رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاتل متسلسل خفى.. الأمراض المعدية تفتك بسكان غزة اليوم وغدًا

غزة
غزة

يشاهد العالم على مدار 10 أشهر، جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، منذ عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية، كرد فعل على التضييق والحصار المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة.

وارتفعت أعداد الشهداء إلى 40 ألفا، فضلا عن عشرات آلاف المصابين والجرحى والمفقودين، وسط حصار خانق ومنع لدخول المساعدات الإنسانية وشحنات الأدوية والغذاء والوقود.

ومن خلف الأسلحة الفتاكة التي تستخدمها قوات الاحتلال في عدوانها على الفلسطينيين في غزة، يبرز «القاتل الخفي المتسلسل» المتمثل في الأمراض المعدية والأوبئة التي تنتشر في أرض تتعرض للقصف منذ قرابة سنة كاملة مع منع الأدوية من الدخول وإخراج أغلب مستشفيات القطاع من الخدمة.

أمراض معدية

فيما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن فلسطين خالية من فيروس «جدري القرود»، ولم تُسجل أي حالات مصابة. تفتك الأمراض المعدية بسكان القطاع المحرومون من الخدمات الطبية والأدوية.

وللتعبير عن مدى البؤس الذي أصاب القطاع الطبي في غزة، وصف الناطق باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندميير، النظام الصحي في غزة بأنه أكثر عجزا من أن يجثو على ركبتيه.

وقبل السابع من أكتوبر كان القطاع الصحي في غزة متماسكا، ومسيطرا على انتشار العديد من الأمراض المعدية وتحديدها، وامتلك القطاع نظام تطعيم ممتازًا مع نسبة التزام تقارب الـ99%، ما ساهم في المحافظة على وتيرة الأمراض المعدية التي تستجيب للطعوم في أدنى مستوياتها.

ونجحت المنظومة الطبية في التخلص من عدة أمراض، وحسب تقرير وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2022، فإنه لم يتم تسجيل أي حالة من الحالات المرضية المعدية لـ شلل الأطفال، والكوليرا، والدفتيريا، والحصبة، وحمى النيل، والأمراض المعدية المنتقلة بالجنس، والسل، والتيفوئيد، والسالمونيلا.

الصحة العالمية تحذر

في الربع الأول من العام الجاري، أوردت منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب 1.7 مليون نسمة، أي 75% من مجموع السكان الكلي في غزة، قد نزحوا من مناطق سكنهم، وتحولوا إلى نازحين في مراكز محصورة ومحدودة وشديدة الازدحام، كالمدارس، وما تبقى من المستشفيات، والمخيمات التي أُنشئت بغرض إيواء النازحين. 

وحسب المنظمة، تزيد هذه المراكز من معاناة النازحين، حيث تتكدس كميات كبيرة من القمامة والأوساخ التي لا يمكن العمل على إزالتها نتيجة الظروف الخطرة المصاحبة للحرب، فضلا عن أن عدم توفر مواد التنظيف وقلة المياه أديا إلى انتشار الأوساخ وعدم النظافة بين النازحين. 

ومن العوامل الرئيسية التي أدت إلى تفاقم الوضع الوبائي وتدهوره خلال الحرب في قطاع غزة: نقص الغذاء والماء، وتلوث ما وجد منهما، وعدم القدرة على المحافظة على سلامتهما، ما أدى إلى ظهور حالات التسمم الغذائي المختلفة، والأمراض المعوية المصحوبة بالإسهال والتقيؤ الشديدين، وخصوصًا لدى الأطفال. 

وحسب منظمة الصحة العالمية، في أحدث تقاريرها، سُجِّل 213،085 حالة إسهال، بينها 104،213 حالة عند الأطفال دون سن الخامسة.

غياب أساسيات النظافة

وبسبب التزاحم الشديد، وعدم وجود أساسيات النظافة، وتلوث المياه، ظهرت الكثير من حالات اليرقان التي يشكل التهاب الكبد الوبائي أ معظمها، إذ أشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى تسجيل 8437 حالة يرقان أو اصفرار من دون وجود أدنى المقومات الطبية للتعامل مع هذه الحالات، الأمر الذي فاقم المشكلات الناجمة عنها، فظهرت حالات جفاف شديدة، وخصوصًا بين الأطفال.

كما لا يمكن تجاوز عامل الازدحام الشديد، وغياب أساسيات النظافة، من دون الحديث عن كونه السبب المباشر لانتشار الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق اللمس والرذاذ، مثل أمراض جهاز التنفس العلوي والسفلي، والتهابات الجلد باختلاف مسبباتها، والجرب، والقمل، والجدري. فقد تم تسجيل 330٫192 حالة التهاب في الجهاز التنفسي و74٫712 حالة التهاب جلدية، و69٫962 حالة جرب وقمل، و6425 حالة جدري.

ويتخوف خبراء الصحة من أن عدم تلقيح الأطفال بالتطعيمات اللازمة بسبب الحرب، يهدد بظهور أمراض معدية خطيرة كان قد تمت السيطرة عليها، ومنها مرض شلل الأطفال، والتهاب السحايا، والحصبة، والجدري.