رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسلام الكتاتنى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية: الإخوان آخر من التحق بثورة 25 يناير وأول من حقق مكاسب منها

إسلام الكتاتنى
إسلام الكتاتنى

أكد إسلام الكتاتنى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن جماعة الإخوان استغلت ثورة ٢٥ يناير ورأت فيها فرصة سانحة للوصول إلى الحكم، رغم أنها لم تشارك فيها إلا بعد «جمعة الغضب»، أى أنها كانت آخر الملتحقين بالثورة وأول من حقق مكاسب منها، موضحًا أن أدبيات الجماعة تركز على فكرة «المظلومية» ورسم صورة ملائكية عن التنظيم وقادته، مع صناعة بطولات وهمية لهم، على غرار أبطال الأفلام الأمريكية، للتأثير فى النشء وصغار السن.

وقال «الكتاتنى»، فى حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، إن سنوات انتمائه لجماعة الإخوان كشفت له عن حقيقة هذه الجماعة وعن استمرار ميليشيات «النظام الخاص» بها، وبينت تناقض ادعاءاتها مع ممارستها العمل السياسى، مشيرًا إلى أن التنظيم عمل بعد انشقاقه على اغتياله معنويًا، قبل أن يتلقى تهديدات بالقتل لمنعه من الاتصال بالعناصر التى يمكن أن تتأثر به داخل الجماعة.

■ كنت من الذين خرجوا من جحيم الإخوان إلى رحابة الوطن.. كيف بدأ الاتصال بينك وبين الجماعة؟

- بالتأكيد هناك أسباب ودوافع أدت إلى تأثرى بجماعة الإخوان، بداية من النشأة، فقد كانت دينية، فأنا من مدينة جرجا بمحافظة سوهاج، والنشأة الدينية تسهل على الجماعات استقطاب النبت الصغير؛ لأنه جاهز والأرض ممهدة.

ومنذ نعومة أظافرى كنت أحب القراءة، وتأثرت بخالد محمد خالد فى كتاب «رجال حول الرسول»، ثم بعد ذلك تأثرت بكتب الإخوان التى ترسخ لمفهوم «المظلومية»، ووالدى، رحمه الله، كان يمتلك مكتبة عامرة بالكتب، ويحب الثقافة، وكنت أرى العديد من أنواع الكتب الدينية والتاريخية والسياسية، مثل «مذابح الإخوان فى سجون عبدالناصر» لجابر رزق، و«أيام من حياتى» لزينب الغزالى، و«البوابة السوداء» لأحمد رائف، وغيرها، وقد تأثرت بهذه الكتب حتى المرحلة الإعدادية، فقد كنت أقرأها، ورسّخت لدى فكرة المظلومية، وأن هؤلاء الناس أبطال ضحوا بحياتهم، وكان لدى استعداد للبحث عنهم.

وكنا كلما خرجنا من الجنوب إلى الشمال يزيد عدد الإخوان، فعددهم فى الصعيد أقل من عددهم فى وجه بحرى، وكان تنظيم الإخوان فى سوهاج وقتها يعيد تنظيم صفوفه فى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضى، وكنت أخرج لأتمشى مع أحد الأقارب وأسأله: «أين الإخوان؟»، وهو من سلمنى للشخص المسئول فى الجماعة فيما بعد، ما يعنى أنى «رحت للجماعة برجلى» ولم أمر بمراحل الدعوة الفردية.

وقد انضممت للجماعة منذ ذلك الحين، وعددنا كان محدودًا جدًا، وسياسة الإخوان فى ذلك الوقت أنه كلما كان العدد محدودًا يكون العمل سريًا جدًا، من أجل البعد عن أعين الأجهزة الأمنية وتحقيق الانتشار.

■ كيف كان يتم إعدادك فى تلك الفترة؟

- فى تلك الفترة كنا نؤسس للإخوان فى مدينة جرجا، والعدد كان محدودًا، واللقاءات كانت كثيرة، وكنت أتنقل لسماع القيادات، وكل واحد كان يغذى دماغى بأفكار الجماعة، فهم لديهم «جيتو» يجبرك على التطبع وتقبل أفكار الجماعة.

وهناك نقطة مهمة جدًا تؤثر فى شخصية الشباب الصغار من قبل جماعة الإخوان، وهى رسم صورة وردية ملائكية وبطولية عن قيادات الجماعة، وهذا الأمر يؤثر جدًا فى الشباب الصغير لأنه يشكله حسب ما يريده، وفى حالتى تم ترسيخ هذه الصورة بشكل أكبر بسبب القراءات التى قرأتها عن المظلومية، وعندما كانوا يرسخون بطولات قيادات الإخوان يبدأ الشاب يتعمق أكثر ويتعلق أكثر بهذه الجماعة وقياداتها.

وأذكر من ضمن المواقف أنهم عندما كانوا يتحدثون عن شخصية مثل عصام العريان كانوا يقولون إن لسانه لا يفتر عن ذكر الله، ويقولون لك: «واحد مش بينام غير ٣ ساعات فى اليوم وباقى اليوم فى سبيل الله»، فتترسخ لديك هذه الصورة الملائكية المخالفة للحقيقة.

والآن عندما أتذكر الحديث عن عصام العريان بهذه الطريقة أتذكر أيضًا تعاليه فى التعامل مع الناس والإعلاميين ومع النخبة، فهل هذا هو من لا يفتر لسانه عن ذكر الله؟!

■ كيف تدور الحياة داخل «جيتو» الإخوان؟

- حسن البنا عندما أنشأ التنظيم الهرمى لإحكام بناء الجماعة رسّخ فكرة «السمع والطاعة»، ليُحكم السيطرة على الأفراد، وبالتالى يكون لديهم استعداد لما تمليه عليهم الجماعة، وتصبح أنت كفرد تدور فى فلك الجماعة، وأول شىء فى فلك الجماعة هو الأسرة والأخ المسئول، ولا بد أن تسمع وتطيع لهذا الأخ فى الزواج والتعليم والأكل والشرب والعمل وأى شىء من أمور الحياة الشخصية والعملية والحياتية.

وتصبح الجماعة هى التى توجه العناصر، وهى البوصلة التى يتحركون من خلالها، وهناك أيضًا كتائب ومعسكرات، وعناصر الإخوان يعيشون هذه الأجواء وينفصلون عن المجتمع.

وأتذكر مقولة القيادى الإخوانى صبحى صالح الشهيرة «اللهم أمتنى على الإخوان»، لأنه فى الغالب يتزوج الإخوانى من إخوانية، ويقولون لك «لو عاوز تشترى حاجة طب ما تروح تشترى من أخوك المسلم، اللى هو الإخوانى، لأن ده أولى من اللى مش إخوانى وأولى تمامًا من المسيحى»، وهذا هو «الجيتو» الذى يعيش عناصر الإخوان من خلاله. 

لذلك، وطوال الوقت، يظل هناك حاجز بين العنصر وبين المجتمع، وصفات تميز الإخوانى عنهم، وتلاق بينه وبين الإخوة فى التنظيم.

وحتى عندما كنا نذهب لصلاة الجمعة كنا نتفق على الصلاة فى مسجد معين، ونقف بعد الصلاة لنتحدث، وحتى طريقة السلام بيننا كانت مميزة، وتكون عبارة عن «قُبلة على الكتفين اليمين واليسار»، وأحيانًا من الممكن تقبيل اليد.

وأذكر فى مرة أنى كنت خارجًا من منزل أحد الإخوة فرفع لى الحذاء حتى أرتديه، وهذا شىء عادى جدًا عند الإخوان، بالإضافة إلى وجود تكافل اجتماعى، لأن أعضاء الإخوان يرون أن الجماعة ربانية، وما دعم هذه الفكرة هو فترة العيش فى مرحلة دعوية فقط دون العمل فى السياسة، وهذا ما ميز رحلتى مع الإخوان منذ ١٩٩٠ حتى عام ٢٠٠٠.

■ ما الذى حدث فكريًا لكى تنسلخ من هذا «الجيتو»؟

- ممارسة السياسة، فالإخوان قبل ذلك الوقت كانوا يمارسون الدعوة فقط، وكنا نرى الوجه الجميل لهم فقط، فهم «ناس قاعدة بتعمل يوم رياضى وتصوم كل إثنين وخميس ونذهب جميعًا فى لقاء الأسرة الإخوانية»، وكان من الطبيعى أن تمارس الجماعة السياسة بطريقة تتناسب مع كونها ربانية، لكن ممارسة الإخوان العمل السياسى كشفت عن حقيقة الجماعة، وقد خرجت من الإخوان تنظيميًا فى سنة ٢٠٠٠، لكنى خرجت فكريًا فى عام ٢٠٠٩.

■ لماذا انشققت عن الجماعة؟

- سنة ٢٠٠٠ تعد بداية البروز السياسى لجماعة الإخوان، عندما دخلوا مجلس الشعب، وعندما رأيت ممارستهم العمل السياسى منذ عام ٢٠٠٠ حتى عام ٢٠٠٥، ورأيت كيف يتعاطون معها قلت «ستوب»، لأن «مش هى دى الممارسة السياسية المثالية المتوقعة فى هذه الجماعة الربانية كما يدّعون»، لأنهم كانوا أسوأ من السياسيين الآخرين الذين مارسوا السياسة وقتها، وقبل ذلك كان والدى يمارس السياسة بمثالية، وقد تشربت منه ذلك، وعرفت أن الهدف هو الانتصار للصالح العالم وعدم الرشوة وأن يكون السياسى مع صالح الجماهير.

■ هل رصدت وقائع تدين الممارسات السياسية الإخوانية؟

- فكرة التربيطات مع النظام السابق لتوسيع دوائر معينة، وفكرة «سيب وأنا سيب» فى التعامل مع بعض الوجوه البارزة للنظام وقتها، وكان المبرر لديهم هو أن مصلحة الجماعة كانت مقدمة على كل شىء، بمعنى أننا لا بد أن نستغل الحصانة البرلمانية للتحرك خارج البلاد ومقابلة القيادات الإخوانية من غير تعارض، وغيرها من المصالح الإخوانية، التى تم الحصول عليها من خلال ممارستهم السياسة.

ووقتها، حدثت لنا صدمة، فكيف لنا أن نرى هذه الجماعة التى تدّعى أنها تعارض النظام وفى الوقت ذاته تقوم بعمل التربيطات والاتفاقات مع ذلك النظام فى الخفاء؟ وكان هناك مثلًا تصريح محمد بديع، مرشد الجماعة وقتها، حول أحقية ترشح جمال مبارك للحكم، على اعتبار كونه مواطنًا عاديًا ويحق له الترشح، فى الوقت الذى كانوا فيه يعارضون النظام.

وهناك أيضًا التنافس الذى كان ضاريًا بين عبدالمنعم أبوالفتوح وخيرت الشاطر على زعامة الجماعة، والحكايات حول إقصاء الدكتور محمد حبيب، رغم أحقيته بأن يصبح المرشد.

ويمكن أن نقيس على ذلك عشرات القصص والمتاهات التى رأيناها من جماعة الإخوان، التى جعلت الصورة تهتز حول شرف ومكانة الإخوان، وكانت عكس الصورة التى عرفتها من خلال انضمام والدى لتلك الجماعة.

■ ماذا عن استخدام العنف لتنفيذ الأهداف؟

- موضوع العنف كان كاشفًا، فطوال الفترة الدعوية كانوا يقولون لنا: «إحنا مالناش علاقة بالعنف»، وكان هناك إنكار دائم لكل قضايا العنف السابقة، مثل اغتيال الخازندار والنقراشى وأحمد ماهر باشا، وكان «حادث المنشية» تمثيلية، و«إحنا مظلومين فيها»، وكانوا يقولون لنا: «دى ممكن أحداث فردية»، ولكن دائمًا كان هناك إنكار لأن الجماعة لا تمارس العنف.

وظل ذلك الإنكار مستمرًا فى البدايات، لكن بعدها اكتشفنا أن هناك شيئًا اسمه «النظام الخاص» داخل الجماعة، الذى أعيد بناؤه عندما تولى مصطفى مشهور منصب مرشد الجماعة فى عام ١٩٩٦، وهو أحد أقطاب النظام الخاص، وكان يأتى بأعضائه ويوليهم المناصب القيادية مع القطبيين.

لذلك، رأينا واقعة «ميليشيات الأزهر» فى عام ٢٠٠٦، بالتزامن مع أحداث لبنان، ووقفنا أمام تصريح المرشد مهدى عاكف، حينما قال: «عندى جيش مدرب من ١٠٠٠٠ مقاتل»، وفهمنا وقتها أن هناك شيئًا اسمه «أخ» و«أخ عامل» و«أخ مجاهد». 

وحينها لم أكن أعتمد على المناهج التربوية لجماعة الإخوان فقط، بل كنت أقرأ فى الكثير من الكتب، وللمنظرين للجماعة، مثل فتحى يكن وغيره، وغيره، وكنت أجد مصطلحات مثل «أخ مجاهد»، وبدأت أدرك وقتها أن هناك أشخاصًا آخرين يعملون فى الجماعة، وتأكدت من وجود النظام الخاص داخل جماعة الإخوان.

وبدأت أرى أن هناك أناسًا فى الجماعة بنيتهم الجسمانية قوية، وداخل الجماعة كان هناك اهتمام بالبنية الجسدية، علاوة على وجود «سمت» مميز لبعض الأعضاء، وغموض، وسرية تفرض على البعض غير التى تربينا عليها، وبدأت أدرك وأتأكد من وجود العنف داخل الجماعة، وبدأت أعيد التفكير فى حقيقة ما يطلقون عليه اسم «الجهاد الإسلامى»، وأتساءل: هل كان ذلك جهادًا حقًا أم هو إرهاب؟.

■ كيف ترسم صورة عن قيادات الإخوان قديمًا والآن؟

- لما كنت فى تنظيم الإخوان من سنة ١٩٩٠ حتى ٢٠٠٠، مررت بدرجات تنظيمية مختلفة، منها مرحلة «الأخ العامل»، وكنت مسئول «قسم الثانوى» على مستوى منطقة جنوب سوهاج لكل المراكز، وطبعًا فى هذه الفترة كان هذا القسم من أهم الأقسام، لأنه منوط به استقطاب الشباب فى مرحلة الثانوية، وهى مرحلة مراهقة ومن السهل تشكيل أفكار الشباب وضمهم للجماعة، وكان طبعًا جزءًا من قسم الطلاب، الذى يضم الأشبال والثانوى والجامعة، وأخطرها قسم «الثانوى».

وطبعًا يعمل هذا القسم فى المحاضن التربوية من خلال الجماعة، مثل المؤتمر والأسرة والكتيبة والمعسكر، وفى مصر والدول العربية تعتمد الجماعة على الأسرة والكتيبة والمعسكر، لأنه من الصعب أن يكون هناك مؤتمر عام، وهذا لا يحدث غالبًا إلا فى أوروبا.

وخلال تلك المحاضن التربوية يتغذى الشاب بالوسائل التربوية، وتأتيهم الرموز الإخوانية الكبيرة فى المعسكرات، لرسم الصورة الملائكية عن القيادات، وطبعًا لأن الشباب صغار السن يكون من السهل أن يحدث اللبس لديهم.

ولك أن تتخيل أننى خلال فترة شبابى، وقبل أن أكمل العشرين من عمرى، كنت أرى شخصًا مثل فرج النجار، وهو أحد أساطير الجماعة ومكتوب اسمه فى أدبياتها، وكان شخصًا قصير القامة، وكل ما يقال عنه هو أساطير فعلًا، لكنه التقانا لترسيخ فكرة «السمع والطاعة».

وقد قالوا إن المسئول عنه قال له «اهرب»، وذلك أيام المواجهة مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ولأجل ترسيخ فكرة «السمع والطاعة» قالوا إنه ظل ١٧ عامًا هاربًا ولم يسجن، وكان خلال ذلك يحكى بطولاته فى محاولات الاختفاء، وعندما يأتى مثل هذا الشخص إلى معسكر أو كتيبة كنا نراه باعتباره أسطورة تاريخية، لأنه تم تجهيزنا معنويًا وتشويقنا لرؤيته.

وبالمثل، كان هناك من يرسم صورًا عن الدكتور البارز فى الإسلام السياسى جمال عبدالهادى، ولك أن تتخيل كم الانبهار داخلنا ونحن فى سن صغيرة ونحن نرى كل هؤلاء، وأذكر مثلًا أنى رأيت وجدى غنيم ولكن فى مسجد فى سوهاج، وليس فى معسكر، وكنا يومها نقول: «ياااه.. هو ده وجدى غنيم»، وأيضًا رأينا قيادات مثل لاشين أبوشنب، وأبوالحمد ربيع، وكنا ننبهر بهذه القيادات.

وأيضًا كنت أتعرف على هؤلاء من خلال قراءاتى عن الإخوان خارج المناهج التربوية لهم، وكانت مثلًا عن بطولات مروان حديد فى سوريا، ومحمد أحمد الراشد وكتاباته العلمية الفلسفية، واسمه الحقيقى هو عبدالمنعم صالح العلى، وهو من إخوان العراق وموجود حاليًا فى ماليزيا، وبعد فترة أدركت أنى أمام حكايات تم نسجها من الخيال لا الواقع، وكأنى أمام أحد الأفلام الأمريكية الخيالية.

■ ما كواليس انشقاقك عن الجماعة؟ وهل تلقيت تهديدات منهم وقتها؟

- منذ انشقاقى عن الجماعة تم اغتيالى معنويًا من خلال تشويه صورتى الحقيقية بكل الطرق والوسائل، لخلق عداوة بينى وبين أفراد الجماعة، خاصة الذين كانوا يحبوننى وتأثروا بى على مدار السنوات الماضية، وذلك حتى لا يتأثر أى منهم ويسير على النهج الذى اخترته بخروجى على جماعة الإخوان.

وكانت الأمور تزداد سوءًا كلما كانت المواقف أكثر سخونة، وتصل فى أغلب الأحيان إلى درجة التهديد بالقتل، وبالفعل تعرضت للعديد من التهديدات، ولكن الله، سبحانه وتعالى، حفظنى من خطرهم، وكان ينصحنى العديد من الأشخاص بما يمكن أن أتعرض له من قبل الإخوان بعد انشقاقى عنهم، لكن كان لا بد أن أدفع ضريبة قول الحق وانشقاقى عن تلك الجماعة، وذلك فى سبيل حب هذا الوطن الغالى، الذى اخترقته الجماعة الإرهابية فى وقت سابق، ولعبت بشكل كبير فى عقولنا لتخلق حواجز بيننا وبين فكرة الوطن، ولكن الله أنقذنا من ألاعيبهم وممارساتهم.

■ ما حقيقة مشاركة الإخوان فى أحداث يوم ٢٥ يناير ٢٠١١؟

- جماعة الإخوان دائمًا تبحث عن مصلحتها أولًا، وأنا شاهد عيان على ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، كما شاركت فى «جمعة الغضب»، مثل كثيرين من أفراد الشعب المصرى، فهناك أشخاص خرجوا فى الثورة لمطالب مشروعة، وآخرون خرجوا لتنفيذ أجندات، وذلك الأمر اكتشفناه بعد ذلك، ولا داعى لإنكار هذه الحقيقة.

وثورة ٢٥ يناير لم تكن ناصعة البياض بشكل كلى، بل كان هناك العديد من المخططات التى اكتشفناها لاحقًا، كما أن مشاركة الإخوان فيها بدأت فعليًا من يوم السبت الموافق ٢٩ يناير، وليس ٢٥ يناير كما يدعون، ويوم الجمعة الذى سبقه تركوا المجال اختياريًا للشباب فقط، لكن السيدات والأطفال تم منعهم من النزول للميادين، ولم تكن هناك مشاركة حقيقية للجماعة فى ذلك الوقت، لأنى رأيتهم بعينى يوم السبت فقط.

والدليل على ذلك، هو تصريح عبدالموجود الدرديرى، وهو أحد قيادات الإخوان، وحاليًا يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد قال فى إحدى المقابلات التليفزيونية وقتها إن الأمر قد صدر من الجماعة بشأن مشاركة الشباب فقط بشكل اختيارى، وذلك بداية من «جمعة الغضب»، بجانب منع السيدات والأطفال من المشاركة.

وسلوك الجماعة طوال ثورة ٢٥ يناير كان يقتصر على المصلحة فقط، بمعنى الحصول على أكبر قدر من المكاسب من خلال نزول ذلك العدد الضخم من الجماهير، وقد اكتشفنا بعدها أن الفرقة «٩٥ إخوان» شاركت فى مؤامرة «موقعة الجمل»، التى كان يقودها الإخوانى أسامة يس، فالإخوان حاولوا أن يرسخوا فكرة دورهم الكبير فى الدفاع عن الميدان خلال «موقعة الجمل»، كما أنهم كانوا يشاركون على جانبين، جزء مع الثورة، وآخر ضدها.

وما رأيته بعينى هو أن الإخوان هم آخر الناس التحاقًا بثورة ٢٥ يناير، وأول الناس الذين حصلوا على مكاسب منها.

■ كيف استغل الإخوان ثورة يناير للوصول إلى الحكم؟

- بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، اكتشفنا أن جماعة الإخوان كانت أداة من ضمن أدوات مخطط «الشرق الأوسط الكبير»، من أجل توصيل هذه الجماعة إلى الحكم فى المنطقة العربية بشكل عام، وفى مصر على وجه الخصوص، على أساس أن يحصلوا على أكبر قدر من المكاسب، فى ظل سقوط «الحزب الوطنى»، لتبرز قوة الإخوان المنظمة فى ذلك التوقيت، ويكون طريقها ممهدًا للوصول إلى الحكم.

والإخوان كانت لديهم مشكلة كبيرة للغاية، وهى الغباء السياسى، وأحيانًا ما يكون الأمر خبثًا سياسيًا، وذلك ما استغلوه للوصول إلى الحكم، لكن كان غباؤهم السياسى أكبر بكثير من الخبث، وهو ما أسقطهم سريعًا بعد وصولهم للحكم، لأنهم لم يستطيعوا التلاعب بكل القوى الثورية. وخيرت الشاطر كان يقول دائمًا لأعضاء الجماعة فى يناير ٢٠١١ إن هذه هى «الفرصة السانحة»، والجماعة لم يكن هدفها الدين أو الدعوة، كما كانوا يدعون، ولكن هدفها الواضح كان السلطة فقط، لكن وصول الإخوان إلى السلطة فى مصر عجّل بكشف حقيقتهم أمام الشعب، وهذا الأمر كان إيجابيًا للغاية، رغم الأوقات العصيبة التى تعرضنا لها فى ظل حكمهم البلاد.