4 خبراء أمريكيين يتحدثون لـ«الدستور» عن الكفة الرابحة فى سباق «هاريس» و«ترامب» إلى كرسى البيت الأبيض
أكد ٤ من الخبراء الأمريكيين أنه من السابق لأوانه التنبؤ بمن يمكنه الفوز فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة فى نوفمبر المقبل، رغم الحماس الذى يبديه الناخبون من الشباب الليبراليين لمرشحة الحزب الديمقراطى ونائبة الرئيس كامالا هاريس على حساب منافسها الجمهورى والرئيس السابق دونالد ترامب، فى ظل عدم قدرة أى منهما على حسم الولايات المتأرجحة، التى تعد الأكثر تأثيرًا على مسار الانتخابات.
وأوضح الخبراء الأمريكيون، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن موقف أى من المرشحين من حرب غزة لن يؤثر كثيرًا على نوايا التصويت فى معظم الولايات، وإن كان يمثل مسألة مهمة فى الولايات التى يقطنها كثير من الأمريكيين من أصول عربية، مثل ميشيجان، مشيرين إلى أن دعم القيادى الديمقراطى روبرت كينيدى الابن،لـ«ترامب»، لا يمنح الأخير إلا ميزة طفيفة، خاصة أنه ليس من بين الأصوات المؤثرة انتخابيًا.
سكوت كلوج: حرب غزة ستؤثر على نوايا التصويت فى بعض الولايات المتأرجحة والتى يوجد بها عدد من العرب
قال سكوت كلوج، القيادى الجمهورى وعضو الكونجرس السابق والحائز على جائزة «إيمى»، إنه من السابق لأوانه التنبؤ بمن يفوز فى السباق الانتخابى الأمريكى، متوقعًا أن السباق سيشتد فى الفترة المقبلة، مع تزايد اهتمام الناخب الأمريكى بشكل كبير بموضوعات، مثل ارتفاع تكلفة الغذاء وقضية الهجرة غير الشرعية.
وأوضح «كلوج» أن الولايات المتأرجحة، مثل ميشيجان وبنسلفانيا وغيرهما، هى من ستقرر مصير الانتخابات، خاصة أن معظم الولايات الأخرى تصوت بشكل معتاد لصالح أحد الحزبين الجمهورى أو الديمقراطى.
وأضاف: «الانتخابات المقبلة ستشكل قضية صعبة بالنسبة لخبراء استطلاعات الرأى الأمريكيين، كما كان الحال مع استطلاعات الرأى الخاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أو حتى الانتخابات البرلمانية الماضية، لأن الناخبين المحافظين يكذبون خبراء استطلاعات الرأى، الذين يرون أنهم جزء من وسائل الإعلام ذات الميول اليسارية».
وأشار إلى أن دعم المرشح الديمقراطى السابق روبرت كينيدى الابن، المرشح الجمهورى دونالد ترامب، سيؤثر على اتجاهات التصويت بشكل طفيف، ولن يكون كافيًا لحسم حظوظ «ترامب» فى الفوز بالسباق إلى البيت الأبيض، لافتًا إلى أن الأمر نفسه ينطبق بشكل ما على اختيار تيم والز، نائبًا لـ«هاريس»، أو جى دى فانس نائبًا لـ«ترامب»، خاصة أن كليهما من منطقة الغرب الأوسط.
ولفت إلى أن أزمة الحرب فى غزة يمكن أن يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، على سبيل المثال فى ولاية ميشيجان، خاصة مع وجود عدد كبير من السكان العرب الذين قد يصوتون ضد «هاريس» أو يبقون فى المنزل دون تصويت. وبيّن القيادى الجمهورى أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ستتأثر بالتأكيد حال فوز «هاريس» أو «ترامب»، خاصة أن الأولى ستمثل امتدادًا للسياسة الحالية للرئيس جو بايدن، فيما ليس معلومًا بعد طبيعة السياسة التى سيتبعها «ترامب» فى الشرق الأوسط حال فوزه، ومدى اختلافها عما اتبعه فى ولايته السابقة.
تشارلز دبليو دون: ترشح «هاريس» أثار حماس الشباب.. وتأثير اختيار نائبها لن يظهر إلا بعد المناظرات
أوضح تشارلز دبليو دون، الباحث غير المقيم فى معهد الشرق الأوسط للدراسات والدبلوماسى السابق فى الخارجية الأمريكية، أن السياسة الخارجية للمرشحين لا تؤثر بشكل كبير على تفضيلات الناخب الأمريكى، مشيرًا إلى أن معظم الأمريكيين لا يدلون بأصواتهم بناءً على قضايا السياسة الخارجية، مثل حرب غزة، وذلك رغم أن سياسة بايدن أغضبت العديد من الديمقراطيين الشباب الليبراليين، والناخبين العرب الأمريكيين، الذين قد يكونون حاسمين فى ولايات مثل ميشيجان.
وقال: «كامالا هاريس قامت بعمل ماهر فى خطاب قبولها الترشح، وتعاملت مع القضية من خلال دعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، بينما دعت أيضًا إلى دعم الفلسطينيين، وكان هذا أحد أكبر أسباب التصفيق لها فى خطابها، وقد يتبين أن غزة أصبحت مشكلة أقل بالنسبة للديمقراطيين الآن بعد أن أصبحت هاريس مرشحة، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت ستتخذ موقفًا مختلفًا تمامًا بشأن غزة عن بايدن إذا انتخبت رئيسة».
وأضاف: «من ناحية أخرى، من المرجح أن يقدم ترامب دعمه الكامل لإسرائيل، وأن يتجاهل الملف الفلسطينى تمامًا، كما فعل إلى حد كبير خلال فترة ولايته فى البيت الأبيض».
وأشار إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير اختيار النائبين «والز» و«دى فانس» على مواقف الناخبين، لافتًا إلى أن الانطباعات المبكرة عن الأول بين الديمقراطيين والمستقلين جاءت جيدة جدًا، لذا فقد يلعب دورًا مهمًا فى التأثير على الناخبين المعتدلين والمستقلين فى ولايات الغرب الأوسط المتأرجحة، ولكن الأمر يتوقف على مناظرته مع الثانى، لأن المناظرة ستسهم فى تشكيل المواقف تجاه أيهما.
كالفين دارك: دعم «كينيدى» الابن لـ«ترامب» يمنحه ميزة طفيفة لأنه ليس صوتًا مؤثرًا
أشار كالفين دارك، المحلل السياسى والاستراتيجى والخبير فى الحملات الانتخابية الأمريكية، إلى أن السباق الانتخابى فى الولايات المتحدة لا يزال متقاربًا حتى الآن، ويبدو أنه بإمكان أى من المرشحين «هاريس» أو «ترامب» حسمه لصالحه فى نوفمبر المقبل، رغم أن «هاريس» أثبتت فى شهر واحد أنها تتمتع بدعم ساحق من الحزب الديمقراطى؛ لتصبح الرئيسة القادمة للولايات المتحدة.
وأضاف: «هاريس جمّعت أكثر من ٥٠٠ مليون دولار من الأموال، وتتقدم بشكل مستمر فى استطلاعات الرأى فى الولايات المتأرجحة الرئيسية، ومن الواضح أن الناخبين متحمسون لترشحها بعد تنحى بايدن عن السباق الانتخابى».
وأشار إلى أن اختيار «هاريس» للحاكم تيم والز ليكون نائبها أدى إلى حماس الناخبين فى المناطق الريفية، خاصة فى الغرب الأوسط، لأن سياساته التقدمية كعضو فى الكونجرس، وكحاكم، تحفز الناخبين من الشباب الليبراليين، الذين كان دعمهم لـ«بايدن» ضعيفًا. وحول تأثير حرب غزة على مسار الانتخابات، قال: «أثبتت هاريس أنها تستطيع التحدث عن الحرب فى غزة بطرق لا تنفر الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين، ومع ذلك، فإنها يجب عليها تقديم خطة عمل لكسب دعمهم فى نوفمبر، ودعم كلماتها التى ستقنع الناخبين بأن سياساتها تجاه إسرائيل والفلسطينيين ستكون أكثر عدالة وفاعلية من سياسات سلفها». وأضاف: «الناخبون المهتمون بالحرب فى غزة سوف يكونون أكثر ميلًا لدعم (هاريس)، لأنه من الواضح أن سياسة الرئيس السابق ترامب تجاه غزة سوف تكون أسوأ بكثير»، معتبرًا أن «الفوارق بين سياسة كل منهما تجاه الشرق الأوسط ستكون كبيرة، وستدفع بالمنطقة إما إلى تعزيز الأمن والاستقرار وإيجاد حلول طويلة الأجل للمشكلات، أو الدفع نحو مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار».
وأشار إلى أن دعم روبرت كينيدى الابن لـ«ترامب»، قد يمنح الأخير ميزة صغيرة فى بعض الولايات المتأرجحة- وهو ما قد يكون حاسمًا فى سباق متقارب-، لافتًا إلى أن «كينيدى» بشكل عام لا يعد صوتًا سياسيًا مؤثرًا فى الولايات المتحدة.
ماهر نيقولا الفرزلى: القاهرة فى قلب رقعة الشطرنج الكبرى ومَن سيفوز سيحتاج إلى استمالتها
أوضح ماهر نيقولا الفرزلى، مدير المركز الأوروبى- الآسيوى، مدير منتدى واشنطن، أنه منذ أيام الفيلسوف الإيطالى «شيشرون»، ويعرف الاستراتيجيون العسكريون والسياسيون أن المال هو العصب المركزى للحرب، وهنا يبدو أن كامالا هاريس لها اليد العليا بجمعها أكثر من ٥٠٠ مليون دولار منذ دخولها السباق، وهذا أكثر من ضعف المبلغ الذى جمعه «ترامب» خلال الفترة نفسها.
وأضاف أن المصادر الرئيسية لتمويل حملة «هاريس» تأتى من ٣ مجموعات، هى: مليارديرات هوليوود ووسائل الإعلام السائدة، ومصرفيو الاستثمار فى «وول ستريت» ومديرو صناديق التحوط، وبدرجة أقل، المانحون «القاعديون» الأكثر تواضعًا مثل موظفى الحكومة ونقابات المعلمين، وما إلى ذلك. وبيّن أنه فى المقابل يتمثل مانحو «ترامب» فى عدة جهات، منها مستثمرو وادى السيليكون «صناعة التكنولوجيا»، وصناعات النفط والغاز والبناء، وأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والمزارعون فى «أمريكا الوسطى».
وتابع أن أكبر أزمة يواجهها «ترامب» فى السباق ليس العداء المزعوم من جانب الدولة العميقة فى واشنطن، وهو عامل مبالغ فيه إلى حد كبير، بل ما يسمى «المعالجة الذاتية للمعلومات» التى يتعين على حملته مواجهتها كل يوم، وتتمثل فى ٤ من شبكات التليفزيون الكبرى الخمس، مثل «إن بى سى» و«سى بى إس» و«إيه بى سى» و«بى بى إس»، وهى محطات معادية له ولكل ما يمثله بشكل علنى.
وعن تأثير الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان وبنسلفانيا وغيرهما على السباق، قال: «من الواضح أن الانتخابات ستحسم فى ولايات الغرب الأوسط، مثل إلينوى وميشيجان ومينيسوتا وأوهايو وويسكونسن، إضافة إلى بنسلفانيا، وهى ست ولايات رئيسية محددة ومصابة بدرجات متفاوتة بالانحدار الصناعى والإفقار الاجتماعى والاقتصادى، لذلك، فليس من قبيل المصادفة أن هاريس وترامب اختارا شعبويين من الغرب الأوسط، كمرشحين لمنصب نائب الرئيس».
وبيّن أنه من ضمن المروجين لحملة «هاريس»، تيم والز، المدرب الألمانى اللوثرى البروتستانتى، الذى وصفه بـ«القديم الغاضب»، والذى حسب رأيه تحول إلى سياسى تقدمى من مدينة نيو أولم «حاكم ولاية مينيسوتا منذ يناير ٢٠١٩» إلى داعم لحقوق «المثليين» فى الجامعات.
ورأى أنه ربما قللت حملة «هاريس» من تقدير الضرر الذى يمكن أن يلحقه الدعم الذى قدمه روبرت فرانسيس كينيدى لـ«ترامب»، حيث يتمتع «كينيدى» بقاعدة كبيرة من ٤٪ إلى ٥٪ من الناخبين الذين ربما يكونون على استعداد لاتباعه والتغلب على ازدرائهم الغريزى للمرشحين الجمهوريين، عبر التصويت لترامب باعتباره الأقل شرًا، مبينًا أن «هاريس» تتقدم على «ترامب» بنسبة بين ١٪ و١.٥٪ فقط فى معظم استطلاعات الرأى.
وأكمل: رمزيًا سيعزز كينيدى أيضًا شعبية ترامب على مستويين: أولًا، الاستفادة من عدائه للشبكات التليفزيونية الكبرى، وأهمها «سى إن إن» و«إن بى سى»، التى يرى العديد من الناخبين المستقلين أنها متحيزة للغاية.
وواصل: «ثانيًا، مساعدة ترامب فى إقناع الناخبين اليهود والمسيحيين الوسطيين غير الحاسمين؛ بمن فى ذلك الناخبون من الطبقة العاملة (البيض العرقيون) فى فيلادلفيا وديترويت ومينيابوليس وما إلى ذلك- بأن جناح كامالا هاريس فى الحزب الديمقراطى معادٍ لإسرائيل بشكل حاسم».
ورأى أنه «قد تجد كامالا هاريس نفسها فى موقف معقد فى الأسابيع المقبلة وهى تحاول الحفاظ على توازنها الدقيق، بين دعم البيت الأبيض الفعلى غير المشروط للعدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة وجنوب لبنان، وفى الوقت نفسه، تقديم دعم شكلى خطابى للقضية الفلسطينية وإظهار التعاطف مع السكان المدنيين فى غزة والضفة الغربية وما إلى ذلك». وتابع: «مع تكثيف الجيش الإسرائيلى قصفه الطرق والمدارس والمستشفيات فى غزة، ليس من الواضح أن جميع الناخبين العرب والمسلمين فى ميشيجان وإلينوى سيصدقون تصريحات المرشح الديمقراطى حول العمل من أجل صنع السلام والحاجة إلى حل الدولتين».
أما التغيرات فى السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، خاصة مصر حال فوز «هاريس» أو «ترامب»، فقال: «الأمر يتعلق بالفروق الدقيقة والتصورات، على عكس ما يعتقده الكثيرون فى العالم العربى، فإن المحرك الرئيسى للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم يعد الدفاع عن النفط أو المصلحة الوطنية لإسرائيل».
وقال: «يعتقد العديد من مخططى السياسات فى وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية والبنتاجون ومعظم مستشارى الأمن القومى لكل من ترامب وهاريس، أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحاجة إلى النظر إليهما من خلال عدسات مختلفة، مثل عدسة الحرب الباردة الجديدة التى بين واشنطن وبكين، وهى حرب من نوع جديد لا تُخاض بالصواريخ والطائرات النفاثة، بل باستثمارات جديدة تبلغ تريليونات الدولارات كل عام على طول طريق الحرير الجديد العملاق الذى يربط منشوريا بمانشستر».
وتابع: «انظروا إلى خريطة العالم، القاهرة تقع فى قلب رقعة الشطرنج الكبرى الجديدة، ومع تسارع التنافس الجيواقتصادى والتقنى الصناعى بين أمريكا والصين بلا هوادة، فإن من يفوز فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية يوم الثلاثاء ٥ نوفمبر ٢٠٢٤ سوف يحتاج إلى استمالة مصر».