رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أثرت حرب غزة على الدعم الأمريكى لـ أوكرانيا؟

أوكرانيا
أوكرانيا

تدخل الحرب الروسية- الأوكرانية عامها الثالث دون حسم مع تراجع آفاق التسوية السلمية، ولا يزال النهج الروسي قائمًا على إحراز تقدم بطيء مُرتكز على استنزاف القوات الأوكرانية وإنهاكها، ومستفيدًا من تذبذب الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا رغم التوغل الأوكراني الأخير في كورسك.

جاء الدعم الغربي لأوكرانيا متعدد المسارات لتعزيز قدراتها على مواجهة روسيا، واستعادة أراضيها التي سيطرت عليها موسكو، فقد أبرمت مجموعة من الدول الأوروبية اتفاقيات أمنية مع أوكرانيا في مقدمتهم المملكة المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، وفرنسا، بالتوازي مع مواصلة فرض العقوبات على روسيا.

حرب غزة والساحة الأوكرانية

وتكمن المعضلات التسليحية المتشعبة التي طرأت على الدعم الغربي للجيش الأوكراني، على رأس قائمة الأسباب التي أدت إلى انكفاء الهجوم المضاد الأوكراني العام الماضي، وقد كان للحرب في غزة تأثير أساسي في هذا الصدد.

وأسفرت الحرب في غزة، عن ظهور عدة تحديات أمام صانع القرار الأمريكي، حيال الالتزامات المطلوبة من واشنطن تجاه تل أبيب، بالتوازي مع رغبة كييف في استدامة الدعم العسكري الأمريكي الموجه لها - خاصة على مستوى الذخائر.

وطرأت معضلة ترتبط بضرورة إيجاد نقطة توازن يمكن من خلالها لواشنطن دعم كلا الجانبين - كييف وتل أبيب - دون الاضطرار إلى تقديم تنازلات على المستوى الداخلي أو على المستوى الاستراتيجي.

وأدت خطورة الأوضاع الميدانية خلال الأشهر الأولى من حرب غزة، إلى إعطاء واشنطن الأولوية لإسرائيل، ما جعل دعمها لكييف يتراجع، الأمر الذي حمل انعكاسات ميدانية سلبية على وضع أوكرانيا، من المتوقع استمرارها رغم حزم الدعم العسكري الجديدة المقدمة لكييف.

وأصدرت عدة دول من حلف الناتو، هي: رومانيا وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وإيطاليا، بيانًا مشتركًا، أعلنت فيه عن تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي استراتيجية إضافية، تتضمن ثلاث بطاريات باتريوت إضافية، ومكونات وقطاع غيار لتشغيل بطارية باتريوت إضافية.

بطاريات باتريوت

وتسهم الوحدات الجديدة التي سيتم إرسالها إليها - خاصة بطاريات باتريوت، في إكمال النواقص في وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية، خاصة أن هذه الوحدات ستعمل في مرحلة ما بشكل آني مع مقاتلات إف 16، لتشكيل كمائن جوية للمقاتلات الروسية، وتأمين المناطق الحيوية في غرب ووسط البلاد.

ويمثل تسريع إدخال مقاتلات إف 16 في سلاح الجو الأوكراني، النقطة الأبرز في الدعم العسكري؛ حيث تتزود هذه المقاتلات برادارات حديثة، توفر لها القدرة على رصد الدفاعات الجوية والمقاتلات المعادية، من مسافات تصل إلى 70 ميلًا، وتمتلك قدرات تهديف وحرب إلكترونية جيدة. كما تمتلك صواريخ اشتباك جوي خلف مدى الرؤية.

ويلاحظ أن الربط بين زيادة الدعم العسكري المقدم لكييف وانضمام الأخيرة لحلف الناتو، ربما يحمل في طياته ضغطًا على موسكو، لتحجيم شروطها التي تضعها لبدء تفاوض سياسي حول إنهاء الحرب، وهو ما ينطبق قياسًا على عملية النشر المستقبلية لصواريخ جوالة في ألمانيا.

ولا تشكل حزم الدعم في جوهرها عاملًا حاسمًا للعمليات الميدانية، بل قد تصبح وسيلة لوقف محاولات موسكو توسيع خط المواجهة العسكرية ليشمل مقاطعة خاركيف.