لامين يامال.. «حثالة» متعدد الثقافات وصانع مجد الـ«304»
طفل صغير احتضنه ملعب من البلاطة الخرسانية في الحي الذي ولد به وركض عليه مع زملائه ومارسوا كرة القدم مع أقرانه؛ وخلفه حائط مكتوب عليه اسم الحي بأحرف كبيرة: روكافوندا.
حي روكافوندا يقع في مدينة ماتارو بشمال إقليم كتالونيا بإسبانيا وهو حي متواضع يسكن به مجموعة من الأقليات والمهاجرين من الأفارقة والعرب ويقطن به 10 آلاف من أصل 130 ألف مواطن يسكنون مدينة ماتارو.
كان الطفل ووالده يستقلان القطار يوميًا لحضور تدريبات فريق اللاماسيا بنادي برشلونة، ومن نعومة أظافره كان المحيطون به وأصدقاء والده يؤمنون بموهبته ويدركون أنه سيلعب للفريق الأول لبرشلونة.
لكن أحدًا لم يدرك أن الطفل لامين يامال والذي توقعوا له اللعب لبرشلونة، سيصبح نجم إسبانيا الأول ويقود منتخب بلاده لتحقيق لقب بطولة أوروبا 2024، بعد الفوز على انجلترا بهدفين لهدف.
فمن هو لامين يامال؟ وما سر احتفال الـ«304»؟ هذا مانستعرضه في السطور الآتية.
«لقد أصابني الجنون، وعشت كل لحظة في الملعب مثل أي مشجع إسباني آخر، كأب أنا فخور وممتن»، هكذا عبر منير النصراوي، والد لامين يامال، عن سعادته بتسجيل نجله هدف لمنتخب إسبانيا بمرمى فرنسا بنصف نهائي يورو 2024.
لامين يامال إسباني مهاجر لأب مغربي وأم تحمل جنسية غينيا الاستوائية مواليد إيسبلوجاس دي يوبريجات، انتقلت عائلته للعيش في مدينة ماتارو في صغر سنه وهي المدينة التي عاش بها طفولته.
بدأ يامال، الذي ولد في 13 يوليو 2007، لعب كرة القدم رفقة أصدقائه في حي روكافوندا، ثم انضم لأكاديمية برشلونة في سن السابعة قادمًا من فريق لا توريتا المحلي.
ومن بداية مسيرته، أظهر لامين يامال موهبته الفذة وأثار إعجاب الجميع خاصة في مهارته باستخدام القدم اليسرى، وكان مثيرًا للإعجاب، وأبطأت جائحة كورونا تقدمه بعض الشئ ولكنه استطاع مواصلة التقدم وانتقل لفريق تحت 16 عامًا.
مباراته الأولى مع الفريق الأول
وشارك لامين يامال في مباراته الأولى مع الفريق الأول لبرشلونة في 29 إبريل 2023، في سن الـ15 عامًا و9 أشهر ليصبح أصغر لاعب يشارك بقميص برشلونة.
لأن ميسي لمسه
انتشرت مؤخرًا صورة للأرجنتيني ليونيل ميسي، أسطورة نادي برشلونة الإسباني، مع طفل رضيع أثناء فعالية خيرية منذ 17 عامًا، ليكتشف العالم فيما بعد هوية الطفل وهو لامين يامال، بعدما نشر والده الصورة عبر حسابه على إنستجرام، معلقًا: "بداية أسطورتين".
في ذلك الوقت كان ميسي يبلغ من العمر 20 عامًا، وفي بداية مسيرته مع الفريق الكتالوني الذي حقق معه العديد من الأمجاد وبات أسطورته الأولى وأهم لاعبيه عبر التاريخ.
وفي ليلة واحدة وبفارق زمني بضع ساعات، توج لامين يامال بلقب أوروبا، فيما حقق ميسي كوبا أمريكا، كأن الأرجنتيني نقل سحره للطفل الرضيع بمجرد لمسه.
304.. حثالة متعددة الثقافات أعادت إسبانيا للمجد
ومنذ صعوده للفريق الأول لبرشلونة، اختار لامين يامال الاحتفال بطريقة غامضة بضع الشئ بوضع ذراعيه متقاطعين أمام صدره وتمثيل الرقم 3 والرقم 0 بيد والرقم 4 باليد الأخرى.
الإيماءة التي يمثلها لامين يامال بيديه تمثل الرقم 304 وهي آخر 3 أرقام من الكود البريدي لحي روكافوندا والذي يقيم به اللاعب ويضم العديد من المهاجرين، والطبقة العاملة في مقاطعة برشلونة.
تلك الفئة التي تعرضت للعنصرية من مرشحي اليمين المتطرف وحزب فوكس والذي يعزز خطاب الكراهية ضد المهاجرين، ووصفوا المهاجرين بأنهم "حثالة متعددة الثقافات".
واختار يامال الاحتفال بالرقم 304 في رسالة للتعبير عن التنوع الفكري والثقافي بين المهاجرين وكذلك امتلاكهم مهارات قادرة على أن تصبح بين الأفضل في العالم وليسوا مجموعة من الحثالة كما يصفهم اليمين المتطرف في إسبانيا.
واحتفى قاطني حي روكافوندا بلامين يامال، إبن الـ17 عامًا، بعد إطلاقه إشارة الـ304 الداعمة لحقوق المهاجرين في إسبانيا، بعد أن وجه يامال رسالة للعالم بأسره أن العنصرية وخطابات الكراهية يمكنها أن تسقط فقط بتسديدة من باطن قدم لاعب مهاجر.
