رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزام النار.. كيف تواجه مصر مخاطر "الحدود المشتعلة"؟

جريدة الدستور

أكد عدد من الخبراء الاستراتيجيين وأساتذة القانون الدولى ونواب البرلمان جاهزية مصر لكل السيناريوهات المحتملة للتداعيات المحتملة على أمنها القومى المصرى، على مختلف الأصعدة، رغم التحديات المختلفة التى تشهدها الدولة المصرية على حدودها، سواء كانت شرقًا أو غربًا أو جنوبًا، وذلك نتيجة انتشار الصراعات فى كثير من دول المنطقة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأوضاع داخل مصر.

وأوضحوا أن مصر تواصل جهودها على كل المستويات من أجل تهدئة الأوضاع واحتواء أى تصعيد إقليمى، بالإضافة إلى مواجهة كل التحديات التى تواجه أمنها القومى.

 

اللواء محمد قشقوش:  مفاوضات القاهرة «الأمل» للتهدئة فى قطاع غزة

أكد اللواء محمد قشقوش، الخبير الاستراتيجى والعسكرى، أن بؤرة الأزمات المشتعلة بالإقليم تتسع بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وتهدد بالتحول من أزمات خاصة داخل كل دولة إلى أزمات إقليمية واسعة، فى ظل استمرار الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وتمدده إلى صراع إسرائيلى إيرانى، الأمر الذى يهدد المنطقة برمتها.

وأضاف: «إيقاع الأزمة فى ليبيا هادئ حاليًا، لكن الأزمة ما زالت موجودة، وكذلك الوضع فى السودان، فرغم وجود مفاوضات فإن جهود التهدئة لم تنجح بالشكل المطلوب حتى الآن، ومع ذلك فإن الأزمات التى تشعلها إسرائيل هى الأكثر خطورة، فالعالم كله ينتظر الآن الرد الإيرانى على التصعيد الإسرائيلى واغتيال إسماعيل هنية، القائد السياسى لحركة (حماس) فى طهران، مما يجعل الموقف مضطربًا ومرشحًا للانفجار فى أى لحظة».

وتابع: «رغم ذلك، فإن الأمل معقود على المفاوضات التى ستحدث فى القاهرة هذا الأسبوع لتهدئة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، ووضع اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، ما يمكن معه نزع فتيل الأزمة نسبيًا، لأنه سيكون خطوة متقدمة فى تحقيق هدوء نسبى فى كثير من الأزمات المشتعلة بالمنطقة». واستطرد: «مصر تعمل كوسيط فى المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، والأطراف ذات التأثير، من أجل التوصل إلى صيغة توافقية لوقف إطلاق النار داخل القطاع، ووقف المأساة الإنسانية التى يعيشها المدنيون الفلسطينيون، وكذلك لتجنيب المنطقة ويلات حرب إقليمية أوسع».

اللواء سيد الجابرى:  الدولة تبذل جهدًا كبيرًا لإعادة الاستقرار إلى الإقليم

قال الخبير الاستراتيجى اللواء سيد الجابرى، إن العالم يشهد مرحلة مضطربة تتم فيها إعادة ترتيب الأوضاع وبناء نظام عالمى جديد، الأمر الذى تنعكس تداعياته على المسرح السياسى العالمى والإقليمى.

وأضاف: «هناك ٥ دول تتنافس على قيادة الإقليم، هى إيران وتركيا والسعودية ومصر والكيان الصهيونى، الأمر الذى يجعل جميع الأمور خاضعة لتوازنات وقابلة للصراعات، وتعد مصر الأوفر نصيبًا من الضغوطات عليها، لأنها أيضًا الأقدر على قيادة المنطقة لعدة أسباب استراتيجية، منها أنها دولة محورية، وأنها قادرة على قيادة الأمتين العربية والإسلامية، إلى جانب أنها الوحيدة التى تمتلك بعدًا إفريقيًا».

وواصل: «مصر تمتلك الكثير من المقومات التى تجعلها مطمعًا للجميع، فلديها إمكانات وقوة بشرية هائلة وثروات معدنية واكتشافات بترولية وغازية، ولديها أيضًا الموقع المتميز والجذور التاريخية، سواء على المستوى العربى أو الإفريقى أو الإسلامى، الأمر الذى يجعلها قوة كبيرة، ويجعلها أيضًا تتحمل ضغوطات كثيرة، حتى من بعض الدول الخليجية نفسها».

وأشار إلى أن الحروب المشتعلة فى المنطقة تنقسم إلى نوعين، فهى إما حروب أهلية، كما هو الوضع فى السودان، أو حروب لا متماثلة، مثل التى تحدث بين إسرائيل وحركة «حماس»، أو إسرائيل و«حزب الله»، منوهًا إلى أن مصر، وسط هذه الحروب، فتحت أبوابها لكل اللاجئين، من العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، من الذين لم تستطع أى دولة أوروبية أن تستوعبهم.

وتابع: «فى ظل الأوضاع الحالية تبذل مصر جهودًا كبيرة لجلب الاستقرار إلى الإقليم، ومنها ما تبذله حاليًا لمنع تجدد الاشتباكات فى ليبيا، فى ظل نذر اندلاع حرب جديدة بين الجانبين المتحاربين داخل ليبيا، مع التشجيع على إيجاد حل (ليبى- ليبى)، بتوافق بين كل الأطراف والقوى الليبية».

سياسى لبنانى: دور مصر الكبير يجعلها تتمسك بالدبلوماسية لأبعد درجة

قال الكاتب السياسى اللبنانى سركيس أبوزيد، إن هناك حربًا مشتعلة فى المنطقة، وقد تتمدد لتصبح حربًا شاملة، وهذا يمثل تحديًا لمصر، ونظرًا لدورها الاستراتيجى فى المنطقة لا تستطيع أن تنخرط فى حرب ولا تستطيع أن تقف متفرجة.

وأوضح «أبوزيد»: «مصر أمام خيارات مصيرية، خاصة فى ظل محاولة إسرائيل السيطرة على المعابر، إضافة إلى غزة، ما يشكل تحديًا مباشرًا لمصر، التى لا ترغب فى أن يكون هناك احتلال إسرائيلى لغزة أو للمعابر الاستراتيجية، والتى تعلن إسرائيل أنها سوف تتمسك بها».

وأضاف: «مصر تتبع سياسة واضحة وبشكل جدى، منها الوساطة مع حركة حماس، ولكن إذا خرجت الأمور عن حدود الدبلوماسية سيحدث تباين فى وجهات النظر، ولكن فى كل الحالات دور مصر العربى الكبير يحتم عليها أن تتمسك بالدبلوماسية لأبعد درجة ممكنة، دون خرق الاتفاقيات الدولية، ولكن إذا تطور الوضع إلى الأسوأ أتوقع أن يكون موقف مصر حاسمًا». وأكد: «إذا وصلنا إلى حرب شاملة ستكون مصر أمام تحدٍ بشأن التمسك بالدور الدبلوماسى والسياسى، الذى اتسم- حتى الآن- بنوع من الحياد مع الموقف المبدئى الداعم لفلسطين». 

وأشار إلى أن الجهات التى تريد تفاقم الأزمة وإشعال الحروب، والتى تدعم نتنياهو، لا توافق على فكرة حل الدولتين، وهو أساس السلام الذى تدعمه مصر، إذن مشروع السلام فى المنطقة إسرائيل تطعن فيه. وتابع: «حكومة نتنياهو، حتى الآن، ترفض وقف إطلاق النار، وترفض الاعتراف بفلسطين كدولة». وقال: «إسرائيل ترفض أى حل، ومصر من جهتها لا تستطيع أن تقبل الشروط الإسرائيلية، لأن ذلك سيصنع بؤرة توتر قد تتوسع وتصل لحرب استنزاف طويلة تهدد المنطقة بحرب شاملة.. لمصر موقف واضح من السلام، وهى على خلاف جوهرى مع ما تطرحه حكومة نتنياهو». 

وأكد أن «مصر الآن تبذل جهودًا كبيرة، خاصة فى المفاوضات التى ترعاها مع قطر»، مشددًا على أنه من مصلحة القاهرة التوصل لاتفاق، وتلعب دورًا ديناميكيًا فعالًا للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسى ومخرج، حتى لا تتطور الحرب وتصبح شاملة، لذلك مصر جادة وتقوم بدور سياسى ودبلوماسى أساسى وعميق، لكن حتى الآن فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقوم بدور ضاغط ومؤثر على الموقف الإسرائيلى بسبب الانتخابات الأمريكية، والانحياز لإسرائيل. 

أستاذ القانون الدولى أيمن سلامة: الأوضاع أثبتت صواب الرؤية المصرية وحكمة قيادتها

شدد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، على أن الحدود الملتهبة والمشتعلة فى قطاع غزة وليبيا والسودان تؤدى لتداعيات سلبية على الأمن القومى المصرى، نظرًا لأنها تحدث على الحدود وفى الدول التى تمثل الجوار الجغرافى الأقرب لمصر.

وأضاف: «رغم الخطورة الكبيرة فى ظل تصعيد كثير من الأزمات، وعلى رأسها الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وما يحدث من جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة، وأيضًا الصراع الإسرائيلى الإيرانى- فإن مصر احتفظت، برغم الأجواء المضطربة، بالاستقرار والأمن والسلم الأهلى، بفضل الرؤية المصرية المتوازنة، والدبلوماسية الناجحة، التى تدعو لتطبيق السلام، واحتواء الأزمات، واللجوء دائمًا إلى مائدة التفاوض».

وأكد أن مصر جاهزة لكل السيناريوهات والتداعيات المحتملة على الأمن القومى المصرى، على مختلف الصُعد، مشددًا على أن الأوضاع الحالية تثبت- بما لا يدع مجالًا للشك- مدى الحكمة والتأنى وصواب الرأى وسداد القرار السياسى المصرى الأعلى، فى ظل إصراره، وتوطيد دعائم السلم والأمن الدوليين.

النائبة ميرال الهريدى:  خطط للتعامل مع كل السيناريوهات المحتملة

رأت النائبة ميرال الهريدى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، أن الدبلوماسية التى تتبعها القيادة السياسية المصرية تعمل على تهدئة الأوضاع وإيقاف الحروب المشتعلة على حدودها، سواء فى ليبيا أو السودان أو فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، مؤكدة أن مصر قادرة على التعامل مع أى سيناريوهات للحفاظ على أمنها القومى، مع الاستمرار فى دعم ركائز السلم والأمن بالإقليم. وأضافت: «مصر، رغم اشتعال الأزمات بدول الجوار، حريصة على إعلاء لغة الحوار والعقل السليم مع دعم كل المفاوضات التى تؤدى فى النهاية للتوصل لنتائج تسهم فى تهدئة الأوضاع المشتعلة».

وأشارت إلى أن كل التحركات الدبلوماسية المصرية، التى تجريها القيادة السياسية، سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، تحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ومراعاة الأوضاع الإنسانية، لتجنيب المدنيين التعرض لمزيد من الأهوال والمخاطر.