شاشات الموت الزرقاء.. «عطل مايكروسوفت» يشلّ العالم
تعرض العالم لأكبر عُطل شهدته شبكة الإنترنت فى التاريخ، اليوم، طال شركات طيران ووسائل إعلام ومؤسسات مختلفة فى عدة دول، وذلك بسبب خلل تقنى أوقف خدمات شركة «مايكروسوفت» حول العالم.
وأدى العطل إلى حدوث اضطرابات واسعة النطاق فى مختلف القطاعات، بدءًا من الرحلات الجوية وسوق الأوراق المالية والعمليات المصرفية، حتى الإعلام وقنوات البث التليفزيونية، والاتصالات السلكية واللا سلكية، إذ لم يتمكن آلاف المستخدمين من تسجيل الدخول إلى أنظمتهم، بسبب تعطل أجهزتهم بعد تشغيلها.
وحسب ما تداولته الوكالات العالمية، أثر الانقطاع على العمليات التجارية فى العديد من البلدان، بما فى ذلك أيرلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا والعديد من الدول الأوروبية. وأبلغ المستخدمون عبر الإنترنت عن مشكلات فى مناطق بعيدة، مثل أستراليا ونيوزيلندا والهند واليابان، وغيرها.
وسجّل موقع «DownDectector»، الذى يتتبع انقطاعات الإنترنت التى أبلغ عنها المستخدمون، انقطاعات متزايدة فى خدمات «فيزا» و«إيه دى تى سيكورتى» و«أمازون»، وشركات طيران عالمية.
وقالت الحكومة الأسترالية إن الانقطاعات التى عانت منها وسائل الإعلام والبنوك وشركات الاتصالات هناك ترتبط بمشكلة فى شركة Crowdstrike العالمية للأمن السيبرانى.
ووفقًا للتنبيه الذى أرسلته شركة «Crowdstrike» إلى عملائها، فإن برنامج «Falcon Sensor»، الخاص بالشركة، تسبب فى تعطل نظام التشغيل «Microsoft Windows»، وعرض شاشة زرقاء، تُعرف بشكل غير رسمى باسم «شاشة الموت الزرقاء».
وبينما شارك التنبيه، الذى تم إرساله الساعة ٥.٣٠ صباح أمس الجمعة، حلًا يدويًا لتصحيح المشكلة، انتشرت الانقطاعات على نطاق واسع، وكانت صناعة السفر من بين الأكثر تضررًا.
وأبلغت المطارات فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك طوكيو وأمستردام وبرلين ولندن وإدنبرة، والعديد من المطارات الإسبانية، عن مشاكل فى أنظمتها وتأخيرات.
وتضرر قطاع الطيران بشكل خاص بسبب حساسيته للتوقيت، حيث تعتمد شركات الطيران على جدول زمنى منسق بشكل وثيق غالبًا ما تتم إدارته بواسطة مراقبة الحركة الجوية، ومجرد تأخير واحد لبضع دقائق يمكن أن يؤدى إلى إلغاء جدول رحلات الإقلاع والهبوط لمطار أو شركة طيران لبقية اليوم.
وقالت شركة «رايان إير»، فى بيان، إن رحلاتها تعطلت بسبب الانقطاع، مضيفة: «إننا نواجه حاليًا انقطاعًا عبر الشبكة بسبب انقطاع عالمى فى تكنولوجيا المعلومات من طرف ثالث، وهو أمر خارج عن سيطرتنا». ونصحت جميع الركاب بالوصول إلى المطار قبل ٣ ساعات على الأقل من موعد المغادرة المقرر.
كما أثرت الأزمة على مطار بلفاست الدولى، وتم استخدام اللوحات البيضاء لتوفير معلومات الرحلة، حيث لا تعمل الشاشات الإلكترونية، وفقًا لمراسل شبكة «سكاى نيوز».
وفى هولندا، قال مطار شيبول إنه تأثر، ونصح المسافرين الذين يسافرون بالاتصال بشركات الطيران الخاصة بهم. وقال مطار «لندن ستانستيد»: «بعض خدمات تسجيل الوصول لشركات الطيران يتم يدويًا نتيجة انقطاع تكنولوجيا المعلومات، لكن الرحلات الجوية لا تزال تعمل كالمعتاد».
وأصدر العديد من شركات الطيران الأمريكية، بما فى ذلك «أمريكان إيرلاينز» و«يونايتد إيرلاينز» و«دلتا إيرلاينز»، قرارًا بالتوقف الأرضى لجميع رحلاتها، بسبب مشاكل فى الاتصالات، وفقًا لإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية.
وقال أجاتا ليزنيك، المتحدث باسم مجموعة مطارات «ACI Europe»: «نتوقع فترات انتظار أطول وإلغاء بعض الرحلات. لم تتأثر جميع المطارات فى أوروبا، لأن المشكلة مرتبطة بنظام تشغيل معين، وهو Microsoft Azure».
وقال بعض شركات الطيران إنه عاد بالفعل إلى الإنترنت. وأكدت شركة الطيران الإسبانية «إيبيريا» أنها تمكنت من تجنب إلغاء الرحلات، وقال متحدث باسمها: «اعتبارًا من الساعة ٩.٢٥ صباحًا فصاعدًا، تمت إعادة تنشيط عدادات تسجيل الوصول الإلكترونية وتسجيل الوصول عبر الإنترنت. وكان هناك بعض التأخيرات».
وفى قطاع البث التليفزيونى، توقفت قناة «سكاى نيوز»، إحدى القنوات الإخبارية التليفزيونية الرئيسية فى بريطانيا، عن البث، فى حين قالت هيئة الإذاعة والتليفزيون الحكومية «ABC» إنها تعانى من انقطاع كبير فى الشبكة، دون إبداء سبب.
وتأثر العديد من الشركات والخدمات الأخرى أيضًا بانقطاع التكنولوجيا العالمى. وقال مسئولون طبيون إن نظام الحجز الصحى الذى يستخدمه الأطباء فى إنجلترا غير متصل بالإنترنت.
وقال «بنك الكومنولث»، وهو أكبر بنك فى أستراليا، إن بعض العملاء لم يتمكنوا من تحويل الأموال بسبب انقطاع الخدمة. وأكدت شركة الطيران الوطنية «كانتاس» ومطار سيدنى: «الطائرات تأخرت لكنها ما زالت تحلّق».
وفى منطقة فيكتوريا، أوضحت شرطة الولاية: «إن بعض الأنظمة الداخلية تضرر بسبب انقطاع التيار الكهربائى، لكن خدمات الطوارئ تعمل بشكل طبيعى. كما تعطل إنتاج عدد من شركات الإعلام».
وقال متحدث باسم البرلمان النيوزيلندى إن أنظمة الكمبيوتر فيه تأثرت أيضًا. كما أبلغت العديد من البورصات عن بعض التأثيرات، وقال أحد المتداولين فى لندن: «العديد من المرافق التجارية المتعددة الأطراف تأثر بالانقطاع، ما ترك بعض العملاء غير قادرين على التجارة»، مضيفًا: «نحن نعانى من انقطاع التيار الكهربائى فى الأسواق العالمية»، حسبما نقلت صحيفة «تليجراف».
ووسط فوضى تكنولوجيا المعلومات، أشارت «تليجراف» إلى تراجع مؤشر «FTSE 100» بنسبة ٠.٨٪ فى التعاملات المبكرة، بعدما شعر المستثمرون بالفزع من الانقطاع الذى قد يؤثر على أرباح الشركات إذا استمر لفترة طويلة. وقالت بورصة لندن إن تداول الأوراق المالية لم يتأثر بالانقطاع، لكن خدمة الأخبار التنظيمية الخاصة بها لم تكن تعمل.
وأظهرت البيانات الواردة من مصادر مختلفة أن الشبكات والخدمات قد تأثرت فى جميع أنحاء العالم، بعد أن تسبب تحديث لبرنامج قدمته شركة «CrowdStrike» فى حدوث مشاكل واسعة النطاق فى أجهزة الكمبيوتر التى تعمل بنظام «ويندوز». ووفقًا لخريطة حية قدمتها شركة «Thousand Eyes»، المتخصصة فى مراقبة الإنترنت، أبلغت التطبيقات والشبكات عن انقطاع فى جميع القارات وفق شبكة «سكاى نيوز» البريطانية. وتُظهر الخريطة عددًا كبيرًا من الانقطاعات المُبلغ عنها فى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.
واستنادًا إلى التقارير الواردة من المستخدمين، يُظهر التقرير ارتفاعًا فى تقارير انقطاع الخدمة المتعلقة بالشركات، بما فى ذلك «Microsoft وVisa وTesco وSainsbury›s وRyanair وBT وS».