كيف نجحت أوكرانيا فى السيطرة على 90 بلدة روسية خلال أيام؟
أثارت سيطرة أوكرانيا على 90 بلدة روسية خلال أيام الجدل بشأن قدرتها على اقتحام الأراضي الروسية خلال هجوم مفاجئ على جنوب روسيا، فيما تحاول موسكو تعزيز دفاعاتها بعد أكثر من أسبوع من الهجوم الأوكراني الخاطف عبر الحدود على منطقة كورسك الجنوبية.
وكشف مسئولون أمريكيون لشبكة "CNN"، عن أن روسيا حولت آلاف القوات من الأراضي المحتلة داخل أوكرانيا لمواجهة التهديد، كما اضطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الدفع بالمجندين، متراجعًا عن وعد قطعه بعدم استخدامهم على الخطوط الأمامية.
وبحسب الشبكة الأمريكية أظهرت صور الأقمار الصناعية حفر خندق كبير عبر الريف بالقرب من بلدة سيليكتسيوني، على بعد حوالي 45 كيلومترًا (حوالي 28 ميلًا) من الحدود، في كورسك وظهرت إعلانات وظائف على الإنترنت لحفاري الخنادق.
وقال الخبراء إن المناورة الجريئة التي اتخذتها أوكرانيا لاختراق حدود روسيا، وخططت لها في سرية تامة، أذهلت حتى أقرب حلفاء كييف، بما في ذلك الولايات المتحدة، ما أدى إلى تحول ساحة اللعب في حرب استمرت أكثر من عامين.
أسباب نجاح هجوم أوكرانيا على كورسك الروسية
وعن كيفية تمكن الأوكرانيون من مفاجأة موسكو واختراق الأراضي الروسي، قالت ناتيا سيسكوريا، زميلة مشاركة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية (RUSI) في المملكة المتحدة، إن سبب نجاح المهمة هو الأمن التشغيلي الممتاز، حيث لم يتم تسريب أي شيء عن العملية فوفق مقاطع فيديو من الأرض وصور الأقمار الصناعية لتقدمهم، بدت تحركات القوات وكأنها تمرين أو تعزيز دفاعي.
وأضافت: "أثبتت أوكرانيا أنها قادرة على تنفيذ مثل هذه العملية السرية والمهمة بنجاح، ويمكنها اختراق الأراضي الروسية، لذا لم يعد هذا هو الخط الأحمر، وما زالت ملتزمة بالقتال، وأنه لا يوجد شيء مثل إرهاق الحرب، وهي على استعداد لاتخاذ هذه التدابير المتطرفة من أجل الدفاع".
وكشفت الشبكة الأمريكية عن بناء وإعداد كييف للقوة العسكرية التي نفذت الاختراق تحت غطاء من أوراق الشجر الصيفية الكثيفة على طول الطرق الريفية في منطقة سومي، في شمال شرق أوكرانيا، كما تم إحضار وحدات متمرسة ومتمرسة في المعارك أو تحويلها من مناطق أخرى.
وبالفعل تم سحب وحدات مثل اللواء 82 للهجوم الجوي، الذي كان حتى وقت قريب يقاتل في منطقة خاركيف القريبة، إلى المهمة لاختراق الحدود، وفقًا لمقاطع فيديو متعددة وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتزعم أوكرانيا أنها تسيطر على أكثر من 1000 كيلومتر مربع من الأراضي الروسية بعد شن هجوم مفاجئ على منطقة كورسك في 6 أغسطس الجاري.
ومن بين الاستعدادات التفصيلية كانت المعلومات الاستخباراتية الدقيقة عن جاهزية وقدرة الوحدات الروسية على الحدود، وعدد العوائق التي تنتظرها، من حقول الألغام إلى مصائد الدبابات ولم تكن العوائق كثيرة.
كما استخدمت القوات الأوكرانية المعرفة التفصيلية بالجغرافيا لشن الهجوم، باستخدام أحزمة الغابات للتغطية والطرق للسرعة، ولم يتم إطلاع القادة على المهمة إلا في الأيام الأخيرة قبل بدء التوغل.
وقالت سيسكوريا: "كان مفتاح نجاح أوكرانيا هو أنها تمكنت من اختراق الأراضي الروسية بسهولة تامة مع مقاومة ضئيلة أو معدومة، فقد كانت مفاجأة كاملة للروس، وهي تثبت أن أجهزة الاستخبارات الروسية فشلت حقًا في توقع أي نوع من التوغل الأوكراني في المنطقة، وأيضًا من أسباب نجاح الهجوم الأوكراني قوة الدفاعات الجوية والمدفعية الداعمة، فضلًا عن التشويش لمنع الجيش الروسي من التواصل، كما ساعدت الحماية الحرارية لدروعهم على التهرب من الطائرات بدون طيار، وفي الوقت نفسه، ركز الأوكرانيون انتباههم على التعزيزات الروسية، فقضوا على قافلة من 14 مركبة عسكرية روسية بالقرب من رايلسك بهجوم صاروخي".
ماذا بعد سيطرة أوكرانيا على كورسك
وقال رئيس القوات المسلحة الأوكرانية، أوليكساندر سيرسكي، الخميس إن القوات الأوكرانية استولت على 1150 كيلومترًا مربعًا (حوالي 444 ميلًا مربعًا) من الأراضي و82 مستوطنة منذ بدء التوغل المفاجئ.
فيما قال كان كاسابوغلو، محلل الدفاع في معهد هدسون، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، لشبكة "CNN" إنه لا يتوقع انسحابًا أوكرانيًا في أي وقت قريب، مشيرًا إلى أن الهجوم بلغ ذروته، وساحة المعركة مستقرة ومع ذلك، أمّن الجيش الأوكراني عمقًا عملياتيًا فقد تمكنوا من تحديد مواقع دفاعية قوية تمكنهم البقاء داخل الأراضي الروسية لفترة طويلة.
واعتبر كاسابوغلو أن كورسك ستكون "جوهرة التاج" لأوكرانيا عند التفاوض على إنهاء الصراع، إذا تمكنت كييف من الاحتفاظ بالأراضي التي تم الاستيلاء عليها.