ألمانيا تحاكم 3 بتهمة الانضمام لداعش.. وسياسي سوري: الاتهامات ستنطبق على عشرات الآلاف من المهاجرين
حددت محكمة ألمانية يوم 29 أغسطس لعقد جلسة للنظر في محاكمة جنائية لثلاثة سوريين أمام المحكمة الإقليمية في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، بتهمة الانتماء إلى تنظيمات إرهابية أجنبية، منها تنظيم "داعش"، وسط توقعات بصدور حكم بحق المتهمين في ديسمبر المقبل.
وأكد السياسي والكاتب السوري الدكتور كمال الجفا، أنه بعد 14 عامًا من التمويل والتحريض والاحتضان للتنظيمات الإرهابية في العالم، بدأنا نتلمس قليلاً من العدالة المفقودة في سوريا من خلال بعض الإجراءات الخجولة التي تقوم بها بعض الدول الأوروبية باتجاه أشخاص ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في سوريا والعراق وبعض دول المنطقة ضمن ما يُسمى بثورات الربيع العربي التي شهدناها خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.
وأوضح الجفا في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه من ضمن هذه الإجراءات هي المحاكمة الجنائية التي أعلنت عنها السلطات الألمانية لثلاثة سوريين أمام المحكمة الإقليمية في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، حيث تضمن الادعاء تهمة الانتماء إلى تنظيمات إرهابية أجنبية ومنها تنظيم "داعش"، وحدد يوم 29 أغسطس للنظر في القضية، وهذه المحاكمة لن يصدر فيها حكم فوري، حيث أصدر رئيس دائرة أمن الدولة التابعة للمحكمة مرسومًا أمنيًا من 14 صفحة يتضمن إجراءات متعددة من بينها تفتيش المشاركين في المحاكمة والحضور والشهود، وهذه الخطوات تعني أن هناك إجراءات أمنية متشددة ستصاحب هذه الجلسات.
وتابع الجفا: "للأسف أنه للمرة الأولى يتم تسليط الضوء أو القيام بإجراءات ضد شخصيات انتسبت لجرائم إرهابية مدعومة من الغرب، ارتكبت جرائم ضد الدولة والشعب والجيش السوري، أي ضد المؤسسات الرسمية السورية، بعد أن كانت عمليات الاعتقال والملاحقة تتم ضد شخصيات شغلت مناصب رسمية وأمنية أو انتسبت للجيش السوري الحر وبتحريض من مؤسسات محسوبة على المعارضة السورية الممولة غربيًا".
وأشار الجفا إلى أن هذه المحاكمة ستشمل أشخاصًا كانوا منتسبين لتنظيم إرهابي اسمه "جند الرحمن"، وهو قائد ومؤسس لهذا التنظيم الإرهابي، وهي مجموعة متمردة كانت تسعى إلى تحقيق أهداف، من بينها إطاحة الحكومة السورية. ويعتقد أن هذا التنظيم هاجم تحت قيادة هذا المتهم وبمشاركة المتهم الثاني، في يونيو 2013، قرية يسكنها شيعة في سوريا؛ ما أدى إلى مقتل 60 شخصًا ونزوح باقي السكان. وتحدث الادعاء العام عن وقوع عمليات نهب وتدمير في تلك الأثناء، وبالتالي ارتكاب جرائم حرب.
وتابع "الجفا" أنه كما ورد أيضًا في الادعاء، يعتقد أن المتهم استغل عائدات النفط من مصادر تم الاستيلاء عليها بأمر من "وحدته الإرهابية"، ليس فقط لدفع رواتب مقاتليه، لكن أيضًا لنفسه ولعائلته، ويعتقد أن هذا الرجل انضم لاحقًا إلى تنظيم "داعش" ووضع "كتيبته الإرهابية" تحت قيادة التنظيم، ويقول الادعاء إن المتهم الثاني كان له أيضًا سلطة إصدار أوامر داخل الكتيبة، بينما وجه الاتهام للشخص الثالث بأنه كان مسؤولًا عن العلاقات العامة، مثل إنتاج الفيديوهات الدعائية.
وأضاف السياسي السوري أن هذه الاتهامات ربما لو تم تحقيق العدالة لانطبقت على عشرات الآلاف من المهاجرين السوريين وغير السوريين المقيمين في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي، لأن الصراعات التي اندلعت بين التنظيمات الإرهابية خلال سنوات سيطرتهم على قسم كبير من الجغرافيا أدت إلى فرار الكثير من قياداتها ومنتسبيها إلى ألمانيا وغيرها، بعد ارتكابهم أفظع الجرائم بحق الشعب السوري ومنتسبي المؤسسات الرسمية والخدمية السورية، ليس فقط ضد الأجهزة الأمنية والعسكرية.
واشار السياسي السوري إلى أن هؤلاء الثلاثة والذين ألقي القبض عليهم في مدينتي كيل وميونخ العام الماضي مع الثالث الذي ألقي القبض عليه في دورتموند بعد التحقيق مع رفاقه والاعتراف عليه أمام أمن الدولة سيكونوا فاتحة خير لتطبيق العدالة بعيدا عن التسييس ولبدء الصفحة السوداء من العشرية السوداء التي عاشتها سوريا وبدعم غربي مطلق فقط لتحقيق أهداف سياسية بعيدة عن الحريات والعدالة وحق الشعوب في إدارة شؤونها ومؤسساتها واختيار نظامها السياسي كما يقولون في شعاراتهم.
وتابع أن هذه الخطوات غير المسبوقة وهذه الإجراءات سيتبعها حتما ملاحقات قضائية متلاحقة لأن ما جرى في سوريا وحجم المشاركين في جرائم الحرب والأعداد الكبيرة من هؤلاء والذين أصبحوا داخل المجتمعات الأوروبية سيشكلون حتما مجموعات إرهابية وبؤر استقطاب جديدة للأفكار المتطرفة التي تعلموها ومارسوها في سوريا وبالتالي سيدفع الغرب من جديد فاتورة ما اقترفت يداه من سياسات ضد الشعب والدولة السورية.
وأضاف "ربما إعادة التفكير العقلاني من قبل الدول الأوروبية بمجرى الأحداث السورية وإجراء تقييم ومقاربة جديدة لسياساته ضد سوريا سيعيد قليلا من المصداقية والقيم التي ينادي بها الغرب دائما والتي ستدفعه إلى فتح مزيد من الملفات الجنائية بعيدا عن التسييس والتمترس خلف مواقف مسبقة معادية للدولة السورية".
وأكد أن العبء الأكبر على محاربة تنظيم داعش في سوريا يقوم على عاتق الجيش السوري وبمساعدة ودعم وتنسيق من قبل القوات الروسية والهجمات والعمليات العسكرية التي تقوم بها خلايا داعش جميعها ضد القوات السورية والمنشآت الحكومية وقوافل النفط وحافلات نقل الركاب المدنية ورعاة الأغنام وجامعي الكمأة ولا يوجد أي هجمات ضد القوات الأمريكية أو ضد قوات "قسد".
وأضاف: “بالتالي اكبر كذبة اخترعتها الولايات المتحدة ان وجودها في سورية ضمن ما يسمى تحالف العزم الصلب هو لمحاربة داعش بل هو حقيقة الامر لدعم وتدريب داعش ودفعه لمهاجمة القوات السورية ومؤسسات البنية التحتية والمدنية في مناطق سيطرة الدولة السورية وليس ضمن المناطق التي تقع خارج سيطرتها وبالتالي استمرار وجود الولايات المتحدة الامريكية في سوريا هو كارثة واستمرار لجرائم داعش واستمرار استنزاف قدرات الجيش السوري والروسي لأنه يعمل على مبدأ اضرب واهرب وهي نظرية القتال عبر الذئاب المنفردة المتخفية بمجموعات صغيرة منخفضة الكلفة بالنسبة لهم والعالية التكاليف بالنسبة لسورية وحلفائها وهاذا ما يناسب سياسية الولايات المتحدة في سوريا”.
تعاون مصر وسوريا في محاربة الارهاب
وأكد أنّ مصر عانت من إرهاب داعش والتنظيمات لسنوات عديدة ودفعت أثمانًا غالية في سبيل محاربة هذه التنظيمات، وبالتالي اكتسبت القوات المسلحة المصرية والأجهزة الأمنية خبرات واسعة وراكمت كميات هائلة من المعلومات في كيفية إدارة الحرب الوقائية ضد هذه التنظيمات، وأيضًا سوريا راكمت خبرات قتالية ومعلومات ميدانية هامة جدًا خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف: "بالتالي تاريخيًا اعتدنا على معادلة لا خلاف عليها أنه عندما تكون سوريا بخير تكون مصر بخير والعكس صحيح، وبالتالي لا بد من جمع جهود البلدين وتوحيد إمكانياتهما وتشكيل فرق عمل وغرفة عمليات مشتركة لمحاربة تنظيم داعش وكافة التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من الإسلام السياسي المتشدد مسارًا ومنهاجًا لها".
وقال إنّ هذه التنظيمات ليس لها أمان أو مصداقية، وإنها هادنت في بعض الأحيان الأنظمة السياسية في وطننا لأنها تنقلب وبسرعة على كل تعهداتها واتفاقياتها مع الأنظمة السياسية الحاكمة في أي بلد تتواجد على أرضه، سواء كانت محلية أو عابرة للحدود، لأن منهاج عملها يعتمد على العمالة والولاء للغرب، وتعمل وفقًا لأوامره ومتطلباته السياسية، ولا تتخذ من المصلحة الوطنية العليا للأوطان التي تعيش بها شعارًا أو هدفًا لها، وحتى لا يؤمن جانبها وصفتها دائمًا الغدر والخيانة.