رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسيون ليبيون لـ"الدستور": الميليشيات تسيطر على أموال البلاد وتعزز الانقسام

ليبيا
ليبيا

أكدت السفارة الأمريكية لدى ليبيا، أمس، دعمها مبادرة بعثة الأمم المتحدة للدعم  لاستضافة محادثات بين الأطراف الليبية الرئيسية، للمضي قدمًا في حلّ الأزمة المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي.

وحثت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة، مشيرة إلى أن تصاعد التوترات في الأيام الأخيرة أدى إلى تقويض الثقة في الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا في نظر المواطنين الليبيين والمجتمع الدولي، وإثارة احتمالات المزيد من المواجهات المدمرة.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعربت، في بيان مساء الإثنين، عن عميق أسفها لما آلت إليها الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب، معتبرة أن الإصرار على هذه القرارات أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي.

وأعلنت البعثة اعتزامها عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي، للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة، داعية إلى تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي، والرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط والكف عن إقحام مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الصراعات السياسية، ووقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية أو منافع فئوية.

البنك المركزي "مسيس"

وفي هذا الإطار، أكد عبدالسلام البدري، نائب رئيس الوزراء الليبي السابق، أن مصرف ليبيا المركزي تحول بعد فبراير 2011 إلى حالة من الانقسام، على الرغم من أنه جسد موحد يخدم كامل ليبيا سواء في الشئون المالية أو الاقتصادية وكل الشئون الخاصة بتسيير أمور الدولة.

وأكد البدري، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الانقسام زاد بعد 2014، وأصبح هناك واحد في طرابلس وآخر في بنغازي، لكن الصديق الكبير المحافظ الحالي للبنك، أصبح يديره بشكل سياسي ودعم طرف سياسي دون غيره منذ سنوات، وكان يجب أن يكون هناك توازن وعدالة في التوزيع والإنفاق، لكن ما حدث للأسف عام 2014 وحتى اليوم خلق حالة من التشظي، في حين يجب أن تكون ليبيا دولة واحدة ومكونًا عربيًا واحدًا دون أي انقسام بين شرق وغرب، ودون تقسيم للمؤسسات.

وتابع: "الانتماءات التي تأتي لأشخاص وتوجهات سياسية لا نؤمن بها ولا تعود على الوطن بخير، والمصرف المركزي أهم مؤسسات الدولة، فهو من يدعم التنمية والاقتصاد وغيره في كل مجالات الحياة، لذا يجب أن يكون للجميع وليس لجهة دون سواها، والآن لدينا حكومتان، حكومة أسامة حماد المنتخبة من قبل البرلمان، وحكومة عبدالحميد الدبيبة التي عزلها البرلمان، وهذه سنة الديمقراطية وطبيعة الحياة، لكن الدبيبة لا يريد التنحي وترك السلطة".

وأضاف: "بدأت اللعبة على من يتحكم في مصرف ليبيا المركزي، ومن يتحكم فيه يتحكم في الدولة ومبيعات النفط التي تمثل 90% من إيرادات ليبيا، وهذا أعطى الصديق الكبير القدرة على التحكم في المال كله، والنفط ينتج من الشرق والجنوب، ولكن الأموال تذهب للغرب في طرابلس فقط، ما أثار الغضب مما يجري".

وقال السياسي الليبي إنهم يؤمنون بأن ليبيا دولة واحدة، وكان يجب على المركزي أن يحافظ على أموال شعبها وضبط الأسعار والتضخم، لكن ما جرى عكس ذلك، فقد أصدر البنك المركزي قرارًا بفرض ضرائب بنسبة 30% على العملة المتضخمة بالأساس، ووصل الدولار إلى ما يعادل 7 دينارات ليبية، ما أضر المواطن بسبب قرارات مسيسة تخدم أجندة معينة، وهذا دفع البرلمان لإصدار قرار بتنحية الدبيبة واعتباره غير شرعي.

وتابع البدري: على الرغم من أن قرار البرلمان بعزل حكومة الدبيبة ما زال يحظى بدعم خارجي لأن المعايير الدولية غير صحيحة، رغم أن البرلمان الجهة الشرعية الوحيدة في ليبيا.

وأوضح البدري أن الشرق والجنوب ينتج النفط في ليبيا، ومع هذا لا يحصل على عوائد لذا لجأ إلى غلق إنتاج النفط، فالليبيون ملوا من الصراعات ولا يريدون الدخول في حرب عبثية تستفيد منها الميلشيات والدول الأجنبية.

وشدد السياسي الليبي على أن تداول السلطة جزء من الديمقراطية من خلال جهات منتخبة فما يقوله البرلمان هو ما يسري، فلماذا نتمسك بأشياء غير ديمقراطية ليست مناسبة لليبيين تسبب الصراع؟.

كل المؤسسات السياسية غير شرعية

فيما قال الأكاديمي الليبي محمد سعد أمبارك، إن كل المؤسسات السياسية القائمة في ليبيا حاليًا غير شرعية، ولم يعد لها أي سند قانوني، ولم تعد ثقة الشعب بها قائمة، والتعامل معها لا يجب أن يكون في إطار تفسير القانون والشرعية، بل لا يعدو كونها أمرًا واقعًا، ما يعني أن كل ما تتخذه هذه الأجسام من إجراءات يعتبر غير قانوني في نظرنا. 

وأضاف أمبارك، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن أجسام قوة الأمر الواقع تحولت إلى أطراف تتصارع حول السلطة والمال، وبالطبع يقع مصرف ليبيا المركزي ضمن مكونات الغنيمة بالنسبة لهذه الأطراف.

وتابع: "قد يحدث الانقسام داخليًا في المصرف المركزي ولكن التعاملات المالية الخارجية لا بد وأن تكون موحدة بفعل الإرادة الدولية، والمشكلة التي نخشاها هى أن عواقب هذا العبث سيتضرر منها الشعب وسيدفع المواطن ثمن تبعات هذا العبث". 

وأضاف: "كما هو معروف أن ما تمتعت به المناطق الخارجة عن سيطرة الميليشيات، والتي تتم حمايتها من قبل القوات المسلحة وتوفر لها الأمن والاستقرار، ما وفر مناخًا مناسبًا لتحريك عجلة التنمية وإعادة الإعمار، الأمر الذى شكل حالة توتر وغضب من استفحال الفساد والنهب في مناطق الميليشيات المتناحرة، وكذلك لغياب التنمية الحقيقية".

وقال السياسي الليبي إن نجاح الجيش الليبي دفع بعض الأطراف إلى محاولة الإضرار بمشروع إعادة الإعمار وقطع الإمداد المالي اللازم لاستمراره، ما اضطر السلطات في المناطق المستقرة لاتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع نهب عائدات النفط واستغلالها من الميليشيات والتسبب في تعطيل أو إيقاف مشروعات التنمية وإعادة الإعمار.