الوصفة السحرية لترويض «أسود الأطلس».. المرتدات وعدم اندفاع لاعبي المنتخب الأولمبي
لتضميد جراح الخسارة أمام فرنسا، ولتحقيق إنجاز هو الأول من نوعه، يصطدم منتخب مصر الأوليمبى لكرة القدم بنظيره المغربى فى مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بدورة الألعاب الأوليمبية باريس ٢٠٢٤، فى مواجهة عربية خالصة، وصدام يتكرر بعد عامٍ على نهائى أمم إفريقيا تحت ٢٣ عامًا، الذى توج به «أسود الأطلس» على حساب «الفراعنة» فى المباراة النهائية للبطولة التى استضافتها المغرب، ليتكرر اللقاء مجددًا بين جيلين قدما أداءً قويًا يدعو للفخر.
ولأنه لا بد من فائز واحد وبطل واحد فقط ليصعد إلى منصة التتويج ويتقلد الميدالية الموعودة، تناقش «الدستور» كيف يحصد منتخب مصر برونزية أوليمبياد باريس؟ وتحاول الكشف عن عيوب منتخب «أسود الأطلس»؟، والأسباب التى تدعو «ميكالى» للحذر من تكرار اندفاع مباراة فرنسا؟
البداية ستكون مع الخصم، فالمنتخب المغربى يعتمد على رسم تكتيكى «٤-٢-٣-١» بتواجد سفيان رحيمى فى قلب الهجوم، وحوله جناحان، يمينًا إلياس أخموش، ويسارًا عبدالصمد الزلزولى، وبينهما إلياس بن صغير فى مركز صانع الألعاب، ويقوم أسلوب اللعب بشكل أساسى على ضغط الخصم منذ بداية اللقاء وحرمانه من الخروج بالكرة، وإيقاع دفاعه فى أخطاء مبكرة، وفرض أسلوب لعب على المباراة، وفى حالة الضغط يتحرك خطا الوسط والدفاع إلى مساندة خط الهجوم وتضييق الخناق على الخصم، وزيادة فرصة استرداد الكرة حال قطعها.
المنتخب المغربى فى الحالة الهجومية يتحرك لاعبوه ككتلة واحدة، ولكن بديناميكية تكثف من الحلول الهجومية وخيارات التمرير بين مدافعى الخصم للحفاظ على استحواذهم على الكرة واستغلال الثغرات فى الدفاع.
وبمجرد امتلاك المغرب الكرة والبدء فى تحضير الهجمة، يبدأ أشرف حكيمى فى التحرك إلى المساحة المخصصة للجناح أخموش، الذى يدخل لعمق الملعب، فيما يطلق عليه «نصف المساحة» بين الظهير والمدافع، ومع تواجد رحيمى والزلزولى فى عمق منطقة الجزاء وبن صغير على حدود المنطقة تصبح جميع الحلول الهجومية متاحة، وتتقلص فرصة المراقبة اللصيقة من دفاعات الخصم، بل إن أحد اللاعبين قد يجبر على ترك مركزه للتصدى للكرة، وهنا تزداد سهولة مهمة هجوم المغرب.
أيضًا يعتمد المنتخب المغربى على الكرات العرضية، باستغلال تواجد سفيان رحيمى داخل المنطقة، وكذلك التحركات العكسية للجناحين سواء الزلزولى أو أخموش، بجانب تقدم ريتشاردسون ودخوله منطقة الجزاء فى بعض الأحيان، لاستغلال طول قامته فى الكرات العرضية.
وتعد الكرات العرضية الأرضية من الحلول الهجومية التى يجيد لاعبو المنتخب المغربى استغلالها، بانطلاق سفيان رحيمى داخل منطقة الست ياردات وخطف انتباه مدافعى الخصوم، واستغلال التحرك العكسى من الجناح أو لاعب الوسط المنطلق فى المساحة المفرغة بمعرفة رحيمى والتسديد ناحية المرمى.
هذا عن الهجوم، فكيف يدافع المغاربة؟ وكيف يمكن اختراق صفوفهم؟
تقدم لاعبى وسط المنتخب المغربى سلاح ذو حدين، فعلى الجانب الهجومى يمنح الفريق وفرة فى الحلول الهجومية، سواء بالتسديد من خارج المنطقة أو حتى زيادة خيارات التمرير فى عمق منطقة جزاء الخصم، ولكن كذلك يمثل نقطة سلبية فى ظل تأخر ارتداد ثنائى وسط الملعب لتقديم أدوارهم الدفاعية، وظهور مساحة بينهم وبين خط الدفاع، وهى المساحة التى يمكن ضربها بالتمرير بين الخطوط والهجمات المرتدة السريعة.
أما ظهيرا الجنب فما يعيبهما فى تشكيل المنتخب المغربى هو التغطية العكسية، إذ إنه فى الحالة الدفاعية للمغرب يدخل الظهيران لعمق الدفاع لتضييق المساحات مع قلبى الدفاع، وهو ما يجب أن يترتب عليه ارتداد من الجناحين لتقديم أدوار الظهير الأيمن والتغطية الدفاعية، ولكن فى بعض الأحيان يتأخر ارتداد الجناحين، لتظهر مساحة خلف ظهيرى الجنب بلا مراقبة.
أى أن المنتخب المغربى يمتاز بالضغط من الخطوط المتقدمة، لمنع تقدم الفريق الخصم للحالة الهجومية، ولكن ما يعيبه هو تأخر الارتداد الدفاعى من وسط الملعب والجناحين، بجانب سوء تمركز ثنائى قلب الدفاع فى الكرات العرضية والمراقبة الفردية، وهى نقطة خطورة يمكن استغلالها.
والسؤال الذى يريد الجميع معرفة إجابته هو: كيف يمكن ضرب دفاعات المغرب؟
المنتخب المصرى يقوم هجومه بشكل أساسى على مهارة الجناحين أحمد مصطفى زيزو وإبراهيم عادل، واختراق منطقة الجزاء والتسديد من خارج المنطقة، وكذلك مرونة التحركات الهجومية للثنائى، خاصة زيزو، الذى يجيد التحرك فى المساحة أمام منطقة الجزاء والتسديد بكلتا القدمين، بجانب تحركات محمود صابر، الذى يسهم فى أدوار صناعة اللعب وكذلك التحرك للجناح، وتحرير إبراهيم عادل للدخول لعمق الملعب.
الطريقة الهجومية للمدير الفنى روجيرو ميكالى، والأداء الذى قدمه اللاعبون خلال المباريات الماضية يتوافق مع عيوب المنتخب المغربى، إذ إن أحد أهم أسلحة المنتخب المصرى هو الكرات الطولية من الدفاع فى المساحة خلف ظهيرى الجنب، وهى المساحة التى لا يجيد لاعبو المغرب تغطيتها، وكذلك التسديد من خارج منطقة الجزاء، واستغلال المساحة بين قلبى دفاع المغرب وثنائى الوسط الذى يتأخر فى الارتداد للدعم الدفاعى.
المهارة الفردية لزيزو وإبراهيم عادل ستكون حاسمة، خاصة فى المواقف الفردية مع لاعبى المغرب، واستغلال المساحات التى تظهر فى حالتهم الدفاعية، بالإضافة إلى سوء تمركز ثنائى قلب الدفاع، الذى يمكن استغلاله بالتمريرات فى عمق الدفاع واستغلال بُطء حركتهما.
فى المباريات الماضية، أجاد زيزو استغلال المساحة خلف ظهراء الخصوم، وهى نفس المساحة التى يجب استغلالها خلف ظهيرى المغرب، خاصة فى الكرات العرضية، واستغلال تقدم إبراهيم عادل ودخوله منطقة الجزاء، وكذلك تواجد أسامة فيصل فى العمق.
تواجد محمد الننى فى عمق وسط ملعب المنتخب المصرى سيمنح الفريق مزيدًا من القوة فى السيطرة على مجريات اللعب، خاصة فى حالة الاستحواذ على الكرة وتعرض الفريق للضغط من لاعبى المغرب، فهو لاعب يجيد الخروج بالكرة تحت الضغط، وكذلك التمريرات الطولية، مستغلًا المساحات خلف دفاع الخصوم.
ولكن، تواجد أحمد نبيل كوكا بجواره فى وسط الملعب أمر لا غنى عنه طوال المباراة، لتقديم أدوار الدعم الدفاعى لكريم الدبيس، بالإضافة إلى الاعتماد على محمود صابر فى مركز وسط الملعب الأيمن، وتقديمه الدعم لمحمد شحاتة، الظهير الأيمن للفراعنة، لغلق المساحات التى يمكن أن تستغلها أجنحة الخصم والحصول على الزيادة العددية فى مواجهة هجوم أسود الأطلس.
وعلى الرغم من اعتماده على خطة الـ«٤-٣-٣» طوال البطولة فإن الخطة الأنسب لمباراة المغرب بالنسبة لميكالى هى الـ«٤-٢-٣-١»، بتواجد زيزو فى مركز صانع الألعاب خلف أسامة فيصل، والدفع بمحمود صابر فى مركز الجناح الأيمن وإلزامه بالأدوار الدفاعية، وكذلك إبراهيم عادل، وتواجد الننى وأحمد نبيل كوكا فى وسط الملعب.
وجود زيزو فى مركز صانع الألعاب سيزيد من حريته الهجومية فى التحرك بين جانبى الملعب والعمق، وسيحرره من أغلب الأدوار الدفاعية للجناح، لاستغلاله فى حالة الاستحواذ، سواء بتسلم الكرة بين خطى وسط ودفاع المغرب والتسديد على المرمى، أو خلق الخطورة بتمريرة مفتاحية للمنطلقين من خلف ظهيرى الجنب، وأيضًا زيادة حلول استرداد الكرة من الدفاع والحفاظ على الاستحواذ، وكذلك الدخول فى عمق منطقة الجزاء فى حالة التقدم الهجومى لـ«الفراعنة»، وخلق الزيادة العددية الهجومية والتنقل بين الـ«٤-٢-٣-١» والـ«٤-٤-٢» وزيادة إمكانية الوصول للمرمى.
المنتخب المصرى بدأ مباراة فرنسا باندفاع هجومى وضغط على دفاعات «الديوك» لتهديد المرمى وتسجيل هدف مبكر، وشكلوا ضغطًا مكثفًا واستحواذًا على الكرة وصل إلى إجبار رفاق «لاكازيت» على التراجع لوسط ملعبهم، ولكن فى مواجهة «أسود الأطلس» لن يكون التقدم الهجومى منذ بداية المباراة الحل الأمثل، إذ إن رفاق حكيمى يجيدون التحول من الدفاع للهجوم بسرعة، واستغلال التقدم الهجومى وخطف هدف مبكر فى المساحة التى يخلفها التقدم الهجومى، خاصة أنه على الرغم من الأداء المميز للاعبى الفراعنة فإن عامل السرعات فى صالح المنتخب المغربى.
ولهذا يجب على روجيرو ميكالى ولاعبى المنتخب المصرى عدم تعجل الهجوم والضغط على دفاعات المغرب، واستغلال تقدمهم الهجومى ومحاولاتهم فرض أسلوبهم على المباراة واللعب بشكل مضاد، عن طريق الهجمات المرتدة السريعة واستغلال المساحات بين خطوطهم لتسجيل هدف مباغت وفرض التقدم على نتيجة المباراة.