مشيرة خطاب رئيسة «القومى لحقوق الإنسان»: المرأة المصرية عانت من التمييز خلال حكم الإخوان ووضعها تغيّر للأفضل فى عهد السيسى
- قالت إن 30 يونيو أنقذت مصر لأنها كانت «بتروح مننا» ونحن لم نقدّرها بما يكفى حتى الآن
- واجهت الإخوان قبل يناير بسبب «ختان الإناث» فرفعوا علىّ قضايا لأننى «أجندة غربية»
- نزلت الشارع ضد حكم الجماعة.. ولو استمرت لما كانت هناك حقوق إنسان من الأساس
- مصر تلعب دورًا تنويريًا لوضع الدين فى مكانه الصحيح والعالم ينظر لها لأن كثيرًا من الدول تتبعها
قالت السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن المرأة المصرية عانت من التمييز خلال فترة حكم الإخوان، قبل أن تتغير أوضاعها نحو الأفضل فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكدة أن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر لأنها كانت «بتروح مننا»، وأن هذه الثورة لم تقدر بما يكفى حتى الآن، وأن الاحتفال بها يجب أن يكون بالقضاء على الفكر التكفيرى والتمييزى، وتأصيل مبادئها وقيمها.
وأوضحت، خلال حديثها لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن مصر تلعب حاليًا دورًا تنويريًا كبيرًا لوضع الدين فى مكانه الصحيح، والعالم ينظر إليها ويترقب خطواتها، لأن كثيرًا من الدول تتبعها، لافتة إلى أن مصر بعد ٣٠ يونيو قطعت شوطًا كبيرًا فى مجال حقوق المرأة ومكافحة العنف ضدها، لكن رحلتها الطويلة فى ملف حقوق الإنسان تحتاج لمزيد من المثابرة والثقافة الداعمة، رغم ما تحقق على مستوى الدستور والقانون والمجالات العامة حتى الآن.
■ ٣٠ يونيو فى المعنى العام ماذا تعنى لكِ؟
- ثورة ٣٠ يونيو فى المعنى العام تعنى العديد من الأمور العظيمة، ويمكن أننا كمصريين لم نقدرها حتى الآن، فمصر كانت «بتروح مننا» واليوم نحن نستعيد مصر بفضل ٣٠ يونيو، ويكفى الشعار الذى يستخدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى دائمًا، وهو شعار «تحيا مصر»، وأنا متأكدة أنه يهز كيان كل مصرى ومصرية عندما يسمعه.
وفى ٢٥ يناير رأينا الشباب المحترم الملتزم فى ميدان التحرير، ولم يحدث تخريب، ورأينا البنات يَبتن فى الشارع، مع أن هذا ضد ثقافتنا، لكن لا أحد تعرض لهن، ثم فجأة، وفى يوم المرأة فى ٨ مارس، كان المشهد مرعبًا، فقد رأينا رجالًا يرتدون جلابيب بيضاء وبعضهم يحملون السيوف ويطردون النساء من ميدان التحرير.
ولو كان هناك شىء واحد سأتذكره حول ٣٠ يونيو فهو أن وضع المرأة المصرية اختلف كثيرًا بعدها، وأصبحت تشعر بالكرامة والتقدير الكبير، فـ٣٠ يونيو لها دلالة كبيرة وأنقذت مصر واستعادت الدولة، والمصريون اليوم يشعرون بالكرامة، وأنهم مواطنون لهم حقوق بمعنى الكلمة، ونحن نرى الرئيس السيسى يحرص كل عام على زيارة أقباط مصر فى أعيادهم، لأن «هى دى مصر».
■ خلال عملك الدبلوماسى كيف كانت معلوماتك وصورتك عن الإخوان قبل يناير ٢٠١١؟
- الإخوان غير معتادين على العمل فى النور، والمصريون اكتشفوا أن الإخوان ليس لديهم برنامج، فلا إصلاح اقتصاديًا ولا إصلاح اجتماعيًا ولا سياسيًا، وكان كل همهم هو التقليل من قدر المرأة، وهناك أقوال لمسئولين فى الإخوان على شاشات التليفزيون المصرى مهينة للمرأة المصرية وللمصريين عمومًا.
وكانت لى تجارب مع الإخوان قبل يناير ٢٠١١، ففى بداية الألفية الجديدة كنا نعمل على وضع حد أدنى لسن الزواج، وقلنا ممنوع أن تتزوج بنت تبلغ أقل من ١٨ سنة، كما كنا نجرم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، لكنهم رفعوا علىّ قضايا فى المحاكم لأنى «أروج لأجندة غربية»، وقالوا إن هذه مفاهيم مخالفة للثقافة المصرية.
وكانوا يخرجون على التليفزيون ليقولوا: «البنت اللى عندها ٨ سنين تتجوز طالما بلغت»، رغم أن العالم اليوم اتفق على تجريم التعذيب، وتعريف التعذيب يدخل ضمنه ختان الإناث وزواج الأطفال؛ لأن الزواج يتطلب بنية قوية للمرأة لكى تتحمله.
وبعد ذلك أصبحت أول امرأة تترأس المجلس القومى لحقوق الإنسان، ولو كان الإخوان استمروا فى الحكم لكنت فى مكان مختلف، ولم تكن هناك حقوق إنسان من الأساس، لكننا الآن نرى المرأة تشغل مناصب كانت مغلقة تمامًا، فقد كافحت المرأة المصرية لكى تدخل مجلس الدولة، لكننا اليوم نستطيع أن نرى أعداد النساء فى القضاء الإدارى، وفى أى مجال من مجالات الخدمة العامة، وسنجد أن المرأة أصبحت موجودة بشكل كبير جدًا على مستوى صنع القرار ومستويات القيادة.
■ هل جمعتك نقاشات مع الإخوان حول تلك الموضوعات؟
- جمعتنى نقاشات مع الإخوان، لأن موضوع تجريم ختان الإناث وصلنا إليه بعد النزول للكفور والنجوع والحوار مع أهل القرى؛ خاصة أن هذه الممارسة تشتد فى قرى الصعيد تحديدًا، وهم لديهم ثقافة وعزة نفس وكرامة كبيرة ولا بد أن يكون الإنسان مقتنعًا بالشىء ليفعله، ولذا، كنا ننزل ونتحدث معهم، ونقابل الجميع وندخل فى حوارات معهم.
ويمكن أن نتذكر أنه فى عام حكم الإخوان لم تكن السيدات يستطعن المشى فى الشوارع كما يفعلن الآن، واللغة التى كانوا يتحدثون بها عن المرأة كانت مهينة للغاية، ولهذا كنت تجد النساء فى مقدمة الصفوف فى ثورة ٣٠ يونيو، وفى الانتخابات بعدها، والرئيس السيسى يحفظ الجميل للمرأة المصرية؛ لأنها كانت شجاعة ولم تقبل بترويع الإخوان، الذين نزلوا بالسيوف ليلة التصويت لكى يمنعوا الناس من الانتخاب.
وأقول إن ٣٠ يونيو تمثل المصرى الأصيل الحريص على قيمه وعاداته وتقاليده وثقافته، لأنه كان هناك من يحاولون نزع هذه الثقافة، وهذا أمر مستحيل، وقد رأينا مرشد الجماعة وهو يقول «طظ فى مصر»، وكانوا يريدون أن يأخذوا جزءًا من مصر ويتبرعون به لغيرها.
■ كيف تغير المشهد بعد ثورة ٣٠ يونيو؟
- ٣٠ يونيو استعادت الدولة المصرية واللحمة الوطنية للمصريين، فدور المرأة هو الذى يحدد شكل المجتمع والدولة، وأى خبير فى التنمية يقول: «انظر لوضع المرأة فى المجتمع تعرف هذه الدولة»، واليوم المرأة المصرية تتمتع بحقوق غير مسبوقة بالدستور، ورئيس الجمهورية يتحدث فى كل مناسبة عامة عن المرأة وحقوقها، وكان يكافح من أجل دخول المرأة القضاء الإدارى، ويدعو القضاء ليستفيد من قدرات النساء.
ولذلك، فإن ثورة ٣٠ يونيو وضعت مصر فى مصاف الدول التى لا تميز بين المواطنين فى الحقوق لأى سبب، وما زلنا ندين لها بمزيد من العمل لتأصيل القيم والمبادئ التى دعت إليها الثورة، وحقوق الإنسان رحلة طويلة ومهمة لن تتحقق فى يوم وليلة؛ لأنها تحتاج ثقافة داعمة لهذه الحقوق.
وقد نزلت فى ٣٠ يونيو كمواطنة مصرية دون أى مناصب فى هذا الوقت، وأدركت أن مصر لا تستحق جماعة الإخوان، ولو رجعنا وسمعنا كلام «مرسى» وقيادات هذه الجماعة سنخجل منها.
وأذكر عندما قامت ٣٠ يونيو أن وزارة الخارجية كلفتنى بالسفر إلى جنيف للأمم المتحدة مع مجموعة من الجمعيات الأهلية، وكان بصحبتنا أشخاص من حلفاء الإخوان وعدد ممن ارتدّوا عن الجماعة، وقد شرحنا للأمم المتحدة كيف أنه لا يجوز للإخوان حكم مصر، لأنه لا توجد دولة ديمقراطية أو وطنية فى العالم تصنف الناس حسب ديانتهم أو حسب تدينهم فقط، وأن الإخوان كانوا لا يفرقون بين المسلمين والمسيحيين فقط، ولكن يفرقون بين المسلمين، فالمسلم لديهم درجات، فهذا مسلم سيئ وهذا مسلم جيد، وهذا سيذهب للجنة وهذا سيذهب للنار.
والإخوان كانوا شاطرين فى العمل من الخنادق، لكنهم فقدوا شعبيتهم عندما خرجوا إلى النور وخاطبوا الناس، فالشعب لفظهم عندما خرجوا للنور، لكنهم ممتازون فى العمل السرى، وعندما ذهبنا لجنيف كانوا ينظمون فعاليات ولديهم مريدون، لأنهم تنظيم دولى ويقوم على فكر معين، لكن البعثة المصرية كانت ممتازة وكنا تنويعًا كبيرًا من المجتمع المصرى وكل شخص تكلم فى مجاله.
ولذلك، عندما نحتفل بـ٣٠ يونيو لا بد أن نقضى على الفكر التكفيرى التمييزى والذى يدعو إلى التخلف، ومن ضمن إنجازات هذا اليوم حماية المرأة المصرية، والمناخ الطبيعى الذى وفرته لها، وهذا أمر خطير، لأن العالم كان يُعاير مصر بملف المرأة، وهناك مقاييس دولية تصنف جميع دول العالم حسب معايير أمان المرأة فى الشوارع والتمييز بين الرجال والنساء وجودة العملية التعليمية فى المدارس.
واليوم، كونت النساء جمعيات أهلية، ويرصدن عمليات التحرش فى الشارع، والمرأة وصلت للقضاء والمناصب العليا، والقوانين التى تم وضعها نصرت المرأة بشكل كبير، ومثلت حماية لها.
وهناك ظاهرة أخرى كنا نعانى منها، وهى التفسيرات والتأويلات للدين على شاشات التليفزيون دون حدود أو ضوابط أو معايير، ومن إنجازات ثورة ٣٠ يونيو حكم المحكمة الدستورية العليا فى تفسيرها مبادئ الشريعة الإسلامية، فقد تم تقنين الأمور بشكل واضح، ما وفر تكلفة اقتصادية كبيرة على الدولة والأسر المصرية.
■ ماذا عن الملفات الأخرى؟
- استضفنا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان خبراء لمناقشة تنفيذ مواد الدستور التى تتعلق بتجريم العنف ضد المرأة، من خلال حزم قوانين، واستمعنا للتكلفة التى يتكبدها المجتمع نتيجة بعض الممارسات، فالتحرش مثلًا يجبر المرأة على تغيير المسار أو الطريق للعمل، أو يضطرها لاصطحاب شخص لحمايتها أثناء السير فى الشارع.
وتجريم الدستور العنف ضد المرأة، ووضع قوانين لهذا، يمثل نقلة كبيرة جدًا فى هذا المسار، وهو من المكاسب التى حققتها مصر، وأصبحت الدولة تستفيد اليوم من قدرات المرأة، نصف المجتمع، فى كل المناصب، وهذا إنجاز كبير لثورة ٣٠ يونيو، بعد أن كان هناك تمييز صارخ ضد المرأة خلال فترة حكم جماعة الإخوان.
■ الإخوان لعبوا دورًا كبيرًا فى دعايات مضادة أثناء ترشحك لرئاسة اليونسكو.. كيف رصدت هذه الحالة؟
- لعبة الإخوان التى يتقنونها هى ترويج الشائعات، وهو ما يؤثر مثلًا على قطاع السياحة المصرى، رغم أن لدية طاقة بشرية رائعة، وأثناء ترشحى لرئاسة اليونسكو لم أضع يدى على أحد له صلة بالإخوان، لكنى لمست أن إحدى المرشحات المنافسات قالت: «لو كسبت مشيرة خطاب فإن الإسلام المتطرف سيحكم اليونسكو»، وهذا أمر مزعج، رغم أن كل من يصدق ما قالته هذه السيدة فهو متخلف، لأن «مشيرة» أمامكم شكلًا ومضمونًا، ولكن هذا يُظهر أن المسلمين أصبحوا هدفًا سهل المنال، لأن عمل وفكر وأداء وسلوك جماعة الإخوان شوّه صورة الإسلام للدرجة التى أصبح فيها من ينتمى للإسلام هدفًا سهلًا.
والمسلمون الموجودون فى أوروبا، ومن هاجروا إليها، تم استقبالهم بصدور مفتوحة، لأن أوروبا تعانى من قلة عدد السكان، وشيخوخة البنية السكانية، وقد كانت أوروبا ترحب بالمهاجرين المصريين، لأنهم كانوا دائمًا ملتزمين ومحترمين، لكن اليوم، ونتيجة تغلغل التيارات المتطرفة، تغير الأمر، بعد أن أوعزوا مثلًا لبعض المهاجرين بأن يصلوا فى الشارع ليقطعوا المرور، وكأنهم سيأخذون ثوابًا على هذا، رغم أن تلك الدول لا تمنعهم من بناء الجوامع، ولذلك فإن التيار المتطرف فى أوروبا هو من يكسب الانتخابات حتى يقاوم خطر المد الإسلامى.
ومن هنا تأتى أهمية الدور التنويرى الذى تلعبه مصر اليوم، لوضع الدين فى مكانه الصحيح من الاحترام، لأن استخدام الدين فى السياسة يحط من قداسته، فالسياسة مصالح ولعبة ومناورات، فكيف تناور بالدين؟!، كما أن أى حدث يقع بمصر يؤثر فى الخارج، لأن مصر بلد مهم جدًا.
■ أشرت إلى المكاسب التى تحققت بعد ٣٠ يونيو ومنها أنه أصبح لدينا مجلس قومى لحقوق الإنسان ورئيسته سيدة.. فماذا حدث فى ملف حقوق الإنسان وماذا نحتاج حتى يكتمل العمل فيه؟
- أخذنا خطوات مهمة، ووضعنا الأساس، وهو الدستور واستراتيجية حقوق الإنسان، كما قطعنا شوطًا فى غاية الأهمية فى التنفيذ، وقد تحدثنا عن المرأة وحقوقها، و٥٠٪ من المجتمع اليوم تم فتح الطريق أمامهم فى المجال العام، ولم يعد هناك تمييز ضدهم.
وما يبقى هو المجال الخاص، أى قانون الأحوال الشخصية، فلدينا قانون عتيق، يميز ضد النساء، ولكن بدأت حركة مجتمعية للحوار حول قانون جديد للأحوال الشخصية يعامل المرأة كإنسان، ويكفل لها حقوقها التى ينص عليها الدستور.
واليوم، بحكم أن الواقع اختلف، بعد ٣٠ يونيو وفى الجمهورية الجديدة، وفى ظل الدستور، الذى ينص على عدم التمييز لأى سبب من الأسباب، فقد قطعنا شوطًا مهمًا، لكن ما زال أمامنا مشوار طويل، فيما يتعلق بالنطاق الخاص.
والبوادر تشير إلى أن الحوار المجتمعى يسير نحو كفالة الاستحقاق الدستورى لطرفى المعادلة، أو طرفى العقد، وهما الرجل والمرأة، والمحك هو المصلحة الفضلى للطفل، لأنها تعتبر المعيار الأول والأساسى الذى يحكم أى قرار يُتخذ حيال الأسرة، وكلنا ننتظر قانونًا جديدًا للتعامل مع قضايا الطلاق.
وأحيى وزير العدل لأنه قرر إنشاء لجنة قانونية من الخبراء القانونيين، لوضع قانون يكفل الحقوق، دون إدخال أى موائع غير مفهومة، ومن ثم ستصبح الصياغات منضبطة، وهذه نقطة جيدة لكنها جزء من مشوار طويل.
وهناك أيضًا قانون الإجراءات الجنائية، الذى قرر مجلس النواب مراجعته، ونأمل فى المجلس القومى لحقوق الإنسان أن تتم كتابة قانون جديد للإجراءات الجنائية يعكس الدستور، وما جاء فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ودعوة الرئيس للحوار الوطنى والجلسات التى عقدها الحوار الوطنى وما كشفت عنه.
وقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات هما قانونان عملاقان، يأتى بعدهما الدستور مباشرة فى الأهمية، ويمنحان الحق فى محاكمة جنائية منصفة، وهذا من أهم الحقوق التى يستحقها المواطن، ونحتاج قرارات شجاعة تترجم الدستور إلى حقيقة.
ونحن، كمجلس قومى لحقوق الإنسان، نشارك فى مناقشات البرلمان، ونأمل فى صدور قوانين جديدة، كما ناقشنا قوانين مناهضة العنف ضد المرأة، وتحدثنا حول الإجراءات، وهل نصدر قانونًا لمنع العنف ضد المرأة أو لتجريم هذا العنف وتشديد العقوبة؟، وعند النظر فى قانون العقوبات نجد أن العقوبة تختلف فى جريمة الزنا، على سبيل المثال، إذا كان الجانى رجلًا أو امرأة، وهذا مخالف للدستور.
وبالتالى، فنحن فى حاجة إلى نقلة ثقافية، لأننا فى مجال حقوق الإنسان فى حاجة إلى قدر أكبر من الشجاعة والمثابرة، لترجمة الاستحقاق الدستورى إلى واقع مُعاش لكل مواطن.
وأنا على ثقة من أننا إذا وضعنا أيدينا فى أيدى بعضنا سندرك فائدة حقوق الإنسان وأنها ليست مجرد موضة أو شياكة أو مفاهيم غربية، خاصة أن مصر من ضمن الدول التى صاغت مبادئ حقوق الإنسان؛ والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات منع التمييز ضد المرأة، وحقوق الطفل، ومنع التمييز العنصرى، ومنع التعذيب.
فمصر قد شاركت فى الصياغات، والبرلمان المصرى ناقشها وأقرها، وإذا كانت له تحفظات فقد وضع هذه التحفظات، وبالتالى فإن السيادة الوطنية هى العنوان، فنحن لا نطلب من الدولة أن تخالف تعهدات قطعتها على نفسها، وإنما نطالبها بتنفيذ التعهدات التى اختارت أن تقطعها على نفسها، لأنها هى الأفضل.
والعالم ينتظر من مصر أى إشارة ليصفق تصفيقًا كبيرًا جدًا، فنحن فى عام ٢٠٠٨ أقررنا قانونًا للطفل، وعدلناه، وفى هذا العام فإن لجنة الحقوق المدنية والسياسية فى الأمم المتحدة تطالب الحكومة المصرية بتنفيذ هذا القانون، لأن القانون يتخذ رؤية حقوقية بامتياز.
والعالم يحب مصر ويعرف أهميتها، ويعرف أنها إذا اتخذت خطوة فسوف تسير خلفها دول كثيرة جدًا، وهذا بالدليل المادى والقاطع، فقد كان لنا تحفظ فى اتفاقية حقوق الطفل على المادة الخاصة بالتبنى والمادة الخاصة بالكفالة، وتحفظنا بسبب احتمال تعارضها مع الشريعة، ولكن القادة الخبراء التشريعيين درسوا هذا التحفظ وقالوا إنه لا مجال له ولا محل له، ونحن غير مخاطبين به ولا بد أن نسحبه وسحبناه، وتم الالتزام بذلك.
ومصر فى هذا لديها مسئولية، ليس فقط تجاه أبنائها وإنما لأن العالم ينظر إليها ويحترمها، ويريدها أن تكون فى أعلى مكان، ويطمئن عندما تتخذ مصر خطوة للأمام، ويريد أن يسير خلفها.
ومصر بعد ٣٠ يونيو أصبحت متجاوبة ومرنة فى هذا الملف، والمسألة لن تأتى فى يوم وليلة، ولا بد لنا من أن نسمح للناس بالتعبير عن رأيها.
كيف استقبلت خبر فوز محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية فى 2012؟
- وقتها لم أكن فى أى منصب، وكنت مع الشعب فى الميدان، كما نزلت أيضًا إلى الشارع فى ٣٠ يونيو، وكان هناك خوف وقتها لأن مصر حضارة قديمة، فنحن شعب ثقافته ناعمة، لكن حضارته قوية، ونحن متمسكون بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وأتذكر أنه منذ نحو أسبوعين دعانا قداسة البابا تواضروس الثانى إلى مشاهدة فيلم وثائقى عن رحلة العائلة المقدسة، وكنت أشعر بفخر كبير، لأن «هى دى مصر»، وما حدث فى ٢٠١٢ كان تشويهًا متعمدًا للثقافة والذاكرة والضمير المصرى وكل شىء، حتى إنه كان هناك من يقول «لما تيجى تشترى اشترى من اللى على دينك، ومتعيّدش على المسيحيين فى العيد، إيه الكلام ده؟».
ونحن نعيش فى دولة لها دستور يؤكد أنه لا تمييز لأى سبب كان بين المواطنين فى التمتع بجميع الحقوق، لهذا «ماتجيش تقول لى إنت دينك إيه؟، ولا إنتى ست ولا راجل؟، ولو إنتى ست تروحى الناحية دى»، فهذا نظام طائفى وقبائلى، لكن دولة القانون هى التى يكون بها دستور يضمن حقوق جميع المواطنين.