، وتعتبره جزءًا من حلبة الصراع مع الكيان الإسرائيلي التي لن تنتهي إلا بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وبضرورة وجود الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وقال نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، إن المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل عنصر ضاغط على الكيان الإسرائيلي بضرورة الوصول إلى هدنة أو إلى إيقافٍ كامل لإطلاق النار في غزة، لافتًا إلى أنه من مصلحة إسرائيل وقف إطلاق النار وألا تمتد حلبة صراعها على الساحة اللبناينة ومع "حزب الله" إلى حربٍ مفتوحة.
غزة كلمة السر
وكشف "غباشي" عن أن كلمة السر في إنهاء هذا الصراع هو وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما تدركه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لكن للأسف الشديد ما زالت إسرائيل تعاند وتتشدد فيها.
وتابع: "لولا الولايات المتحدة الأمريكية والمدد بلا حدود، ما صمدت إسرائيل في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما فتحت لنفسها جبهات مع حلبة صراع أخرى"، موضحًا أن المسئول الأكبر عن هذا الصراع وهذا العدوان الإسرائيلي وما تفعله في المنطقة هي الولايات المتحدة الأمريكية، فهي لا تضغط على إسرائيل ولكن تحاول الضغط على الجانب الآخر الفلسطيني والعربي وفق الإرادة الإسرائيلية وهذا سر الأزمة، فيما يرى كثيرٌ من المراقبين أن الولايات المتحدة مسئولة مسئولية أساسية في امتداد هذا العدوان وهذا العناد الإسرائيلي.
وأوضح "غباشي" أنه إذا فُتِح الصراع داخل الساحة اللبنانية بين "حزب الله" وإسرائيل، فستكون مختلفة تمامًا عن حرب 2006؛ لأن قوة "حزب الله" أصبحت أضعاف ما تمتلكه إسرائيل، ومنها على سبيل المثال طائرة "الهدهد" التي أرسلها "حزب الله" إلى حيفا وكشفت المواقع الاستراتيجية والأماكن المهمة والحساسة في هذه المدينة وفي غيرها من المدن التي أصبحت مكشوفة أمام "حزب الله".
ولفت إلى أن إسرائيل تدرك أن فتح جبهة مع "حزب الله" تعني دمارًا وهجرة إسرائيلية إلى الخارج ودمارًا كثيرًا من المدن الإسرائيلية، مشيرًا إلى حديث "حزب الله" الذي حذَّر فيه: "المطار بمطار، والمدنيين بمدنيين"، مؤكدًا أن هناك معادلة "حزب الله" لن ينفك عنها وإسرائيل تدرك خطورتها عليها.