فى منزلك.. كيف تَحوَّل الإنترنت إلى شبكة عنقودية لاصطياد وتدمير الأطفال؟
داخل جميع المنازل، تقريبًا، يوجد وحش كامن يسمى «الإنترنت»، استطاع السيطرة على الأطفال خاصة، والتأثير فيهم بشكل كبير، هذا التأثير الذى يمكن أن يكون إيجابيًا فى بعض الأحيان، وسلبيًا فى أحيان أخرى كثيرة، وتختلف تأثيراته السلبية هذه باختلاف المحتوى الذى يتعرض له الطفل، سواء كانت تأثيرات نفسية أو سلوكية أو صحية.
ووفقًا لإحصائية صادرة عن الأمم المتحدة، بلغ استخدام من تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٤ عامًا لمنصات التواصل الاجتماعى فى مصر ما نسبته ٧٩٪، فى العام الماضى ٢٠٢٣، مقارنة بـ٦٥٪ بين بقية سكان العالم.
وتحمل هذه الأرقام بين طياتها كارثة محققة، خاصة مع تزايد أعداد الجرائم التى تنتج عن استخدام هذه المنصات وتنوعها.
وأوضحت بيانات الأمم المتحدة أن الأطفال يقضون وقتًا أطول على الإنترنت اليوم أكثر من أى وقت مضى، وبنسبة متزايدة، ما يزيد من إمكانية تعرضهم وتأثرهم بمخاطر الشبكة العنقودية.
«الدستور» ترصد فى السطور التالية مخاطر تعرض الأطفال للإنترنت، خاصة منصات التواصل الاجتماعى، فى ظل البيانات الرسمية الصادرة عن جهات الإحصاء العالمية، التى تنذر بوقوع المزيد من الكوارث نتيجة هذا التعرض، ليضاف إلى ما سببه بالفعل من كوارث سابقة.
خبراء تكنولوجيا: يعرضهم إلى التحرش والتنمر.. وينتهى بهم للاكتئاب والانتحار
قال الدكتور محمد سعيد، خبير التكنولوجيا، إنه فى البداية لا بد من الاعتراف بأن استخدام الإنترنت له العديد من الإيجابيات فى جميع مناحى الحياة، ويمثل طفرة من الطفرات التى حدثت فى تاريخ البشرية.
وأضاف «سعيد»: «ما أظهر السلبيات الكثيرة للإنترنت هو استخدامنا الخاطئ له، خاصة من الأطفال، الذين يبدأ بالسماح لهم بالتعرض له أوقات طويلة»، مشيرًا إلى أهمية السماح لهم بالتعرض للإنترنت فقط بهدف التعلم والترفيه الهادف، على أن يكون ذلك لأوقات محددة.
وواصل: «الأطفال أصبحوا يتعرضون للإنترنت لفترات طويلة جدًا، والمحتوى الذى يشاهدونه ويتعرضون له ملىء بالتفاهة والضرر، ما يؤثر عليهم سلبًا، خاصة أنهم لم يصلوا إلى مرحلة النضج بعد، سواءً كان النضج العقلى أو الاجتماعى».
وأكمل: «طول المدة الزمنية التى يتعرض لها الطفل للإنترنت جعله ينبهر بهذه الشبكة العنقودية، وبكل ما تقدمه له من محتوى، وتصبح الجانب الأكثر إبهارًا له، ما يدفعه للانعزال فى هذا العالم المبهر، وهنا تُخلق أولى السلبيات، وهى العزلة المرضية عن الناس، ومن ثم الانخراط فى عالم خيالى مزيف، ما يؤثر على باقى النواحى الخاصة به، سواءً كانت عقلية أو عاطفية وغيرهما».
وتابع: «تعرض الطفل الطويل للإنترنت مع تلك العزلة يجعله يتأثر بالشخصيات الوهمية التى تقدمها له هذه الشبكة، ما يؤثر بعد ذلك على اتجاهاته التى قد تتوحد مع هذه الشخصيات، والتى فى الغالب تكون نماذج لشخصيات سيئة، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة».
ونبه إلى أن «هذا التعرض يجعل الطفل يتعرض إلى كم هائل من المعلومات، التى فى الغالب ما تكون مضللة، خاصة أنه لا يمتلك فى سنه هذه قدرة على التمييز بين المضلل والصحيح، ما يؤثر فى النهاية على تشكيل آرائه العقلية والدينية والاجتماعية، التى تأتى فى ضوء تلك المعلومات المضللة وتشابهها فى الضلال».
وضرب الخبير التكنولوجى المثل بالجرائم البشعة التى ارتكبها بعض الأطفال فى الفترة الأخيرة تأثرًا بالإنترنت، ونتيجة تعرضهم الطويل لمواده المختلفة، فى معزل عن رقابة الآباء والأمهات، خاصة المواقع المشبوهة، وما يعرف بـ«الدارك أو الديب ويب»، وهى مواقع مليئة بمشاهد لجرائم لا يصدقها عقل، ويمثل الأطفال إحدى الفئات الأساسية المستهدفة بها.
ونصح «سعيد» الآباء والأمهات بتشديد الرقابة على المحتوى الذى يتعرض له أبناؤهم على شبكة الإنترنت، مشيرًا إلى أن المنع ليس الوسيلة الصحيحة، بل الأفضل توجيههم إلى المحتوى الهادف، والمراقبة الدائمة وغير المباشرة باعتبار هذا التصرف الصحيح لمواجهة هذه المشكلة.
وحذر الدكتور محمد رفعت، خبير التحول الرقمى وأمن المعلومات، من إمكانية تحول الإنترنت إلى بيئة خطيرة للأطفال والمراهقين، يتعرضون فيها إلى مجموعة من المخاطر، من بينها «التنمر الإلكترونى»، الذى يحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعى، والألعاب عبر الإنترنت، من خلال السخرية والهجوم المستمر، ما قد يدفع بعضهم فى النهاية إلى الاكتئاب أو الانتحار.
وأضاف «رفعت»: «تعرض الأطفال إلى الإنترنت، دون رقابة أبوية، يمكن أن يخلق متحرشين إلكترونيين، فضلًا عن استغلال المتحرشين الجنسيين الأطفال من خلال هذه الشبكة».
وواصل: «استمرار الإنترنت فى يد الأطفال لفترات طويلة قد يسبب نشر معلومات شخصية تهدد الأسرة بالكامل وتعرضها للخطر، وفى حالات كثيرة، يُعلم الأطفال العنف جراء ما يعرضه من محتوى عنيف يتأثرون به».
وعدد خبير التحول الرقمى مجموعة من الخطوات التى يمكن أن تساعد فى حماية الأطفال على الإنترنت، منها التوعية والتثقيف، عن طريق التحدث معهم عن مخاطر الإنترنت وكيفية التصدى لها، ووسائل الابتعاد عن المحتوى الضار.
وأضاف: «من بين هذه الإجراءات، أيضًا، التصفح الآمن من خلال استخدام متصفحات الويب الآمنة، وتفعيل وضع الأطفال لتقييد المحتوى الذى يمكنهم رؤيته، بالإضافة إلى حث الأطفال دائمًا على عدم مشاركة معلومات شخصية مثل الاسم الكامل والعنوان عبر الإنترنت، وتذكيرهم بأن الإنترنت أداة قوية يجب أن يتعلموا استخدامها بشكل آمن ومسئول».
مساعد وزير الداخلية الأسبق: غياب الرقابة الأبوية وراء الكوارث الأخيرة
رأى اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الأزمة لا تتمثل فى شبكة الإنترنت، ولا فى تعرض الأطفال لها، بل تتمثل فى غياب الرقابة الأبوية، الذى يعتبر المسئول الأول عن الجرائم التى يرتكبها الأطفال، والسلوكيات الخاطئة والمشاعر السلبية التى يعيشونها نتيجة التأثر بشبكة الإنترنت.
وأضاف «المقرحى»: «انشغال الأب والأم حاليًا بالسعى فى طلب الرزق، جعل الكثير منهم مقصرين فى أداء دورهم الرقابى نحو أطفالهم، وهو أمر فى غاية الخطورة، خاصة مع حالة الانفتاح العالمى والتطور التكنولوجى المُذهل، والتى تتطلب مضاعفة الرقابة وليس غيابها كما هو الحال الآن». وواصل: «هناك آباء وأمهات يعتبرون الإنترنت وسيلة إلهاء مناسبة لأطفالهم، وبالتالى لا يكون لديهم أى دافع لتوقيف أبنائهم عن استخدامها، أو تحديد مدة هذا الاستخدام، وهو ما يجعل الأبناء معرضين لمحتوى يكون ضارًا فى الأغلب». وأتم مساعد وزير الداخلية الأسبق بقوله: «الجرائم التى يرتكبها بعض الأطفال فى الفترة الأخيرة أكبر دليل على التأثير الكارثى لشبكة الإنترنت على أطفالنا والمجتمع ككل، نتيجة غياب الرقابة الأبوية».
علماء النفس والاجتماع: يؤثر على التوازن العاطفى.. ويسبب اضطرابات النوم
شدد الدكتور على عبدالراضى، استشارى العلاج والتأهيل النفسى، على أن الإنترنت يمكن أن يؤثر سلبًا على توازن الأطفال العاطفى، موضحًا أن تعرض الأطفال لمحتوى غير مناسب أو مؤذٍ عبر الإنترنت يمكن أن يترك آثارًا دائمة على حالتهم النفسية، ما قد يؤدى إلى اضطرابات فى النوم، إضافة إلى حدوث قلق، وأحيانًا تصرفات عدوانية.
وأضاف أن الأهل يجب أن يكونوا على دراية بتأثيرات الإنترنت على أطفالهم، ومن الضرورى أن يراقبوا استخدام أطفالهم الإنترنت وتوجيههم نحو المحتوى الآمن والمفيد، كما يجب تعزيز التواصل بين الأهل والأطفال لمناقشة التحديات التى قد يواجهونها عبر الإنترنت.
وأوصى استشارى العلاج والتأهيل النفسى، بضرورة أن يكون الأهل قدوة لأطفالهم فى كيفية استخدام الإنترنت، مضيفًا: «حين يرى الطفل أن والديه يستخدمان الإنترنت بشكل مسئول ومعتدل، سيتعلمون كيفية القيام بالمثل».
وشدد على أهمية تعليم الأطفال كيفية التفكير عند التعامل مع المعلومات على الإنترنت، لافتًا إلى أن هذا سيساعدهم فى التفريق بين المحتوى الجيد والسيئ، وتجنب الوقوع فى فخ التنمر الإلكترونى.
من جهته، قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن ظاهرة استخدام الأطفال للإنترنت الدائم وجلوسهم أمام شاشات الهاتف «مدمرة للأهالى وللطفل نفسه»، خاصة أن الطفل فى فترة التكوين العقلى.
وأوضح أنه يجب على الآباء الانتباه جيدًا لما يتصفحه الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعى؛ لأنهم فى هذه المرحلة يكوّنون شخصيتهم، ويتأثر الطفل بسهولة بكل ما يراه ويسمعه، والاستمرارية فى استخدام الهاتف مدمر لتكوين عقل الطفل، ومن المتوقع أن يتأثر بأفكار خاطئة أو استخدام الهاتف فى التصفح على المواقع الإباحية، أو مشاهدة مقاطع فيديو تأثر على تفكيره، والجلوس أمام الهاتف عادة سلبية تؤثر أيضًا على الصحة الجسدية للطفل، والنظر المستمر فى الهاتف يؤذى البصر، والجلوس أمام الهاتف يتسبب فى كسل الطفل ويجعله يكتسب وزنًا زائدًا.
وقدم «فرويز» مجموعة من النصائح للأهالى الذين يتركون أولادهم بالساعات مع الهاتف دون مراقبة، قائلًا: «يمكن أن تستغل تلك الفترة فى تعليم الطفل مهارات جديدة تساعده فى المستقبل أو الذهاب للنوادى أو تعلم رياضة جديدة تساعده فى بناء جسمه، أو يمكن تعليم الطفل لغات أجنبية تساعده فى حياته المستقبلية».
بدورها، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس؛ إنه يجب على الأم أن تصاحب طفلها ولا تتركه بمفرده، وذلك حتى تتمكن من كسب ثقته.
وأوضحت «خضر» أنه فى الوقت الحالى تسعى الأجيال الجديدة لاكتساب المعرفة وكسب العديد من المعلومات عبر مواقع الإنترنت، ولكن منها الضارة ومنها النافعة، وفى هذا الوقت يبدأ الطفل فى تكوين شخصيته من خلال الهروب من الواقع إلى عالم المشاهدة، لذلك هناك دور كبير ومهم للأهالى، وهو أن تكون الأسرة على علم بما يفعله الطفل فى وقت الفراغ، وما هى البرامج التى يبحث عنها ويتابعها.
وقدمت «روشتة» لكل بيت مصر كمحاولة لمساعدة الأهالى فى الحد من ظاهرة جلوس الأطفال على الهاتف وتصفح مواقع الإنترنت بالساعات، وهى اشتراك الأطفال فى برامج تعليمية أو دورات لتعلم مهارات مختلفة تفيدة فى الدراسة أو المراحل التعليمية أو الاشتراك فى النادى وممارسة الرياضة التى يرغب الطفل فى ممارسها.
كما نصحت بالجلوس مع الطفل ساعة يوميًا والإجابة عن كل الأسئلة التى تدور فى ذهنه؛ بدلًا من الذهاب إلى محركات الإنترنت والبحث عن الأسئلة التى يرغب فى معرفة إجابتها، مؤكدة أنه يجب إعطاء الطفل إحساس الأمان حتى يتمكن من التحدث مع أسرته بكل صراحة.
أولياء أمور: نعانى من إدمان أولادنا «الهواتف الذكية»
كشفت فاطمة السيد، ولية أمر، أنها تعانى من مشكلة إدمان أطفالها استخدام الهواتف الذكية، معبرة عن خشيتها من فوضى المعلومات المتاحة على الإنترنت، والتأثير السلبى للتعرض المستمر للمحتوى الذى لا يخضع لأى ضوابط أخلاقية أو عمرية.
وأضافت: «أحاول جاهدة تقليل فترة استخدام أطفالى الهاتف، وأسعى إلى جعل استخدامه مكافأة على المذاكرة أو المساعدة فى الأعمال المنزلية، لكن فى كثير من الأحيان أفشل فى ذلك بسبب الإصرار والبكاء الشديد طلبًا للهاتف».
وذكرت أنه من خلال تجربتها الشخصية مع أطفالها فإنها تنصح كل أب وأم بمراقبة أولادهم بشكل جيد أثناء استخدامهم الهواتف المحمول، ويجب على الأم بالأخص ألا تترك الهاتف لأطفالها لإلهائهم، والأفضل أن تطلب منهم مساعدتها فى الأعمال المنزلية، مثل تنظيف المنزل أو ترتيب الغرف أو أساس المنزل، فهذا يجعل من الطفل شخصًا يعتمد على نفسه فى حياته المستقبلية.
وقالت سمر، أم لطفلين، إنها فى البداية كانت سعيدة بأن طفليها لديهما إمكانية الوصول إلى كم هائل من المعلومات وفرص التعلم عبر الإنترنت، ولكن سرعان ما أدركت أن الإنترنت سلاح ذو حدين، ما بدا كمحتوى تعليمى برىء تحول بسرعة إلى عرض مواد غير لائقة وتنمر إلكترونى.
وأشارت إلى مدى صعوبة مراقبة ما يقوم به طفلاها عبر الإنترنت، موضحة أنه حتى مع الرقابة الأبوية، يمكنهما أن يتعرضا لمحتوى ضار أو يقعا ضحية للمتحرشين، حيث أصبح الأمر مصدر قلق لها ولزوجها، مؤكدة أن الإنترنت يمكن أن يشوه الواقع بالنسبة للأطفال، خاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.
وذكرت أن ابنتها بلغت من العمر ١٢ عامًا مهووسة بفكرة الكمال بعد متابعة بعض المؤثرين، مما أثر على تقديرها لذاتها وصحتها النفسية، لافتة إلى أن ابنها يقضى ساعات طويلة فى الألعاب عبر الإنترنت، وبدأ ذلك يؤثر على دراسته وحياته الاجتماعية، حتى أدركت أنها بحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع العواقب طويلة الأجل.
تربويون: فيديوهات «الريلز» تضعف قدرة الصغار على تخزين المعلومات
رأت بثينة رمضان، خبيرة تربوية، أن استخدام الأطفال الإنترنت أصبح أمرًا مفروغًا منه وتطورًا طبيعيًا لفكرة التعلق بأجهزة التليفزيون مع الفارق التقنى الكبير بين الاثنين، مشيرة إلى أن مخاطر أجهزة التليفزيون لا تقارن بمخاطر استخدام الهواتف الذكية فى الوقت الراهن، لأن استخدامها فى الماضى كان مرهونًا بمواعيد معينة وبرفقة جميع أفراد الأسرة، كما أن المحتوى المقدم كان معروفًا مسبقًا بصورة كبيرة، على عكس استخدام الهواتف المحمولة المزودة بشبكة إنترنت، والتى يستطيع الطفل من خلالها تصفح ما شاء متى شاء.
وأضافت أنه يمكن معالجة هذا العيب المتمثل فى الاستخدام المنفرد للهواتف المحمولة، والدخول إلى شبكة الإنترنت عن طريق عدد من الضوابط، أولها عدم السماح للأطفال دون سن الثلاث أو أربع سنوات بالتصفح وحدهم، لافتة إلى أنه فى حال انشغلت الأم عن طفلها خلال استخدامه الإنترنت، فعليها اتباع عدد من الإرشادات.
وأوضحت أنه كلما ابتعدت الشاشة التى يشاهد منها الطفل المحتوى الرقمى عن عينيه كانت الأمور أفضل، فالتابلت أفضل من الموبايل، وأجهزة اللاب توب أفضل من التابلت، والشاشة الذكية أفضل منها جميعًا.
وواصلت: «كلما كبرت الشاشة التى يرى منها الطفل المحتوى الرقمى، قل تعلقه بها وزاد تحكم الأهل فيها»، مشددة على ضرورة تحديد الأم المحتوى الذى يراه الطفل، وإذا ما اضطرت إلى تصفح الطفل الإنترنت من خلال الهاتف المحمول فعليها تحديد المواد التى يراها، وربط هاتف الطفل بهاتف الأم للتعرف على ما يشاهده، وتجنب المواقع والمحتويات التى تضر بالقيم الأسرية.
من جانبه، قال محمد عبدالعزيز، أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس، إن الألعاب الإلكترونية والفيديوهات القصيرة «الريلز» التى يتعرض لها الطفل فى سن مبكرة، لها عدد من المخاطر أولها إضعاف تركيزه وقدرته على الاحتفاظ بمعلومات لفترات طويلة.
وأضاف أن الأمر لا يقتصر على إضعاف القدرة على تخزين المعلومات، وإنما يتجاوزه إلى تلقى رسائل ضارة وتغذية العقول ببعض الأفكار الشاذة عن مجتمعنا، والتى تنتقل إلى الطفل بصورة غير مباشرة حتى تترسخ فى عقله الباطن لتصبح ممارسات وتصرفات عادية بالنسبة له عندما يتقدم فى العمر ومن دون أن يدرى، مشيرًا إلى أن هذه المواد تأتى ضمن الفيديوهات والألعاب الإلكترونية أيضًا.
وأكد ضرورة متابعة الآباء المادة التى يتعرض لها الأبناء، وعدم الاعتماد على أن الطفل يشاهد محتوى خاصًا بالأطفال، أو أنه يشاهده من خلال منصات مخصصة للأطفال فقط، فحتى هذه المنصات تضم مواد لا يجب أن يتعرض لها الطفل، لذلك لا بد من مراجعة كل المحتويات حفاظًا على سلامة الطفل النفسية والعقلية.
وفى السياق نفسه، أكدت الدكتورة ريهام عبدالرحمن، الباحثة فى الإرشاد النفسى والتربوى، أن الأطفال يتعرضون لضغوط هائلة بسبب استخدام الإنترنت، حيث يواجهون التنمر الإلكترونى ويقارنون أنفسهم بالآخرين باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعى، موضحة أن هذا الأمر يمكن أن يؤدى إلى انخفاض تقدير الذات والشعور بالقلق والدخول فى نوبات اكتئاب. وقالت إن الوقت الطويل الذى يقضيه الأطفال أمام الشاشات يمكن أن يؤثر على نموهم الاجتماعى، مؤكدة أن الاعتماد المفرط على الإنترنت يجعل الأطفال أكثر عزلة ويقلل من قدرتهم على التواصل الاجتماعى الحقيقى، ما قد يؤدى إلى إعاقة تطور مهاراتهم الاجتماعية كما يجعلهم أكثر عرضة للمشاكل النفسية على سبيل المثال الانعزال والتوحد.
«يونيسف» تضع «الحلول الآمنة» لحماية الأطفال والمراهقين من المخاطر
تنسيق استجابة دولية وإقليمية ووطنية من حيث تعميق التعاون ما بين صانعى السياسات، وأجهزة إنفاذ القانون، وقطاع التقنية، من أجل تضمين مبادئ السلامة فى تصميم المنتجات التقنية، والتعاون للعثور على حلول لمواكبة التقنية الرقمية التى بوسعها تيسير وإخفاء الاتجار غير القانونى أو غيره من الإساءات الجنسية ضد الأطفال عبر الإنترنت.
ضمان خصوصية الأطفال، ويتطلب ذلك التزامًا أكبر من جانب القطاع الخاص والحكومات لحماية بيانات الأطفال وضمان عدم إساءة استخدامها واحترام تشفيرها، والتطبيق الكامل للمعايير الدولية بشأن جمع المعلومات عن استخدام الأطفال للإنترنت، وحماية هذه البيانات، وتعليم الأطفال كيفية حماية أنفسهم من المخاطر التى تهدد خصوصيتهم.
تمكين الأطفال على الإنترنت عبر تحقيق مساواة أكبر فى إمكانية الوصول للإنترنت واكتساب المعرفة الرقمية، حيث يجب تعليم الأطفال كيفية متابعة المستجدات بشأن الإنترنت والانهماك فى استخدامها بصفة آمنة، من خلال إقامة تعاون أكبر بين الحكومات ومختصى التقنية بغية تطوير منابر ومناهج بشأن تقنية الاتصالات والمعلومات، ابتداءً من المدرسة الابتدائية وعلى امتداد المدرسة الثانوية.
دعم إقامة المكتبات الإلكترونية، وتوسيع قدرات المكتبات العامة، كى تقدم تعليمًا فى مجال المهارات الرقمية، والاستثمار فى تدريب المعلمين على تقنية المعلومات، وتعليم الأطفال كيفية التعرف على المخاطر وممارسات التضليل على الإنترنت وحماية أنفسهم منها، وجعل المواطنة الرقمية عنصرًا أساسيًا من عناصر تدريس المعارف الرقمية.
الاستفادة من القطاع الخاص فى وضع وفرض معايير أخلاقية بشأن البيانات والخصوصية، بحيث تعمل لمصلحة الأطفال وتحميهم أثناء استخدامهم الإنترنت، بما فى ذلك التطوير الأخلاقى للمنتجات وتسويقها على نحو يحد من المخاطر على الأطفال.