بعد نجاح الجولة الأولى.. محاولات دولية لاستمرار حملة تطعيم أطفال غزة
قالت منظمة الصحة العالمية إنها ساعدت في أقل من أسبوعين في إعطاء أكثر من 550 ألف لقاح شلل الأطفال للأطفال في مختلف أنحاء قطاع غزة. ولكن العمل لم يكتمل إلا بنصفه.
وقالت جولييت توما، من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهي المجموعة التي تدير اللقاحات مساء الجمعة: "لقد بدأنا السباق ضد الزمن للمرحلة الثانية من الحملة، يتعين علينا أن نفعل كل هذا مرة أخرى لإعطاء الأطفال الجرعات الثانية من اللقاحات ضد شلل الأطفال"، حسب الإذاعة الأمريكية "إن بي آر".
شلل الأطفال هو فيروس شديد العدوى يمكن أن يؤدي إلى الشلل وحتى الموت، وينتشر غالبًا من خلال البراز، وهذه مشكلة في غزة، التي عانت من تدمير جزء كبير من البنية التحتية لمعالجة المياه بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم المتواصل منذ أكثر من 11 شهرًا.
وقال الدكتور مجدي ضهير، رئيس اللجنة المشرفة على التخطيط وتنفيذ جهود التطعيم في غزة، في تصريح لـ"إن بي آر": "إن النفايات الصلبة في كل مكان. لا مياه شرب نظيفة، ولا نظافة".
وأوضح: لقد أدى كل هذا إلى تراكم كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي في الشوارع، وهي الوصفة المثالية لانتشار شلل الأطفال، على حد وصف رئيس اللجنة، لذا عندما ظهر الفيروس في عينات مياه الصرف الصحي في القطاع انطلقت أجراس الإنذار، خاصة لأن برامج التطعيم في غزة انهارت منذ بدء الحرب.
وأضاف: كان طفل صغير لم يتجاوز عمره عامًا واحدًا قد أصيب بالشلل في كلتا ساقيه في الشهر الماضي، وهو أول حالة مؤكدة من شلل الأطفال في غزة منذ ربع قرن.
وقال ضهير: "علميًا، تعتبر حالة واحدة مؤكدة من شلل الأطفال بمثابة تفشٍ للمرض". وذلك لأن حالة واحدة تشير إلى ما يقرب من 200 شخص آخرين مصابون ولكن لا تظهر عليهم أعراض المرض، ولم تظهر أي حالات أخرى في غزة حتى الآن، ولكن "نتوقع أن يكون انتشار هذا الفيروس مرتفعًا للغاية في المجتمع".
منطقة حرب.. تطعيم أطفال غزة ضد شلل الأطفال
كان هدف جهود التطعيم هو الوصول إلى ما لا يقل عن 90% من الأطفال في غزة تحت سن العاشرة، حيث المخاطر بالنسبة للبالغين أقل بكثير.
ونسقت وزارة الصحة في غزة مع "اليونيسف" ومنظمة الصحة العالمية لتوصيل اللقاح إلى غزة وتوفير التبريد للحفاظ على اللقاح باردًا.
منذ البداية، واجه فريق التطعيم تحديات. وكان أبرزها إدارة الحملة في وسط منطقة حرب. وبحسب ضهير ومسئولي الصحة العالمية: "من المستحيل القيام بحملة تطعيم بهذا الحجم والنطاق تحت سماء مليئة بالضربات الجوية".
لهذا السبب كان من الأهمية بمكان أن يتفق جيش الاحتلال الإسرائيلي وحماس على وقف القتال لفترة وجيزة في مناطق مختلفة خصيصًا لجهود التطعيم. سمحت هذه الهدن لفرق التطعيم بالانتشار في جميع أنحاء القطاع الساحلي.
وقال ضهير، إنه كان عليهم أيضًا معرفة كيفية نقل اللقاح والملقحين حول غزة، وهي منطقة صغيرة مكتظة بالناس النازحين من أشهر من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وأشار إلى أنه خطط مع فريقه البدء في الحملة في وقت مبكر من الساعة 6 صباحًا كل يوم. "ويقومون بوضع مركبات إضافية على الطرق في حالة تأخر أي منها".
عادةً، تنتقل حملة مثل هذه من منزل إلى منزل لتطعيم أكبر عدد ممكن من الأطفال. ولكن في غزة، لم يتمكنوا من ذلك لأن هناك عددًا قليلًا جدًا من المنازل المتبقية وغالبًا ما يتنقل الناس ساعة بساعة.
وقال ديباك كومار من منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي: "لقد مثل ذلك مستوى هائلًا من التحدي من حيث رسم خريطة للسكان وتقدير أحجام السكان بشكل صحيح في كل موقع".
وقال: "إن أكثر من 200 فريق شاركوا في جهود التطعيم، وتتبعوا أعداد الأطفال في غزة وعدد الذين تم تطعيمهم"، مضيفًا: أنه "تم مراقبة البيانات عن كثب حتى أصبحنا على ثقة من أننا وصلنا إلى أكثر من 95٪ من التغطية".
كانت فرق التطعيم تنتقل من مأوى إلى مأوى ومن خيمة إلى خيمة، حيث "الناس في كل مكان حرفيًا وفي منتصف الشوارع وقرب الشواطئ"، حسب كومار.
نجاح حملات تطعيم أطفال غزة
وقال الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة: "نحن سعداء بحملة شلل الأطفال هذه. وأعتقد أننا واثقون أيضًا من أننا وصلنا إلى عدد هائل من الأطفال في هذا الوقت القصير".
وقال سكوت أندرسون، نائب منسق الشئون الإنسانية لدى الأمم المتحدة: "لقد كانت مهمة كبيرة". "لا أعتقد أن حملة شلل الأطفال قد تم إجراؤها على مستوى العالم بهذه الطريقة، مقيدة بالوقت والأمن كما نمر به حاليًا في غزة".
والتطعيم ليس سوى جزء من الاستجابة لشلل الأطفال، وعلى مدى الأشهر الستة المقبلة، سوف يحتاج المسؤولون إلى توخي اليقظة لضمان عدم انتشار الفيروس بين الناس أو مياه الصرف الصحي في غزة. وعندها سوف يعرفون ما إذا كان تفشي المرض قد انتهى.