شهادات فى محبة المسرحى المغربى الطيب الصديقى ضمن جلسات مهرجان المسرح التجريبى
أقيمت أمس الخميس، ثاني جلسات محور "رد الجميل" الذي يقام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين، وجاءت الجلسة عن المخرج المسرحي المغربي الكبير الراحل "الطيب الصديقي"، وذلك بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدار الجلسة الدكتور عمرو دوارة.
والطيب الصديقي (5 يناير 1939 – 5 فبراير 2016) ممثل وكاتب ومخرج مسرحي مغربي، وأحد أشهر الفنانين العرب، ويعتبر من أبرز الكتاب المسرحيين العرب في القرن العشرين، تبنى الأساليب المسرحية المغربية التقليدية، ودمج الاثنين في مزيج رائد من المسرح الغربي والتقليدي المغربي.
اشتهر الصديقي بتقديم عروض مسرحية لحشود كبيرة في ساحات كبيرة، وقد طور أسلوبًا من المسرح الاحتفالي أصبح شائعًا في العالم العربي.
الطيب الصديقي رائد من رواد الإخراج المسرحي في العالم العربي
وفي البداية قال الدكتور عمرو دوارة: إن الطيب الصديقي رائد من رواد الإخراج المسرحي في العالم العربي، وهو من النخبة القليلة الذين استطاعوا إمداد تجربتهم إلى خارج حدوده الجغرافية، إذ نجح في وضع نفسه كواحد من كبار المخرجين المسرحيين.
وأوضح "دوارة": الطيب الصديقي كان مؤمنًا بأفكاره، وكان حرًا، فاعتمد في تجربته على شباك التذاكر وليس التمويل الحكومي، ومن هنا جاءت حرية أفكاره، ومن خلال مداخلة عبر خاصية "زووم"، عبر بكر الصديقي نجل المخرج المغربي الراحل الطيب الصديقي، عن تقديره لإدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لتكريم والده ضمن محور "رد الجميل"، مشيرًا إلى أن الراحل كان يتمنى أن يؤسس مسرحه الخاص لكنه لا يزال معلقًا، ويعملون اليوم على تدشينه.
الطيب الصديقي كان عسكريًا في انضباطه وفنانًا شاملًا
من جانبه قال الفنان المغربي حسن النفالي، إن الطيب الصديقي جاء من وسط ثقافي واضح إذ ولد في مدينة ذات طابع ثقافي وحضاري كبير، وهو أيضًا من عائلة مثقفة فكان والده مفكرًا ومثقفًا، وأيضًا إخوته كانوا أيضًا فنانين رائعين، وشقيقه سعيد الصديقي كان كاتبًا رائعًا، وصديق الصديقي كان صانعًا للديكور ماهرًا، فالعائلة لديها تاريخ كبير من الفن والثقافة، وكل هذه العوامل أثرت في تكوين الطيب الصديقي.
وأشار "النفالي" إلى أن الطيب الصديقي كان مسرحيًا شاملًا ومتنوعًا، فكان فنانًا تشكيليًا وكان خطاطًا، ويصمم السينوغرافيا، بجانب كونه ممثلًا ومخرجًا، وكان تركيزه على الصورة المسرحية لأن الجمهور يذهب إلى المسرح لكي يشاهده لا أن يسمعه، وكان منضبطًا، فكان عسكريًا في تعامله، وصارمًا، وكان دائمًا يقول إن الوقت جزء هام من العمل.
كان فرانكفونيًا في تكوينه لكن ميال للثقافة الإسلامية
فيما قال الكاتب والناقد المغربي الدكتور حسن البحراوي، إن الطيب الصديقي كانت انطلاقته الحقيقية في المغرب، لكنه لم يعمل الاقتباس أو الانتحال مما تعلمه هناك، ووضع رؤيته الخاصة للمسرح المغربي، حتى أن المسرح البلدي الذي أُسس عام 1927، ظل حتى وقت تولي "الصديقي" مسئوليته مسرحًا خاصًا بالجالية الفرنسية، لكنه استطاع أن يجعله مسرحًا مغربيًا ويصبح وجهة للجمهور المغربي.
وأضاف "البحراوي" أن تكوين "الصديقي" كان فرانكفونيًا، لكنه أيضا كان ميالًا للثقافة العربية والإسلامية، مشيرًا إلى أن أعماله خرجت من إطار المحلية التي تعبر عن تاريخ وقضايا المجتمع المغربي، إلى القومية والعالمية، ويكفي أن كانت لديه الجرأة ليقدم رائعة أبوالعلاء المعري "رسالة الغفران" مسرحيًا، واستطاع أن يجسد فلسفة "المعري" على خشبة المسرح.
الطيب الصديقي هو رائد المسرح الحديث في المغرب
بينما قال الناقد المسرحي الدكتور عبدالواحد بن ياسر، إن هناك من يختار المسرح وهناك من يختارهم المسرح، والطيب الصديقي كان أحد هؤلاء الذين اختارهم المسرح، مشيرًا إلى أن الصديقي كان من رواد الفرجة، وكانت له تجربته الكبيرة في مسرح الحلقة، موضحًا أن هناك عدة مداخل يمكننا النظر بها إلى تجربة الطيب الصديقي المسرحية، لعل أبرزها المدخل التاريخي، وهناك مدخل جمالي لأن الصديقي كان مطلعًا على جميع التجارب المسرحية العالمية.
وتابع "بن ياسر" أن الطيب الصديقي يعد بمثابة مؤسس للمسرح الحديث في المغرب، مشددًا على أنه كان ابن القاع الفقير القريب من الناس، ابنًا مخلصًا لوطنه المغرب، فرغم سفره الطويل لفرنسا وغيرها، لكنه كان دائمًا يرى أن تجربته ومكانه في المغرب وليس خارجه.
ولفت الدكتور عبدالواحد بن ياسر إلى أن الظاهرة التي تؤلمه هى قلة الكتابات عن الطيب الصديقي، فرغم تجربته الكبيرة والمتنوعة إلا أننا لا نجد إلا 5 عناوين على الأكثر تتحدث عن تجربته ومسيرته، مشددًا على أن حلم الصديقي الأخير كان هو مسرح موكادور الذي حلم بتأسيسه في مدينة مسقط رأسه لكنه حلم مجهد، لم يخرج للنور حتى اليوم.