رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنيس منصور.. الكاتب الذى أتقن 5 لغات منذ طفولته

أنيس منصور
أنيس منصور

"جيلنا كان يدرك أهمية تعلم اللغات الأجنبية ليستطيعوا التواصل مع العالم وأذكر أننى تعلمت وأنا مازلت صبيا في مدينة المنصورة عدة لغات أجنبية وهى الإنجليزية والإيطالية والألمانية، لوجود جاليات أجنبية كانت تشجعنا كثيرا لتعلم لغاتهم".

وبهذه الكلمات كشف أنيس منصور (18 أغسطس 1924 - 21 أكتوبر 2011) عن السبب وراء تعلمه أكثر من لغة؛ وذلك في لقائه مع مجلة اليمامة السعودية والذى أجرته الصحفية علياء دربك ونشر فى أكتوبر 1995.

حرص "منصور"علي تعلم لغات عدة منها الإنجليزية والألمانية والإيطالية واللاتينية والفرنسية والروسية، وهو ما مكنه من الاطلاع على ثقافات عديدة، كما ترجم عنها عددًا كبيرًا من الكتب الفكرية والمسرحيات، كما سافر إلى العديد من بلدان العالم، وألف العديد من كتب الرحلات ما جعله أحد رواد هذا الأدب ومن هذه الكتب: "حول العالم في 200 يوم، اليمن ذلك المجهول، أنت في اليابان وبلاد أخرى".

كان لأنيس منصور نشاط واسع في ميدان الترجمة، حيث ترجم إلى العربية عديدًا من الكتب والأعمال الأدبية الأجنبية، بلغت نحو 9 مسرحيات وحوالى 5 روايات من لغات مختلفة، إلى جانب 12 كتاب لفلاسفة أوروبيين.

في الوقت ذاته اهتمت دور النشر العالمية بترجمة كثير من أعماله إلى اللغات الأوروبية وخاصة الإنجليزية والإيطالية. 

وكتابه حول العالم في 200 يوم هو الأكثر انتشارًا باللغة العربية. ثم تفرغ في أواخر حياته لكتابة المقال السياسي والاجتماعي المعروف مواقف في جريدة الأهرام اليومية إلى جانب عموده اليومي في جريدة الشرق الأوسط.

ذهب الكاتب الصهيوني الإسرائيلي عاموس إيلون في أوائل حقبة الثمانينيات من القرن الماضي إلى أنيس منصور ليجري معه حوارًا وحديث صحفي خاص، وسمع كثيرًا عن ثقافته الواسعة وإجادته لعدة لغات أجنبية، وكان عاموس إيلون يجيد عدة لغات وبدى أنه كانت تساوره بعض الشكوك حول ما سمع عن القدرات الشخصية الخاصة التي يتمتع بها الكاتب أنيس منصور وأن الأمر قد لا يخلو من مبالغة، وأراد أن يحكم هو بنفسه.

التقى الكاتب الإسرائيلي عاموس إيلون بأنيس منصور في مكتبه وأجرى معه حديثًا طويلًا في السياسة والصراع العربي الإسرائيلي، والعلاقات المصرية الإسرائيلية ومستقبل السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي بعد توقيع معاهدة السلام بل وناقشه في قضايا فلسفية، لم يكن الحديث بينهما حديثًا عاديًا، بل كان أشبه ما يكون بمباراة أو مبارزة شرسة بين عقلين، كان عاموس يسأل أنيس منصور سؤالًا بالإنجليزية فيجيبه بالإنجليزية، ثم يوجّه له السؤال التالي بالفرنسية فيجيبه بطلاقة وإتقان بالفرنسية، ثم يوجّه له سؤالا ثالثا نصفه الأول بالإنجليزية ثم يكمل النصف الثاني من السؤال باللغة الألمانية، فيجيبه أنيس منصور بلغة ألمانية سليمة وبنطق جيد في سلاسة ويسر وثقة بالنفس وهكذا استمر الحديث إلى أن فاجأ أنيس منصور الكاتب الإسرائيل عاموس إيلون بالإجابة على أحد الأسئلة باللغة العبرية التي كان قد قطع شوطًا كبيرًا في تعلمها على كبر، وفي نهاية الحوار وبعد أن لمس عاموس إيلون بنفسه مدى سعة اطلاع أنيس منصور وغزارة معلوماته وقوة حججه العقلانية، أدرك عندئذ أن ما سمعه من قبل عن أنيس منصور كان أقل من الحقيقة. نشر الكاتب الإسرائيلي عاموس إيلون حواره مع أنيس منصور كاملًا في كتاب له بعنوان «رحلة إلى مصر»، تضمن أيضا حوارات مع شخصيات مصرية بارزة.