دعاء عبد الحميد: في سرد ما بعد الحداثة الكتابة الروائية تنكرالحقيقة
“سرد ما بعد الحداثة بين الأدب العربي والإنجليزي نماذج مختارة”.. عنوان لرسالة الدكتوراة التي ناقشتها الباحثة والأكاديمية الدكتور دعاء عبد الحميد ظهر أمس بكلية الأداب جامعة حلوان، والتي ناقشها الناقد والأكاديمي الدكتور صلاح السيد محمود السروي أستاذ الأدب الحديث والمقارن، الدكتور رشا السيد جودة صالح، أستاذ الأدب الحديث والمقارن، الدكتور إيمان السيد عبد اللطيفرسلان أستاذ الأدب الإنجليزي كلية الآداب، والناقد والأكاديمي الدكتور حسين حمودة محمد أستاذ الأدب العربي الحديث، والناقد والأكاديمي الدكتور هيثم الحاج علي أستاذ النقد الأدبي الحديث.
في تصريحات خاصة لـ الدستور، قالت الباحثة د. دعاء عبد الحميد: تسعى هذه الدراسةُ إلى إبرازِ تأثيراتِ فكر ما بعد الحداثة، الذي يعد واحدًا من أهم الاتجاهات التى شهدها (الفكرالإنساني المعاصر) حيث أفضى إلى تغييرالمفاهيم الثابتة في السرد البنيوي والحداثي، الذي يُعد - النصُ - بؤرةَ ارتكازهما.
وأشارت عبد الحميد الى أن تتصفُ الكتابةُ الروائيةُ في سرد ما بعد الحداثة بإنكاروجود الحقيقة أوالمعنى، في هذا العالم الذي يتم طرحُه بوصفه عالمًا عبثيًا خاليا من ادعاء العمق، وتسعى إلى تعميق الشعور بالتخييل السردي أو الروائي، والتعامل معه على هذا الأساس، إذ يثيرُما وراء السردِ، أسئلةَ تتعلقُ بالعلاقة الإشكالية بين التخييل والواقع، وينزع نحو إثارةِ الشكِ في طبيعة التصورات والحقائق السائدة عن الواقع، والتى تشكل الثقافةَ والوعي.
وأوضحت: غيرت (مابعد الحداثة) من القوالب الجاهزة وبعثرت القواعدَ والقوانينَ والأنظمةَ التى تقومُ عليها الخطاباتُ الفكريةُ والفنيةُ والعلمية. واهتمت بالميتافيزيقا، أي السعي إلى تحررِ الوعي نحو أفق أكثرغرائبية.
الأعمال النقدية والإبداعية التي وقفت عليها الدراسة
وعن الأعمال النقدية والإبداعية التي وقفت عليها الدراسة قالت عبد الحميد: رصَدتْ الدراسةُ سماتِ سردِ ما بعد الحداثةِ عند كل من: إيهاب حسن، ومارك كوري، وبدرالدين مصطفى، لمحاولة توضيح هذه الرؤيةِ الفكريةِ الجديدةِ، وتعريف مصطلح سردِ ما بعد الحداثة، وكيف وأين نشأ ؟، وكيف استلهمه الأدبُ بشكلٍ عام والروايةُ بشكل خاص؟، حيث تجسد هذا الفكر الجديد في الكثيرمن الرواياتِ العربية والعالميةِ، وقد ركزت الدراسةُ على عدةِ رواياتٍ عربية وإنجليزية، لتوضيحِ سماتِ هذا السرد وما يمتازُ به عن غيرهِ من النصوصِ التقليدية.
وعن أسبابُ اختيار دراسة أدب ما بعد الحداثة قالت عبد الحميد:لا توجد دراسات أكاديمية سابقة تناولت موضوع الدراسة. وذلك في حدود علمي، إلى جانب كثرةُ النقاطِ التى تتلاقى فيها الرواياتُ المعاصرةُ ومن ضمنِها (العربيةُ والإنجليزية )، والتى كانت سببًا رئيسًا في اختيارها ؛ فتقنياتُ ما بعد الحداثة تظهرُفي هذه الأعمالِ على نحوٍلا تخطئه العين.
سمات التلاقي في رواية ما بعد الحداثة
وعن سمات التلاقي في الاعمال التي ذهبت الدراسة في دراستها قالت عبد الحميد:تتلاقى تلك الأعمالُ في أنها روايات تضفي على العالم صفةَ الشبحيةِ والطيفيةِ، فنحن لا نعرف إذا كان الفعلُ حقيقيًا أم غير حقيقي؟؟ فهو يقبع في منطقةِ الممكن و" اللاممكن ".
وأكدت عبد الحميد على ان تسعى هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على )سمات سرد ما بعد الحداثة )، المتمثل في النشاط السردي الذي اتضح في عدة روايات مختارة من كتابات سرد ( مابعد الحداثة)، في الرواية العربية، والرواية الإنجليزية وهى: ("سورة الأفعى" لمصطفى الشيمي و"كلام كائن عادي" لياسر شعبان ، و"ضريح أبي" لطارق إمام ، و"شفرة دافنشي" لدان براون (The Da Vinci Code) by Dan Brown، و"ماما داي" لجلوريا نايلور (Mama Day) by Gloria Naylor، و"إله الأشياء الصغيرة" لأروندهاتي روي ) (The God of Small Things) by Arundhati Roy.
وأرى أن هذه الأعمال الروائية يمكن أن تعد شاهدة على وعي (ما بعد الحداثة)، حيث ظهرت سمات سرد ( ما بعد الحداثة ) فيها إلى حد ما، ونلحظ التحول من الرواية التقليدية في شكلها الكلى السببي المنظم، إلى شكل أكثر تعقيدًا وتفكيكًا لجميع أركانها بما قد يوحي بوجود ارتباك وفوضى على مستوى السرد أي عدم وجود أحداث مترابطة في المتن الروائي على النحو المعهود، وعلى مستوى الشخصيات قد نجد البطل يعيش أكثرمن حياة.
و(سرد ما بعد الحداثة ) توصيف ثقافي واجتماعي لسيرالمجتمع بوصفه رد فعل إزاء التطور المعرفي والتكنولوجي، المنتسب إلى الثورة الصناعية الثالثة والرابعة، وبالتالي تغيرت الأعمال السردية تبعًا لهذا التطور وظهرت عدة سمات سردية جديدة ومنها: الغموض الذي يثير القارئ للكشف عن جماليات العمل الإبداعي، ومن خلال (غياب ) بعض العناصر السردية يمكن للقارئ البحث فيما وراء النص لفهم مغزاه بواسطة مخزونه الثقافي والتعليمي، ومن السمات أيضًا ؛ ( ظاهرة الطيف، وظاهرة الموت، وظاهرة الخلود...) والكثيرمن الظواهر المتعلقة باضطراب وعي الإنسان بوجوده، وعالمه.
وعن أهمية الدراسة للمكتبة العربية اجابتنا عبد الحميد: تحاول هذه الدراسةُ البحثَ في " تقنيات سرد ما بعد الحداثة" المتمثلة في الأدبين " العربي والإنجليزي ".
أشارت عبد الحميد إلى أن الدراسة تجيب عن تساؤلات عديدة منها: ما تقنيات سرد ما بعد الحداثة ؟، ما آليات الرؤية الطيفية وبناؤها الفني في أدب ما بعد الحداثة؟، ما التقنيات التى استخدمها الكُتّابُ لتصويرهذه الأعمالِ الإبداعيةِ المختارة؟، ما أوجه الاتفاق والاختلاف لتصوير تقنيات هذا السرد في الأعمال الروائية العربية والإنجليزية المختارة؟.
أكدت عبد الحميد على ان اعتمدت الدراسة على منهج " القراءة الثقافية ظنًا أنه الأقدرُعلى أن يساعدنا في اكتشافِ سماتِ هذا السردِ ودراستهِ وبيانِ جمالياتهِ، بإلإضافة إلى (المنهجِ السيميولوجي) Sémiologie، والمنهجِ المقارن طبقًا للمدرسةِ الأمريكية.
وتابعت عبد الحميد: انقسمت الدراسةُ إلي فصلين، يسبقهما مقدمةٌ وتليهما النتائج:تطرقتُ إلى تعريف ( مصطلح ما بعد الحداثة )، وتحدثتُ عن نشأتهِ، وعلاقتهِ بالتفكيكية. وتحدثتُ أيضًا عن أهميةِ الرواياتِ المختارةِ في الأدبِ العربي والعالمي.
الفصل الأول: ناقشَ المحمولاتِ التأويليةِ لعناصرذات طابع أيقوني، وينقسم إلى ثلاثةِ مباحث: المبحثُ الأول:( الطيفُ والحُلم )، والمبحث الثاني:(الموت والخلود )، والمبحث الثالث: (المكانُ وخيال الأشباح ).
أما عن الفصلُ الثاني فقد ناقش البناءَ النصي الروائي، وينقسم إلي مبحثين: المبحثُ الأول: (الغموض)، والمبحثُ الثاني: تشظي البنية الروائية (الارتباك والتشتت)، وأخيرًا أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة، ثم قائمةُ المصادر والمراجع.