الروائي محمد إسماعيل: الثانوية العامة سنة السير على الحبال بامتياز (خاص)
نتيجة الثانوية العامة، حديث الساعة للآلاف من الأسر المصرية التي تنظرها على أحر من الجمر، وسط أجواء من الترقب والقلق، والأمل في أن ينال كل طالب ما يتمناه.
وحول ذكرياته مع نتيجة الثانوية العامة، قال الكاتب الروائي محمد إسماعيل في تصريح خاص لـ “الدستور”: في أغسطس 1991 توجهت مع والدي إلى أبو الجوخ ميدان رمسيس ليشتري لي دراجة، فأتوبيس المدرسة لا يخدم تلك الحالة الخاصة: طلاب الثانوية العامة. عاد هو بسيارته واعتليت دابتي الميكانيكية التي أصبحت مواصلتي طيلة العام الدراسي ورياضتي الأثيرة إلى يومنا هذا.
الذهاب للمدرسة يوميًا مقدس، فالمدرسين يشرحون في تلك الحقبة. لم تكن الدروس الخصوصية بهذا الانتشار وقتها وكلمة "السناتر" بعدها لم تنحت. لم يخلو الأمر من معونات قدمها عمي الكيميائي لشرح خريطة العضوية وقريب أبي موجه اللغة العربية لمخر عباب النحو وأمي في الأحياء، رحمة الله على الطيبين.
ما زلت أذكر البرامج التعليمية على القناة الأولى وأمسيات حل امتحانات السودان مع البرنامج الموسيقي في الراديو. ليس من السهر بد، فشاو مينج لو يكن قد ولد بعد. نقطع الاستذكار لنتابع برنامجًا جديدًا اسمه اعترافات ليلية لمذيعته الشابة بثينة كامل، الذي ينتهي دومًا بأغنية فيروز: أنا صار لازم أودعكن وخبركن عني.
اختبار عصيب
ويمضي “إسماعيل” مستعيدا ذكريات نتيجة الثانوية العامة: يوليو من العام التالي استهللنا امتحانات الرياضة بالجبر، هذا الاختبار العصيب الذي لم نشهد مثله في كتاب النماذج ولا لأمي ولا المعاصر، لم تكن قدرتنا على الاعتراض صارخة قبل الإنترنت، فقط تبادلنا الشكوى عبر الهواتف الأرضية فاستجابت لنا السماء وأتت امتحانات الميكانيكا والتفاضل والتكامل في متناول الجميع حفاظًا على درجات المادة.
صباح يوم النتيجة أخذت دراجتي وذهبنا لنعود معًا بالمجموع ٨٧،٧٥٪ بالمستوى الخاص، الرقم الذي أهلني للرغبة الأولى: هندسة عين شمس.
أولى محاضرات الجبر يفاجئنا الدكتور محمد إبراهيم بأنه هو من وضع امتحان الثانوية الرهيب، يحله على السبورة بكل سلاسة وإمارات عدم الفهم ترتسم على كل الوجوه. نسينا الحل ولم ينس أحدًا شعوره بضياع الحلم في اللجنة وفرحته بالتحقق رغم الظروف.
الثانوية العامة سنة السير علي الحبل بامتياز، يتحدد مستقبلك بناء على عشرة أيام فقط من عمرك هي فترة الامتحانات. تنظر للخلف في المرآة وتبتسم رغم إظلام المشهد، لكن مشاعر الرضا تطفر كلما ذُكر الماضي. أتعرف لم؟ لأننا خرجنا منه أحياء.