المرجعية للوسطية
أتابع بكل التقدير والترحيب تلك الزيارات التى قام بها بعض السادة الوزراء الجدد لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حيث تركت لدى كل زيارة منها انطباعًا خاصًا، وذلك من منطلق كونى عضوًا فى اللجنة التنفيذية لبيت العائلة المصرية ومقررًا لإحدى لجانها، وهو ما جعلنى أشارك فى العديد من اللقاءات التى يرأسها فضيلة الإمام ويتحدث خلالها عن دور الأزهر الشريف داخل وخارج البلاد.. ومن هنا كانت متابعتى لتلك اللقاءات مع السادة الوزراء والتى بدأت بزيارة السيد/ بدر عبدالعاطى وزير الخارجية، والذى أكد أن الأزهر الشريف يمثل وجه التسامح والاعتدال ووسطية الإسلام، مشيرًا إلى أهمية الجولات الخارجية التى يقوم بها فضيلة الإمام والتى تعكس الصورة المميزة والمشرفة لمكانة الأزهر، مطالبًا بتكثيف تلك الزيارات لما تمثله من قوة ناعمة للدولة المصرية الحديثة.. ثم أكد على سعى وزارة الخارجية على إبراز صوت الأزهر عالميًا فى مختلف القضايا التى تتعلق بالشأن الداخلى لمصر مثل حقوق الإنسان ودور المرأة فى المجتمع وكيفية نجاح الدولة المصرية فى مواجهة الإرهاب والتطرف.. وهنا أشار فضيلة الإمام إلى إمكانية اعتماد الوزارة على التقارير التى يصدرها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لبيان دور مصر فى هذا المجال، بالإضافة إلى تبنى الأزهر مشروع «التعريف بالإسلام»، الذى يقوم الأزهر على تصميمه حاليًا، والذى يتضمن فى أحد محاوره خلق تصور لدى الدبلوماسيين المصريين فى الخارج حول فحوى الإسلام الصحيح ووسطيته ورسالته السمحة، بما يسهم فى التصدى لظاهرة تنامى العداء للإسلام والمسلمين وإزاحة الستار للتعرف على مقوماته ومبادئه التى تدعو إلى التسامح والتعايش والحوار.. ومن المؤكد أن السيد وزير الخارجية قد خرج من هذا اللقاء بانطباع إيجابى فى العلاقة التى سوف تكون بين وزارة الخارجية ومبعوثيها خارج البلاد وبين مؤسسة الأزهر بكل قطاعاتها وهيئاتها.
وفى لقائه مع الدكتور/ أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف الجديد، أكد فضيلة الإمام على أن منهج الأزهر هو دعم جهود المؤسسات الدينية فى مصر بما يخدم رسالة الإسلام الصحيحة ويحقق مصلحة الوطن وأمنه واستقراره بل ودعم كل المؤسسات الدينية فى العالم لتحقيق الأهداف المشتركة لخدمة الإسلام والمسلمين، كما أكد على ضرورة الاهتمام بالأئمة وأن يشملهم بالعناية والرعاية والاهتمام بأمورهم وشئونهم وتحفيزهم حتى يستطيعوا أن يقوموا بدورهم ويعيدوا إلى رجل الدين مكانته المرموقة فى المجتمع من وقار العلم والتواضع والخلق الرفيع والاعتزاز بالنفس، وكان هذا هو اللقاء الثانى الذى قام به أحد السادة الوزراء الجدد.
ويأتى بعد ذلك لقاؤه مع الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، حيث أكد فضيلته على ضرورة التصدى للأنماط الثقافية والفنية الغريبة عن مجتمعنا والتى استهدفت إقصاء ثقافتنا الأصيلة والدينية الحقيقية وتهميش دورها فى بناء الإنسان وتشكيل وعيه، كما دعا إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية لمواجهة التقهقر الثقافى والتراجع الحضارى الذى أثر بالسلب على شبابنا..وهنا فإنه من الواجب الإشادة بتلك الزيارة تحديدًا- من وجهة نظرنا- خاصة على ضوء أن ما تمتلكه المؤسستان الثقافية والأزهرية سوف يساعد إلى حد كبير فى بناء إنسان لديه من الوعى والرشد ما يجعل تفكيره مستنيرًا مكتسبًا للمهارات والقيم والدوافع التى تساهم فى مجالات التنمية المختلفة، من خلال استحداث وسائل مبتكرة فى مجال التوعية والتثقيف تقوم بها وزارة الثقافة بالتنسيق مع مؤسسة الأزهر للوصول إلى أكبر قاعدة شعبية ممكنة فى أسرع وقت، من خلال العديد من الأماكن والهيئات التى تساعد فى إيصال ونشر الرسالة، ومن ثم تحقيق الغاية المنشودة لجيل يستحق الاهتمام والرعاية لمواجهة المغريات السلبية التى تحيط به.
وإذا كانت زيارة وزير الثقافة، الأزهر الشريف تكتسب أهمية خاصة كون الثقافة والإعلام والفن ترتبط بوجدان الإنسان ومن الممكن أن تسيطر عليه إيجابًا أو سلبًا، فقد جاءت زيارة الدكتور/ أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، كونه المسئول الأول عن حوالى 60% من الشعب المصرى فى سن الشباب، ويا لها من مسئولية خطيرة.. ومن هنا فقد جاءت توجيهات شيخ الأزهر واضحة ومحددة للشباب الذين حضروا هذا اللقاء، حيث طلب منهم ضرورة العمل على تقريب الثقافات وإشاعة السلام بين الناس ومشاركتهم فى آلامهم ومشكلاتهم، خاصة أن العالم حولنا يمر بمرحلة صمت مريب على ما يتعرض له الشعب الفلسطينى من ظلم وهدم لكل القيم الإنسانية والأخلاقية.. وقد مثل هذا اللقاء رسالة دعم للشباب العربى بصفة عامة والفلسطينى بصفة خاصة.
وفى إطار رصد لقاءات فضيلة الإمام بالسادة الوزراء الجدد- حتى الآن- جاء اللقاء مع السيد/ محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، وأعتقد أنكم تشاركوننى فى أهمية هذا اللقاء تحديدًا، كون التعليم هو الجدار الواقى لتحصين أبنائنا من الأمراض المجتمعية الخبيثة، كما قال الإمام، حيث حذر من الانسياق خلف الأنظمة التعليمية التى تحمل أهدافًا غير معلنة لهدم المجتمع الشرقى الأصيل ومن مخططات اختطاف التعليم العربى، بما يخدم أجندات الغزو الثقافى وضرورة توفير البيئة المناسبة لاحترام المعلم وتشجيعه على البذل والعطاء، وأن تكون للتعليم فى مصر شخصية مستقلة تتناسب مع تطلعات الأمة.. ومن الواضح أن وزير التعليم لديه من الرؤية والخبرة ما جعله يؤكد أنه يسعى لإيجاد وسائل غير تقليدية لدمج القيم والأخلاق بالمناهج التعليمية حتى يسهل ترجمتها لسلوكيات فاعلة فى المجتمع، كما أكد على تطلعه لتعزيز التعاون مع الأزهر فى مجالات تحصين الطلاب ضد التطرف وتعزيز القيم النبيلة.
هكذا كانت بدايات عمل تلك المجموعة المتميزة والمسئولة عن أهم قطاعات المجتمع المصرى بكل طوائفه وأعماره وفئاته.
والأمل.. كل الأمل أن نشهد عهدًا جديدًا بالفعل يكون فيه الإنسان المصرى هو بؤرة الاهتمام بحمايته الدينية والاجتماعية والثقافية، وهو ما دعا إليه مرارًا وتكرارًا السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن بناء الإنسان المصرى يجب أن يسبق أى اهتمامات واعتبارات أخرى.