خبراء: توقعات صندوق النقد بتراجع التضخم مؤشر قوى على صحة الإجراءات الاقتصادية
رأى عدد من خبراء الاقتصاد أن توقعات صندوق النقد الدولى بتراجع معدلات التضخم إلى أدنى من ١٥٪ قبل ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ تأتى بعد اتخاذ الدولة إجراءات متعددة لخفض التضخم، والتى أدت إلى تراجعه المتوالى خلال الأشهر الماضية.
وتوقع الخبراء، فى تصريحات لـ«الدستور»، استمرار تراجع التضخم ليصل إلى ٢٠٪ قبل نهاية العام الجارى، وقالوا إن إقرار سعر صرف عادل ومرن أدى إلى القضاء على السوق السوداء للعملة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقالت الدكتورة سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية، إن توقعات صندوق النقد الدولى بتراجع معدلات التضخم فى مصر مؤشر قوى على نجاح جهود الدولة فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى أحدثتها التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، وما تبعها من تأثير مباشر على الأسواق الناشئة.
وأشارت «الدماطى» إلى أن قرارات البنك المركزى فى ٦ مارس الماضى بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة أعادت الثقة فى الاقتصاد المصرى، ومن ثم إتمام صفقة «رأس الحكمة» ودخول استثمارات كبيرة، ما ساهم فى تراجع معدلات التضخم، والقضاء على السوق السوداء للعملة.
وأكدت أن تغطية احتياجات مصر من النقد الأجنبى حتى نهاية عام ٢٠٢٧ جعلت المستثمر أكثر ثقة فى الاقتصاد المصرى، مشيرة إلى أن الاستثمارات الأجنبية تجاوزت ٢٠ مليار دولار خلال النصف الأول للعام الجارى، ومن المتوقع أن تتضاعف خلال الفترة المقبلة، وهذا سيؤدى إلى زيادة كبيرة فى معدلات النمو وتراجع التضخم إلى أدنى مستوياته.
ونوهت بأن مشروع «رأس الحكمة» من المتوقع أن يجذب استثمارات تقدر بنحو ٢٠٠ مليار دولار خلال خمس سنوات، إضافة إلى مشروعات أخرى توفر نحو مليون فرصة عمل للشباب، فضلًا عن أن مصر تحصل على ٣٥٪ من أرباح المشروع، الذى يتوقع أن يجذب ٨ ملايين سائح سنويًا.
من جهته، لفت الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بنها، الخبير الاقتصادى، إلى أن الحكومة تستهدف خفض معدلات التضخم، واتخذت قرارات كثيرة لتحقيق الهدف؛ منها خطة الترشيد وخفض النفقات والمصروفات غير الضرورية وتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة للقضاء على السوق الموازية للعملة، والرقابة على الأسواق لخفض الأسعار.
وتوقع «السيد» أن يستمر منحنى التضخم فى النزول وصولًا للمعدلات الطبيعية، مضيفًا: «التوترات الجيوسياسية بالمنطقة أدت لزيادة الضغوط على الاقتصاد المصرى، ومنها تراجع إيرادات قناة السويس، أحد أكبر الموارد الدولارية للموازنة العامة للدولة».
وأوضح أن المؤسسات الدولية تعهدت بتدبير تمويلات تصل لـ٢٥ مليار دولار، تشمل ٨ مليارات دولار قرض صندوق النقد، ومثلها من الاتحاد الأوروبى، إضافة إلى تمويلات تقدر بنحو ٦ مليارات دولار من البنك الدولى، ونحو ٣ مليارات دولار من بنك التنمية الإفريقى والبنك الإسلامى للتنمية والوكالة اليابانية للتنمية.
بدوره، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن تراجع معدلات التضخم ضمن أولويات عمل الحكومة الحالية، وهناك استراتيجية وخطة للوصول به إلى نحو ٢٠٪ قبل نهاية العام الجارى، والاستمرار فى تراجعه ليصل إلى أقل من ١٥٪ خلال العام المقبل، مؤكدًا أن الحكومة تبنت برنامجًا للإصلاح الاقتصادى لخفض معدلات التضخم، للوصول إلى ٢٧.٥٪ على أساس سنوى.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن توقعات تراجع التضخم تؤكد أن الاقتصاد المصرى يسير فى الطريق الصحيح بعد قرارات ٦ مارس، التى أدت إلى تحرير سعر الصرف، والقضاء على السوق السوداء وهذا أدى إلى زيادة حجم التنازلات عن العملات الأجنبية.
.. واستمرار تثبيت الفائدة تحسبًا للتوترات الإقليمية
توقع مصدر مصرفى استمرار تثبيت أسعار الفائدة، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى المصرى، بعد قرار التثبيت خلال آخر اجتماعين، فى ٢٣ مايو و١٨ يوليو الماضيين، مشيرًا إلى أن احتمالات التثبيت تتوافق مع المؤشرات الاقتصادية العالمية، وما انتهجه بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، مؤخرًا.
وقال المصدر إن «المركزى» سيثبت أسعار الفائدة خلال اجتماعه، المقرر يوم الخميس ٥ سبتمبر المقبل، عند مستوى ٥.٥٪، بهدف كبح التضخم، موضحًا أن الأحداث الخارجية والتوترات التى تمر بها المنطقة تدفع لاستمرار التثبيت حتى نهاية العام الجارى.
ونوه بأن تحسن المؤشرات الاقتصادية، ومنها زيادة حجم التنازلات عن الدولار، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى، مع ارتفاع السيولة الدولارية، أمر جيد للغاية، لكن ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة واحتمالية حدوث حرب إقليمية هى أمور تؤدى لضغوط اقتصادية كبيرة على الجميع، وتؤثر على قطاعات كبيرة، منها إيرادات قناة السويس والسياحة وغيرها من موارد العملة الصعبة للبلاد، وهذا ما يضع ضغوطًا جديدة على الاقتصاد المصرى.
وأضاف أن تراجع معدلات التضخم من ٣٢.٥٪ إلى ما دون ٢٧.٥٪ بنهاية يونيو الماضى يؤكد أن القرارات التى اتخذها «المركزى» كانت جيدة، وأدت إلى تراجع معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن استمرار التثبيت سيستكمل المنحى الهبوطى للتضخم، وصولًا به إلى أقل من ٢٠٪ خلال النصف الثانى من العام الجارى.