رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مصر ترفض الأمر الواقع»

مصر‭ ‬دولة‭ ‬ليست‭ ‬عادية‭ ‬فهى‭ ‬دولة‭ ‬كبيرة‭ ‬تاريخًا‭ ‬وموقعًا‭ ‬وتأثيرًا‭ ‬ودورًا،‭ ‬ولديها‭ ‬أوراق‭ ‬كثيرة‭ ‬تضعها‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭ ‬الصدارة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬قرارنا‭ ‬فى‭ ‬أيدينا،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتجاوز‭ ‬معنا‭ ‬أننا‭ ‬نستطيع‭ ‬حماية‭ ‬أمننا‭ ‬القومى‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬مخاطر‭ ‬خارجية‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬ونرفض‭ ‬أى‭ ‬محاولة‭ ‬لتهديد‭ ‬أمنها‭.‬

وقد‭ ‬أفرز‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬بلادنا‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‭ ‬وشمالًا‭ ‬وجنوبًا‭.. ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الاتجاهات‭ ‬تتحرك‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬أمنها‭ ‬القومى‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭.. ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭- ‬بعد‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضى‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬الأعزل‭ ‬الذى‭ ‬يتكبد‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الأبرياء‭- ‬تلك‭ ‬الاستفزازات‭ ‬والتجاوزات‭ ‬التى‭ ‬تفتعلها‭ ‬إثيوبيا‭ ‬لجعل‭ ‬قضية‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬حقيقة‭ ‬واقعة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للحوار‭ ‬أو‭ ‬المفاوضات،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬التاريخى‭ ‬لمصر‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬وكذلك‭ ‬منذ‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬عنتيبى‭ ‬عام‭ ‬1959‭ ‬التى‭ ‬حددت‭ ‬حصة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬النيل،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استغل‭ ‬النظام‭ ‬الإثيوبى‭ ‬فوضى‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬وتم‭ ‬البدء‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬الإثيوبى‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬مصر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬أعلنت‭ ‬بعد‭ ‬استقرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬بها‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعارض‭ ‬حق‭ ‬إثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬التنمية‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصالح‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تهتم‭ ‬الحكومة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬بإبرام‭ ‬أى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬قانونى‭ ‬يحمى‭ ‬مصالح‭ ‬دولتى‭ ‬المصب‭.. ‬واستمرت‭ ‬عملية‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬الذى‭ ‬عقد‭ ‬فى‭ ‬الخرطوم‭ ‬فى‭ ‬مارس‭ ‬2015،‭ ‬والذى‭ ‬اعتبرناه‭ ‬بداية‭ ‬لحل‭ ‬الخلافات‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬وجرت‭ ‬اللقاءات‭ ‬والمفاوضات‭ ‬بين‭ ‬القاهرة‭ ‬والخرطوم‭ ‬وأديس‭ ‬أبابا‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬لأى‭ ‬حلول‭.‬

تدخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقى‭ ‬وفشل‭ ‬فى‭ ‬إقناع‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬التى‭ ‬استمرت‭ ‬فى‭ ‬مواقفها‭ ‬غير‭ ‬المسئولة‭ ‬وظلت‭ ‬تراوغ‭ ‬وتماطل‭ ‬وتطيل‭ ‬أمد‭ ‬المفاوضات‭ ‬بهدف‭ ‬فرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬بل‭ ‬ولم‭ ‬تضع‭ ‬فى‭ ‬حسبانها‭ ‬المخاطر‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬والتهديد‭ ‬الوجودى‭ ‬للحياة‭ ‬فيهما،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬97‭ ‬% من‭ ‬حياتها‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭..‬ ثم‭ ‬عقدت‭ ‬اجتماعات‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬واشنطن‭ ‬وكان‭ ‬الاتفاق‭ ‬قريبًا،‭ ‬حيث‭ ‬وقعته‭ ‬مصر‭ ‬بالأحرف‭ ‬الأولى‭ ‬لتأكيد‭ ‬جديتها‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬بشفافية،‭ ‬فهى‭ ‬تريد‭ ‬التنمية‭ ‬للجميع‭ ‬ولا‭ ‬تقف‭ ‬عائقًا‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬أى‭ ‬مشروع‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬لا‭ ‬يهدد‭ ‬مصير‭ ‬وحياة‭ ‬شعبها،‭ ‬ولكن‭ ‬المفاوض‭ ‬الإثيوبى‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬التوقيع‭ ‬فى‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد،‭ ‬وتحملت‭ ‬مصر‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بمنتهى‭ ‬الصبر‭ ‬والحكمة‭ ‬ولجأت‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021‭ ‬لوضع‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬أمام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬بكامله،‭ ‬وأعيد‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقى‭ ‬الذى‭ ‬فشل‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭.. ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬المفاوضات‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬فى‭ ‬أعقاب‭ ‬زيارة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإثيوبى‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬الانتهاء‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر،‭ ‬وكانت‭ ‬آخر‭ ‬جولة‭ ‬مفاوضات‭ ‬فى‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023‭ ‬ولم‭ ‬يحدث‭ ‬بها‭ ‬أى‭ ‬تقدم،‭ ‬وثبت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالًا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬إثيوبيا‭ ‬ماضية‭ ‬فى‭ ‬استكمال‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬وحجز‭ ‬كميات‭ ‬المياه‭ ‬خلفه‭ ‬بطريقة‭ ‬تخالف‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬المنظم‭ ‬للأنهار‭ ‬عابرة‭ ‬الحدود‭ ‬الدولية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الخرق‭ ‬الصريح‭ ‬لاتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ،‭ ‬وتوقفت‭ ‬المفاوضات‭ ‬وخرج‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإثيوبى‭ ‬ليعلن‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬أحادية‭ ‬رفضتها‭ ‬مصر‭ ‬بالكامل،‭ ‬ووجهت‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أعلنت‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬عن‭ ‬انتهاء‭ ‬مسارات‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬وهذا‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬تخطر‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬بأنها‭ ‬سوف‭ ‬تتخذ‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬والخطوات‭ ‬المكفولة‭ ‬بموجب‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬مقدرات‭ ‬شعبها‭ ‬ومصالحه‭.‬

لقد‭ ‬صبرت‭ ‬مصر‭ ‬كثيرًا‭ ‬على‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الإثيوبية،‭ ‬وظن‭ ‬النظام‭ ‬هناك‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬المصرية‭ ‬منشغلة‭ ‬بقضايا‭ ‬أهم‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬الشرقية‭ ‬أو‭ ‬الغربية،‭ ‬ولكنه‭ ‬تجاهل‭ ‬أن‭ ‬أزمتنا‭ ‬هى‭ ‬أزمة‭ ‬وجود‭ ‬وحياة‭ ‬وبقاء،‭ ‬وأننا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نرضى‭ ‬بسياسة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يعبث‭ ‬فى‭ ‬حصتنا‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬تبعات‭ ‬أفعاله‭.. ‬وبالفعل‭ ‬بدأت‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ملموسة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬اهتز‭ ‬لها‭ ‬الكيان‭ ‬الإثيوبى،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬بروتوكول‭ ‬تعاون‭ ‬عسكرى‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والصومال‭ ‬وبموجبه‭ ‬تشارك‭ ‬مصر‭ ‬بقوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬فى‭ ‬الصومال‭ ‬ورفضها‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬بين‭ ‬إثيوبيا‭ ‬ونظام‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بأرض‭ ‬الصومال‭ ‬لاستخدام‭ ‬منفذ‭ ‬بحرى‭ ‬من‭ ‬الأراضى‭ ‬التى‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬المنشق‭ ‬غير‭ ‬المعترف‭ ‬به‭ ‬دوليًا،‭ ‬وتدعو‭ ‬لدعم‭ ‬سيادة‭ ‬الصومال‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬وتسانده‭ ‬فى‭ ‬بسط‭ ‬نفوذه‭ ‬على‭ ‬سواحله‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭.. ‬وسريعًا‭ ‬ما‭ ‬دخلت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬طائرات‭ ‬عسكرية‭ ‬مصرية‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬مقديشو‭ ‬محملة‭ ‬بقوات‭ ‬مصرية‭ ‬ومعدات‭ ‬عسكرية،‭ ‬ليتأكد‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ستكون‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬سوف‭ ‬تنشر‭ ‬قواتها‭ ‬لدعم‭ ‬الجيش‭ ‬الصومالى‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬البعثة‭ ‬الإفريقية‭ ‬الجديدة‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭.. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬التحرك‭ ‬المصرى‭ ‬الأخير‭ ‬جديدًا‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الإثيوبى‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬شهدت‭ ‬تكثيفًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للتواجد‭ ‬المصرى‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬حوض‭ ‬النيل،‭ ‬إذ‭ ‬وقعت‭ ‬اتفاقيات‭ ‬عسكرية‭ ‬مع‭ ‬كينيا‭ ‬ورواندا‭ ‬وأوغندا‭ ‬وبروندى،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬وجودها‭ ‬التنموى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬بناء‭ ‬السدود‭ ‬ومحطات‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬بما‭ ‬يمثل‭ ‬منظومة‭ ‬مضادة‭ ‬لما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إثيوبيا‭ ‬حاليًا،‭ ‬والتى‭ ‬تتجاهل‭ ‬فيه‭ ‬حقوقنا‭ ‬المشروعة‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل،‭ ‬وأيضًا‭ ‬يمثل‭ ‬خطوات‭ ‬استباقية‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬تمثل‭ ‬بُعدًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬مهمًا‭ ‬للدولة‭ ‬المصرية‭.‬

ومنذ‭ ‬قيام‭ ‬مصر‭ ‬بهذا‭ ‬التحرك‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬الحكومة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬فى‭ ‬إطلاق‭ ‬تصريحاتها‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التواجد‭ ‬أو‭ ‬المساندة‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بمشكلة‭ ‬سد‭ ‬النهضة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬واجب‭ ‬تفرضه‭ ‬العلاقات‭ ‬المتميزة‭ ‬التى‭ ‬تربط‭ ‬مصر‭ ‬والصومال‭.‬

إن‭ ‬مصر‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬دولة‭ ‬عداون‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬تاريخها‭ ‬الحديث‭ ‬ولكنها‭ ‬فى‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬أبدًا‭ ‬بالعدوان‭ ‬على‭ ‬حصتها‭ ‬ومقدراتها‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬تحت‭ ‬أى‭ ‬ظرف،‭ ‬فهذه‭ ‬الحقوق‭ ‬التاريخية‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للمساس‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬النظام‭ ‬الإثيوبى،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬التزمت‭ ‬مصر‭ ‬باتخاذ‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬والحكمة‭ ‬والصبر‭ ‬والحرص‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬قانونى‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الإثيوبى‭ ‬يخادع‭ ‬ويراوغ‭ ‬ويتعامل‭ ‬بعدم‭ ‬مسئولية‭ ‬وغابت‭ ‬عنه‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬لإيجاد‭ ‬اتفاق‭ ‬يحقق‭ ‬مصالح‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭.‬

وعودًا‭ ‬لما‭ ‬بدأت‭ ‬به‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬مصر‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحمى‭ ‬مصالحها‭ ‬وتؤمن‭ ‬حياة‭ ‬شعبها‭ ‬وترفض‭ ‬أى‭ ‬محاولة‭ ‬لتهديد‭ ‬أمنها،‭ ‬وإنها‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬أن‭ ‬يمتحن‭ ‬أحد‭ ‬مصادر‭ ‬قوتها،‭ ‬وإنها‭ ‬ترفض‭ ‬دائمًا‭ ‬سياسة‭ ‬فرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭.‬