أم كلثوم لكمال الطويل: "كده اللحن اتشم".. ما القصة؟
يروي الروائي مصطفى نصر حكاية "اللحن اللي اتشم". تلك الحكاية بطلتها أم كلثوم، التي مرت بالعديد من الأزمات مع ملحنيها، فما حدث بينها وبين أستاذها محمد القصبجي جعلها ترفض أن تتعامل معه ملحنًا بعد ذلك، رغم أنه ما زال يرافقها بعوده وقيادة فرقتها الموسيقية في حفلاتها، واختلفت في الأجر مع زكريا أحمد، ورفع ضدها دعوى قضائية، وهي لا تثق ولا تأمن لغدر عبدالوهاب المنافس الأول لها، لم يتبق لها سوى رياض السنباطي، ففكرت في التعامل مع الملحنين الشبان الجدد، خاصة كمال الطويل ومحمد الموجي وقررت أن تهتم أكثر بكمال الطويل الذي لحن لها الأغنية الوطنية "والله زمان يا سلاحي"، التي اختارتها الدولة سلامًا جمهوريًا لها، فاتفقت معه على أن يلحن قصيدة "غريب على باب الرجاء"، ضمن أغنيات الأوبريت الإذاعي رابعة العدوية.
حكاية أم كلثوم مع “اللحن اللي اتشم”
ويوضح “نصر” في مذكراته: وقد توزعت أغاني الأوبريت على رياض السنباطي ومحمد الموجي وكمال الطويل. وفي أثناء وجود كمال الطويل مع أم كلثوم في ستوديو معهد الموسيقى استعدادًا لتسجيل الأغنية- أطل من باب الأستوديو وجه محمد عبدالوهاب، قائلا لهم: مساء الخير يا جماعة.
كانت أم كلثوم تجلس على الطاولة مع كمال الطويل – فقام كمال الطويل مرحبًا بأستاذه محمد عبدالوهاب بحرارة وطلب منه حضور التسجيل.
يريد كمال الطويل أن يشهده أستاذه على ما توصل إليه من رقي وعلم في الموسيقى والفن. لكن أم كلثوم لم ترتح لما يحدث، ولكزت كمال الطويل في ساقه بسن حذائها، فلم يفهم مقصدها من ذلك، وشد محمد عبدالوهاب إلى الداخل، أجلسه بجواره، وكان ينظر إليه من وقت لآخر، ليعرف مدى تأثير موسيقاه عليه.
استمع محمد عبدالوهاب للحن وأومأ برأسه وأبدى إعجابه به. وما إن خرج محمد عبدالوهاب حتى صاحت أم كلثوم في كمال الطويل قائلة في حزن وأسى: كده يا كمال، اللحن اتشم.
الطويل والموجي وأم كلثوم سعوا لمنع إذاعة هذا اللحن
ويلفت “نصر” إلى السنوات الطويلة التي عاشتها أم كلثوم في القاهرة لم تنسها عادات وتقاليد أهل الريف، التي تقتضي ألا تعلن عن تصرفاتك أمام الآخرين، من باب، حافظوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فكلمة "اتشم" تقال في بلدتها على الطعام البايت الذي لم يعد صالحًا للأكل. ورؤية وسماع محمد عبدالوهاب – أكبر المنافسين لأم كلثوم– للحن يخصها، معناه إنه إتعرف، والحسد سوف يفسده، كما يفسد الشم الطعام البائت.
أكمل كمال الطويل تسجيل القصيدة وأصبحت جاهزة للإذاعة، لكن كمال الطويل أصيب بحالة رفض للحن لا يدري سببه، فلم يعد متحمسًا حتى لسماعه ثانية. وهو بصفة عامة- يتعامل مع الموسيقى بكبرياء– لا يسعى بحماس لتلحين أغانيه وحالته المالية العالية تجعله لا يهتم كثيرًا بالبحث عن المال مثل محمد الموجي وباقي الملحنين الآخرين.
رأى كمال الطويل أن لحنه هذا أقل في المستوى من كل ألحانه السابقة. وإن لحن لا يصلح لأن يذاع وينسب إليه وتسمعه الناس. وتوسل لأم كلثوم بألا تذيع اللحن، فقالت له: مش قلت لك– يا كمال- اللحن إتشم؟!
وبالفعل ظل هذا اللحن في طي الكتمان، ولم تذع الأغنية إلا بعد سنوات طويلة على رحيل أم كلثوم وسبب ظهورها، حديث إذاعي أجراه كمال الطويل مع المذيعة آمال العمدة، قال فيه: إن له لحنًا لأم كلثوم لم يذع، فطالبت المذيعة من يمتلك هذا اللحن أن يذيعه حتى يستمع الناس إليه.
فأذاعته شركة صوت القاهرة- وهى المسئولة عن توزيع أغاني أم كلثوم بالعقد الذي وقعته مع محمد فوزي عندما كان اسمها مصرفون- لكن زادوا عليه صوت التصفيق وكأنه مأخوذ من حفلة مسجلة.